فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

التاريخ يحذرنا: ورثة صلاح الدين لم يتعلموا من ملوك الطوائف في الأندلس فضاعت القدس

النسخة الأصلية كتبت في تاريخ 29 آذار، 2009

حوار القاهرة بين الممكن و المستحيل ..
الأحد مارس 8 2009 بقلم : أحمد قطامش
ثمة خشية أن ترتفع التوقعات من حوار القاهرة، أي أن تحل الإرادوية والرغائبية محل الحقائق الموضوعية فتأتي النتائج معاكسة ويتعمق الشرخ الفلسطيني.

من المفيد التذكير أنه لا يوجد شعب في التاريخ محصن تماما، وأن السياسة تنطوي أول ما تنطوي على المصالح بل إن عدم استدعاء دروس التاريخ يجر مآسي لم تكن بالحسبان، ومرة قال قائد الثورة الفيتنامية هوتشي مين (للانتصارات دروس وللهزائم دروس)، وهذا السرد غرضه استدعاء إضاءة من تاريخنا العربي، وإحالتها على اللحظة الراهنة.

معروف ما كتبه ابن خلدون في «المقدمة» عن الأعراب الذين لا يستطيعون الحكم ولا يتقبلون أي حكم، وهذا الرأي إتكأ عليه المؤرخ دانيال دينت وسحبه على العرب ككل وأعتبر ذلك أحد ثلاثة عوامل لانهيار الدولة الأموية، حيث أقام كل خليفة مدينة خارج دمشق مصطحباً معه حاشيته ودواوينه، الأمر الذي أضعف الحكومة المركزية. (بصرف النظر عن مدى الصحة في تفسيره).

ومعروف أيضا النزاعات بين ملوك طوائف العرب في الأندلس بعد انهيار الخلافة وعقد صفقات مع أعداء الأمس من الأوروبيين ضد ملوك عرب آخرين وصولا إلى انتهاء الوجود العربي في الأندلس، وربما أن الدكتورة رضوى عاشور في (ثلاثية غرناطة) قد نجحت في تصوير هذه المرحلة بنبض حيوي يفوق الكتابات التاريخية.

ما أن تضعضع حكم العرب في الأندلس حتى راحت أوروبا تتأهب لاجتياح المشرق العربي تحت شعار تحرير القدس من البرابرة الكفار. وكان أن عم فلسطين نصف قرن من الفوضى السياسية في النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي وهزم الجيش الفاطمي التحالفات القبلية وظهر الأتراك السلاجقة المسلمون فتصالح الفاطميون مع الإمبراطورية البيزنطية لمواجهة خصومهم السلاجقة الذين سيطروا على الخلافة العباسية في بغداد، وكان بين الجيش السلجوقي مجموعات اثنية من الترك الناوكية. وفيما كان الفاطمي الجمالي والي فلسطين وبلاد الشام يخوض حربا مع الوزير الفاطمي ابن حمدان الذي سعى للسيطرة على فلسطين وبلاد الشام خسر الأول المعركة ولم يتبق له سوى عكا وصيدا فلجأ للتركمان الناوكية يطلب مساعدتهم وقد أقطعهم البلاد والضياع بما أتاح لهم الانقضاض على الرملة ومنها إلى القدس عام 1037 وبالتالي فلسطين وجنوب سوريا.

أدناه نقتبس عن الأكاديمي خليل عثامنة (فلسطين في العهدين الأيوبي والمملوكي) ما يلي:

1. كانت بلاد الشام قبل الغزو الأوروبي الفرنجي ثلاثة كيانات سياسية متنافسة:إسلامية سنية , إسلامية شيعية , إسلامية عربية محلية , إضافة إلى الصراعات داخل الفئة الواحدة.واجه بعض السلاجقة المسلمين في الشام الغزو الفرنجي دون أن يتلقوا الدعم من إخوانهم أمراء السلاجقة الآخرين .وطلب أمير انطاكية الدعم من أمير حلب وأخيه أمير دمشق وأمير الموصل و استمر حصار انطاكية أشهرا إلا أنها سقطت في1097 ....توجهت جيوش الفرنجة إلى ساحل البحر والى نهر العاصي حيث دويلات عربية إسلامية في طرابلس و صور وبيروت , و قد عمدت الزعامات الحاكمة إلى تزويد الفرنجة بالمؤن والأدلاء والهدايا و التسهيلات واعتمدت هذه كصيغة في التعامل مع الفرنجة المتوجهين إلى بيت المقدس.

أما المسلمون الفاطميون في القاهرة فقد تبادلوا السفارات مع الفرنجة منذ أن وطئت أقدامهم ارض الشام ووصل أول سفير فاطمي أثناء حصار انطاكية , بل و تلقى الفاطميون بالرضى هزيمة السلاجقة و ساعدوا الفرنجة في المجهود الحربي، وهذا الأمر أكده المؤرخ ابن الأثير ناهيكم أنهم لم يدافعوا عن مناطق سيطرتهم فكان الزحف سهلا... تمركز الفرنجة في الرملة في طريقهم إلى القدس التي سقطت في أواسط تموز 1099 من دون أن يتحرك أمراء بلاد الشام وأمراء مصر فاحتلت، حيث ارتكبت مذبحة فظيعة، أتينا على ذكرها أعلاه وبسقوطها أعلنت المملكة اللاتينية التي امتدت إلى أرجاء فلسطين التي سقطت مدنها الواحدة تلو الأخرى و خاتمتها مدينة عكا في 1104 إضافة لبيروت و الكرك و العريش .......

في ظل التمزق السياسي و النزاعات سعى كل أمير إسلامي أو والي مدينة لدفع الأتاوة وتقديم الولاء للفرنجة ودفعت دمشق و حلب وصور و عسقلان الضرائب و الخراج ... كما التحالف مع الفرنجة ضد بعضهم البعض، إلى درجة استمراء الذل و هوان العزيمة... ووضع أهالي جبال الجليل أنفسهم في خدمة الفرنجة وأهالي جنوب لبنان قاتلوا في صفوف جيوش الصليبيين لسفك دماء العرب والمسلمين من جيرانهم وأهل بلدانيهم وهذا فعله التركمان المسلمون أيضا.

وكانت العناصر البدوية شرق نهر الأردن وجنوب فلسطين من أكثر العناصر تعاونا مع الفرنجة مقابل الرعي ومصادر المياه... ولاحقا قام صلاح الدين بإجلائهم خارج هذه المناطق لتقليل خطرهم... كما قام الإسماعليون بتسليم حصن بانياس للفرنجة ودعموا خططهم للاستيلاء على دمشق لقاء تسلمهم صور إضافة لتنفيذ اغتيالات سياسية راح ضحيتها رموز الجهاد وأبرزهم قائد الموصل مودود ومحاولة اغتيال صلاح الدين...

من جديد تأكد أن منافسة المسلمين على السلطة تقع في رأس أولوياتهم بل واحتلال القدس وسقوط طرابلس ونهبها وسبي نسائها لم يغير استراتيجيات حكامهم في دمشق والقاهرة).

2. أصبح عماد الدين زنكي والياٍ على الموصل ومنها سيطر على حلب التي كانت نقطة انطلاق على بلاد الشام حيث سيطر على حماة وحمص عام 1129. أما السلاجقة الأتراك الذين كانوا يحكمون دمشق فراحوا يناورون بين الفرنجة والزنكيين ينحازون مرة هنا ومرة هناك. بعد موت عماد الدين استمر ابنه نور الدين على نهج أبيه الجهادي.

انطلق الصليبيون من طبريا إلى دمشق في تموز 1148 غير أن حملتهم فشلت، واستنجد أمير دمشق بالزنكيين الذين دخلوها وحموها وسط تهليل وفرح الأهالي ومن هناك توجهت أنظارهم لمصر لدحر الشيعة الفاطميين. أرسل زنكي عم صلاح الدين (أسد الدين شيركو) وزيراً على مصر بعد فوضى سياسية اشتهرت بالاغتيالات لأهل الحكم والتنازع بين الوزرين ضرغام الذي تحالف مع الفرنجة وشاور الذي تحالف مع شيركو وبعد أن سيطر استعان بالفرنجة لطرد شيركو الذي تراجع إلى دمشق في 1167. قاد أسد الدين حملة جديدة إلى مصر غير أن شاور استنجد بالفرنجة مرة أخرى مقابل أتاوة سنوية مقدراها 100 ألف دينار ووجود عسكري فرنجي في القاهرة بما شجع الآخرين على الزحف على القاهرة الأمر الذي دفع أسد الدين لتنظيم حملة ثالثة إلى أن سيطر على مصر.

خلف صلاح الدين عمه أسد الدين وزيراً على مصر وسط شكوك وتوترات في العلاقة مع نور الدين زنكي، أي بين جناحي الدولة الزنكية بما عطل العمل العسكري ضد الفرنجة بل ويذكر المقريزي أن الضباط الزنكيين في مصر ابدوا تبرما وعدم طاعة لصلاح الدين، واتسع الخلاف إلى أن تدخل نجم الدين والد صلاح الدين أمير بعلبك لتهدئة الخلاف ولو إلى حين. لم يهمل صلاح الدين المواجهة مع الفرنجة في فلسطين رغم انشغاله في قضايا مصر الداخلية وإلغاء مؤسسات النظام الشيعي. وجراء مرض مفاجئ مات نور الدين زنكي بما مهد لقيام الدولة الأيوبية في مصر وبلاد الشام بعد أن دخلت قوات صلاح الدين دمشق في تشرين الثاني 1174 مستفيداً من النزاعات بين ورثة نور الدين.

تمرد أمير الموصل سيف الدين وأقام تحالفا مع الإسماعيليين والفرنجة ولكن قوات صلاح الدين هزمتهم وهاجمت الفرنجة في حصن دير البلح عام 1177 وتوغلت شمالا بين غزة والرملة إلى أن فشلت الحملة وفقدت أثار صلاح الدين الذي هام في الصحراء لمدة أسبوعين قبل أن يصل القاهرة. بيد أن الغارات العربية استمرت على شمال فلسطين وميناء عكا بما صاحبها من تدمير وحرق ونهب أجبرت ملك الفرنجة على توقيع صلح مع صلاح الدين لمدة عامين سنة 1180 استفاد منها الأخير لمد سيطرته على حلب ومناطق عراقية.

استمرت قوات المسلمين بين كر وفر وحشد جيوشهم إلى أن دارت معركة حطين في تموز 1187 التي استسلم فيها قادة الفرنجة وطبريا عاصمة إمارة الجليل الإقطاعية التي كانت تقاسم حكام المسلمين نصف مداخيلهم السنوية، وسقطت الناصرة تلاها عكا ويافا... ولم يتبق سوى القدس الذي دخلها صلاح الدين في 2/تشرين أول/1187 بعد 88 عاما من احتلال الأوروبيين لها دون أن يرتكب أية مجزرة. وحاولت قواته الاستيلاء على صور الذي لجأ لها الفرنجة الفارين غير أنها أخفقت.

جيّش البابا أوروبا من جديد (لفك اسر القبر المقدس) وبدأت الحملة الصليبية الثالثة التي حاصرت عكا إلى أن استسلمت في أيلول 1189 وتعرضت المدينة لمذبحة وراح ضحيتها الآلاف بعدها سقطت حيفا، يافا، طبريا، قيسارية التي أخلاها جميعها السكان فيما قام صلاح الدين بحرق عسقلان وغزة وطبريا، الرملة واللد واللطرون وبيت نوبا ضمن خطة دفاعية كي لا يستفيد منها الفرنجة. (هذا يرد على الأصوات المهزومة التي تنتقد المقاومة في لبنان وفلسطين). وبعدئذ وقع صلح الرملة لمدة ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر اعتبارا من 1192 باقتسام السيادة على فلسطين...

3. في أوائل آذار 1193 وافت المنية صلاح الدين القائد الجهادي المرموق، بيد أنه منذ سنوات كان قد اتخذ إجراءات إدارية لتقسيم المملكة بين أبنائه وعائلته على النحو التالي:

- مملكة مصر لابنه العزيز ومملكة دمشق لابنه الأفضل ومملكة حلب لابنه الظاهر ومملكة اليمن لأخيه سيف الإسلام ومملكة البلاد الشرقية لأخيه العادل ومملكة حلب لابن أخيه ناصر الدين... أما الحصون والقلاع فأوكلها لقادة الجيش. وألحقت المناطق المحررة من فلسطين بمملكة دمشق وكان أهم مراكزها القدس ونابلس فيما دمر صلاح الدين معظم المراكز الأخرى لأسباب أمنية.

ويستطرد عثامنة أن خلافات نشبت بين الأخوين ملك دمشق وملك مصر إلى أن خرج الثاني على رأس جيش للإطاحة بأخيه في دمشق مما دفع الأخير للاستنجاد بأخيه ملك حلب وجرت تسوية أحيلت بموجبها القدس ومناطق أخرى لملك مصر وكانت هدنة مؤقتة غير أن خلافا بين ملك حلب الظاهر وعمه العادل الذي انحاز لملك مصر العزيز الذي خرج بجيشه مرة أخرى إلى دمشق فانقسم الضباط في ولائهم بين هذا وذاك بما اضعف العزيز وجرت ترتيبات أعيدت بموجبها القدس وفلسطين وبعض الاقطاعات المصرية لملك دمشق الأفضل، ولكن الملك العادل كان يبطن طموحات للسيطرة على دمشق وعزل ابن أخيه الأفضل وقد شجع ملك مصر على اجتياح دمشق فعينه نائبا له. في 1198 توفي العزيز ونشبت خلافات بين قادة الجيش الموالون للمك العادل والموالون للملك الأفضل إلى أن تدخلت قوات ابن العادل الملك الكامل وهزمت قوات الأفضل وزحفت قوات العادل إلى مصر حيث أصبح سلطانا عليها وعين ابنه الكامل نائبا له.

دارت صراعات ونزاعات بين الملوك فيما بينهم وبين قادة العسكر فيما بينهم لكسب النفوذ والولاء إلى أن حسم العادل الموقف أصبح مسيطرا على المملكة بقسميها بلاد الشام ومصر ووزعها بين أبنائه الأربعة الذين زاد التنافس فيما بينهم. أوكل مملكة دمشق وفلسطين فأوكلها لابنه المعظم الذي مات بعد عشرة أعوام من الحكم وبذلك زالت عقبة من أمام منافسه شقيقه ملك مصر الكامل الذي زحفت قواته إلى القدس ودمشق وبعد مساومات أحيل الحكم إلى شقيقه الأشرف واتسعت الصراعات بما أدى إلى التخلي عن النهج الجهادي والاستعانة بالفرنجة لتسوية صراعات داخلية إلى أن تنازل ملك مصر الكامل ابن الملك العادل عن القدس لإمبراطور الدولة الروماني فردريك عام 1229. وقبل ثمانية أعوام سيطر الفرنجة على دمياط المصرية وبعد مراسلات ومساومات وافقت العائلة الأيوبية على التنازل عن فلسطين واللاذقية والكرك والشوبك ودفع مبلغ 300 ألف دينار لقاء خروج الفرنجة من مصر.

السؤال لماذا يتحالف بعض العرب مع الخصوم ضد عرب آخرين؟

إن الكلمة السحرية التي يتوجب التوقف عندها هي، التناقض، ودون فهمها بعمق ورؤية استحقاقاتها وتمظهراتها وطرائق معالجتها فهي قادرة على تغطيس أطرافها في اتون لا نهاية له. وهذا ينطبق على المتحاورين في القاهرة هذه الأيام.

لقد ثبت أن العقل العربي القيادي القديم لم ينجح في اجتراح الوسائل الصحيحة لمعالجة التناقضات الداخلية، وإن لم يكن حلها فعلى الأقل إدارتها. ولو كانت أضرار هذا العجز القيادي ترتد على أصحابه فقط فحينها تكون المسألة حرية اختيار، أما وأن العجز يتحول لتدمير البلاد والعباد فالمسألة تغدو سياسية وتتعدى حقوق الأفراد والنخب.

لفهم التناقض، تستهل المقاربة أدناه باقتضاب شديد لوحة القوى السياسية الفلسطينية المتحاورة في القاهرة وطابع ومحركات كل منها بما يشكل توطئة للإجابة عن سؤال: هل ثمة فرصة لوحدة وطنية فلسطينية؟ وإذا كان لا ما هي المشتركات الممكنة؟ أم يا ترى أن ليس ثمة مشتركات وأن التناقضات منفلتة ولا سبيل لإدارتها؟

تنقسم الساحة الفلسطينية عموما إلى قوتين كبيرتين (فتح وحماس) إحداهما تقود السلطة في الضفة والثانية تقود السلطة في غزة ولكل منهما أجهزة عسكرية وشرطية وتنظيمية وموارد مالية ووسائل إعلامية وصداقات وتحالفات...

الأولى قادت المسيرة الوطنية على امتداد أربعة عقود تقريبا وهي تنظر لنفسها وتعبئ قاعدتها بأنها القيادة التاريخية والأكثر تمثيلا للمشروع الوطني، والكثير من كوادرها انخرطوا في المسيرة التحررية في مطلع الشباب بما صاحبها من نضالات وتضحيات.

وأجهزة السلطة وما تبقى من منظمة التحرير إنما تتسع إضافة لعناصر ونشطاء حركة فتح عناصر ونشطاء ما تبقى من فصائل منظمة التحرير التي تتلقى ميزانياتها ورواتب كادراتها ومكاتبها من رئاسة المنظمة والسلطة.

وثمة قناعة لدى هذه التراكيب أن سلطة غزة وحركة حماس تدأب على الحلول محلها بما يهدد دورها السياسي والمعيشي في آن، بل وتتخوف الكادرات الأكثر وعيا والأقرب إلى بعض مقولات الخطاب الليبرالي واليساري بأن حماس منغلقة وتكفيرية ولن تتردد في إقصاء الآخرين وإزاحة ما تراكم من مظاهر حداثية بما يمس وجودها السياسي والإنساني في آن.

ويقول هؤلاء: لقد كرست المسيرة الوطنية التعددية من مختلف المشارب في حقول السياسة والثقافة والقيم بما في ذلك الإسلام السياسي.

رغم أن قيادات فتح تستأثر بحصة الأسد في تراكيب المنظمة والسلطة، ورغم نشوب خلافات وتباينات داخل هذه التراكيب، وأحيانا هي داخل فتح أعلى منها مع النشطاء الآخرين، غير أن حرية العمل الحزبي مكفولة للجميع كما حرية التعبير إضافة للتوظيفات والميزانيات مهما بدت محدودة. وهذا حيز مشترك حرص عليه أبو عمار وأبو مازن من بعده، ناهيكم عن تاريخ مشترك يضم فصائل منظمة التحرير في مرحلة صعودها ومعاركها حين كانت تضم نحو 15 ألف مقاتل وأكثر منهم من المليشيات، وقد صنعت فيما صنعت مأثرة بيروت 87 يوماً عام 1982، علاوة على التاريخ المشترك في المنظمات الشعبية والحركة الأسيرة... الأمر الذي نشأ عنه وشائج متنوعة، هي مهما بهتت تترك بصمات وذاكرة جمعية.

أما القوة الثانية فهي حركة حماس وسلطتها في غزة. وحماس تنظيم فتي برهنت في عقدين على دينامية عالية بمراكمة عناصر قوة في مختلف الميادين وهي تتمتع بإمكانات عسكرية توجتها بصمود غزة ثلاثة أسابيع رغم مشاركة الآخرين وامتدادات تنظيمية واسعة تحولت لقوة انتخابية أولى عام 2006 بالحصول على 44% من الأصوات وقيادة شبابية لمعظمها طلة ملائمة على شاشات التلفزيون.

وقيادة حماس تنظر لنفسها بأنها حمت القضية الفلسطينية من التصفية بعد توقيع أوسلو وعمدت ذلك بالدم والتضحيات وأصبحت ذراع المقاومة الحاسم بعد انتفاضة الأقصى وصولا إلى قيادة معركة الصمود في غزة.

تقول كان من الطبيعي أن تتبوأ فتح دفة المسيرة الوطنية ومنظمة التحرير بعد معركة الكرامة 1968 (يمكن العودة لكتاب يزيد صايغ من الكفاح المسلح إلى الدولة). ومن الطبيعي اليوم أن تتسلم هي راية الكفاح تطويراً للمسيرة الوطنية.

ومثلما كان لقيادة فتح (م.ت.ف) علاقات دولية وحلفاء ثمة علاقات دولية وحلفاء لقيادة حماس. وهي تتفاخر أنها استقطبت الشارع العربي والإسلامي الشيء الذي تجسد في المسيرات المليونية. أي أن دينامية حماس صاعدة ودينامية فتح هابطة. وبعض أصوات حماس التي قرأت القليل من التراث الاشتراكي تستخدم مقولة ستالين (يجب الرهان على القوة الصاعدة) ذلك أن القوة الشائخة إلى انطفاء.

وحماس تقول أنها امتداد لحركة عربية وعالمية (الإخوان المسلمون) الأكثر ثباتا في رفض الاعتراف بإسرائيل وهذا ينسحب على حزب الله وإيران، بينما حلفاء فتح (م.ت.ف) كانت تقوم سياستهم في مرحلة إغداقهم المساعدات على الاعتراف بإسرائيل أي التخلي عن 78% من فلسطين، أما اليوم فلم يتبق من أصدقاء م.ت.ف سوى أمريكا وأوروبا وبعض العواصم العربية الذين يعملون ليل نهار لترويض الروح الكفاحية والسياسية الوطنية من خلال التمويل واللقاءات التلفزيونية بينما يجري على الأرض تهويد المساحات الأخيرة من القدس وفلسطين. وبالتالي فمنظمة التحرير بعد شطبها مواد أساسية في الميثاق وتوقيع أوسلو وإستراتيجية التفاوض وحلول السلطة محلها تجوفت ولم يتبق منها شيء ولولا القرار الغربي بالدعم المالي لما بقيت منظمة أو سلطة.

