فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

بني نعيم: تتمة شعرية العنب الخليلي

مشاركة ابو ثابت في تاريخ 9 كانون ثاني، 2008

صورة لقرية بني نعيم - فلسطين: : منظر عام للبرية (راس ام الرجوم) أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
تاريخ العنب
يقول المهندس الزراعي طه الشيخ حسن (في موسوعة كرمة العنب )، إنّ الكرمة قد وُجدت على سطح البسيطة منذ العصر الطباشيري أو الكريتاس، حيث ظهر في هذه الحقبة من الزمن، الجنس سيستيس (Cissties)...
وتؤكد الدراسات الحديثة أنّ هذا الجنس يعد الأصل البرّي القديم لجنس الكرمة الموجودة حالياً في العالم، الذي يتبع الفصيلة النباتية إمبيليديا . وترى بعض الدراسات أن الموطن الأصلي للكرمة، هو المنطقة الواقعة في جنوب شرق الأناضول. وهناك آراء أخرى ترى أن موطنه هو المناطق الواقعة على سواحل بحر قزوين والبحر الأسود، وتمتدّ إلى إيران وتركيا وبلاد الشام. ويقول طه الشيخ حسن إنّ هذه المناطق هي الموطن الأصلي للعنب المسمّى ؟يتس ؟ينيفيرا (Vitis vinifera)، حيث أنه من هذا العنب، نتجت كلّ أصناف العنب المزروعة في العالم، وذلك قبل اكتشاف أميركا بقرون طويلة. وقد عرف الإنسان القديم زراعة الكرمة في مصر وبلاد الشام منذ سبعة آلاف سنة، ثم انتشرت لاحقاً في اليونان وإيطاليا. وكان الإنسان القديم، يسمّى الكرمة راكا (Raca)، وتطورت الكلمة، حيث أصبحت لاحقاً في اللاتينية: راسيموس (Racemus)، أي: كرم. ويضيف طه الشيخ حسن، أن الإحصاءات الدولية تشير إلى أن المساحات المزروعة بالعنب في العالم خلال العام 1964-1965، بلغت 0 02,10 مليون هكتار من كروم العنب، وأنّ إنتاج النبيذ في العام 1972، وصل إلى 35473 مليون لتر. وفي إطار توزّع زراعة العنب في العالم، تشير الإحصاءات الدولية إلى أنّ 74% من مساحة الكروم في العالم، موجودة في أوروبا. وتقع إسبانيا، ثم إيطاليا، ثمّ فرنسا، ثمّ روسيا في المقدمة من حيث مساحة الكروم، وإنتاج العنب والنبيذ. ففي إسبانيا، تبلغ مساحة الأرض المزروعة: 470,1647 هكتاراً. أمّا في البلدان العربية والإسلامية، فتبلغ مساحة العنب في: تركيا 000,850 هكتاراً، والجزائر 162,278 هكتاراً، وسوريا 917,73 هكتاراً . أما بلغاريا، فتبلغ مساحة الأرض المزروعة بالعنب 258,195 هكتاراً . وكلها حسب الإحصائية الدولية لعام 1973. ويصل عدد أنواع الكرمة في العالم إلى سبعين نوعاً.
ويصف المهندس طه الشيخ حسن، العنب الخليلي الأبيض، على النحو التالي: نشأ في الاتحاد السوفياتي السابق: الورقة، متوسطة الحجم، لها خمسة أشداف متطاولة قليلاً، ملساء، أطراف الورقة مرتفعة للأعلى، على السطح السفلي للورقة أوبار قليلة إبرية المظهر، الزهرة خنثى. العنقود متوسط الحجم، مخروطي الشكل، الثمار مفردة متباعدة عن بعضها بعضاً قليلاً، الثمرة كروية متطاولة قليلاً، طولها 18-22 ملم، عرضها 12-15 ملم، مضغوطة قليلاً في وسطها، لون الثمرة مصفرّ، القشرة رقيقة وقوية، اللبُّ عصيري قارش، نسبة الأفرخ المثمرة، 60-85%، متوسط عدد العناقيد على الفرخ المثمرة 3,1، ومتوسط وزن العنقود 156 غراماً.

