فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

سرقة قواعد لعبة تنظيم قاعدة الجهاد - فيزو

النسخة الأصلية كتبت في تاريخ 25 كانون أول، 2015


سرقة قواعد لعبة تنظيم قاعدة الجهاد

مقدمة: الجنرال واين داوننغ (Wayne A. Downing) المتقاعد: "السياسات و الإتصالات الإستراتيجية لا يمكن فصلها عن بعضها..." — تقرير صادر عن مجلس علوم الدفاع الأمريكي ، الهيئة الإستشارية للبنتاغون، عن الإتصالات الإستراتيجية، 2004. مثلما لاحظ مجلس علوم الدفاع الأمريكي قبل عامين، فإن هناك عنصراً أساسياً يتوجب تضمينه في جهود الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب وهو الإتصالات الإستراتيجية المكوّنة من التنسيق في كل من مجالات الدبلوماسية العامّة بين الدول، والشؤون العامّة بينها، ومعلومات عن العمليات العسكرية المكشوفة (والتي تشمل العمليات النفسية) والعمليات العسكرية المًصنّفة على أنها سرية. وصلت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى مرحلةٍ هامة في القتال ضد الإرهاب المُستوحى من الحركة الجهادية في العام الماضي، عندما قررت أنها ستضع ثقلاً أكبر على قتال الجذور الفكرية والأيديولوجية للإرهاب. وبالرغم من هذا التغيير المناسب في الإستراتيجية الأمريكية، فحكومة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، بشكلٍ عام، لا يعرفون مُنتجي هذه الأيدلوجية و القضايا الهامة التي تجمع و تُفَرِّق هذه الحركة؛ المعلومات التي تُشكِّل المفتاح لإلحاق الهزيمة بالحركة الجهادية. اقترح مؤلفونا عدّة طرق للوقوف على هذا النقص الهام لدى حكومة الولايات المتحدة. وإنهم لا يقومون فقط بالمحاولة للإجابة بلغةٍ واضحة على الأسئلة على نحو «من الفاعل؟» و «ما الأشياء؟»، ولكنهم يقومون أيضاً بتحديد طريقة تقليدية جداً لإدراك أجوبةٍ على هذه الأسئلة، والتي حتى اللحظة، تم إغفالها أو توظيفها بشكلٍ ضعيف. و بحسب براكمان ومكناتس (Brachman & McCants) - مُعدّي هذا التقرير -، فإن أحد أفضل الأماكن للبحث عن معلومات متعلقة بنقاط قوة وضعف الحركة الجهادية هي النصوص المكتوبة بيد المنظرين الجهاديين أنفسهم . بالطبع؛ عددٌ من المحللين داخل وخارج الولايات المتحدة يقرأون مثل هذه النصوص لتحصيل نظرةٍ أقرب على التفكير الإستراتيجي لدى تنظيم قاعدة الجهاد، ولكنه بالنظر إلى تجربتي، بأن أكثر النصوص فائدة لم تحظى بالانتباه الكافي. ومِن تلك النصوص التي تحظى بالانتباه، هناك معلومات مفيدة يتم التغاضي عنها؛ وهناك سببين لذلك: 1- هناك نصوص كثيرة جداً. وبالنظر إلى أنه لا توجد حتى اللحظة معايير لتحديد أي الأعمال/النصوص التي تحظى بأهمية داخل الحركة الجهادية، فإن عملية اختيار النصوص تبدو أنها اختيارية ذاتية، بحيث يتلقى بعض المفكرين الصغار انتباهاً أكثر مما يستحقون. بالإضافة إلى أن كثرة النصوص وقلة الدارسين المحللين، يعني أن الفريق الثاني (المحللين) سيقومون بالنظر في النصوص سريعاً بحثاً عن أيِّ معلوماتٍ هامة، ويكون بحثهم مضبوطاً ومُقيّداً بإفتراضاتهم الأوليّة، ولا يتوفر لهم الوقت والمصادر الكافيين للبحث عن معلوماتٍ تتحدى هذه الإفتراضات. 2- فإن أهم المعلومات يتم التغاضي عنها لأن كثيراً من المحللين هم جديدوا العهد بهذا النوع من النصوص، ولا يعلمون عن ماذا يبحثون. وكما يُلاحِظ براكمان ومكانتس؛ فإن القياديين الجهاديين يتكلمون بصراحة وبتوسعٍ شديدٍ ملحوظ عندما يناقشون ما هي أكبر تحدياتهم ونقاط الضعف في علاقاتهم العامّة. وهذا تحديداً النوع من المعلومات المطلوبة لصياغة استراتيجيات فعالة في مكافحة الإرهاب. مُعِدّوا هذه الورقة قدّموا عدة أمثلة متماسكة عن أي المعلومات التي يتوجب البحث عنها، تسهيلاً لغيرهم من الباحثين لاستخدام طريقتهم ذاتها في البحث. وإن كان الجهاديون قد أصابوا في تقييمهم للأوضاع الجيوسياسية والحال في الشرق الأوسط، فإن النشاط الأمريكي العسكري العلني والدبلوماسي سيكون أكثر ضرراً من فائدته في القتال ضد الإرهاب. بالتأكيد، فإن المنظرين الجهاديين الذين يتم دراستهم في هذه المقالة يضعون معظم تركيزهم على العمليات النفسية لاستغلال تحركاتنا بدلاً عن العمليات العسكرية الكبيرة المباشرة. وفهم نقاط ضعف الحركة الجهادية هو الاستهلال الضروري لهزيمتها. وفي هذه المقالة؛ يُقدّم كُل من براكمان ومكانتس الأدوات والتوصيات للقيام بذلك. تمهيد: مفتاح هزيمة الحركة الجهادية هو التعرُّف على مواطن قوتها وضعفها، حتى يتم مكافحة مواطن القوة أو انتقائها، واستغلال مواطن الضعف. وفي هذه المقالة، نقدّم نظرةً تقضي بأن أكثر الناس الذي يعلمون مواطن القوة والضعف هذه، هم الجهاديون أنفسهم؛ ولا يحتاج الشخص إلا لمعرفة أين وكيف يبحث عن هذه الرؤى «الجهادية». يفاجئنا القادة الجهاديون بأنهم صريحون جداً في مناقشة مواطن الضعف في حركتهم وفي إستراتجيتهم لإسقاط النُظُم المحلية وتقويض الولايات المتحدة. وصراحتهم هذه هي مآل النزاع داخل الحركة على القيادة؛ ولهذا السبب يقوم قائد مجموعةٍ ما بنشر نظرته الإستراتيجية للحصول على مجندين تابعين له، وتحقيق سمعةٍ كعالمٍ مُستحقٍ للاحترام في صفوف الحركة. وهذا أيضاً يُعَدّ أحد نتائج نجاح الولايات المتحدة في تدمير معسكرات الجهاديين التدربيبة وسحق كافة الملاذات الآمنة أمامهم. ولهذا اضطر القادة الجهاديون لوضع كافة كتاباتهم على شبكة الإنترنت لتوفير إرشادٍ مستمر لحركةٍ تتميز بوجود أتباعٍ لا يتمركزون مع القيادة. قام أعضاءٌ من الحركة الجهادية بوضع قواعد لعبتهم (كتاب قواعد لعبتهم) على شبكة الإنترنت. وبالتنقيب في هذه النصوص عن إستراتيجات و تكتيكات الحركة الجهادية، ستتمكن الولايات المتحدة من صياغة تكتيكات فعالة وتقنيات و إجراءات لهزيمة أتباع هذه الحركة. وفيما يتبع سنقوم بعرض فعالية هذا الأسلوب عبر تسليط الضوء على هذه الرؤى التي استقيناها من أعمال أربعة منظرين جهاديين معروفين. الرسول و باول كيندي: "يا قوم؛ إن شراسة الجندي الروسي أضعاف ما عند الأمريكي، ولو قُتل لأمريكا عُشر من قُتِل لروسيا في أفغانستان والشيشان لولَّت هاربةً لا تلوي على شيء، وذلك لأن بنية جنود أمريكا والغرب الآن غير بنية جنودهم في حقبة الاستعمار، فقد وصلوا لمرحلةٍ من الترف تجعلهم غير قادرين على تحمل المعارك مدةً طويلة واستبدلوا ذلك بهالةٍ إعلاميةٍ كاذبة." — أبو بكر ناجي، إدارة التوحش، 2004 بالرغم من أننا نريد أن ندّعي الفضل في الكشف عن المنهج الموصوف في الفقرة الأولى، ولكن هذا المنهج قد تم بناء تصورّه بناءً على منهجٍ مشابه مُستخدَم من قِبَل أبو بكر ناجي، و هو أحد النجوم الصاعدة في الحركة الجهادية. في عمله الذي أخرجه عام 2004 المعنون بـ [إدارة التوحش]، حيث حثَّ ناجي إخوانه من الجهاديين على دراسة الأعمال الغربية في الإدارة والمبادئ العسكرية والنظرية السياسية وعلوم الاجتماع، لاستيراد إستراتيجياتٍ أثبتت نجاحها مع الحكومات الغربية وتستطيع كشف نقاط ضعف هذه الحكومات . فعلى سبيل المثال، يحثُّ ناجي قارئيه على دراسة أعمال الإدارة، ليتمكنوا من إدارة المناطق التي تقع في الفوضى السياسية . ويجب أن تتم دراسة المبادئ العسكرية حتى يتمكن الجهاديون من خوض معارك غير متكافئة. ويتوجب أيضاً دراسة أعمال في علوم الاجتماع، خصوصاً حول القبائل في الشرق الأوسط، حتى يتمكن الجهاديون من تحريك الجماعات القَبَلية والعرقية لمصالحهم الخاصة . (يدافع أبو بكر ناجي عن شراء ذمم زعماء القبائل، و يستدل بفعلٍ مشابه قام به الرسول ) . وختاماً يتوجب كذلك دراسة أعمال في النظرية السياسية، حتى يتمكن الجهاديون من التعرّثف على مناطق الضعف السياسي لدى الولايات المتحدة و استغلالها . كما أنه يحثُّ قارئيه على التعرّف و الاستفادة من المصالح الذاتية لحلفاء الولايات المتحدة، ليتمكنوا من فك هذه التحالفات . كما أنه يحثّهُم على دراسة كتب في مآلات التوسعات الإمبريالية. وفي هذا السياق، يقتبس أبو بكر ناجي مباشرةً من ترجمةٍ عربية لكتاب [الصعود والسقوط] للرئيس الأمريكي الأسبَق باول كينيدي (Paul Kennedy): "إن أمريكا تتوسع في استخدام قوتها العسكرية، وتتمدد استراتيجياً أكثر من اللازم وهذا سيؤدي إلى سقوطها ." وبناءً على قراءته لهذه الأعمال وتجربة الجهاديين في أفغانستان، يُبَيِّن أبو بكر ناجي الإستراتيجية لهزيمة الولايات المتحدة؛ أولاً، يُلاحِظ أبو بكر ناجي بأنه بعد صعود قوتين عظمتين بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الشعوب بضمِّ أنفسها إلى تحالفات؛ إمّا مع الولايات المتحدة وإمّا الاتحاد السوفيتي، مقابل الدعم المالي والعسكري . ولم تنجح الحركة الجهادية في الماضي لأن القوى العظمى ساندت هذه الحكومات الوكيلة وأقنعت الشعوب من خلال وسائل الإعلام، بأن القوى العظمى لا تُقهر . والحل، يقوله أبو بكر ناجي، في حثِّ قوةٍ عظمى لغزو الشرق الأوسط مباشرةً. وهذا سيُفضي إلى نصرٍ إعلاميٍّ كبير للجهاديين لأن الناس: 1- سيُعجبون بأن الجهاديين يقومون بقتال قوةٍ عُظمى بشكلٍ مباشر 2- وستغضب الشعوب من الغزو الأجنبي 3- سيتخلصون من فكرة أن القوى العظمى لا تُقهر كلما طال أمد الحرب 4- وسيغضبون من الحكومات الوكيلة المتحالفة مع القوى العظمى الغازية. بالإضافة إلى ذلك، يرى أبو بكر ناجي بأن هذا سيقوم باستنزاف اقتصاد القوى العظمى وقوتها العسكرية . وهذا سيؤدي إلى اضطرابٍ اجتماعي في أراضيهم و الهزيمة الحتمية لهذه القوى العظمى. ولا يعيش أبو بكر ناجي في وهم بأن الجهاديين قادرين على هزيمة الولايات المتحدة في مواجهةٍ عسكريةٍ مباشرة، بل إن الصدام مع الولايات المتحدة هو أكثر أهميةً للنصر الإعلامي في المدى القريب، والهزيمة السياسية للولايات المتحدة في المدى البعيد، عندما يتفكك مجتمعها ويزداد الضغط على اقتصادها. يلاحظ أبو بكر ناجي بأن هذه الإستراتيجية تمَّ استخدامها بفعاليةٍ كبيرة ضد الاتحاد السوفيتي وأنها ستنجح ضد الولايات المتحدة . وبالتأكيد ستنجح بشكلٍ أفضل ضد الولايات المتحدة لأن أمريكا لا تمتلك قساوة وعزم الاتحاد السوفيتي . و بشكلٍ مثيرٍ للاهتمام، لا يُصرِّح أبو بكر ناجي بأن الغزو الأمريكي للعراق قد نجح في إطار هذه الإستراتيجية ولكنه ينصح إخوانه الجهاديين في العراق بالصبر، ويخبرهم بأن النصر قد يأتي في أيَّةِ لحظة . وبمجرد ما تنسحب الولايات المتحدة من العراق، يتنبئ أبو بكر بأن الهالة الإعلامية الأمريكية ستتبدد وستصبح النُظُم المدعومة أمريكياً مُهددة. ويتوجب على الجهاديين عندها أن يستغلوا هذه الحالة بغزو البلاد المجاورة للعراق، وعندها سيتم الترحيب بهم على أنهم محررين . وكما يمتلك ناجي خطةً لاستغلال مواطن الضعف لدى القيادة الأمريكية، فإنه يمتلك استراتيجيةً لتأسيس «الخلافة». وهذه الإستراتيجية المستوحاة من قراءته للأدب الغربي، و تجربته في الشرق الأوسط و تفسيره لمسيرة نبيِّ الإسلام محمد الأولى ، فهذه الإستراتيجية تتكون من مراحل ثلاث. أولاً، على الجهاديين أن يفجرّوا أهدافاً محلية حساسة، مثل مناطق سياحية ومرافق نفطية . هذه العمليات التي تقوم على إغاظة وإرهاق الأنظمة ستدفع بها إلى رفع مستوى الأمان حول هذه القطاعات بالغة الأهمية . وهذا الدفع بقوات الأمن إلى المناطق الحساسة سيكشف فراغاتٍ أمنية في مناطق أو مدناً نائية. والفوضى الناتجة في هذه المناطق سيؤدي إلى ترحيب الشعب بكوادر جهادية تقوم بإدارة الحاجات الأساسية للحياة. وبمجرد ما أحكم الجهاديون سيطرتهم على هذه المناطق، سيقوم «إداريي التوحش» بالتنسيق بين بعضهم البعض والتوجه نحو إعلان الخلافة. (ولا يبدو أبو بكر ناجي واضحاً في كيفية الانتقال من المرحلة الثانية للثالثة) . بالإضافة لتحديده لرؤيته الإستراتيجية، يُفصح أبو بكر ناجي عن مواطن الضعف لدى الحركة الجهادية. وكعضوٍ من تنظيمٍ «إرهابيٍّ» سري، يناقش ناجي المشاكل المتوقعة والتي ستواجه مثل هذا الكيان، مثل الصعوبات في حل سلاسل القيادة، واصطياد العملاء بين صفوف التنظيم، و كبح جماح المُجَنَدين الذين يملكون نزعةً ثوريةً متفجرة . ويُعرِب ناجي كذلك عن قلقه من أن الأعضاء في أسفل الهرم الإداري سيقومون بتوجيه هجماتهم الكبيرة ضد أهدافٍ ذات مكانة عالية. ويرى أبو بكر ناجي بأن الهجومات الصغيرة والمتوسطة لا بأس بها، ولا تحتاج إقرار من القيادة العامة للقيام بها . (و بهذا يقترح أبو بكر ناجي بأنه إن تعرض الجهاديين في دولة للاعتقال، بأن تقوم خلية في دولةٍ أخرى بالرد من خلال تفجير هدفٍ متوسط، وهو الذي سيقوم بدوره بتحسين الإدراك العام بوجود حركةٍ جهاديةٍ عالمية) . ولكن شن هجومات على نحو هجمات 11 سمبتمر مرةً أخرى أو استهدف طبقاتٍ معينة من الناس، هو قرارٌ متروكٌ للقيادة العامة، لأن استهداف الناس الخطأ في الزمن الخطأ سيقوم بتأليب الشعوب ضد الحركة. وهذا التعاطف الذي يُظهره أبو بكر ناجي لمشاعر الشعوب يدّل بأن الرأي العام يُشكِّلُ قلقاً كبيراً له، فخسارة الحركة للدعم الشعبي، فهذا يعني بأن مصدر مُجنديها سيجف وسيصبح إسناد العمليات للأعضاء أصعب. يلاحظ ناجي بأن الجمهور المسلم العام مضطربٌ من إسراف الجهاديين في استخدام العنف ضد غيرهم من المسلمين . ولديهم كذلك قلقٌ من أن الجهاديين سيقومون بشرٍ أكبر من الخير، مما يؤدي إلى خلق فوضى لدى الجمهور (الإسلام التقليدي يضع الاستقرار الإجتماعي فوق كُلِّ شيء) واستفزازٌ لحملاتٍ يتم شنها ضد الأبرياء من جهة الحكومات . و يشير ناجي بأن جزءاً من المشكلة يقبع في أن المجموعات الجهادية في الماضي فشلت بشكلٍ ذريع بتعليل وتفسير هجماتها للشعوب، مما أتاح المجال أمام الأنظمة المحلية لتأليب الرأي العام ضدهم. ومثال ذلك هو فشل «الجماعة الإسلامية» في مصر لتوجيه هجومها على القطاع السياحي، مما سهَّل الأمر أمام الحكومة لاظهار الهجوم ضد الاقتصاد القومي. ولقد كان لهذا تأثيرٌ مدمر على الحركة الجهادية في مصر خلال فترة التسعينيات . ويسرد أبو بكر ناجي بأنه قد تم شلُّ الحركة عبر الاعتقالات التعسفيّة للجهاديين المُشتبه بهم مما أدّى إلى الكثير من العائلات للضغط على أبناءهم لعدم الانضمام . ومما يثير القلق لدى ناجي هو أن اندفاع الحركة الجهادية قد يُمكن إبطائه عن طريق علماء دين يقومون بالتشكيك بشرعية الحركة واستنزاف مجنديهم من الشباب. وبهذا، ينتقد ناجي بشدة السلفيين الرافضين للمشاركة في الجهاد غير المُعلن من قبل وليِّ أمر، وتركيز جُلَّ طاقاتهم على الدعوة «التبشيرية» . ويؤكِّد ناجي بأن «العنف» هو الذي سيدفع الشعوب المسلمة لاختيار الأطراف، من دون الجهات الدعوية السلمية. وبمجرد ما يتم تأسيس الخلافة، يمكن حينها جلب الناس لفهم الإسلام الحقيقي . وبالإضافة لنقده لزملائه السلفيين، يخشى ناجي من رجال الدين من غير السلفيين المشهورين بين الشباب الذين يقومون باستنزاف الدعم للجهاديين. ويذكر ناجي على سبيل المثال؛ «الحبشي» في لبنان، وهو زعيم طريقةٍ صوفيةٍ شعبية وهو يُعرِب عن رغبته كذلك بالمشاركة بالانتخابات البرلمانية. و بحسب ناجي، مقتبساً عن أبي قَتادة الفلسطيني ، فإنه كان من الأفضل قتل الحبشي في بداية مسيرته بدلاً من السماح له بالوصول إلى الشخصية العامة المتنفذة الذي هو عليها اليوم. ومما يُشَكِّل قلقاً أكبر لأبي بكر ناجي هم جماعة الإخوان المسلمين ، ونجاحها في تجنيد الشباب ورغبتها بالعمل مع الأنظمة المحلية، وفعاليتها في تقديم الخدمات الاجتماعية، كل هذا يجعل منها المنافس الأول للجهاديين. نهايةً، يعالج ناجي قضيةً غريبة عن أيِّ حركةً دينية: المذهبية. يُلاحظ أبو بكر ناجي بأن الحركة الجهادية قد انقسمت على خلافات عقائدية. وعندما نأخذ بعين الاعتبار رفض ناجي للدعوة السلمية، يقترح ناجي وضع هذه الخلافات بعيداً حتى تأسيس الخلافة. وعندما يقوم بتدعيم وجهة نظره، يلحَظ ناجي بأن ابن تيمية وعلماء مسلمون من العصور الوسطى يحظون باحترام لدى السلفيين، كانوا يرغبون بالعمل مع حكام لا يتفقون معهم «عقائدياً»، طالما أن هؤلاء الحكام كانوا قائمين بالجهاد دفاعاً عن الأُمَّة. تأثير شيماء: "وقد استغلت الحكومة مقتل الطفلة شيماء رحمها الله، وصورت الحادث على أنه هجومٌ من جماعة الجهاد على الطفلة شيماء وليس على رئيس الوزراء عاطف صدقي." — أيمن الظواهري، فرسان تحت راية النبي، 2001 سيتمكّن القُراء بشكلٍ صحيح من الكشف على عددٍ من التشابهات ما بين أطروحة ناجي والرسالة الأخيرة من أيمن الظواهري لأبي مصعبٍ الزرقاوي: آلام الرأس و سببها المجندين ذوي الحماسة العالية جداً، الخوف من المذهبية، استراتيجية «نقطة الزيت» العكسية، القلق من الحفاظ على الدعم الشعبي، والرغبة بالاشتباك المباشر مع الولايات المتحدة كطريقةٍ لتشجيع وإثارة الشعوب، ورفضه للعنف المتبادل بين المسلمين أنفسهم. وهذه التشابهات ليست لأن الظواهري يقوم بقراءة أفكار ناجي، بل لأن عمل ناجي يُشَكِّلُ نمطَ التفكير لدى القيادة العامة منذ أواخر التسعينيات. وكِلا العَملين أعلنا بشكلٍ صريح عن الفشل الإعلامي للجهاديين في مصر خلال التسعينيات. وبالرغم من ذلك، يتمكَّن ناجي من لعب دور «كرسي المجاهد» بشكلٍ ظريف، بينما كانت هذه الدروس صعبة التعلم بالنسبة للظواهري خلال إدارته لجماعة «الجهاد الإٍسلامي». ومن أكثر دروسه ألماً، كما يذكر الظواهري في كتابه [فرسان تحت راية النبي]، قد تَعَلَّمَهُ بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري عاطف صديقي. قام أعضاء «الجهاد الإٍسلامي» بتفجير سيارةٍ ملغومة في محاولةٍ فاشلة لقتل رئيس الوزراء عندما مرَّ موكبه بجانب السيارة المفخخة. وبدلاً عن ذلك، قَتَلَ الانفجار فتاةً تبلغ من العمر 12 عاماً اسمها شيماء في مدرسةٍ ابتدائيةٍ قريبة. شَنَّت الحكومة بعد ذلك حملةً إعلاميةً تَزعُمُ فيها بأن جماعة «الجهاد الإٍسلامي» قد تَعَمَّدَت استهداف شيماء وليس رئيس الوزراء المصري. يُفسِّر الظواهري بأن أعضاء الجماعة قاموا بمسح المنطقة وظنوا أن المدرسة غير مأهولة. ومع كُلِّ ذلك، يعترف الظواهري بأنه قد تألَّم كثيراً لوفاة الفتاة، ويعترف بأن الحملة الإعلامية الحكومية خفَّضت بشكلٍ رهيب الدعم الشعبي للحركة. كما أن وفاة شيماء أدّت إلى ذهول القيادات العليا، مما أدّى إلى استقالة بعضهم من التنظيم. وهذه الخلفية تُفسِّر كلمات الظواهري التحذيرية للزرقاوي في رسالته الأخيرة، ناصحاً إياه ضد الهجمات التي قد تقوم وبغير عمد بقتل المدنيين المسلمين. وليست الأسباب الأيديولوجية أو العقائدية هي ما وراء هذه النصيحة، بل يقبع وراءئها حساباتٌ براغماتية إستراتيجية محضة. على الشعوب أن ترى الجهاديين على أنهم مُحَرِرِين و ليسوا مُضَطَّهِدين. يجب أن يُرَوا وهم يحاربون في حربٍ عادلة وهم يسلكون سبيل الأخلاق العالية. قتلُ المسلمين وإن كان عند تنفيذ عملياتٍ مشروعة ضد أعضاء غير مشهورين من الأنظمة المحلية أو رموزٍ للاحتلال الغربي، يؤدي إلى إلحاق الضرر بالحركة الجهادية، لأنه سيؤدي حتماً لخسارة الدعم الشعبي، وهو نتيجةٌ نسميها «تأثير شيماء». ابتكار المزيد من المنافسة في السوق السلفية: "لكنّ هذا الرجل (ربيع المدخلي) يكفيه أن يُعلن أنه سَلَفي ليكون إماماً لبعض الصبية الأغرار ممّن تغرّهم الشعارات والعبارات البرّاقة." — أبو قتادة، بين منهجين، 1994 . مُنَظرو الجهاد واضحون فيما يتعلق بالتكتيكات الدعائية، كما أنهم أكثر عرضةً لها، إنهم بالقدر نفسه حاديّن حول مسألة مَن مِن القادة الدينيين المسلمين يجب الخوف منهم بشكل أكبر. يمكن استخراج العديد من الأوراق الدعائية الجهادية المعاصرة كهذه، إلا أن الأعمال القديمة كانت توجيهية بالوقت نفسه؛ فمن الممكن أن لا يُشَكِّل عدواً ما تهديداً بعد اليوم، إلا أنه ومن خلال فهم لماذا كان هذا العدو يشكل تهديداً فيما مضى فإنه يمكننا، بالطريقة ذاتها، البحث، (وربما استثمار) عن تهديدات الأعداء في الحاضر. خذ على سبيل المثال، كتابات أبو قتادة، أحد أكبر منظريّ تنظيم القاعدة . إنهم واضحون فيما يتعلق بمن هو عدو مَن مِن الجهاديين. لقد رأينا مثالاً على هذه الحالة في كتاب أبو بكر ناجي، حين اقتبس هجوم أبي قَتادة على سلطة الحبشي. إلا أن أبا قَتادة لا يحصر غضبه على غير السلفيين؛ في الواقع، فإن أحد أشد انتقاداته كانت موجهةً صوب زملائه؛ على سبيل المثال، فإن كتابه [بين منهجيّن]، عبارة عن سلسلة مؤثرة من المقالات والتي كُتِبَت في عام 1994 (يقتبس ناجي منها مراراً لإعطاء الشرعية لآراءه)، هذا