العودة حق وقدر
في ختام جولات كونداليزا رايس المكوكية التي تذكرنا بجولات هنري كيسنجر وزير الخارجية الاميركية الاسبق الى المنطقة العربية بعد حرب اكتوبر المجيدة قدمت رايس لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس " ابو مازن " شرطين لعقد مؤتمر التسوية في انابوليس بالولايات المتحدة وهما التخلي عن حق العودة والغاء الجدول الزمني للمفاوضات , ولم تستطع رايس تحديد موعد بداية المؤتمر ولا قائمة المدعوين له ولا حتى تحديد البنود التي ستطرح على طاولة المفاوضات في ولاية ميريلاند .
وفي الوقت الذي تجاهد فيه رايس من اجل شطب حق العودة للاجئين الفلسطينين وعدم طرح قضيتهم على المؤتمر القادم فان رئيس الوزراء الصهيوني " ايهود اولمرت يطلق حملة من مدينة اسدود جنوب فلسطين لتنشيط الهجرة اليهودية اليها والى أي مكان شاؤوا في فلسطين المحتلة.
هذا في الوقت نفسه الذي صادقت فيه لجنة التخطيط في الحكومة الصهيونية على استئناف عمليات الحفريات في محيط المسجد الاقصى لاقامة جسر قرب باب المغاربة بالاضافة لمصادرة الكثر من 1600 دونم من اراضي بلدتي ابو ديس والسواحرة شرق القدس المحتلة لربط مستعمرات معالي ادوميم والخان الاحمر وكل الكتلة الاستيطانية هناك وضمها لمدينة القدس الكبرى في مخطط سيؤدي في النهاية الى تهويد عملي وواقعي للمدينة المقدسة .
ترى عن أي سلام وتسوية يتحدثون؟ وعن أي قضايا عالقة سيبحثها مؤتمر الخريف الذي تساقطت اوراقه الواحدة تلو الاخرى قبل انعقاده؟
كيف يحق ليهود العالم وكل من ولد لهم خارج فلسطين بان يستوطن وتمهد له كل السبل وتذلل كل العقبات للقدوم الى فلسطين فيما يحرم العرب الذين ولدوا في فلسطين وعاش اجدادهم فيها لاكثر من اربعة الاف عام وجرى تهجيرهم منها بقوة السلاح والخديعة اكثر من مرة في عام 1948 وعام 1967 وما بعد ذلك ؟
لمن لا يعلم ان عدد اللاجئين الفلسطينيين يزيد عن ثمانية ملايين شخص موزعين في كل اصقاع الارض نصفهم يعيشون في مخيمات لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف وتعرضوا للعديد من المذابح والمجازر منذ نكبتهم في العام 1948 ومنهم من قضى نحبه في صبرا وشاتيلا والوحدات وتل الزعتر ونهر البارد وبغداد وعلى حدود عربية كثيرة في العراق ومصر وليبيا والاردن وما زال الحبل على الجرار. ولم يستطع قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194 والصادر في 11/12/1948 اعادة أي منهم رغم النص على حقهم في العودة الى ديارهم التي شردوا منها .
حق العودة حق مقدس لا يمكن الجدال فيه ولا يمكن لاي كان ان يتخلى عنه او يتنازل عنه وما زال كبار السن يحملون مفاتيح بيوتهم الذي اجبروا على تركها في انتظار عودتهم اليها او تسليمها لابنائهم اذا ما اخذ البارىء امانته وتوفاهم الله خارج فلسطين .
اما اعداد اليهود الذين تركوا ديارهم واوطناهم البعيدة وقدموا الى فلسطين منذ ايام السلطنة العثمانية مرورا بعهد الانتداب البريطاني الى فلسطين الى يومنا هذا فهم في ازدياد مستمر وموجات الهجرة كانت تصل بعشرات الالاف في بعض السنين واكبر موجة تلك التي شهدتها ارض فلسطين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينييات من القرن الماضي ويقدر عدد المهاجرين اليهود حاليا باكثر من خمسة ملايين نسمة ينتشرون في كل فلسطين المحتلة وبعضهم يستوطن الجولان السوري المحتل . وقد استولوا على بيوت واراضي وممتلكات العرب الفلسطينيين ولم يتركوا لهم شيئا الا سلبوه حتى التراث والاثار والهواء . وحتى من بقي منهم داخل فلسطين المحتلة عام 1948 جرى تجريدهم من اراضيهم الخصبة ومحاصرتهم في محيط قراهم ومعاملتهم على انهم اعداء ومطاردتهم في قوتهم وحياتهم واخر ما تفتق عنه الحقد الصهيوني القرار الذي اعتمده البرلمان الصهيوني " الكنيست " بشحب الجنسية " الاسرائيلية " من بعضهم ومحاكمتهم بتهمة الاتصال بالاشقاء العرب. وتجريد عزمي بشارة العضو في الكنيست الصهيوني من حصانته البرلمانية تمهيدا لمحاكمته وسجنه .
لكن وعد الله سيمضي ولن يرعبنا تجمع اليهود في فلسطين فلعل نهايتهم ستكون فيها كما وعد الله في سورة الاسراء والتي تسمى ايضا سورة " بني اسرائيل " بقوله تعالى " فاذا جاء وعد الاخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا"
فلياتوا لفيفا الى فلسطين فعسى ان تكون نهايتهم فيها وما ذلك على الله ببعيد.
موسى ابو عيد
[email protected]
شارك بتعليقك