أمّا أعداء العنب، فكُثر: حشرة الفيلوكسيرا، دودة أوراق العنب، دودة البراعم، فراشة ثمار العنب، ثاقبة الخشب المُسننة، حفّار أفرع الكرمة، العناكب الحمراء، خنافس العنب، الدّبور الأحمر، فصيلة الفراشات الليلية، وغيرها، لكنّ أهم أعداء العنب الخليلي، هم الإسرائيليون، الذين يقتلعون أشجار الزيتون والعنب، وكلّ ما هو أخضر في فلسطين المحتلة، بجرّافات ما بعد الحداثة.

سيميائية التفكيك: شعريّة العنب

أولاً: البنية الشكلية

نتأمّلُ الدالية ابنة الكرم: شجيرةٌ ذاتُ بناءٍ حمائيّ، تحيط بعناقيدها، مثل الأمّ الحانية على أطفالها: العناقيد أطفالها، والأغصانُ أنيابها، تتمدّد الدالية في حركتها أفقياً، كأنها تريد امتلاك الكرة الأرضية، وتتمدّد عمودياً نحو السماء، بالتسلّق والتعربُش والتعمشُق، أي تقيم علاقة مع الحائط العالي، والأشجار العالية، مستندةً عليها. وصناعياً، نحن نقوم بمنحها قواعد الاستناد العلوية، بمنحها أسلاكاً عُلوية، أفقية. وتظل رغبة الدالية قائمةً في امتلاك الأرض والسماء، بحنوّ الأم حول أطفالها العناقيد. أمّا الأوراق، فأشكالها ذات طابع زخرفي متعدد الأشكال. أمّا العنقود قطف العنب ، فهو خلاصة الخلاصة، نستطيع رسمه كشيء متفرد في الشكل، له طابع زخرفي، يمتلك توازناً وانسجاماً هارمونياً، والعساليج ضفائر فتاةٍ في ريعان الصبا، تتباهى بقدرتها على التحول من شكل إلى آخر. العُرمشُ هيكل عظمي متشابك متمدّد، أمّا حبّات العنب، فهي ما بعد، ما بعد حيفا ، لأنها خلاصة خلاصة الخلاصة. هي مركز الصفاء الأبدي، تتميز بالنقاء، ووضوح الرسالة، وسُموّها، وتتميز باللدانة، كأنها لا تصلح إلاّ لشفاه فتاة غنوج، هي الصلابة نقرُشها بين أسناننا، أو نمتصّها، فتتوالد اللذّة. أمّا الكرم، فهو سياجٌ لقطعة من السماء والأرض، نكتشف جمالياته من خلال التباين الذي يحيط به قطعة من نوع آخر . وهنا نستخدم منهجية المقارنة بين كرم عنب، أو حقل شعير، أو حقل تفاح. فالتنسيق الكرمي، يختلف عن تنسيق أشجار كرز أو مشمش. بنية الكرم المركزية، ذات طابع تدرُّجي ، لا تعطي نفسها دفعة واحدة، بل تمنح لذّة الاكتشاف، وهي أيضاً، بنية الصعود والهبوط المنسّق. ولكي تصل إلى اللذّة، لا بُدّ من البدء من الجوهر السفلي، لكي تتنامى اللذّة وتتصاعد نحو الأعالي. جمال اللذّة هنا تصاعديّ، يصل إلى القمّة، عندئذ ينفجر العصير. حين نتذكر الكرم، نتذكر مدرّجات الرومان والإغريق. الكرم، الدالية، والعنقود، هي إذن مجموعة من البنيات:

أولاً: تناقض البنية: سينكرونية - ديكرونية، حيث تتعالقُ الأرض بالسماء، فيولّد هذا التناقض، علاقة جديدة، هي الرغبة في الصعود.

ثانياً: البنية الزخرفية: العناقيد، هي الخلاصة ذات طابع زخرفي متعدد الأشكال.

ثالثاً: بنية الصفاء: تمتلك حُبيبات العنب خاصية الصفاء، الذي يوحي بروحانية الانفتاح على محيط لا ينتهي، حيث قد نرسم مدناً بعيدة في الفضاء المتخيّل.

رابعاً: البنية الحمائيّة: تحمي الدالية صغار العناقيد، كأنّها نهود غير مكشوفة، إمّا للرضاعة العصير ، وإمّا أن تكون من أجل لذّة اكتشاف الجمال، حيث العنقود، نهد امرأة. ونلاحظ البنية الحمائية في تمدّد الدالية أفقياً.

