البيان
2008-07-26 00:14:38 UAE
باراك أوباما في المنطقة العربية.. بانحياز
قبل أن تحط طائرة مرشح الرئاسة الأميركية باراك أوباما في
المنطقة العربية سبقته تصريحاته المنحازة للكيان الصهيوني التي
لا تختلف كثيرا عما كان قد أعلنه من قبل خلال حملته الانتخابية
أمام منافسته السيناتور هيلاري كلينتون، والتي انتهت بهزيمتها.
المرشح الديمقراطي الشاب أراد أن يثبت لمنافسه العجوز الجمهوري
جون ماكين أنه يولي السياسة الخارجية اهتماما خاصا بالإضافة
للقضايا المحلية وتأكيدا على ذلك وتعزيزا لاكتساب خبرات عملية
بدأ الأسبوع الماضي جولة خارجية قبل موعد انتخابات الرئاسة في
نوفمبر شملت المناطق الساخنة وهي: أفغانستان، والعراق، والأراضي
الفلسطينية المحتلة. كما تشمل جولته هذه الدول الحليفة للولايات
المتحدة وهي: فرنسا، وبريطانيا وألمانيا. وفي فلسطين المحتلة جدد
أوباما تأكيده على دعمه غير المحدود للكيان الصهيوني وكان ملتزما
بإطلاق تصريحات ترضي اليهود في كل مكان يزوره داخل فلسطين تصب
كلها في خانة التمسك الدائم بالدفاع عما اسماه أمن إسرائيل وضمان
تفوقها العسكري والاقتصادي على العرب، ووصل به الامر إلى حد وصف
قيام الدولة العبرية بالمعجزة، وقال بالحرف الواحد خلال اجتماعه
في القدس المحتلة برئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز وموجها
كلامه له بالقول: «خلال السنوات الستين منذ إنشاء دولة إسرائيل
كنتم مشاركين بعمق في هذه المعجزة ونحن ممتنون جدا ليس فقط
كأميركيين بل كمواطنين في هذا العالم للخدمة التي أديتموها
لبلادكم».
وشدد أوباما أيضا على تمسكه الدائم بأمن إسرائيل وعبّر عن أمله
بان يكون شريكا فعالا لإحلال سلام دائم في المنطقة سواء كان
رئيسا أو سيناتورا. وهذا الإعجاب بإسرائيل كان قد تحدث عنه
اوباما في وقت سابق عندما اشار بعض المحللين إلى أصوله الإسلامية
واحتمال انحيازه للجانب العربي إذا ما فاز في انتخابات الرئاسة
الأميركية، إذ قال في خطاب ألقاه في مؤتمر للوبي الصهيوني
المعروف باسم إيباك انه بين أصدقاء أوفياء يشاركونه التزامه
القوي على الرابط بين إسرائيل وأميركا غير القابل للاهتزاز لا
اليوم ولا غدا وليس أبدا وان قصة إسرائيل كانت مألوفة لديه منذ
كان في الحادية عشرة من عمره وانه تعلم من رحلة الشعب اليهودي
وتصميمه على الحفاظ على هويته من خلال الإيمان والعائلة والتراث.
واحببنا ان نقتبس هذا النص من خطاب اوباما حتى نبدد الوهم الذي
قد يعول عليه بعض المنساقين في مسيرة التسوية بدعوى احتمال قيام
اوباما بدور منصف وعادل اذا ما تسلم سدة الحكم في البيت الأبيض
في العام المقبل. بل ان اوباما في المؤتمر نفسه كال المديح لقادة
الكيان الصهيوني القدامى في الذكرى الستين لإنشاء الدولة العبرية
وتمنى ان تحتفل إسرائيل بالذكرى ال 600 لقيامها وليس فقط الـ 60،
ومما قاله كذلك إن إعلان تأسيس دولة إسرائيل كان حدثا عادلا
ومطلوبا ومتجذرا في قرون من النضال وعقود من العمل الصبور.
وأضاف انه إذا ما صار رئيسا لأميركا فانه «لن يتهاون ابدا في
مسألة امن إسرائيل وان امن إسرائيل يتجاوز النظام الحزبي في
أميركا وان هذا الالتزام يجب ان يعلن كلما كان امن إسرائيل في
خطر». وقد اغفل اوباما تماما ان قيام إسرائيل العام 1948 كان على
حساب تشريد شعب بكامله انتزعت ارضه منه بالقوة والبطش والقتل
والإرهاب، وما زال حتى الان يعاني من التشرد واللجوء والحرمان من
العودة إلى أرضه والعيش بسلام وامن في دياره.
