فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

الجورة: الحاج كامل راضي يروي لـلقدس حكايته مع النكبة: سنعود حتماً مهما طالت السنين

النسخة الأصلية كتبت في تاريخ 17 أيار، 2009

صورة لقرية الجورة - فلسطين: : الحاج رضوان سليمان امام مخطط للجورة رسمها في بيته الموجود في قطاع غزة. الرجاء اخذ صورة لها افضل واشمل اذا تمكنتم منها أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
غزة ؟ من محمد الأسطل - لم يتجاوز عمره يوم إضطر على الهجرة أكثر من اثني عشر عاماً، لكن تفاصيل رحلة الهروب من الموت المحقق آنذاك. وما تزال ذكريات صعبة تثقل ذاكرته التي يحتاج المرء إلى زمن طويل لتوثيق ما فيها من آلام التشريد ومعاناة اللجوء، معاناة يكاد لا يتوقف الحاج كامل راضي (73عاماً) في الحديث عنها وكأنه ينتظر لحظة النهاية، حتى يعود إلى "الجورة" قريته الهادئة إلا من أمواج البحر المتلاطمة.

ويسكن الحاج راضي في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة في منزل صغير ما تزال تصدعات القصف الإسرائيلي شاهدة على جدرانه، فيما تسير بين أزقة ضيقة قبل الوصول إلى ذلك المسكن الذي يعيش فيه مع أبنائه وأحفاده. يقول: "كان والدي يرفض دائماً أن نضيف أي غرفة إلى هذا المسكن المتواضع يقيناً منه بأن العودة قريبة، فلا داعي لأن نؤسس منزلاً كبيراً ونركته خلفنا طالما أننا لن نطيل المكوث في خان يونس".
ويتابع وابتسامة حائرة تعلو محياه: "سبحان الله كنا نظن أن الهجرة لن تطول أكثر من أشهر ثم اعتقدنا أنها لن تتجاوز السنوات، وها هي تمر 61 عاماً على هذه النكبة من دون عودة". ويستدرك: "لكن مع ذلك فآمالنا لم تنقطع ولو للحظة واحدة بأن موعد العودة لا بد وأن يأتي، فإذا لم يكن في زمن آبائنا أو في عهدنا، فستنتهي قصة اللجوء مع أبنائنا أو أحفادنا، فنحن نسلم أمانة فلسطين جيلاً بعد جيل".

وعلى حائط الغرفة التي نجلس فيها يعلق الحاج راضي خريطة كبيرة لفلسطين، موضحاً عليها القرى التي دمرها اليهود وهجروا أهلها الأصليين منها قبل قيام الدولة العبرية في مثل هذه الأيام من عام 1948، وقبل أن يشير بإصبعه إلى قريته يأخذ نفساً عميقاً وكأنه يتجرع مرارة لن تمحوها السنين ويقول: "الجورة قريتي التي نشأت فيها وتعلمت الصيد والفلاحة مع أبي وأعمامي، هنا كان منزلنا المبني من الطين، وليس بعيداً كان منزلنا الجديد من الحجارة الذي كنا على وشك الانتقال للسكن فيه، لو هجمات الصهاينة التي حولت حياتنا إلى موت يومي".

يتوقف الحاج قليلاً عن حديثه لتسيل دموع الكبار على لحيته البيضاء الكثة عندما يتذكر صور الدماء والمنازل التي تهوي على ساكنيها جراء قصف عصابات اليهود لقريته والقرى المجاورة، وكأن مشهد الأمس لم يتغير عن صورة اليوم، الضحية هي نفسها كما الجاني الذي لم يتوقف عن جرائمه لكن أداة الجريمة تطورت. يقول: "كانت حياتنا تسير في هدوء وسكينة، أذهب مع أبي في موسم الفلاحة للعمل في الأرض، وأساعده في الصيد في مواسمه المتعددة، ونعود إلى البيت لنأكل قليلاً من الطعام الطيب الذي لم أتذوق مثله في حياتي إلى الآن". ويضيف: "فجأة بدء القصف يزداد على وسط القرية، فتهدمت المنازل وهربنا إلى أطراف القرية مع الكثيرين حيث لاحقنا الموت هناك، فاضررنا إلى الفرار نحو غزة مشياً على الأقدام، إلى أن وصلناه ليلاً".

ويواصل حديثه عن تجربه التهجير: "لم نتوقف عند ذلك وفي الصباح توجهنا مشياً إلى خان يونس، حيث صنع لنا والدي كوخاً من عسف النخيل وبقينا فيه لأكثر من سبع سنوات".

ويستذكر الحاج راضي تلك اللحظات بألم، حيث مفردات جديدة طرأت على مفكرة كلماته لم يعهدها من قبل، مثل: "حق العودة والأونروا ولاجئ وكرت التموين ودار الوكالة وغيرها"، ويقول: " بقينا لفترة طويلة نتعامل مع الأونروا وكأنها شيء طارئ ومؤقت لابد وأن ينتهي دورها بعد عودتنا، لكن السنين تمر وتصبح الأونروا كأنها جزء من تاريخ فلسطين".

وقبل أن نغادره يوصي الحاج راضي أولاده بالأمانة التي عادة ما يذكرهم بها قائلاً: "ابقوا على العهد حتى العودة، فأنتم لاجئون في وطنكم، وقريتكم الجورة تنتظركم بفارغ الصبر، فإن لم تعودوا أنتم فانقلوا الأمانة لمن خلفكم". ويودعنا الحاج بنفس الابتسامة التي استقبلنا فيها، وكلمات العودة ما تزال تتردد على لسانه، فيما يحمل بعض الحجارة التي احتفظ بها من مخلفات منزل عائلته التي تفقده قبل نحو العشرين عاماً.

وتبقى حكاية الحاج راضي جزء من قصص دراما اللجوء الفلسطيني، التي تنتظر مخرجاً يجعل نهاية الرواية نهاية سعيدة يعود فيها الأبطال إلى أوطانهم حيث هجروا.


http://www.alquds.com/node/161605

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع