كنت صغيرا وكانت الطريق الى أراضى ال48 داخل فلسطين المحتلة لا تحتاج وقتها لتصريح صهيونى للدخول وكان جدي رحمه الله والكثير غيره من أهالى القرية قد دأبوا على زيارة البلد ( نعليا )أسبوعيا تقريبا وفى هذه المرة قرر أن يصطحبنى معه فركبنا سيارة البيجو تندر الخاصة بأصغر أعمامى وانطلقنا وأنا أكاد أصل قبلهم بل وصلت فعليا ولكن بخيالى من شدة فرحتى المهم لم تستغرق الرحلة سوى وقت قصير حوالى النصف ساعة وصلنا بعدها لأرى قريتى وكانت هذه أول مرة أراها ورغم أننى كنت فعلا صغيرا حوالى ثمان سنوات الا أننى شعرت بالكبرياء والفخر فها أنا فى بلدى وها أنا غير بعيد وأخذت فى استنشاق الهواء الصافى ملئت منه رئتاي فهو عبير الأرض ورائحة الوطن المعطرة بذكريات الأهل ونسمات الذكريات ولا أخفيكم أن ذلك الشهيق لا زال يملاْ كيانى حتى اللحظة رأيت آثار البيوت و بقايا المدرسة والمقبرة وتلة السيرج وأرض البنات وبيارات البرتقال والليمون أكلت عنبا وتينا وقطفت منه قليلا لأحمله معى حال عودتى و الأهم أننى حملت فى ذاكرتى وفى عيناي صورة لن تمحى لعالمى الصغير الذى تركته هناك والذى لابد أننى سأعود اليه يوما ان شاء الله حاملا عزتى وكرامتى أو محمولا على أكتاف أبنائى لأدفن هناك فأنا أصلا من هناك .
شارك بتعليقك