الكتاب يضم مراجع عدة لمنافسي السلفية في ذلك الوقت. في هذه المقالات، من بين السلفيات كانت «سلفية ربيع المدخلي» هي محور غضب أبي قَتادة. احتدم أبو قتادة على ما «سُميَّت بالسلفية» لاعتراضها على مفاهيم جهادية عن القيادة. وأعرب أيضاً عن استيائه من نجاح المدخلي في خداع الشباب للحاق به، ومن ثم استخدامهم جواسيساً للحكومة السعودية للإبلاغ عن جهاديين دخلوا المملكة العربية السعودية بشكلٍ غير قانوني. من الممكن أن نسامح شخصاً لفشله في محاولة فهم لماذا كان أبو قَتادة غاضباً جداً: فالمدخلي ليس معروفاً في الغرب، كما أنه لم يعد ذلك الشخص المؤثر بشكلٍ كبير في المملكة العربية السعودية. في الحقيقة، في تسعينات القرن الماضي، كان للمدخلي تأثيراً كبيراً في المملكة العربية السعودية، (ولازال لديه أتباع كُثُر من المسلمين في أوروبا) . جزءٌ كبير من هذا التأثير استَمَدَّهُ من دعم الحكومة السعودية له، فأثناء حرب الخليج الأولى وبعدها، واجهت الحكومة السعودية انتقاداتٍ حادة من قادة الصحوة (ناشطين سياسيين وهابيين) لأنها سمحت للقوات الأمريكية التمركز في أراضي المملكة، وكان هناك الكثير من مناصري أولئك القادة، خاصةً في أوساط الشباب، وللجم كباحهم، وخطوةً نحو مهادنة سياسية اعتقلت الحكومة السعودية قادة هذه الحركة، ودعمت المدخلي الذي أيّد النظام الحاكم بقوة، والأهم من ذلك، كانت خطوةً فعالة في جذب المُجندين المحتملين في حركة الصحوة، ولا سيما بين الشباب. بعيداً عن دعم الحكومة السعودية للمدخلي، شيئان زادا شعبيته بين الشباب: استخدم أشرطة كاسيت لنشر أفكاره بين الشباب وكان ماهراً جداً ويملك مهارات كبيرة في تشويه سمعة خصومه. على سبيل المثال، كانت إحدى تكتيكاته المفضلة إطلاق لقب «القُطبيين» على الجهاديين بدلاً من السلفيين، وذلك لوجود توافق بينهم وبين المذاهب السياسية لسيّد قُطُب المُفَكِّر الجهادي الرائد الذي أُعدِم من قِبَل الحكومة المصرية في الستينيات. بهذه الحركة جَرَّدَهَم من شرعية إطلاق اسم السلفية عليهم، والتي تعني أتباع الأجداد من السَلَف الصالح، مستبدلاً بذلك فكرة أنهم مجرد أعضاء في طائفة منحرفة. ولبلوغ هذه النتيجة، اعتمد المدخلي تكتيكاً آخر فعال، وهو إجبار الخصم على الاعتراف بأن سيّد قُطُب، ومن اتبع آراءه، صرح عن العديد من التصريحات العقدية كانت تتعارض مع العقيدة؛ بالتالي، فإن أتباعه لاشك هم زنادقة أيضاً. دروس الماضي: "يمتلئ التاريخ بالدروس... والحروب والثورات ليست استثناءً... الفترة التي تلت المأساة قَدَّمَت لنا الوقت الكافي للتفكير ودراسة التجارب الإسلامية والعالمية الغنية والتي تستحق الدراسة... هذه التجارب الغنية التي شملت المجتمعات المسلمة وغير المسلمة تم التحقق منها وتدوينها، مما جعلها سهلة المتناول لمن يرغب الدراسة والتعلم. ومع ذلك، لا أحد قد التفت لها، كان علينا السير في هذا الطريق لكشفه من أجل أنفسنا، ومنه سنتمكن من تذليل الصعاب. آمل أن ننتبه إلى الدروس." — أبو مصعب السوري، ملاحظات حول التجربة الجهادية في سورية ، التاريخ غير معروف. كمؤلف لكتيب ضخم عن المقاومة العالمية، أو كما يسميها «علاج مرض الولايات المتحدة» ؛ مصطفى ست مريم نصار كَتَبَ منهجه في قلب فِكر الحركة الجهادية السلفية اليوم. والمعروف أيضاً باسم: عُمَر عبد الحكيم، قلم الجهاد، كاسترو، وأكثر أسماءه الحركية شهرةً هو أبو مُصعَب السوري. أبو مُصعَب السوري هذا أحد أكبر منظري القاعدة، وكان بعيداً عن شاشات رقابة مكافحة الإرهاب حتى وقتٍ قريب. في الواقع، في رسمٍ بيانيٍّ ضخم يُبَيّن الروابط بين قادة ونشطاء الجهاد لاحظ الكُتّاب في العام الماضي أنه تم النظر إلى السوري على أنه قليل الشأن، حيث يوجد رابط واحد مع ناشط في تنظيم قاعدة الجهاد. في حين أن تحليل مثل هذه الصلة مهمة عند تحديد العلاقات والاتصالات الشخصية، لكنها تفشل في إظهار التأثير الفكري للمنظرين كتأثير السوري . يُعَد أبو مُصعَب السوري مثل أبو بكر ناجي، مراقباً ماهراً للتفكير الاستراتيجي الغربي. وعلى وجه الخصوص، فقد راقب عن كثب الاستراتيجية الغربية لمكافحة الإرهاب، معتبراً أن أبرز معالم هذه الاستراتيجية ما يلي: - تجفيف الينابيع المادية للإرهاب. - قتل وسجن قادة الجهاديين وكوادرهم من الرُتَب الأقل. - إنشاء اتفاقيات متعددة الجنسيات لتسليم الإرهابيين. - إلغاء الملاذات والملاجئ الآمنة للمنظمات الإرهابية. - الانتقال من الإقليمية إلى التعاون الأمني الدولي. توسيع التشريعات القانونية لمكافحة الإرهاب. - إطلاق حرب إعلامية شرسة تهدف إلى التشهير بالجهاديين. السوري تلميذٌ فطن لفشل الجهاد في العصر الحديث. يعتبر السوري أن تلك الإخفاقات حدثت لأسبابٍ عدة: أولاً: تكاتف الأنظمة الإقليمية للعمل ضد الجهاديين. فعلى سبيل المثال عملت سورية مع الأجهزة الأمنية الأردنية والعراقية، ودول الشرق الأوسط الأخرى من أجل شلّ الحركة منذ منتصف الستينات حتى الثمانينات. وأشار السوري إلى أن هناك حملات جهادية أخرى تم إطلاقها في تلك البلدان المجاورة، فقد تم تخفيف الضغط على