وتعليقا على عملية الجرافة الثانية التي وقعت في القدس المحتلة
عشية زيارة اوباما لفلسطين المحتلة فقد أدانها خلال المؤتمر
الصحافي الذي عقده في عمان بعد اجتماعه بالعاهل الأردني الملك
عبد الله الثاني. ولحظة وصوله إلى المطار قال اوباما إن «الهجوم
بالجرافة يذكره بأنه علينا أن نعمل بدأب وبإلحاح وعلى نحو متضافر
لدحر الإرهاب»، لكن أوباما لم تذكره عملية الجرافة هذه بما عملته
جرافات الاحتلال الصهيوني من تدمير لمنازل الفلسطينيين وتخريب
لأرضهم ومزارعهم بدعوى إقامة جدار الفصل العنصري والحفاظ على
الأمن.
وحرص اوباما على لقاء اغلب قادة الكيان الصهيوني ومنهم وزير
الحرب إيهود باراك وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو والذي التقاه
في فندق الملك داوود في القدس المحتلة مؤكدا على مواصلة دعمه
للعلاقات بين الجانبين طيلة حياته المهنية، وأشار نتنياهو إلى أن
اوباما تعهد له بعدم اتخاذ أي قرار او خطوة لا ترضى عنها
إسرائيل.
كما زار اوباما النصب التذكاري لما يسمى بالمحرقة مرتديا
القلنسوة اليهودية حيث وضع الزهور في متحف يادفاشيم وهو المتحف
المقام للضحايا اليهود زمن النازية وقد كتب اوباما في سجل
الزوار: «ليأتي أولادنا إلى هنا ويعرفوا هذا التاريخ حتى يمكنهم
ضم صوتهم لشعار لن يحدث ثانية».
ومن مدينة سديروت في النقب والتي زارها اوباما بصحبة وزيرة
الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أطلق تصريحا ناريا وعدائيا ضد
إيران وحركة حماس ومما قاله انه لو كان إسرائيليا لفكر في طريقة
تؤدي إلى منع وصول الصواريخ الفلسطينية اليها، كما أعلن تأييده
لرفض إسرائيل مفاوضة حماس مباشرة لأنه حسب كلامه «من الصعب
بالنسبة لإسرائيل التفاوض مع مجموعة لا تعترف بحقها في الوجود.
وفي المكان نفسه هاجم اوباما ايران بسبب برنامجها النووي، مؤكدا
على ان إيران مع سلاح نووي ستشكل تهديدا كبيرا، وعلى العالم أن
يمنعها من اقتناء السلاح النووي.
وهذه الازدواجية في المعايير لا تغيب عن ذهن أي مراقب نزيه
لموضوع الأسلحة النووية، ففي الوقت الذي يرفض فيه اوباما برنامج
ايران النووي فانه لا ينطق ببنت شفة بشأن المفاعل النووي
الإسرائيلي المقام منذ عقود في ديمونا غير بعيد عن سديروت.
مشاهدات
المحطة الأولى
كانت أفغانستان هي المحطة الأولى لباراك اوباما وذلك للتدليل على
أهميتها بالنسبة لما يطرحه من أفكار بشأن الاحتلال الأميركي لها
حيث تقوم وجهة نظره على تعزيز الوجود الأميركي هناك وزيادة عدد
الجنود ودعم القوات الحكومية الأفغانية في وجه تنامي قوة حركة
طالبان.
وإيقاعها خسائر كبيرة في صفوف القوات الأميركية وقوات التحالف
(ايساف). وخلال اجتماعه بالرئيس الأفغاني حامد قرضاي قال إن
بلاده مستعدة لنقل حوالي 10000 جندي من العراق إلى أفغانستان.
16
في الزيارة الثانية له إلى العراق الذي يرزح تحت الاحتلال
الأميركي، أعلن اوباما عزمه سحب القوات الأميركية من العراق بعد
16 شهرا من وصوله للحكم في حال فوزه في انتخابات الرئاسة في
نوفمبر المقبل.
