وضعت إشارات المرور بألوانها الثلاث الأخضر والبرتقالي والأحمر لتنظيم حركة السير والمشاة في المدن المزدحمة . ومن يتخطى قواعدها يجد العقاب بانتظاره ، إما بسجن أو غرامة أو سحب رخصة قيادة أو دخول محاكم !!! وحين يرى أحدنا الإشارة الخضراء يشعر بالأمان ويدرك أن له الأولوية في المرور وعبور الطريق . وإن كانت حمراء تأزم الموقف وتسارعت الأرجل الى الفرامل وزاد الحذر والتنبه وأطبق الصمت وأخذت الأعين تحملق في الإشارة مرة وفي الساعة مرة أخرى . وإن صادفتك إشارة برتقالية ... انتابك التردد والانفعال في أن تقف أو تقطع الإشارة ... وكلا الأمرين يودي إلى الهلاك ... فإن ترددت ... خانك من خلفك وطعنك من الظهر ... وباء بوزرك ... وإن تحمست وتابعت مسيرك انطلقت خلفك زوامير الخطر وإعلان حالة الحرب ، علماً بأنها إشارة الأمان ولك الحق في تجاوزها . الحديث عن إشارات المرور يجرني للحديث عن الإشارات المروروية داخل الإنسان ... فداخل كل منا إشارات ثلاث أيضاً . لكنها لتنظيم تصرفاتنا وأعمالنا وشعورنا ... فالإشارة الخضراء إيذان من الدماغ بفعل الخيرات ومساعدة الآخرين وإغاثة الملهوفين ... هي خضراء دائماً لمن تربت نفوسهم على التقوى ومخافة الله . عند باب كل مسكين ويتيم وأرملة إشارة خضراء لمن يريد العبور .... عند كل ثغر مسلم يداس وينتهك إشارة خضراء لمن يبصر أو يرى !!! على كل درب من دروب الحلال إشارة خضراء لمن أراد العفة والتعفف . ومع كل خطوة نحو أي باب من أبواب الحرام وانتهاك محارم الله والتعدي على حدوده نجد الإشارة الحمراء قد نصبت وبان وميضها ... وبين الإشارتين أمور مشتبهات يقف العقل حائراً عندها . إن اختيار المسار الصحيح والاعتدال في التصرف وتحكيم العقل والتمييز بين الخطأ والصواب أمور تجعل إشارة المرور داخلنا تعمل بانتظام دون أن تتداخل الألوان ونصاب بالعشى الليلي ونصبح غير قادرين على تمييز اللون الأحمر من الأخضر ، أو نصطدم بأزمة إشارات تضاف الى أزماتنا الداخلية والخارجية وأزماتنا النفسية والاجتماعية وأزمة الضمير الإنساني وأزماتنا الاقتصادية المتمثلة في البطالة وغلاء الأسعار والمهور ..... وهمس الكلام قول الشاعر : نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
شارك بتعليقك