2007-08-18 02:53:08 UAE
غزة إلى أين؟
بقلم :موسى ابو عيد
تستدعي الأحداث التي جرت في قطاع غزة مؤخرا وقفة ولو أنها سريعة لمعرفة بعض ما تكشفت عنه الحقائق رغم أننا نعتقد أن المخفي أعظم، فاستيلاء حركة حماس على قطاع غزة بالكامل بالقوة وطرد كل ما له علاقة بحركة فتح ومؤسساتها، وما رافق هذه العملية من استخدام السلاح وسقوط قتلى وجرحى لربما لا يعتبر أول مرة يحدث على الصعيد الفلسطيني فقد تم في السابق القضاء على تنظيمات مسلحة صغيرة بالقوة.
فيما وقعت عمليات انشقاق وانفصال بين أبناء التنظيم الواحد أكثر من مرة لدرجة أن التنظيم الأم «فرخ» العديد من التنظيمات الأخرى التي حملت أحيانا الاسم نفسه أو إضافة صفة أخرى للتنظيم الوليد تمييزا له عن التنظيم الأم، وهذا ما تم أيضا في ثورات أخرى عربية وعالمية فكما قيل الثورة تأكل أبناءها.
لكن قبل كل شيء فإننا ضد احتكام أبناء الشعب العربي الفلسطيني للسلاح لحسم الخلافات سواء في السابق أو حاليا أو في المستقبل، فهذا أسلوب مدان كما أن السلاح يجب أن لا يتوجه لغير صدور العدو الصهيوني الذي ما زال يوجه افتك أسلحته إلى صدور أبناء الشعب العربي الفلسطيني دون تمييز بين طفل أو شيخ سواء كان اعزل أو مسلحا وبغض النظر عن الانتماء العقائدي أو التنظيمي.
ما حدث في قطاع غزة وتنازع السلطات ما بين الضفة الغربية والقطاع ذكرنا بما حدث عام 1948 في فلسطين أثناء الحرب العربية ـ «الإسرائيلية» الأولى حيث تقدمت الهيئة العربية العليا بقيادة الحاج أمين الحسيني بطلب إلى جامعة الدول العربية في فبراير بالموافقة على إنشاء حكومة فلسطينية تتولى أمور الشعب العربي الفلسطيني في أعقاب انسحاب قوات الانتداب البريطاني من فلسطين في 15/5/1948 إلا أن الطلب اصطدم بمعارضة صارمة من النظامين العراقي والأردني آنذاك وقدما تبريرات واهية لا تقنع أحدا. كما تم رفض الطلب مرة ثانية بعد شهرين.
إلى أن تم تشكيل حكومة عموم فلسطين برئاسة احمد حلمي عبد الباقي في قطاع غزة في 23/9/1948 وبعد أن تم إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني في منتصف مايو 1948 فيما أخضعت ما عرف بالضفة الغربية للنظام الأردني في أعقاب ما عرف بمؤتمر أريحا في 21/12/1948 وبقيت على وضعيتها هذه حتى احتلالها عام 1967 بينما جرى تهميش حكومة عموم فلسطين رغم شرعيتها الفلسطينية والعربية إلى أن ورثتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1963.
أخشى ما نخشاه مما جرى ويجري في قطاع غزة هو تكريس انفصال القطاع عن الضفة والقدس وتصبح الشقة ابعد بكثير مما قد أصبحت فلسطين نفسها بعيدة عن الحلم الفلسطيني في الداخل والخارج. خصوصا وأننا نشهد يوميا تسارعا للأحداث وتراشقا إعلاميا وبالسلاح أحيانا بين حركتي حماس وفتح لتصفية أنصارهما ومؤسساتهما، كل في مكانه ولصالحه فقط دون مراعاة للمصالح المشتركة لأبناء الشعب الفلسطيني، وأصبحت العداوة بين الطرفين متعمقة وتذكرنا بخلافات وحروب الأوس والخزرج قبل الإسلام وداحس والغبراء وقيس ويمن والقائمة طويلة.
إن الشرعية الوحيدة هي شرعية مقاومة الاحتلال عسكريا والشرعية السياسية مستمدة من صناديق الانتخابات الحقيقية والتي تخضع للرقابة الصارمة وعلى رأس الشرعية الفلسطينية حاليا المجلس التشريعي الفلسطيني في الداخل والمجلس الوطني الفلسطيني المنبثق عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أينما كان في أصقاع الأرض، وللميثاق الوطني الفلسطيني دون اعتراف بتعديله وفقا لاتفاقيات أوسلو المرفوضة من غالبية أبناء الشعب العربي الفلسطيني دون تنازل عن حق العودة أو عن القدس التي ضمتها «إسرائيل» بالقوة في أعقاب حرب عام 1967.
وكلمة أخيرة نرجو أن تكون كلمة سواء تجمع المختلفين إلى صوابهم، وهي دعوة للبحث عن القواسم المشتركة الموحدة لطاقات أبناء الشعب العربي الفلسطيني لا المفرقة له بعيدا عن التشنج أو التخندق في إطار التنظيم الفئوي أو العقائدي.
فلسطين تتسع لجميع أبنائها وهي كما نعرفها على مر العصور وابد الدهر رحيمة بأبنائها رافضة وطاردة للمحتل والمستعمر والغازي، وان كان بعض أبنائها الضالين انحازوا لظروف مصلحية ضيقة للمحتل أحيانا مستندين إلى العجز وقلة الحيلة والاستسلام.
[email protected]
شارك بتعليقك