الجهاديين السوريين، كما تم صرف الأجهزة الأمنية الأجنبية بوصفها أحداثاً داخلية. وعليه، فإن على جهاديِّ العالم البدء بشن هجمات ووضع أُسُس للعمل (مهما كانت صغيرة ( في كُلِّ بلد. وكما صرَّح السوري: "فلا الولايات المتحدة ولا عشرات الجيوش أمثالها سيتمكنون ببضع مئات من القتال في الفلوجة في أنحاء العالم العربي والإسلامي." ثانياً: فشل الجهاديين في الماضي وذلك في تجاهلهم للأقليات العرقية والقبلية. وعليه، اشترت سورية الأكراد والبدو والقبائل، واستخدمتها كورقة ضد الجهاديين. ينصح السوري الجهاديين النظر بمزيد من الاهتمام إلى هذه الأنواع من الأقليات العرقية والقبائل، بحيث لا يكونوا خياراً مطروحاً في المستقبل. في الواقع فإن استخدام أميركا للقوات الباكستانية والأفغانية المحلية وكلاءً عسكريين لها، يمثل ذكرى مؤلمة بالنسبة إلى السوري، حيث يذكر بمرارة «خيانة» بعض القبائل على الحدود الباكستانية حينما انقلبوا على عدد من الجهاديين الذين فرّوا من تورا بورا إلى الأمريكيين . هذه ضربة مدمرة بالنسبة للقاعدة، وكان من الممكن منع حدوثها لو أنها تداركت هذا الأمر ووصلت إلى تلك الجماعات. ثالثاً: أخفقت الحركات الجهادية في الماضي لأن المقاتلين من ذوي الرُتَب الأقل لم يشعروا بالتواصل الشخصي المباشر مع قاداتهم. ونتيجة لذلك، فإن السوري روى أن هناك العديد من الجهاديين تخلوا عن بنادقهم وبدأوا بإيثار مصالحهم الخاصة على التنظيم نفسه، وبعضهم تزوج من السكان المحليين وأنشأ أُسراً، والبعض الآخر ببساطة عاد إلى وطنه. خلافاً للافتراض الغربي الشائع من أن هذا اللوج يُشَكِّل أكثر قليلاً من كونه مجرد ذخيرة للمدافع، يُرَكِّز السوري على غرار ماو تسي تونج (Mao Zedong) على أهمية هؤلاء الجنود كونهم في نهاية المطاف سيحصلون على صفوف المناصب العليا، ليحلوا محل أولئك الذين تم القبض عليهم وقتلهم. لذلك، فإنه يتوجب على هؤلاء المقاتلين أن يتعلموا الرؤية الاستراتيجية الصحيحة في وقتٍ مُبَكِّر ليكونوا على أُهبة الاستعداد من أجل تولي مناصب القيادة العليا. رابعاً: سبب فشل الجهاديين في الماضي يكمن بأن قتالهم لم يكسب تأييداً شعبياً. الجماهير المسلمة لم تعرف من كانوا هؤلاء الجهاديين، وماذا يريدون تحقيقه، ولماذا استخدموا «العنف» لتحقيق أهدافهم. فالجهاديون لم يروّجوا لأنفسهم ولحركتهم بشكلٍ فعال. يجب أن يُنظر إلى الجماهير المسلمة على أنها جزءٌ لا يتجزأ من استراتيجيةٍ أوسع، وإعطاءهم حصّةً من الجهاد، كما يقول السوري. نوّه السوري إلى أن الحملات الدعائية (البربوغندا) ستلعب دوراً محورياً في إنتاج «المقاومة الإسلامية العالمية». ويمكنهم القيام بذلك عن طريق متابعة الحملات الإعلامية العدوانية واستخدام التقنيات مثل الفضائيات والإنترنت لنقل أهداف الحركة/التنظيم وتبرير استخدامها للعنف أمام الجمهور، وخصوصاً للشباب المسلم في جميع أنحاء العالم بحثاً عن طرق للمشاركة. تحذيرات السوري ممكن أن تكون دعائية ضد استخدام الكذب والمبالغة. فكما يقول السوري إن المسلمين المستهدفون سيرون من خلال هذه الأكاذيب وسينمو السُخط ضد رسالة السلفية. أخيراً، يقول السوري إن واحدةً من أكثر الطرق فعاليةً لتعزيز بروز الحركات الجهادية الإقليمية الجديدة هي الحفاظ على فعالية مشاركة العلماء الشرعيين. عانت الحملات الجهادية السابقة من نقص في التفكير الاستراتيجي والشرعية الدينية لانصراف الشيوخ عنها. وعن طريق جعلهم في قلب وجوهر القتال، فإن الحركة ستحصل على الشرعية وعلى القوة الأيديولوجية الضرورية لتسهيل عملية تطوير جيل جديد من عقلاء/حكماء الجهاديين والمجاهدين. على الرغم من وجود دور مهم للقادة الشرعيين في تعليم الجيل الصاعد من الجهاديين، فإن أهم عنصر في تعليمهم يكمُن في ارتباطهم بالجهاد نفسه. في الحقيقة، يبدو أن الغرض الأساسي من الهجمات الجهادية الإقليمية ليس الإطاحة بالغرب، ولكن تدريب وتعليم هذا الجيل الصاعد. (أكّد ناجي والمنظرون السابقون مثل عبد الله عزام على القيمة التوجيهية للجهاد). من هنا، فإن الاكتفاء الذاتي، والحركة الآخذة في الاتساع أو كما يطلق عليها السوري بـ «المقاومة الإسلامية العالمية»، ستولَد بحيث ستجرف النظام القديم وتؤسس لإقامة الخلافة العالمية محلها. الخلاصة: قلنا في بداية هذه المقالة أن النصوص كتلك التي أتى عليها البحث، يمكن استخراجها بهدف بناء الرؤى الاستراتيجية والتكتيكية التي ستُمَكِّن الولايات المتحدة بالتقليل بشكل كبير من قوة الحركة الجهادية. وفيما يلي ملاحظات عامة استندت إلى النصوص أعلاه، كُلٌّ منها يتبعها بعض الإجراءات المحتملة والموصى بها، والتي يمكن للولايات المتحدة أن تتبناها لمواجهة أو استغلال رسائل الجهاديين وأعمالهم : 1. حتى الآن، التورط المباشر للولايات المتحدة مفيد بالنسبة للحركة الجهادية. فكما يقول ناجي، هناك حشدٌ للسكان المحليين خلف الحركة الجهادية، واستنزافٌ لموارد الولايات المتحدة، وضغطٌ على الأنظمة التي تحالفت مع الولايات المتحدة. بينما وعلى العكس، فإنه من السيء للحركة الجهادية أن تعمل الولايات المتحدة بشكلٍ سري أو من خلال وكلاء، سواء كانوا الأنظمة الإقليمية أو القبائل أو الأقليات العرقية، فبالتالي لن يملك الجهاديين شيئاً لحشد الرأي العام ضد الغرب، وسيُنظر إليهم بوصفهم يقاتلون ضد إخوانهم. يجب على الولايات المتحدة تجنُّب العمل العسكري المباشر في منطقة الشرق الأوسط. إذا كان هذا القتال ضرورياً فيجب أن يحدث عن طريق وكلاء كلما أمكن ذلك. رشوة زعماء القبائل، كما يقول ناجي، قد تكون فعالة في بعض المناطق. 