وعليه ينبغي إعادة بناء المنظمة لتشمل حماس الأمر الذي يؤيده نشطاء فلسطينيون آخرون بما في ذلك بعض كوادر فتح وحماس مستعدة للحوار مع فتح والوصول لمشتركات على قاعدة المقاومة والأرضية السياسية الوطنية بعيدا عن أوسلو وخارطة الطريق والاعتراف بإسرائيل وحل الدولتين أي عكس ما تقوله قيادة فتح.

ولا يفوت الورقة التذكير أن لحماس تقاطعات وبعض التأييد من تيارات فلسطينية أخرى يجتمعون معا في إطار تحالف يضم ثمانية تنظيمات أهمها حركة الجهاد التي تبلورت سياسيا وقتاليا وباتت تشير استطلاعات أن حجمها يلامس حجم الشعبية وهي تبدو من وجهة نظر بعض المهتمين (أنها أكثر اتساقا في مناهضة أوسلو وتراكيبه وأنها من ناحية التحليل السياسي قد حلت محل الشعبية). ناهيكم عن فتح الانتفاضة والقيادة العامة بما لهما من وزن جماهيري وعسكري في سوريا ولبنان... دون أن ننسى أن تياراً إسلامياً ناهضا في الضفة هو حزب التحرير يصوت في نهاية المطاف للأقرب إليه أيديولوجيا.

أي لقد طرأت تحولات على الخارطة السياسية الفلسطينية في العقدين الآخرين وبما يمنح حماس ثقة الزعم أنها القوة الأولى ومن حقها أن تحصل على 50% من مؤسسات منظمة التحرير. وحماس لا تتعجل الوصول لصيغة وحدوية بأي ثمن، وصرحت مرارا أن رئيس السلطة أبو مازن فقد ولايته مما يعني إنها تتهيأ للفوز (بالانتخابات الرئاسية) وهي تعترف أن (التشريعي ليس تشريعيا والرئيس ليس رئيسا فالسلطة دون سيادة) ولكن (بفوزنا إنما نضمن وقف مخطط استخدام السلطة لتصفية الحقوق الفلسطينية) صرح أحدهم.

تأسيسنا:

1. ثمة انقسام سياسي في العمق، وفي الباطن.

2. ثمة منافسة على تراكيب السلطة والمنظمة ومنافعهما.

3. ثمة خوف وجودي، فانا احل محلك وأنت تحل محلي.

4. ثمة ميزان قوى لا يسمح لحماس أو لفتح أن تقصي إحداهما الأخرى وليس ثمة طرف فلسطيني ثالث قادر أن يكون جسر توسط بينهما أو بيضة قبان.

5. السلطة مكشوفة ماليا سواء في الضفة أو غزة فميزانيتها سواء الجارية أو الطارئة أو «التطويرية» كلها تعتمد أولا على «المساعدات والهبات والقروض الخارجية».

ما العمل؟

هذا سؤال قديم اثاره الثوري تشير نفسكي في أواسط القرن التاسع عشر وهو يتجدد دوريا مع توالد الأحداث.

ربما تخرج مقاربتي عن المألوف والمنطق التقليدي الذي نجتر مقولاته منذ سنوات عن الوحدة الوطنية وحكومة وحدة وطنية وتفعيل م.ت.ف تلكم المقولات التي لم تقدمنا للأمام قيد أنملة بل وزرعت المزيد من القنابل المتفجرة في الجسد الفلسطيني والوعي الفلسطيني والمعنوية الفلسطينية إلى درجة الضغط على الزناد والتعذيب في الزنازين وبث الكراهية والعداء وأن تنشغل وسائل الإعلام وأحاديث الناس وجهود القوى السياسية في التناقض الداخلي أولا كإضاعة اتجاه بامتياز.

يتوجب قراءة الحقائق كما هي، التناقضات كما هي، المصالح كما هي، النخب كما هي، الزعامات كما هي... أما تبويس اللحى والابتسامات التلفزيونية العريضة فلم تنجح في السنوات السابقة حتى في تحريم الدم الفلسطيني والشحن للأجيال الشبابية الأكثر تأثرا والأقل تعقلا إذا تلقت أوامر الضغط على الزناد.

البداية هي الاعتراف بالتناقض الداخلي، والتناقض يعني تناقض المصالح والرؤى والخطوط السياسية وصولا إلى تناقض الحلفاء الخارجيين الذي يضخون المال والتسهيلات والوعود...

وثمة من الكتاب اليساريين تستهويهم اللغة عن الطبقات غير أن هذه لم تعد كافية لتحليل المشهد، إذ ينبغي توظيف أدوات نظرية من علم السياسة البرجوازي مثل النخبة والزعيم لما لهما من تأثير على السياسة الفلسطينية، وأيضا التمويل الخارجي الأمر الذي لم يكتب عنه الأدب الكلاسيكي، والفساد الذي أصبح علما يدرس في الجامعات...

كان يسهل توحيد مخيم الوحدات في الأردن أو مخيم عين الحلوة في لبنان أو جباليا أو مدينة الخليل في بدايات المقاومة، ففتح والشعبية وكل الفصائل حينذاك، لها نفس الوجود الاجتماعي لا طبقات ولا ما يحزنون، والبندقية مستهدفة، والمنافع محدودة، ولكن مع عصر البترودولار تدفقت أموال طائلة على منظمة التحرير فكان لها إسقاطاتها، وخيضت حرب 1973 وراح السادات يسعى لتسوية سياسية رشحت بعض تأثيراتها للساحة الفلسطينية، وتعرضت المقاومة لمجازر عسكرية كبرى وصولا لحرب بيروت 82، أي أن الطريق صعبة وطويلة والدماء غزيرة، ففي الأردن ولبنان سقط نحو 60 ألف فلسطيني وفلسطينية، وبتدرج تشكلت مراكز نفوذ ونخب (دخلها 30 ضعف دخل المقاتل) كتب نزيه أبو نضال.

انعقدت قمة المغرب وحاولت تمرير (مشروع الملك فهد) الذي انطوى على اعتراف ضمني بإسرائيل واقتتال فتح - فتح في البقاع الذي اتسع واتسعت أطرافه، والكونفدرالية وقمة عمان وعدم استقبال عرفات في المطار، واجتياح العراق وتجفيف موارد م.ت.ف وانعقاد دورة الجزائر التي قال فيها خالد الحسن (أما أن تنزلوا تحت الأرض أو أن تتجاوبوا مع المسعى الأمريكي وانأ أعرفكم) وفاز رابين وزادت التوقعات وانعقد مدريد.

عاد نحو 100 الف في زمن اوسلو للوطن، معظم قيادات وكادرات وعناصر وعوائل فصائل المقاومة، قلة قليلة من القيادات رفضت (لن اعود الا ومعي ملايين اللاجئين) حبش. عاد المستوى الاول والثاني دون امتيازات واضحة، وراحت تتسجل قوائم التوظيفات، وتدخلت نظريات علم الاجتماع البرجوازي التي صيغت في خمسينات وستينات القرن الماضي (قروض وهبات لحكومات البلدان المستقلة حديثا) ومع الزمن ارتبطت النخب البيروقراطية السياسية والعسكرية والامنية بهذه المساعدات والهبات وكانت اول المستفيدين منها.

ومن هنا نص اوسلو على تشكيل (صندوق الدول المانحة) للسلطة بنحو 500 مليون دولار سنويا، تعثر نسبيا في العاميين الاوليين، أي نحو (370 و450 مليون) ولكن تم تجاوز هذا المبلغ بعدئذ. وهناك ارقام تستخدمها بعض الاوساط الاكاديمية عن 7 مليار دولار للسلطة والمنظمات غير الحكومية الى عام 2007. ناهيكم عن القنوات الاخرى. وتضخم الجهاز الوظيفي للسلطة، إذ كان في زمن الإدارة المدنية الاحتلالية 27 الفاً بينهم 1,2 الف شرطي أصبح 50 ألفا فمائة ألف واليوم أكثر من 170 الفا اضافة للميليشيات والمتفرغين في التنظيمات وهم بعشرات الالاف.

لقد أصبحت لوحة قوة العمل الفلسطينية موزعة على النحو التالي: 46% قطاع خاص 45% قطاع حكومي و9% قطاع غير حكومي ناهيكم عن الموظفين غير الرسميين وهناك تسريبات عن ميزانية شهرية لكل من فتح وحماس تتراوح بين 8 ؟ 10 مليون دولار وهناك منظمات غير حكومية رصيدها بالملايين وصرفها السنوي بالملايين ايضا بينما تتلقى في مجموعها نحو 250 مليون دولار سنويا.

وعلماء الاجتماع الغربيين ليسوا نائمين، وخارجيات العالم الرأسمالي تحترم وتتكئ على دراساتهم. فالسياسي يسترشد بالأكاديمي والمثقف، بخلاف الحال لدينا، فأقصر مسافة لذل الجوع والتهميش ان تصبح مثقفا غير مطواع في وطنك، وبالتالي تم تعطيل دور الثقافة جوهريا في بلادنا.

منذ عقود تلعثمت بعض الاصوات قائلة: اننا نسير باتجاه خاطئ، اذ ما معنى هجران الارض وعدم تدعيم صمود الفلاح، وما معنى اذكاء النزعة الاستهلاكية، وما معنى انفلات شهوة التفرغ في التنظيمات وبعضها ناهز 60 ؟ 70% من العضوية. وعندما جرى انتقاد نسبة التفرغ في الجبهة الشعبية، حينما كانت جبهة شعبية، 50% في الخارج واقل من 3% في الداخل قال الحكيم ان النسبة المنطقية 4%، فيما اصوات اخرى قالت لقد اصابنا التلوث ولكن اقل بكثير من غيرنا، وقيادة ميدانية لفتح في مخيم عين الحلوة أرادت إصلاح الأمور فخفضت نسبة التفرغات الامر الذي شمل 3 الاف عائلة! وحين ذاك سطع اسم قائد مرموق لعب دوراً مشهودً في توحيد الموقف الميداني رغم الانقسام السياسي انه ابو طوق الذي اغتيل غدرا، فبدل حمايته جرت تصفيته!

لقد أفضت النزعة الاستهلاكية والتمويل الخارجي في العقدين الاخيرين لجنون اسعار فاق كل تصور، فالشقة التي كانت اجرتها 10 دولار اصبحت 300 دولار وعلى ذلك قس؛ حتى أن صحفية يابانية قالت لي: اكثر ما لفتني ان اسعار رام الله اعلى من اسعار طوكيو وامريكا... فيما تشير تقارير الامم المتحدة (منذ عامين) أن دخل الفرد السنوي في اليابان يصل 32 الف دولار وأمريكا 24 ألف دولار بينما هو في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 مجرد الف دولار هو في الضفة اكثر منه في غزة وفي مركز الضفة اعلى منه في الاطراف.

المسالة ليست اقتصادية ومعيشية فقط وتقسيمات طبقية واستغلال طبقي فقط وامتيازات بيروقراطية فقط، بل والذي لا يقل عن ذلك أن يجد عشرات الالآف من الكوادر الشجعان الذين امضوا سنوات وسنوات أعمارهم في سجون الاحتلال حينما كان النضال تضحية لا امتيازات فيه إلا شرف الانتماء الوطني وبطولة شق الطريق، وبعض هؤلاء كانت تذهب عوائلهم برمتها إلى السجن والشهادة، ممن أداروا ظهورهم للذات الفردية انحيازا لذات الجماعية... لم يجدوا امامهم من وسيلة سوى العمل في وظائف هي اقرب للبطالة المقنعة... ودراسات مؤسسة ماس هي خير شاهد، وما توالد عن ذلك من نتائج هي في غنى عن الشرح. وان يحذو حذوهم الفئة المثقفة التي تلغط السنتها يوميا باشد درجات الاغتراب والمرارة، فنهج المقاومة في عقود صعودها انتج عشرات وعشرات المثقفين والمبدعين ولكن دلوني على مبدع أو مثقف واحد أنتجه النهج النقيض.

وبيسر يمكننا وضع ايدينا على نتائج تعطيل معظم الطاقة النضالية ومعظم الطاقة الثقافية... ولكن دون اغفال ابعاد الخراب الأخرى، واحدها أن يصبح العمل السياسي مشروطا بتوفير السلاح والوظيفة والراتب للاعضاء، فهي ادوات الاستقطاب الناجعة وليس البرنامج السياسي أو الفكر السياسي. ولو توافر هوتشيه مين بنظافته الذي عاش في كوخ القصب فيما مارس مهامه الرسمية في القصر الجمهوري، وتشي جيفارا بخبراته الاستثنائية في حرب العصابات وكل ما يملك من متاع الدنيا بنطالين وقميصين، ووديع حداد الذي اسس منظمة ثورية عالمية ولم يتدثر الا بمعطف جلد كالح قابل فيه عبد الناصر والقادة الفيتناميين والكوريين الشماليين... وكاسترو بكرزماتيته وكفاءاته القيادية إلى درجة أن يعمل 18 ساعة يوميا وعبد القادر الحسيني البطل المرموق الذي آثر الاستشهاد بعد ان خذلته الانظمة العربية واحمد عرابي الذي شق عصا الطاعة على المستعمر وأرسى طريق الاستقلال... لو اجتمعوا كلهم في رام الله او غزة دون عشرات ملايين الدولارات لن يستطيعوا إنشاء تنظيم صغير له فضائية!!.

لقد تم إعطاب ديناميات المجتمع الفلسطيني التي تنتج قوى التغيير وهذا لم يحصل بهذه الكثافة في بلد أخر قط. فالثورات في الهند والفلبين التي تكتسح ثلث الريف هذه الأيام هي من الفلاحين والفقراء الذين يعيشون كفلاحين وفقراء سواء كانوا ثوارا أو مواطنين عاديين ونقاباتهم وتحركاتهم في المدن تقشفية وتعتمد على اشتراكات ومساهمات الأعضاء.

وهذا حال الثورة التي انتصرت في الامس القريب في نيبال والحركات الاجتماعية العارمة التي فازت بمعظم بلدان امريكا الجنوبية...

ثمة معضلات اينما يممنا الشطر أما أن يصبح اصدار صحيفة او عقد ندوة او تأسيس نادي او جامعة أو بلدية أو مركز نسوي أو مكتب تنظيم... لا يتم إلا بتمويل خارجي فهذه طبعة فلسطينية حصرا.

أي أن علماء الاجتماع والاقتصاد والنفس المعادين للشعب الفلسطيني قد أوصوا بخطط تلاها خطط، راكمت أثارها على امتداد عقود إلى أن أصبحنا على النحو الحالي بما يفوق كثيرا ذكاء النافذين حتى من ذوي النوايا الحسنة... سألني مرة رأسمالي وطني، أي يستثمر في قطاع إنتاجي مستقل عن السوق الإسرائيلية تقريبا: هل تفسر لي لماذا نجحنا نحن البرجوازيين في إنشاء صناعات تنتج سلعا للسوق الفلسطينية وتشغل اعدادا من العاملين بما يدعم صمود الناس بينما لم تؤسس الحركة السياسة الفلسطينية بملياراتها مصنعا واحدا؟.

