حنيني إلى ماض لم أتجول فيه، لأسأل نفسي، هل أستطيع إيقاف الزمن وأعود إلى تلك الأيام، أم لأصحو من غيبوبة فرضها علينا الزمان والمكان، فقطعت جذورنا وفتتت أصالتنا..
اشتياقي إلى قرية لم ألعب في حاراتها، إلى شبابيك الفرح وبيارات البرتقال، إلى رائحة التراب عند الهطول الأول، إلى رجالها الكهل يتكئون على عكاز في دروب قريتي الترابية.
اشتياقي إلى أهلها الطيبين الذين لا أعرفهم، إلى قناديل الزيت المضاءة في لياليها الحالمة، إلى تلك الوجوه التي كانت تشع بالحب والخير.
اشتياقي إلى تكاتف لم أعهد بين أبناء الأسرة الواحدة في السراء والضراء.
اشتياقي إلى طيور وعصافير لم أسمع زقزقتها في أجواء قريتي يقيمون أعراس الفرح بين أغصان أشجارها.
عرفت كم أجرموا بحقنا وبحق الأهل يوم طاردوا العصافير واغتصبوا فرحها.
عرفت بعدما ملأت سماءنا عصافير من نار مزقت صدور الناس، ودمرت الطرقات وجدران البيوت.
اشتقت إلى ذلك العصفور، إلى صوته ولونه وتصفيق جناحيه...
قدمت لوالدي إحساساً مني بغصة في قلب هذا الرجل كلما قص علينا قصة عن تلك القرية الوادعة في ربوع الوطن المغتصب.
الدكتور رياض مرعي
شارك بتعليقك