والتقى اوباما بالرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس وزرائه نوري
المالكي وبعدد من زعماء العشائر وقادة صحوة الأنبار ووعد بتقديم
ملياري دولار إلى العائلات العراقية المهجرة.
موقف متعنت من القدس يدعم الاحتلال
أعاد باراك أوباما التأكيد على موقفه الذي يتمثل باعتبار القدس
عاصمة للدولة العبرية، إذ قال بالحرف الواحد: «لم أغير موقفي
ومازلت أقول ان القدس ستكون عاصمة إسرائيل. قلت ذلك سابقا وها
أنا أكرره. لكنني قلت أيضا إنها مسألة مرتبطة بالوضع النهائي
للأراضي الفلسطينية».
وأوضح مستشار اوباما هذا الموقف من القدس بقوله انه لا ينبغي ان
تقسم القدس بأسلاك شائكة ومعابر.
وهنا يتجاهل أوباما تماما ان القدس الشرقية جرى احتلالها في
العام 1967 وانه لم تعترف أي دولة بما فيها أميركا بقرار الكنيست
الإسرائيلي بقرار ضمها.
إذا كان هذا ما حرص على تقديمه اوباما وتأكيده للجانب الصهيوني
فماذا عن لقائه بالجانب الفلسطيني وردود الفعل الفلسطينية
الرسمية والفصائلية والشعبية من هذه الزيارة؟
لم تستغرق زيارة أوباما إلى رام الله والاجتماع برئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس ورئيس حكومة تسيير الأعمال د.سلام فياض
غير ساعة واحدة حيث بحث الجانبان عملية التسوية المتعثرة بين
الفلسطينيين والإسرائيليين، ووعد أوباما في حال فوزه في
الانتخابات الرئاسية بالعمل بجد من اجل الاستمرار في عملية
السلام.
بشكل عام لم يقدم اوباما شيئا ذا قيمة للفلسطينيين غير كلام عام
عن التسوية وحرصه عليها لذلك فقد أبدى الفلسطينيون عدم رضاهم عن
زيارته ولم يعيروها كثير اهتمام لعلمهم التام انه لم يتطرق إلى
أي جوانب ذات قيمة في مجال المفاوضات المتعثرة وقضاياه الكبرى
الخلافية مع الجانب الإسرائيلي فهو لم يتحدث عن الاستيطان الذي
يبتلع الأراضي الفلسطينية ولا عن المعاناة اليومية للشعب
الفلسطيني تحت الاحتلال في الضفة الغربية .
وتحت الحصار في قطاع غزة ولم يتطرق لجدار الفصل العنصري ولا
للمعابر التي تقطع أوصال الضفة الغربية وتحرم السكان من التواصل
فيما بينهم ولم يشر من قريب أو بعيد لأكثر من 11000 أسير فلسطيني
في السجون الإسرائيلية يقبعون خلف القضبان ويعانون من مختلف صنوف
التعذيب والإذلال.
وبحسب ما قاله الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل
أبوردينة فإن الرئيس محمود عباس وضع اوباما في صورة الوضع
الداخلي الفلسطيني وسير المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وأنه
شدد على ضرورة وقف الاستيطان والاجتياح المتكرر للأراضي
الفلسطينية، وأن أوباما بالمقابل أبدى رغبته برؤية خطوات ملموسة
على الأرض من قبل الجانبين وتحديدا على الأرض الفلسطينية لكي
يشعر المواطن الفلسطيني بان هناك أملاً في عملية السلام.
كما ابلغ اوباما عباس أن تحقيق اتفاقية سلام قائمة على أساس
الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي مصلحة حيوية لأميركا.
وعلى ارض الواقع فان الفلسطينيين لا يبدون خيبة أملهم بما عبر
عنه اوباما من مواقف حول القدس بشكل خاص وعدم دعوته إلى وقف
الاستيطان، أو الاجتياحات، أو فك الحصار عن قطاع غزة. كما اعتبرت
بعض الفصائل الفلسطينية زيارة اوباما تصب نتائجها في خانة الكيان
الصهيوني وانها لأهداف دعائية انتخابية وتمثل انحيازا كاملا
للجانب الإسرائيلي.
أوهام انتخابية
مع كل انتخابات رئاسة أميركية ينشغل العرب بها أكثر من
الأميركيين انفسهم يحدوهم الأمل بقدوم إدارة جديدة تعيرهم
انتباها أكثر من سابقتها أو تقدم لهم بعض ما يحلمون به خصوصا في
مجال الصراع العربي الصهيوني متناسين انه منذ الاعتراف الأميركي
في العام 1948 بالكيان الصهيوني والسياسة الأميركية ثابتة رغم
التغير القادم إلى البيت الأبيض سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا.
هذه السياسة تقوم على الدعم الكامل للكيان الصهيوني عسكريا
وماديا وحتى إعلاميا ومعنويا والعلاقة بينهما تكاد تكون علاقة
عضوية ليس من السهل فكها أو خلخلتها، كما ان القضايا العربية
تكاد تكون في ذيل قائمة اهتمام الرؤساء الأميركيين ولا يتذكرونها
الا قبيل نهاية فترة حكمهم ولا تصحو ضمائر بعضهم الا بعد خروجه
من الحكم مثل الرئيس الاسبق جيمي كارتر الذي يبدي حاليا تفهما
لقضية الصراع العربي الصهيوني ويحاول تحقيق بعض النجاحات والقيام
بدور الوسيط احيانا ولكن دون ان يكون لهذا الجهد أي تشجيع رسمي
أو التزام حكومي.
من ناحية ثانية، فإن السياسة الأميركية عامة تقوم على ضمان امن
«إسرائيل» وحمايتها والدفاع عنها فيما لو تعرضت لأي اخطار كما
حدث أثناء حرب أكتوبر المجيدة عام 1973. وبالنسبة لمرشح الحزب
الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة باراك اوباما
فيمكن اجمال مواقفه السياسية من قضية الصراع العربي الصهيوني ومن
قضايا المنطقة في العناصر التالية:
ـ تأييد الموقف الإسرائيلي من القدس باعتبارها عاصمة موحدة
للدولة العبرية وعدم السماح بتقسيمها.
ـ الدعم الكامل للكيان الصهيوني والحفاظ على الأمن الإسرائيلي
والتفوق النوعي على العرب.
ـ رفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا
منها.
ـ التأكيد على يهودية الدولة العبرية وان إسرائيل دولة لليهود في
الكيان الصهيوني وخارجه.
ـ رفض التفاوض من حركة حماس أو الاعتراف بها واعتبارها حركة
إرهابية.
ـ رفض التفاوض مع حزب الله اللبناني أو الاعتراف به واعتباره
حركة إرهابية أيضاً.
ـ اعتبار سوريا دولة راعية للإرهاب بدعمها لحماس وحزب الله. وفي
هذا المجال اعلن اوباما عن تأييده للغارة التي شنتها الطائرات
الإسرائيلية العام الماضي على موقع شمال سوريا بزعم انه يحوي
برامج نووية.
ـ اعتبار البرنامج النووي الإيراني خطرا يهدد امن إسرائيل والعمل
على منع إيران امتلاك السلاح النووي.
ـ تشجيع الفلسطينيين والإسرائيليين على المفاوضات المباشرة
لتحقيق التسوية السلمية دون مباشرة أي ضغط على الجانب
الإسرائيلي، والتعهد بعدم الاقدام على أي خطوة من شأنها ان تضر
بأمن إسرائيل.
فاذا كانت هذه هي الخطوط العريضة لمواقف المرشح الديمقراطي باراك
اوباما فما الذي يمكن ان يحققه العرب عامة والفلسطينيون خاصة في
حالة وصوله إلى البيت الأبيض؟
ان تحقيق المطالب والأهداف لا يكون بالأماني وانتظار الوعود
البراقة والأوهام، بل يكون بالمواقف الصلبة وباستخدام كل عناصر
القوة والمنعة المتوفرة لدى الارادة العربية وليس ادل على ما
نقول بما تم تحقيقه مؤخرا في عملية الرضوان لتبادل الأسرى ورفات
الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين والعرب التي تمت مع الجانب
الصهيوني والتي ما كانت لتتم لولا ارادة المقاتل اللبناني في حرب
يوليو 2006 في وجه العدو الصهيوني. والتي بفضلها أعيدت للأمة
العربية بعض كرامتها المهدورة.
موسى أبوعيد
[email protected]
جميع الحقوق محفوظة - مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر © 2007
شارك بتعليقك