2. أصبحت الحركة الجهادية لا مركزية، ومعسكرات التدريب في أفغانستان كتلك التي كانت قبل أربع سنوات لم تعد ضرورية للإعداد العسكري أو العقائدي للمجندين الجدد. لاشك أنها لا تزال ملاذاً آمناً، إلا أن الجهاديين خلقوا بدائل للخدمات وذلك من خلال تقديم التدريب في المناطق الحضرية، بالإضافة إلى شبكة الإنترنت في العالم الافتراضي. وكما كان يتمنى السوري، فإن الحركة الجهادية أصبحت منتشرةً الآن، كحركة مكتفية ذاتياً في المعارك والتفجيرات، الأمر الذي يعتبر أكثر أهمية كوسيلةٍ لتجنيد وتغذية جيلٍ جديد عن أية وسيلةٍ أخرى لها غاية سياسية ما. إن دلَّ ذلك على شيء فإنه يجب أن يدفع الولايات المتحدة أن تكون على بينة من عواقب خلق مسارح جديدة للجهاد، خاصةً في العالم العربي. كما أن عليها إيجاد السبل لإعادة توجيه اغتراب الشباب المسلم، والذي يدفعه إلى الالتحاق بتلك الحركات (سنوضّح في النقطتين 4 و5 سُبُلَ القيام بذلك). 3. على الرغم من أن منظري الجهاد يدركون فائدة الصراع الأبدي على المدى الطويل، فإنهم جادون للغاية حول وضع الدول الإسلامية في المدى القريب. القادة المنظرون مثل الظواهري وناجي لا يفكرون ضمن حدود الدولة القومية/الوطنية. هم يبدون اهتماماً أقل فيما يخص إسقاط الحاكم واستبدال نظامه المرتد بنظام إسلامي، بينما نجد اهتمامهم منصباً على إنشاء جيوبٍ صغيرة في مناطق خارجة عن عيون الأمن وسيطرته في جميع أنحاء العالم. قد توجد هذه المناطق عبر ولاياتٍ عدة، أو أنها قد تكون صغيرة مثل مدينة (الفلوجة على سبيل المثال) أو محافظة (كالأنبار). هذه الجيوب يمكن أن تستخدم كقواعد لتدريب وشنّ هجمات؛ لكنها أهمية تكمن أكثر في كونها نواةً لتنظيمٍ جهادي في المستقبل، وهناك أمثلةٌ حية عن الخلافة. يجب على الولايات المتحدة النظر في استخدام بدائل محلية لمنع إنشاء مثل هذه الجيوب، لمنع انتصاراتٍ تكتيكية ودعائية للجهاد. ويمكنها أيضاً استخدام بدائل لإقامة «مناطق نظام» في المناطق التي يوجد فيها فراغ أمني (أي استراتيجية «بقعة الزيت»، عكس استراتيجية «المناطق المتوحشة» التي تعود لناجي). وهذا من شأنه منع الجهاديين من التقدم، ومن خلق قادة محليين من الممكن أن يشتركون مع الجهاديين بشكلٍ فعال. 4. الرأي العام الإيجابي ضروري من أجل جذب الناس إلى الانضمام أو دعم حركةٍ ما؛ وعليه فإن الدعاية المؤثرة هي أمرٌ مفصلي لنجاح الحركة الجهادية. على العكس تماماً، فإن حركةً ما ستُرفض شعبياً عندما تظهر وكأنها هجوم على إخوانهم المسلمين، مما تسبب إخلالاً بالنظام العام، وإلحاق أضرار في الصناعات الوطنية، أو حتى التورط والسقوط في الطائفية. على حكومة الولايات المتحدة تمويل الحملات الإعلامية والتي تركز على تأليب رأي المسلمين ضد الجهاديين، ولكن بطريقةٍ غير مباشرة. يتعين على الولايات المتحدة استغلال قوة «تأثير شيماء»، من خلال بث صور الهجمات الجهادية التي قتلت الأطفال المسلمين. في ضوء النقاط السابقة الذكر، والتركيز على الآثار الضارة من جراء توجيه عملياتٍ مباشرة للولايات المتحدة في المنطقة، فمن الضروري القول إن على الولايات المتحدة أن تعمل وراء الكواليس. بالتالي، فإن الحملات الإعلامية مثل التي ذكرناها أعلاه يجب أن تدار بعناية من قبل مختصين لاستخدام فعال لبعض استراتيجيات المعلومات والمنظمات التي وظفتها الولايات المتحدة بشكلٍ قوي في الحرب الباردة . علاوةً على ذلك، يتعين على الولايات المتحدة إعادة صياغة جهودها الدبلوماسية العامة غير الفعالة. فمن الصعوبة بمكان إن لم يكن من المستحيل على الولايات المتحدة أن تثير مشاعر مؤيدة لها في الشرق الأوسط من خلال تقديم تصريحاتٍ علنية حول جوهر الإسلام الحقيقي أو فضائل الديمقراطية. يتطلب أيضاً من الولايات المتحدة العمل على حملةٍ دبلوماسيةٍ شاملةٍ متطورةٍ جداً تستخدم بدائل وأصدقاء لتجنب الصورة الحالية حول مثل هذه التصريحات الجوفاء الكاذبة/المزدوجة المعايير، حيث أنها ستولِّد شعوراً سيئاً إلى أبعد حد. غَدَت بعض جهود الولايات المتحدة وقوداً للآلة الدعائية الجهادية ودمرت مصداقية بعض القادة المسلمين الذين حاولوا المساعدة 5. تلعب القيادات الدينية دوراً حاسماً في جذب الشباب إلى حركةٍ ما، من توفير التبرير الديني للعُنف، أو تحديد الاتجاه الاستراتيجي العام لها. إلا أن ذلك سلاحٌ ذو حدين؛ فالقادة الشرعيين غير الجهاديين قادرون على سحب الدعم من الحركة والطعن في شرعيتها. على الولايات المتحدة، أن تدعم بحذر وبشكلٍ سري قادة الحركات التي يمكن أن تتنافس بشكلٍ فعال مع الحركة الجهادية من حيث