خامساً: بنية التدرُّج: صياغة نظام المدرّجات الحبائل ، مسألة تنسيقية في كروم البحر المتوسط، حيث الجبال. هذه التنسيقية، تصاغ بشكل تدرُّجي، يمنح النصّ جمالاً من نوع خاص: كأنك تمسك بمشط لتنسيق شعر مسترسل لفتاة جميلة، فيكون التدرُّج كموجات البحر المتوالية. فالتوالي، هو نواة التدرُّج. ولأن النظام ليس هندسياً تماماً، فإنّ تلك التكسُّرات هي مصدر المتعة.

ثانياً: الصراع الطبقي

يتخذ الصراع الطبقي في مسألة العنب أشكالاً عدة، منها:

1. الريفي، يبذل جهداً شاقاً طيلة العام: يحرث الكرم، ويتأكّد من وجود كل حجر في سلسلة سياج كرمة في مكانه الصحيح، ينسّق الفواصل بين المدرّجات، يقلّم الأغصان الجافة ويُهندس كل شجيرة، يتابع مقاومة أعداء العنب، برشّها بالأدوية المتعددة، يتعذّب في القطاف والنقل من الكرم إلى السّوق، فهو باختصار: صاحب الجهد الأول والأكبر.
2. في العلاقة الطبقية مع السوق، يكون صاحب الجهد الأكبر، هو الأقلُّ، من حيث المنتوج العام وما يعادله من نقود: الشاحنة المستأجرة تأكل حصّتها، والسوق يأكل حصّته، والسمسار يأكل حصّته، والمرابي (في حالة الدين)، يتحكّم في السعر، ويأكل حصّته أيضاَ، فماذا يبقى بعد كل ذلك.

ثالثاً: الهُويّة والتعدّديّة

الهُويّة هي الأصل، ثمّ تجيء التعدّدية عبر التحويل: هناك هوّيتان للعنب الخليلي: الأولى أنه: خليليٌّ، فلسطيني، كنعانيٌّ، متوسطيّ، مرّ عبر وثنية كنعانية نحو المسيحية، ثمّ أعلن إسلامه كما في الخليل، وهو أيضاً مسيحيٌّ عبر نبيذ بيت لحم، حيث مركز المسيحية العربية، التي هي مركز المسيحية في العالم، وهو متوسطيٌّ، حيث يُعتقد أنّ حوض البحر الأبيض المتوسط، هو مسقط رأس العنب. أمّا، الهوية الثانية، فهي، عالمية أممية إنسانية، حيث انتشرت زراعة العنب في آسيا وأوروبا. وكما كانت فلسطين:
مركز الأنبياء: إبراهيم (الخليل)، المسيح (بيت لحم)، محمد (القدس)، وكما كانت فلسطين أيضاً، مركز الأبجدية الأولى في العالم: اللغة الكنعانية، الفلسطيّة، السينائية، التي تفرّعت إلى لهجات: أوغاريت، جبيل، صيدون، مؤاب، وعمّون... ثمّ انتشرت عبر اليونان في شتى أنحاء العالم، فإنّ العنب الإبراهيمي الخليلي هو مركز سلالات العنب، منذ نوعه البرّي؟يتس ؟
ينيفيرا ، الذي تذوّقه الإنسان القديم. كما أنّ تعدّد أنواع العنب في العالم (70 نوعاً)، وتعدد أنواع النبيذ، يجعله فاكهة العالم الأولى، فهو يحمل صفاء البشرية، وتحولاتها نحو اللذّة، وهو يحمل خاصية الإنسان: الوعي الشقيّ، ومقاومة الشقاء باللجوء إلى اللاوعي الانسيابي. وعندما يتجرّأُ الأعداء على العنب الخليلي، بخلعه بجرّافات ما بعد الحداثة، تهتف الجموع في المظاهرات ضدّ الاحتلال، وتعلّق بخطّ جميل على اليافطات، ما يلي:

خليلي.. أنتِ يا عنبِ الخليل الحُرّ.. لا تُثمرْ.
وإنْ أثمرتَ، كُنّ سُمّاً على الأعداء.. لا تُثمر .

الراي
الجمعة 31 اب 2007م

أعلى



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

مقال جميل جدا وممتاز نشم فيه حرقة المنفى ونقرأ ذاكرة قوية عميقة شفافة وحزينة .
 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع