النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود للأستاذ عارف العارف - المجلد الأول - صفحة 15

للفلسطينيين أنفسهم عبء الدفاع عن بلادهم ، على أن تزودهم الحكومات العربية بالمال والسلاح والخبراء العسكريين . ولا مانع من الاستعانة بالمتطوعين من أبناء الأقطار العربية . فإن الفلسطينيين أخلص لقضية بلادهم وأعرف بمداخلها ومسالكها وأقل نفقة من غيرهم لوجودهم في منازلهم واعتمادهم على منتجاتهم في معائشهم وأولى من غيرهم بالدفاع عن ممتلكاتهم وأعراضهم .
وأما الجيوش العربية فيجب أن تبقى مرابطة على الحدود .
تلك هي الخطة التي رسمها الخبراء العسكريون العرب ، وأقرها مجلس الجامعة في عالية في 7 تشرين الأول 1947 . ولكنها استبدلت ، بعد قليل ، بما يناقضها . وكان لبريطانيا دخل في هذا الاستبدال . إذ إنها اعترضت على تسلح الفلسطينيين وتدريبهم واعتبرت ذلك (عملا غير ودي) ضد السلطة المنتدبة التي لم تنسحب من البلاد بعد (1) .
وراح العقلاء من بني يعرب يقولون : كان على الدول العربية أن لا تكتفي بالوقوف على الحدود ، بل أن تأمر جيوشها بعبور تلك الحدود ، واحتلال أكبر جزء ممكن من البلاد .
3 - لم يدع المفتي لحضور مؤتمر عالية . لا ولا دعي أحد من رجالات فلسطين . وفيما كان المؤتمر منعقدًا في فندق طانيوس باغت المفتي المؤتمرين ، ودخل قاعة الاجتماع وكان قد جاء من القاهرة على متن طائرة مصرية . فاستاء لمجيئه مندوب العراق (2) صالح جبر رئيس الوزاء ووكيل وزير الخارجية . وطلب إلى مندوب لبنان رياض الصلح أن يحول دون اشتراك المفتي في جلسات المؤتمر . إلا أن هذا لم يفعل شيئًا . لأنه (أي المفتي) أصبح ضيف لبنان . وخشي صالح جبر أن يصر على رأيه ، لما يتمتع به المفتي من نفوذ في البلاد العربية .
وحاول المفتي إقناع المؤتمرين كي يوافقوا على تأليف حكومة عربية في فلسطين . إلا أن مندوبي العراق والأردن عارضا في تنفيذ هذا الاقتراح الذي من شأنه ـ كما قالا ـ أن يستفز الرأي العام العالمي في هيئة الأمم ، وفي غيرها من البلدان التي تقاوم نشاطه
-------
(1) هذا ما قاله ، مفتي فلسطين ، الحاج أمين الحسيني ، في حديث له نشرته مجلة (آخر ساعة) المصرية بتاريخ 3 حزيران (يونيو) 1953 العدد 71
(2) اقرأ ما جاء عن هذه الزيارة في الصفحة 67 من تقرير (لجنة التحقيق النيابية العراقية في قضية فلسطين) . ذلك التقرير الذي رفعته إلى مجلس النواب العراقي بتاريخ 4 أيلول 1949