كان الماء في المسبح الصغير يتدفق الى بركة السباحة من أنبوب عال، قطره أربع بوصات تقريبا. وكنت متمددا في الشمس ورأسي في ظل شمسية. صوت الماء المنهمر، على خلفية من ترنيمات البحر الهاديء ذلك الصباح، أراحني. أدخلني في حالة من الاسترخاء والتأمل
تذكرت كيف كنت في صغري أغفو على صوت الماء المتدفق من ذلك الأنبوب الضخم الى بركة ماء الرّي في بيارتنا في الزيب. كان والدي رحمه الله يأخذني معه الى البيارة في معظم أيام الصيف. أركب أمامه على الدراجة الهوائية وأسمع دندنات منغّمة يطلقها وهو يقود الدراجة. وما إن نصل الى البيارة، حتى أركض الى شجرة المشمش المثقلة بالثمر، والمترامية الأغصان داخل سياج البيارة وخارجه. أقطف حبة المشمش من على غصن متدلّ وأفلقها كي تسقط منها النواة ثم أقذف بها في فمي. وهكذا إلى أن أسمع صوت موتور الماء وقد أداره أبي للتوّ وبعد لحظات أسمع صوت الماء وقد أخذ يتدفق من البئر الى البركة.
ما زلت أذكر تلك الرحلات الى البيارة بشغف عظيم. وحتى أنفاس والدي، يعبق بها شعر رأسي وأنا أمامه على جسر الدراجة، ما زالت دافئة في ذاكرتي. ولا أنسى تلك الأريكة العالية تحت عريشة العنب وعلى مقربة من البركة. غالبا ما كنت أتسلق عليها لأستلقي على ظهري رافعا الساق على الساق كما كان يفعل والدي، ولا ألبث وهدير الماء يكتنفني أن أغطّ في نوم عميق
شارك بتعليقك