تناهز البطالة اليوم 40% وأكثر من ذلك في الأوساط الشبابية و80% من النساء وغلاء أسعار قافز وفقر يناهز 60%...

يجوز الزعم أن المناخات السائدة قد عطلت بقدر كبير حيوية المجتمع وفرص نشوء بؤر نقدية وقاعدة ضغط مستقلة لتصحيح الأمور... فإما أن تتفاهم قيادة فتح وقيادة حماس أو على الشعب السلام.

هل من قواسم مشتركة؟

ثمة متغيران يدفعان الموقف الفلسطيني للتقاطع:

1. الانزياح يمينا في السياسة الاسرائيلية شارعا واحزابا وحكومة جديدة، بما هو اكثر يمينية من حكومة كاديما ؟ العمل التي حاصرت وجوعت واجتاحت غزة ووسعت المستعمرات في الضفة واقامت الجدار وواصلت الاغتيال الممأسس وضاعفت الحواجز وهوّدت القدس واستباحت كل شيء...

2. الاموال المتخيلة لاعادة اعمار غزة وعلى الورق تناهز 5 مليار دولار حيث تشترط أطراف عديدة توحيد الموقف الفلسطيني (كلمة حق يراد بها باطل) وهي لا تخفي نواياها لاستخدام سلاح المال لعله يحصد ما فشل فيه سلاح الصواريخ.

لكن هل هذان العنصران كافيان لاحراز وحدة وطنية وحكومة وحدة وطنية؟

لا شك ان ثمة حاجة لحوار فلسطيني ؟ فلسطيني قبل هذين العنصرين وبعد هذين العنصرين وعلى الدوام، فالحوار ركن ركين في العمل السياسي. اما اين يقودنا الحوار وما هدف الحوار وما هو الممكن من الحوار فهذه مسالة أخرى وإبداعية في آن.

فلكيما يعطي الحوار نتائجه وتستمر هذه النتائج فلا تنهار في الشهر التالي كما حصل في اتفاق مكة بين فتح وحماس أو بين فتح والشعبية والبرنامج المرحلي... ينبغي ان ينطلق من الحقائق وان يعترف بها، فثمة قوى اجتماعية- سياسية متباينة في رؤيتها ومصالحها ولا ينبعي ان يسعى طرف لاملاء اراددته السياسية على الطرف الاخر. فمنطق الاملاء والاقصاء لن يحصد الا الريح حتى لو غلبت العاطفة الشرقية، فالحقائق اقوى من العاطفة رغم اهميتها. وغير مفيد التذاكي بالقول ان لدي اغلبية فصائلية وشعبية، فانا وحلفائي اكثر منكم ومن حلفائكم... فالقوتان الحاسمتان هما حماس وفتح رغم الاهمية المتباينة لبقية الاطراف. وفي بلادنا لا يفعل منظور غرامشي (اقلية ثورية وذكية تتبع برنامجها اغلبية). ناهيكم ان لا احد يعترف بالاخر بانه اصوب منه وغالبية الأقليات تقهقرت ولم تحافظ على حجمها وتمايزها ودورها. فالفئوية بلغت حدا عطلت فيه الحوار بالمعنى الهيجيلي أ = أ + ب اما الصحيح فهو ج الذي يلد عن حوار أ + ب. وهذا الحوار تعطل منذ زمن حينما تكرست القيادة الفردية ؟ الفئوية. والعلاقات الأبوية الريعية، تفريخ مقابل الولاء فالمتاح اليوم حوار أ + ب بناء على ميزان القوى وليس بناء على صوابية الأطروحة أو المقاربة او ما هو اقل من ذلك، مجرد رأي خطر في بال الزعيم الفلاني. (انا لا اعرف كيف يتخذ القرار الفلسطيني) صرح حبش عام 1977 حينما كان للجبهة الشعبية شأنا ووزنا جديين.

لا ينبغي أيضا التسابق على الشرعية: الشرعية التاريخية، الشرعية الدستورية، شرعية البندقية المشرعة فهذه متاهات مركبة ومزدوجة لا تقود لشيء وجربت في السنوات السابقة دون جدوى، فلكل منها بطارية حجج سجالية تقود لتوسيع الخلافات ولا تضيقها.

وان كان للشرعيات أهمية غير أنها ليست المدخل المجدي للحوار اليوم.

والقاعدة الأخرى هي البحث عن قواسم مشتركة، مساحة مشتركة، وليس وحدة وطنية وحكومة وطنية.... فالوحدة او الحكومة تتطلبان خطا سياسيا واحدا وهذا متعذر تماما كما اسلفنا. اوسلو ونقيضه، نهج التفاوض ونهج المقاومة، انا منظمة التحرير وأنا لا اعترف بمنظمة لست لاعبا فيها... ولهذه الطروحات تحالفات وتمويلات.

وحتى لو افترضنا الوصول لخط سياسي مشترك فعلى الارجح ان ينهار في اول امتحان كما انهارت وحدة الموقف الفلسطيني عام 1975م وعام 1983م وعام 1992م وعام ...الخ ولئن عمرت سابقا سنوات فاليوم لن تصمد امام أي موقف تكتيكي : تلويحه من ميتشل , شروط للرباعيه , اعمال مقاومه , جولة مفاوضات .... سيما وان الساحه الفلسطينية لا تتحرك في الفراغ وهناك تأثيرات خارجية عليها وصلت في مواقف عديده حد الارتهان , اما الانكى من ذلك فهو الانكشاف المالي للنظام السياسي الفلسطيني برمتة فلا يعتمد في انفاقه على مداخيله الذاتية , ويكاد يندثر المحترف الثوري المتقشف والثوري المتطوع الذي يكدح ويناضل معا .

وعليه سيكون للمال تاثيره وهذه لا ينبغي الافتراض انها ستزول قريبا.

المساحة المشتركة

1 : القواسم الميدانية فالقوى كافة والشعب بأسره ضد مستوطنات الاحتلال وتهويد القدس والجدار التوسعي ..... الخ من تجليات الاستباحه والاذلال وتفكيك الشعب والكيانية الوطنيه.

يمكن التقاطع هنا , بل وهذا اعلى شأنا من الخلاف على هذه الحقيبة الوزارية او تلك او مبادلة وكلاء بسفراء وعقداء .....

2: بنود تنموية : أي اجزاء من مشروع تنموي يعيد هيكلة الموازنه خاصة من عائدات الضرائب، لكيما يتوجه لتخفيف البطاله والفقر وتقديم قروض للمشروعات الصغيرة .... فعلى سبيل المثال قلصت الصين جيشها من 4.5 مليون جندي الى 3.2 مليون جندي ضمن خطة تكفل توفير فرص عمل للمسرحيين , علما ان لديها رصيد يناهز 2.2 تريليون دولار , اما مديونية السلطه الفلسطينيه ف 1.3 مليار ؟؟ . والعالم كله يستخرج الخطط لمواجهة ازماته ومصاعبه الاقتصادية .

وليست فلسفة التسول هي خير فلسفة ( فبدل ان تعطيني كل يوم سمكه علمني صيد السمك ) والشعب الفلسطيني لا تعوزه الكفاءات لوضع الخطط العملية بعيدا عن تنظيرات البنك الدولي التي زادت العالم الثالث فقرا وبؤسا .

وهناك المنهاج التعليمي الكارثي , المنهاج الحفظي والحشو الالي والتكرار الممل , بينما ثمة تجارب يمكن التعلم منها في اليابان والبرازيل والصين و و ... للانتقال للمنهاج التحليلي والنقدي , وهناك فلسفة باولو فريري وسواه .