الجاذبية الجماهيرية والشعبية ضمن أوساط الشباب. ولا بُدَّ القول هنا من أن العديد من المنافسين الفاعلين لن يصبحوا أصدقاءً للولايات المتحدة والغرب؛ إلا أنه إذا كان الهدف محاربة العنف ضد الولايات المتحدة وحلفائها، فينبغي دعمها. تكمن الصعوبة في تحديد القائد الحقيقي أو المجموعة نفسها. يمكن للولايات المتحدة أن تمول بتحفظ بعض الشخصيات السلفية الرائجة كالمدخلي، الذين يعتبرون أكثر فعالية في امتصاص دعم الجهاديين والذين لا يدعون إلى العنف (على سبيل المثال عن طريق الترويج لمنشورات ومحاضرات، ومدارس جديدة). ستكون هذه العملية فعالة على المدى القصير، إلا أنها من ناحيةٍ أخرى ستُثَبِّت الأيديولوجية اللاإنسانية للسلفية التي تستمد الكثير من أفكارها من الحركة الجهادية. تستطيع الولايات المتحدة أيضاً تمويل غير السلفيين، إلا أنها تفتقر حالياً إلى الخبرة اللازمة لتحديد من هو المؤثر حقاً. ربما أفضل استراتيجية على المدى القريب هي الضغط على حكومات الشرق الأوسط لإتاحة المزيد من المشاركة والرؤية السياسية للمجموعات المهددة من قِبَل الجهاديين. يجب أن يختلف هذا النهج من بلدٍ إلى آخر. على سبيل المثال، في مصر سيمثل هؤلاء جماعة الإخوان المسلمين؛ وفي المملكة العربية السعودية الشيعة. مرةً أخرى؛ من الضروري بمكان أن لا يظهر تورط الولايات المتحدة في هذه العملية. 6. يتابع منظرو الجهاد عن كثب الفكر الغربي والتخطيط الاستراتيجي للولايات المتحدة والتي يمكن استخدامها ضد الولايات المتحدة وحلفائها. قد تأخذ حكومة الولايات المتحدة بعين الاعتبار فكرة إنشاء مركز أبحاث للعمل مع خبراء مدربين تدريباً عالياً في شؤون الشرق الأوسط، ومكافحة المقاومة، والتي من الممكن أن يكون هدفها الوحيد التعرف على المفكرين الجهاديين الرئيسين، وتحليل أعمالهم بالطريقة التي ذكرناها أعلاه. ثمرة هذه التحليلات ستنشر وتوزع على الوكالات الحكومية الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب. فالأمر اليوم، معنيٌّ بأن هناك عدداً قليلاً من الوكالات التي لديها هذا النوع من الخبراء. علاوةً على ذلك؛ فإنه عندما يتم تكليف هؤلاء الخبراء بتحليل أنواع معينة من النصوص كالتي استخدمناها أعلاه (وهي مسألة نادرة جداً نظراً لضغوط العمل الأخرى)، هذا التحليل، غالباً ما لا يخرج عن مدار الوكالة الذي نشأ فيه. تُمَثل هذه الملاحظات جزءاً يسيراً من الرؤى الاستراتيجية والتكتيكية التي يمكن استخلاصها من قراءة النصوص المذكورة في هذه المقالة، ناهيك عن مئات النصوص التي يتم تداولها عبر الإنترنت. تَرَكَ منظرو التيار الجهادي قواعد اللعبة مفتوحة... وليس على الولايات المتحدة إلا قراءتها وحسب. *صادرة عن مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية "وست بوينت" *ترجمة: نخبة الفكر **نبذة عن مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية "وست بوينت" أكاديمية (West Point) العسكرية الأمريكية تُخرّج وتوفّر للأُمّة قادة مكلفين ومسؤولين منذ أكثر من مائتي سنة. أُنشئت في عام 1802، وقد تخرّج منها أسماء مثل أيزنهاور (Eisenhower)، وماك آرثر (MacArthur)، شوارزكوف (Schwarzkopf)، داونينج (Downing) وماكافري (McCaffery). أكاديمية ويست بوينت (West Point) تُدرّب وتُعلّم وتُلهم المجندين فيها لخدمة مُكلّفة في الجيش الأمريكي، وعمر من الخدمة المتفانية للأُمّة. وتُقدم أكاديمية ويست بوينت (West Point) لمجنديها تعليم من الدرجة الأولى. جزءٌ من تلك التجربة التعليمية تطوير حس واضح للبيئة الأمنية العالمية المعقدة. مع العمل على توفير فوري لعلم الإرهاب ومكافحته ودراسات مكافحة الإرهاب. أنشئت الأكاديمية العسكرية الأمريكية مركز مكافحة الإرهاب (Combating Terrorism Center) في أكاديمية ويست بوينت (West Point) ضمن دائرة الشؤون الاجتماعية والعلوم. يسعى مركز مكافحة الإرهاب إلى فهم أفضل للإرهاب العالمي والمحلي والتهديدات التي يُشكلها على الأمن القومي، ولتثقيف قادة المستقبل الذين سيكون لديهم مسؤوليات لمكافحة الإرهاب، وتوفير تحليلات سياسية لمساعدة القادة على التعامل مع التحديات الأمنية الناشئة. يُطوّر مركز مكافحة الإرهاب وجهات نظر متكاملة ومتوازنة إستراتيجياً على قضايا الأمن الدولي والقومي. فهو يجمع بين البحث الأكاديمي والسياسة العامة والخبرة العسكرية لإنشاء نهج للبحوث الفكرية و العلمية بعملية ديناميكية تُقرّبه من الإرهاب وفكره. كل مجال من محالات البحث هو أمرٌ حاسم ومهم لفهم طبيعة بيئة الأمن القومي، ويوفر الأُسس اللازمة للتحليلات السياسية المهمة. ويسعى المركز لتطبيق دراسات نظرية وتحليل السياسات بطريقة ذات صلة بسياسات البحث والتعليم في ظل البيئة الأمنية الجديدة. وبهذه الطريقة يُسهّل المركز الفرص التعليمية ويوفّر سياسة تحليل لفهم أفضل للتهديدات التي تواجه اُمّتنا (أمريكا) في هذه الأوقات العصيبة.

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=141224732914830&id=100010819117344

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع