السلام عليكم ساروي لكم قصة لجدي الذي هجر من فلسطين وهو من اهالي قرية ترشيحا قضاء عكا
يقال كل انسان يعيش داخل وطنه الا الفلسطيني فان وطنه يعيش داخله وبعد اكثر من ستة عقود من الزمن ما زالت صورة فلسطين حاضرة في ذهن كل انسان فلسطيني فا الكبير عاش تلك الايام الممزوجة با الفرح والحزن والتحدي واما الصغير فقد حصد نتائجهايروي لنا الجد فوزي محمد الشيخ احمد ابو بسام كيف اقتلع من بلدته ترشيحا وكيف عاش مرارة النكبة فيقول انا من مواليد 1931م من بلدة ترشيحا التي تبعد عن عكا حوالي 30 كم متر والتي تقع في منطقة جبلية ويحيط بها جبل الشيخ مجاهد وجبل ابو سعد والشيخ قبيص والبياض كما يحدها من الشمال بلدة معليا ومن الشرق سحماتا ومن الجنوب ينوح ومن الغرب الكابري ويعمل معظم سكانهافي الزراعة ومن اهم المزروعات التين والزيتون والقمح كما يزرع الدخان ويرسل الى حيفا لتصنيعه ويبلغ عدد سكانها اثناء النكبة حوالي 3000 الاف نسمة وعن سبب تسميتها يقال انا هناك رجل صالح يدعى الشيخ مجاهد قطع رأسه في هذه المنطقة وطار رأسه كما يطير طائر الشيحا فأصبح الناس يقولون (طار شيحا)ثم سميت ترشيحا نسبة لهذه الاسطورة ثم تابع جدي ابو بسام حديث الذكريات عن بلدته وبيته المبني من حجارة تسمى (كلين) وبوابير الكاز (بريموس)حتى انه تذكر اسماء الحواكير والبيارات التي يملكها اهله والتي تبلغ حوالي 60 دونم ومن اسمائها ارض الجولاني وخلة العين والطيبة والمستني
وعن التعليم في ترشيحا فقد كان هناك مدرستان للذكور وللاناث وقد اتم دراسته حتى الصف الثالث في ترشيحا ثلاث جوامع مع اثنان منها مهدان و وكنيستان وحولى خمسة مقاهي كان هناك طقوس الاحتفالات والمناسبات الدينية والاجتماعية وخاصة عيد الفطر والاضحى تعتمد على عدة نشاطات ومنها قدوم شباب وفتيات يقومون بالعاب بهلوانية على الحبال تشبه السرك وعن ثورة عام 1936 فيحدثنا جدي عن مشاركة اهالي ترشيحا ضد الانكليز وتذكر استشهاد شاب يدعى(الزرعي) وشجاعة( محمود عيد) الذي تربطه قرابة نسب مع ابو بسام (جدي) والذي استطاع قطع الطريق على القوات البريطانية ومنعها من التقدم نحو ترشيحا كما استطاع شاباناخران من ترشيحا نصب كمين للجنود البريطانيين وقتل اثنين منهم كما يحدثنا عن فشل القوات البريطانية في القاء القبض على المجاهد (العبد محي الدين)الذي استطاع الفرار منهم
وعن دور العصابات الصهيونية في المشاركة في العمليات الارهابية ضد الفلسطينيين قال:انه في عام 1946م كان مارا مع اصدقائه تجاه قلعة جدين وقد شاهد مجموعة من اليهود يحفرون طرقات ويقومون باعمال هندسية وكان الى جانبهم فتيات من اليهود(من يهود اليمن)يضعن اسلاك شائكة با القرب من القلعة يعتقد جدي انهم من الهاغانا وعندما سألوهم عن اعتقادهم انهم باقون طويلا في بلادنا فأجابوه بسخرية عندما تصبحون ايها العرب تاكلون كل سبعة اشخاص من صحن واحد وتكونون على قلب رجل واحد عندها لن ترونا في هذه البلاد ابدا ولماطلبنا ماء للشرب رفضوسقايتنا وقبل النكبة بعام واحد عام 1947م يتذكر جدي قيام شابين من ترشيحا وهما (رشيد طرفة-وأحمد الفوط )بقتل ضابط صهيوني وعندما دب الذعر في صفوف العصابات الصهيونية وحاولو الهجوم على ترشيحا وعند ئذ ابلغ جدي (ابو بسام)ضابط عراقيا يدعى (محمود )من جيش الانقاذ عن الهجوم فقاموبا الانسحاب الى (رويسة الكنيسة )واثناء تقدم الصهاينة استشهد شاب معهم وفي الصباح جاء رشيد طرفة ومعه حوالي 15 شاب عند البيادر في منطقة الشيخ مجاهد وارسل جدي ابو بسام الى رويسة حمود لاستطلاع المكان واعطاه فرس وبارودة انكليزية جديدة من عند محمود صفية وخرطوش رصاص ثم ركب الفرس بتجاه الدبشة ولم يجد احد هناك سوى رائحة الموت والدمار واضواء الكشافات الصهيونية فرجع مسرعا ومذعورا فتعثرت الفرس وانكسرت رجلها وتابع الجري حتى وصل الى رشيد طرفة وابلغه بما رائ في فجر يوم الخميس عام 1948بدأت الطائرات الصهيونية بقصف ترشيحا با القنابل واصاب الذعر الناس عندما سمعو با المجازر الصهيونية وخاصة مجزرة دير ياسين وهذا دفعهم لمغادرة ترشيحا ومما زاد من قلقهم انسحاب قوات جيش الانقاذ التي انزلت جهاز الاسلكي من على سطح منزل جدي( ابو بسام )ومدفع مضاد للطيران من عن سطح الجيران وكان جدي مع اهله من المغادرين من ترشيحا تجاه (كفر سميع)الى (سحماتا) و(دير الاسي )ثم الحدود البنانية في (الرميش)ويتابع حديثه فيقول عندما وصلنا الى (عنبل)قام جيش الانقاذ بكسر اقفال الاباري ووزعو الماء علينا ثم التقيت بوالدي ووالدتي الذين اضاعوني عند الحدود (اللبنانية)وكان والدي غارق بدمائه ولكنه طمأننا ان هذه الدماء شهيد من( سورية )قام بدفنه عند الحدود وبعدها اتجهنا نحو صور لركوب القطار واثناء شرائنا للطعام من المحطة انا وابو العبد قدورة اعتقلنا الجيش ظنا منه اننا فارون من جيش الانقاذ واعادونا الى منطقة (تبنين)وسلمونا الى جيش الانقاذ الذي اطلق سراحنا بعد ان تعرف علينا ضابط من جيش الانقاذ يدعى( غسان جديد )
وقضينا تلك اليلة في تبنين وعند الصباح لم نجد احد من جيش الانقاذ فا تجهنا الى صور ثم الى بيروت وبعدها الى سورية واقمت في حلب وابلغني خالي بعد 15 يوم من وجودي هناك عن مكان اهلي في حماه والتقيت بهم وما زلت اقيم الى الان في حماه وينهي حديثه بامنيته الغالية على قلبه وهي العودة الى فلسطين وقريته (ترشيحا) التي احبها من كل قلبه وغرس حبها في ابنائه واحفاده وهذا الحب الكبيرلفلسطين جعل ذكرياته حاضرة لن يمحوها البعد والتهجير وموعدنا القدس ان شاء الله
الى من يريد المراسلة على الايميل [email protected]
شارك بتعليقك