وكذا القطاع الصحي بمتاعبه الكثيرة... لماذا ليس لدينا مستشفى متطور على غرار مستشفيات في بلدان مجاورة؟!.

كما وسائل الاعلام لما لها من اهميه التي يمكن تطويرها بدل تحزيبها، وهناك قضايا الريف والمخيمات والكثير من القضايا التي تمس حياة المواطن لتعزيز الصمود المجتمعي وخلق شروط الفرار الجماعي من الوطن , فالاستطلاعات تشير الى ان اكثر من 50% من الشباب يرغبون بالهجرة.

3 : الاحتكام لسلطة قضائية كاملة الصلاحية كضرورة بالغة بما يضمن ملاحقة الفساد والتجاوزات وفض المنازعات سلميا والتعدديه وحق الاختيار والمواطنة، ففي ذلك مصلحة للجميع ... بل وهذا درس كبير تعلمته البشرية في القرنين الاخيرين بعد تجارب معاكسة مدفوعة الثمن.

الســــلطة الفلسطينية

ينبغي الاعتراف انها دون سيادة ومكشوفه ماليا وضعيفه امام الضغوط الخارجية , وهي باتت اليوم سلطتين , وان النزاع على اجهزتها و» وزاراتها « وامتيازاتها قد افضى لمآسي وان الاستمرار بخطاب الامس سيفضي لمزيد من المآسي.

وتأسيسا , ثمة حاجه لمقاربات جديدة . ولم يعد كافيا المقاربة التي تقول ان السلطة نواة الدولة المستقلة , فالمعطيات على الارض تنسف مقومات الدولة، ولم تثبت المقاربة المغايرة : اننا سندحر اوسلو من داخله بالاستيلاء على اجهزته , ولم تتاكد المقاربة التي تقول ان انخراط الجميع في السلطة يضعهم في نفس الاناء , سواسيه .

مقاربة اخرى

لم تصمد حكومة عموم فلسطين بعد النكبة 1948، عام واحد فتبعثرت وبعضها استوزر في الحكومة الاردنيه ذلك ان 78% من فلسطين غدت « إسرائيل « والضفة ألحقت بالأردن وغزة تحت ادارة الملك فاروق، فحكومة عموم فلسطين افتقرت للسياده والوطن معا.

والسلطة التي انبثقت عن اتفاق اوسلو هي دون سيادة ايضا والاحتلال يحدد مساحة ولايتها الجغرافيه بل ويستبيح كل متر فيها، « والمجلس التشريعي « ليس أعلى سلطة كما حال برلمانات العالم , وبناء , لقد سقطت فرضية ان يتحول ( الحكم الاداري المحدود ) بلغة اوسلو الى ( حكومة ذاتيه ) بلغة بيكر ومنها الى سلطة مستقله او دوله مستقله بلغة قيادات فلسطينية.

إن السلطة تنوء تحت رحى العقوبات الاسرائيلية العسكرية والامنية , ناهيكم عن املاءات اللجنة الرباعية المرفوضة من اكثر من نصف الخارطة السياسية الفلسطينية .

بيد أن شعبنا بحاجه لقياده للشأن السياسي وقيادة للشأن الحياتي . فالضفة وغزة ليستا قريه صغيرة او مخيم عين الحلوه تستطيع لجنة شعبيه من الفصائل ادارة شؤونهما . انه 4 ملايين موزعين على طبقات وقوى اجتماعية ومؤسسات ومدن وارياف ومخيمات , ويكفي القول ان الطبقة الوسطى تشكل 25% من قوة العمل بما تحمله من ميول واهتمامات وميول , وطبقة عامله نصفها بلا عمل وجامعات يدرس فيها 130 الفا يتخرج منها أكثر من 25 الف سنويا يلتحق اغلبيتهم بجيش العاطلين عن العمل بما ينطوي عليه ذلك من خذلانات وازمات , و80% من النساء لا يعملن ومدينة القدس محاصرة يفصلها بوابات وجدران عن الضفه، ورام الله تشهد انفجارا سكانيا , وقطاع غزة الذي صمد مكتظ بالناس ومثخن بالجراح , واكثر من الفي منظمة غير حكومية استوعبت الكثير من نشطاء من الحركة السياسية بما لها من أجندات متباينة ، ونحو ألفا مسجد بما تضخه، وقوى سياسية لكل منها لافتة ومكتب سياسي وعوده ملحوظة للتقسيمات الطائفية والعشائرية والرموز المتطرفة. ناهيكم عن ظاهرة تسول تكاد تكتسح المجتمع باسره كل بطريقته ومبرراته، وتنامي ظواهر الكذب والفساد واليأس من إمكانية التغيير .

فشعبنا وان برهن على امتداد العقود انه يتمتع بروح كفاحية وثابة وشغف للحرية والعودة للديار المعمدة بالدماء والتضحيات غير ان امراضا وفجوات تنهش جسده الحي وهو محصن وغير محصن في ان , وما ان ارتبك مشروعه التحرري تفاقمت تناقضاته . في فيتنام ثمة مشروع تنموي ناظم للشعب وهكذا الحال في البرازيل , والقانون والرفاه الاجتماعي ينظمان الشعب الفرنسي والالماني والياباني وثمة قاعده اقتصاديه توفر الحد الجيد من احتياجات المجتمع , فما الذي سينظم شعبنا المشتت في جغرافيات سياسية في الداخل والخارج وعلى الاقل في الاراضي المحتلة عام 1967م؟

هذا سؤال كبير ؟

دون ان ننسى سياسات واجراءات الاحتلال التي تهاجم شعبنا بعشرات الخطط وتحتفظ في الدروج بعشرات اخرى تبقي عليه في مرحله دفاعيه لا يكاد يلتقط أنفاسه من الضربات المتلاحقة.

إحدى الإجابات: أ- إعادة تعريف السلطة بحيث ينحصر دورها في الشأن الحياتي بتعقيداته ومعضلاته التي تتطلب سلطه ديناميه كفؤه وزمن تراكمي مديد وبالتالي فصل السلطة عن السياسة وفصل السياسة عن السلطه بالاحتكام للمعيار المهني في تولي وظائفها كما حال الاجهزة المدنية في ارجاء العالم .

أما الحيز السياسي , أي العمل السياسي و النظام السياسي , فيعبر عن نفسه في الحقل المجتمعي , في اوساط الشعب , على قاعدة التعددية وحق الاختيار والتعبير والانتظام وعدم اللجوء للعنف كما العمل على القواسم الميدانية المشتركة وتوحيد الجهود على قضايا مشتركه او مجرد قضية واحده مشتركه.

ب- إعادة تعريف م ت ف

اعادة تعريفها بحيث تصبح اطارا تمثيليا مفتوحا لكل القوى السياسية والمجتمعية , للشعب بأسره , فهي الكيان التوحيدي للشعب , انها برلمان فلسطين في الداخل والشتات , يصار لتشكيله عبر عمليه انتخابية، والذي يفوز يشكل اللجنة التنفيذية كحكومة وصاحبة قرار لتمثيل شعب فلسطين .

واسوة بأية عملية انتخابية تجري حوارات ومباحثات وتحالفات , ولأننا بتنا شعبا أسوة بكل الشعوب , نتكون من مركبات متناقضة في مصالحها , مثلما توحدنا مصالح مشتركه، فمن الطبيعي ان ينعكس ذلك في برامج المنظمة وسياساتها , هناك المشترك وغير المشترك , وبالتالي يكون المشترك هو المشترك وحسب , وقد يرتفع وقد ينخفض ولكن ثمة قاعده متفق عليها وما دون ذلك هو مساحة جدالية وخلافية .

