ربما هي أيام ليلحق مبارك بصديقه زين الهاربين حتى يؤنس وحدته ويندبا معا حظهما التعس ، وكذا ستلتحق سوزان مبارك بصديقتها ليلى الطرابلسي وما أدراك ما ليلى الطرابلسي ....!!
إنها لعنات الشعب المحروم و المقهور الذي حوّله مبارك إلى مجموعات من الفقراء المعدومين الذين لا يملكون حتى رغيف خبز على مستوى البشر فمن يفتح رغيف الخبز المصري ربما يجد فيه مسمارا أو حجرا أو برغي أو حتى كائنات حية نعرف بعضها ولا البعض الآخر ، وبرغم ذلك يأكله الفقراء دون الأغنياء بل و تشاركهم تلك الكائنات الغريبة رغيفهم المغموس بالذل والقهر ، وهي لعنات الجيش المصري العريق الذي انتصر لقضايا الأمة في سيناء وغيرها الذي حوّله مبارك لمجموعات تصنع الحِلل والصحون والخبز وحفر التِرع بل هي لعنات أطفال غزة ونساءها وشيوخها والأرامل واليتامى ومن تقطّعت بهم السبل ومن قُطِعت قدماه أو قدماها ومن قتل زوجها أو أبوها أو أبنها من آلة الحقد الصهيوأمريكيمباركية ، الذين تقاسموا أدوارهم بين الحرب والحصار والدعم اللوجستي فلم يجد أهل غزة ملاذا آمنا سوى البقاء تحت أمطار القنابل الفسفورية ضمن حصار أطبق على أنفاسهم يقوده مبارك وزمرته الفاسدة .
المضحك والمبكي في آن ، أن أمريكا التي طالما تغنى بقوّتها ( دي أمريكا يا عم ) ( واللي ميخفش من امريكا ميخفش من ربنا ) ، تخلت عنه وطالبت عبر وزيرة خارجيتها أن يتم تبادل للسلطة بشكل سلمي !!!! يا للمكافأة المؤلمة ، فبعد كل التنازلات والتنسيق الأمني مع اسرائيل وقمعه لشعبه لصالح أمريكا وحصاره لأهل غزة والجدار الفولاذي وعصابات النهب والشفط من رجال الأعمال التابعة له ولأبناءه ، فضلا عن البلطجية والمصلحجية الذين ترعرعوا في نظامه ومن انفخت كروشهم وقروشهم في حكمه ، كل هذا لم يشفع له عند الأمريكان وبكل بساطة تقول كلينتون : إن ما فعله مبارك ليس كافيا !!!!
يا للنهاية الحزينة لزعيم كان يعتقد أن أمريكا وأسرائيل سيحميان نظامه من ثورة الفقراء !!!
ويا لزعيم طالما تشدق بالديمقراطية وهو يعاند إرادة الملايين وهي تطالب برحيله تحت سمع العالم وبصره !!!
المفارقة العجيبة أن الزعيم جمال عبد الناصر وعند هزيمة مصر في 67 ، قال لملايين المصريين آنذك بأنه يتحمل تلك الهزيمة كونه الرئيس وأعلن أنه تنحّى عن السلطة أو عن أي منصب وأنه سيعيش مواطنا عاديّا كباقي المواطنين ....، ولكن ملايين المصريين خرجوا الى الشارع مطالبين زعيمهم بعدوله عن قراره وأن الشعب ما زال يفخر بزعيمهم ويريده زعيما لهم رغم الهزيمة المرة ....!
أما مبارك فلا يزال يتمسك بالحكم ضاربا بأصوات الملايين التي تطالبه بالرحيل عرض الحائط .....!
فأين إذن تلك الإنتخابات التي أجراها بالأمس القريب حيث حصد الحزب الواطي على معظم مقاعده ؟!!!
بل أكثر من ذلك فقد أخذ مبارك يتخلّى عن بعض كبار أركان نظامه كأحمد عز ( ملك الحديد ) وحبيب العادلي وغيرهم ، بتقديمه إياهم كوجبة ساخنة للثوار عسى أن يهدأوا ... ولكن الفقراء يعلمون أن مبارك هو كبيرهم الذي علمهم السحر .....!
ولكن السؤال المهم : ما نوع الآغو الذي يلتصق بكرسي مبارك ؟
أعترف لكم أنه سوال صعب أعياني ولا أجد إجابة شافية له .....!!!
رحم الله حافظ ابراهيم عندما قال في قصيدته " مصر تتحدث عن نفسها " :
أنا إن قدر الإله مماتي ...
لن ترى الشرق يرفع الرأس بعدي ....
كم بغت دولة عليّ وجارت ...
ثم زالت وتلك عقبى التحدي .....
هنيئا لهذا الشعب العظيم الذي صبر على الظلم لعقود خلت ، وهذه الثورة الشريفة التي يقودها الفقراء بعد فشل معظم النخب السياسية والدينية والحزبية ، فهي مرآة الشعوب الحرة التي لا تنام على الظلم والقهر ، وأسأل الله تعالى أن يُحافظ هؤلاء الفقراء على ثورتهم فالمحافظة على الثورة شرطها الأهم وأن لا يسمحوا أن يقطف ثمارها غيرهم كائنا من كان .
ونصيحتي لمعظم حكام العالم : تمسكوا بشعويكم وخففوا عنهم أحمالهم وكونوا لهم عونا في السراء يكونوا لكم عونا في الضراء ، واعلموا أن القمع ومصادرة الحريات والطبقية الإقتصادية وفرض الضرائب على الفقراء دون الأغنياء والشللية والفوقية والفساد وعلاقاتكم الحميمة بأمريكا والغليظة بشعوبكم لن تنفعكم إن تخلت عنكم أمريكا في يوم عصيب كيومي مبارك وبن علي .
ولكم في شافيز – في الوقت الحاضر - أسوة حسنة فعندما تآمرت عليه مجموعات على علاقة بأمريكا وأطاحوا به ، أعادَهُ شعبه الى الحكم معززا مكرما رغم أنف الأمريكان ؟ .
ورحم الله التونسي أبي القاسم الشابي عندما قال :
إذا الشعب يوما أراد الحياة ..... فلا بد أن يستجيب القدر
شارك بتعليقك