2008-09-19 00:33:52 UAE
أوسلو في ذكراها
بقلم :موسى ابو عيد
بعد مرور خمسة عشر عاما على توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني يحق لأبناء الشعب الفلسطيني أن يوجهوا سؤالا محددا عما حققه الاتفاق من انجازات وما مثله من سلبيات أيضا خلال تلك السنوات من عمر القضية الفلسطينية.
ومن باب المفارقة ان ايهود اولمرت رئيس الوزراء الصهيوني الذي سيتنحى عن رئاسة حزب كاديما لأسباب تتعلق بالفساد المالي كان قد تولى رئاسة بلدية القدس عام 1993 وهو العام نفسه الذي جرى فيه توقيع اتفاق أوسلو، فما الذي خلفه اولمرت من حقائق جديدة على الأرض الفلسطينية عامة وفي القدس بشكل خاص؟
بداية فان اتفاق أوسلو جرى توقيعه من خلف ظهر الوفد المفاوض الفلسطيني والعربي في مدريد، من خلال قنوات سرية برعاية نرويجية. وبقدر ما شكل اتفاق أوسلو ضربة للعمل العربي المشترك فانه أدى إلى انفراد الجانب «الإسرائيلي» بالجانب الفلسطيني ودفعه لتوقيع اتفاق لا يلبي الحدود الدنيا من الحقوق.
خلال السنوات الماضية عقد الفلسطينيون والإسرائيليون عشرات جلسات المفاوضات وتنقلوا بين العديد من العواصم والمدن ، دون التوصل إلى اتفاق نهائي وشامل لحل الجوانب العديدة للقضية الفلسطينية وكل ما تم الاتفاق عليه يعود الجانب «الإسرائيلي» لتمييعه بإدخاله في متاهات اللجان والتفاصيل، بل والأدهى والأمر انه بعد أن انسحبت القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية، عادت واجتاحتها كلها، وحاصرت القيادة الفلسطينية في رام الله فلم يغادرها رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الا ليعود إليها ليدفن فيها بعد موته في باريس وسط اتهامات بالموت بالسم .
إن الواقع الفلسطيني بعد 15 عاما على توقيع اتفاق أوسلو أكثر مأساوية وسوداوية مما كان عليه قبل الاتفاق ، فالاستيطان الصهيوني ابتلع معظم أراضي الضفة الغربية إلى درجة أن مدينة القدس تكاد تصبح مدينة يهودية ، كما أن جدار الفصل العنصري الذي يلف الأرض المحتلة قطع أوصال المدن والقرى الفلسطينية وعزلها عن بعضها بعضا والتهم معظم أراضيها الخصبة ناهيك عن نهب مصادر المياه.
لقد حاول الموقعون على اتفاق أوسلو تسويقه للفلسطينيين بأنه سينتشلهم من العذاب والقهر الذي يعيشونه تحت الاحتلال ولكن كل هذه المبررات الهزيلة اصطدمت بالواقع السيئ للاحتلال الصهيوني والذي أصبح أكثر شراسة وعنفا فسجون الاحتلال الصهيوني يقبع فيها أكثر من 11500 أسير فيما سياسات القمع والتعذيب الإسرائيلية لم تتوقف لحظة واحدة بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني ناهيك عن هدم البيوت ومصادرة الأراضي واقتلاع الأشجار وإغلاق كل مصادر العيش في وجه الفلسطينيين .
لم تجلب لنا أوسلو إلا المعاناة وضياع سنوات العمر انتظارا للوهم ، فلا الأرض تحررت ولا السيادة تحققت ولا اللاجئون عادوا إلى ديارهم ولا الدولة أعلنت ولا القدس تطهرت من دنس اليهود.
ففي آخر لقاء بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الصهيوني ايهود اولمرت كان الصلف الصهيوني باديا على اولمرت خلال الاجتماع وكان يملي شروطه على الجانب الفلسطيني حيث طرح التوصل إلى اتفاق مبدأ عام او ما يسمى «اتفاق رف» يتم فيه استثناء القدس من المفاوضات وتركها للمستقبل، وكذلك الأمر بالنسبة لقضية اللاجئين فالمطروح هو استيعاب أعداد قليلة تقدر ببضعة آلاف من بين أكثر من 5 ملايين لاجئ يعيشون في الشتات منذ العام 1948 .
ولعل الخروج من هذا المأزق لا يكون إلا بالحوار بين مختلف الفصائل الفلسطينية لوضع حد لحالة الانقسام والضعف الذي يعيشه الفلسطينيون هذه الأيام بالاتفاق على الخطوط الدنيا التي تزيل نقاط الخلاف وتعيد اللحمة لأبناء الشعب الواحد للوقوف في وجه المخططات الصهيونية المتتالية والتي لا تفرق بين فلسطيني وآخر.
جميع الحقوق محفوظة - مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر © 2007
شارك بتعليقك