والرغائبية الاخلاقية بان يتوحد كل شعبنا وكل قواة السياسية وراء برنامج واحد وخط سياسي واحد وتكتيك واحد لن تثمر عن شيء , فحقائق الحياة اكثر تعقيدا من الرغبات المثالية.

الحوار بداهة سبيلنا للوصول إلى قواسم مشتركه

من قبل قادت الشرعية الثورية م ت ف، وأغلبية فتح سمحت لها بقيادة المنظمة، أما اليوم فتعقدت الخارطة , فالحيز السياسي يبني جهاز دولة دون دولة , ويتخلى عن التحرر دون تحرر , بل وبعض اللاجئين أصبحوا في مخيمات بأمريكا اللاتينية , والقيادات التي يفترض فيها قيادة نضال ضروس مسترخية في المكاتب ..... ولا مهرب من ان يؤخذ ذلك بالحسبان الشيء الذي يقضي اعادة تعريف م ت ف , وإعادة بنائها لتتسع للجميع بخلافاتهم ورؤاهم . فهي مرآه عاكسة للمجتمع وتياراته وميوله.

إنها ليست منظمة للوحدة الوطنية بل منظمة للوحدة الفلسطينية , وعاء للاتفاق والخلاف في آن , وقيادتها ليست محاصصة وليست توليفة بين خطوط متنازعه بل حكومة لها خط سياسي وتضامن وزاري.

وعليه، ما هو برنامج الحد الادنى السياسي الذي يمكن التمسك به وعدم التنازل عنه , هل هو برنامج يبدأ بالتشبث الحقيقي وليس اللفظي بحق عودة اللاجئين لأرضهم تطبيقا لقرار 194 ام ان هذا بات من الامس في ضوء شعار الدولتين والمبادرة العربية , وهل يمكن ان يكون الدولة الفلسطينية ام ان هذا الهدف تجاوزتة الوقائع على الارض في ضوء حقائق الاستيطان في الضفة الفلسطينية والافتقار للمقومات الاقتصادية والسيادية علاوة على انه مقايضة لحق العودة ؟

هل هو الدولة الديموقراطية، هل هو دحر الاحتلال؟

لقد انتقل البرنامج السياسي الفلسطيني الرسمي من التحرير والدولة الديمقراطية ما قبل 1974م الى البرنامج المرحلي للدولة والعودة وتقرير المصير بعدئذ إلى الدولة وتبهيت العودة، ومنها ل « لعم « لمشروع ريغن والكونفدراليه بعد حرب 1982م الى اوسلو في التسعينات , وبعض النخب اليوم يهمها أكثر ما يهمها تجنيد موارد لتكريس السلطة والتكيف مع الشروط «الدولية» وحسب .

فهل ثمة امكانية لبرنامج سياسي ؟ ولو افترضنا ان حوار القاهرة سيفضي لبرنامج ما .....

السؤال الأشد صعوبة: هل ثمة امكانية للوصول لخط سياسي واحد بين دعاة التفاوض ودعاة المقاومة , دعاة الرهان على الادارة الامريكية ودعاة مجابهة المشروع الامريكي , بين المستقوين بالمبادرة العربية وبين الذين ينظرون لها كعملية لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية .... وبالتالي نظرة كل من الاتجاهين احدهما للاخر وما يقع بينهما من قوى احتياطيه في هذا الموقف او ذاك دون تبلورها كخط ثالث أو مشروع ثالث يكون له تاثير حقيقي على المشهد السياسي الفلسطيني واتجاه سيره؟

أن الحد الأدنى الممكن من حوار القاهرة هو الحوار الهيجلي , للوصول لحد ادنى من برنامج سياسي , وان تعذر فبرنامج ميداني كما اسلفنا اعلاه , والتعايش مع ذلك دون محاولة للإملاء أو الاستقواء بعناصر من خارج الساحه وعدم تكرار المجرب الخاطئ فحكمة مأثورنا الشعبي تقول ( الذي يجرب المجرب عقله مخرب ) .

قال منذ زمن لينين (السياسة هي الصراع القومي والطبقي ) وقال عالم الاجتماع الأمريكي هال ويل ( السياسة هي نزاعات وتسويات بين القوى الاجتماعية ) , والوجهة التي ستسير فيها السياسه الفلسطينية سوف تكون محض نزاعات وتسويات ..... وهذا لم يألفه العقل القيادي الفرداني , فكان الراحل عرفات يقرر والراحل حبش يعارض احيانا يخفف من حدة التناقضات ان البندقية مستهدفة ككل وهي متشابهة في بنيتها التنظيمية واوضاعها , اما بعد الخروج من بيروت 1982 فالتناقضات اتسعت واتسعت الفوارق ودارت معارك داخلية وغادرت قيادات الحياة وصولا الى اوسلو الذي كان منعطفا جديدا ومرحلة جديدة حافله بالمتناقضات .

لقد تحولت فتح التي قادت م ت ف « لحزب سلطة « وهي ملتبسة بين مقاومة ومفاوضة، وصعدت جذريا قوى الاسلام المقاوم وغير المقاوم وتقهقرت جذريا قوى اليسار المقاوم والخطاب الثوري عموما، صاحب ذلك تحولات اجتماعية اتسعت فيها الفئات الوسطى من موظفي السلطة والمنظمات غير الحكومية والقطاع البنكي الذي يضم اكثر من 80 فرعا والقطاع الاعلامي من فضائيات ومحطات محلية وصحافة مكتوبة ... , كما تعاظمت شريحة الكومبرادور التجاري ( قفز استيرادنا السنوي من 700 مليون دولار الى 3 مليار دولار ) ونخب الكمبرادور الثقافي ؟ السياسي الممولة أجنبيا والنخب البروقراطية والأمنية ونخب اللحى الطويلة وأصبح مسموعا ونافذا صوت العناصر والمقولات الليبرالية المنفصلة عن النضال الوطني , وتضاعفت أعداد العاطلين عن العمل من 50 ؟ 60 الفا الى اكثر من 400 الف يسهل استقطاب اعداد منهم اذا توافر الوعد بالسلاح وراتب متواضع سواء للمقاومة او للأجهزة الشرطية أو لتعزيز النفوذ .

لقد طرأت تحولات على اللوحة الفلسطينية وتعقدت , وهي لا تني تشهد تحولات متسارعة وتعقيدات متزايده .أن القبض على السياسة الفلسطينية المستقاه من الحالة الراهنة تتطلب بصيره وحكمة وذكاء بل ان التحدي النظري للعقول المقرره يكمن هنا .

على الأرجح أن المتاح هو إدارة التناقضات الفلسطينية لا حلها , والادارة تتطلب استقراء التحولات والاعتراف بالمتناقضات . ولأن شعبنا بات دون مرجعية واحده او فصيل قائد او زعيم معترف به , فهناك مرجعيات وفصائل وزعامات، من الضروري وفي مصلحة الشعب بأسره والقوى جميعها البحث عن قواسم مشتركة وحسب والسماح لعملية انتخابيه شاملة ينبثق عنها قياده وخط سياسي , ودون ذلك فالفوضى في الطريق وهي تتربص وتتحفز للانقضاض , وما اقتتال غزة سوى بروفة لا اكثر استنادا الى دروس امراء الطوائف في الاندلس وصراعات العائلة الايوبية .

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع