رسائل سعدات ودويك
بقلم :موسى ابو عيد
في نهاية هذا الأسبوع عقدت في محكمة عوفر الإسرائيلية بالقرب من مدينة رام الله جلسة محاكمة لأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني. وكانت قوات الاحتلال الصهيوني قد اختطفت سعدات من سجنه التابع للسلطة الفلسطينية في مدينة أريحا، وتتهمه بأنه العقل المدبر لاغتيال وزير السياحة الصهيوني رحبعام زئيفي فيما نفى المتهمان بعملية الاغتيال أي علاقة لسعدات في العملية .
اما دويك فقد اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني مع اكثر من 40 وزيرا وعضوا في المجلس التشريعي منذ صيف 2006، والتهمة الموجهة له هي ترؤس كتلة الإصلاح والتغيير التي تتبع لحركة حماس والتي تعتبرها قوات الاحتلال الصهيوني حركة إرهابية.
المهم في الأمر ان من ينظر للمناضلين المعتقلين يدرك مدى صلابتهما وقوتهما في مواجهة القضاة الجلادين رغم ان الشيب اكتسى معظم شعر رأسيهما وذقنيهما ورغم قيود السجان رفضا الاعتراف بشرعية المحكمة الصهيونية او الوقوف أمام القضاة. واعتبرا محاكمتهما محاكمة سياسية وكذلك الأمر اعتبرها المحامي جواد بولص.
وفي تصريحات مقتضبة للصحافيين وجها رسائل مهمة للقادة الفلسطينيين من جناحي السلطة والمعارضة. فقد دعا احمد سعدات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس لعدم إضاعة الوقت في مفاوضات عبثية مع قادة الحكومة الإسرائيلية والتركيز بدلا من ذلك على الوحدة الوطنية، ومن جانبه حث عزيز دويك «ابو مازن» و«ابوالعبد» بإجراء حوار غير مشروط بينهما .
والدعوات الصادقة التي وجهها المناضلان تأتي في وقت هي من أشد الحاجة اليه الأوضاع الفلسطينية، فقبل المحاكمة بيوم واحد انتهى اللقاء بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «ابو مازن» ورئيس الوزراء الصهيوني ايهود اولمرت والذي لم يسفر عن أي انجاز يذكر حيث أعلن الجانب الصهيوني عن تأجيل بحث قضية القدس الى نهاية المطاف .
وكذلك رفض بحث قضية اللاجئين مطلقا ولم يتم بحث الاستيطان ولا المياه ولا الدولة الفلسطينية فيما تطرق البحث المباشرة في تطبيق بنود المرحلة الأولى من خارطة الطريق واستمرار لقاءات اللجنة الثلاثية الفلسطينية - الإسرائيلية - الأميركية المكلفة بذلك، ومن المعلوم ان البند الأول من خارطة الطريق يتعلق فقط بالتزام السلطة الفلسطينية في اتخاذ إجراءات وتدابير أمنية من شأنها حفظ «الأمن الإسرائيلي ومحاربة الحركات الإرهابية والمتطرفة الفلسطينية».
واذا كانت كل القضايا المهمة مؤجلة ولا يجري البحث الا في القضايا المتعلقة بأمن إسرائيل فان وصف سعدات لهذه المفاوضات بـ «العبثية» وصف صائب تماما، ومهما حاول صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية وصفها بغير ذلك، بل انه ذهب ابعد من ذلك عندما أعلن عن الاتفاق مع الاسرائيليين على إبقاء مضمون المفاوضات بين الجانبين طي الكتمان وعدم اطلاع وسائل الإعلام عليه، ولو ان هناك ما يفرح الفلسطينيين لما تركه عريقات طي الكتمان.
اما دعوة المناضلين الأسيرين سعدات وعزيز للالتزام بالوحدة الوطنية فهي ايضا دعوة ما أحوجنا اليها في وقت يتنازع فيه البيت الواحد ولا يتفق على موقف او رأي، ولطالما دعا الملتزمون بالحفاظ على الثوابت الفلسطينية والمدافعين عن الحقوق الفلسطينية بأهمية وحدة الصف الفلسطيني باعتباره الصخرة التي تتكسر عليها كل محاولات العدو الصهيوني للنيل من عزيمة الشعب الفلسطيني .
وتفتيت إرادته وثنيه عن خوض نضاله لتحرير أرضه ونيل حريته الى نزاعات وخلافات جانبية فيما الأرض الفلسطينية تقضم منطقة بعد منطقة وليس شبرا شبرا وفيما القدس تلفها المستوطنات من كل جانب والمسجد الأقصى وكل المقدسات الإسلامية والمسيحية معرضة للدمار والهدم والتهويد. ان اصدق الدعوات والرسائل هي تلك الصادرة من خلف قضبان وزنازين الاحتلال الصهيوني لانها تصدر ممن خبر طبيعة الجلاد الصهيوني ، فهل من مجيب لهذه الدعوات؟
musaabueid@hot mail.com
شارك بتعليقك