يا لروعة المكان وعظمة الزمان لقد خلق الله بدرس وجعل منها شموعا أضاءت على جيرانها من القرى فجعل منهامشاعل تنوير وتثقيف وتعليم وهدايه في زمن عز فيه العلم والمتعلمين , هذه مقدمه فقط لتتعرف بسرعه على روعة المكان وتميزه عن الاماكن العظيمه الاخرى . مع بدايات القرن العشرين خرجت من بدرس كوكبةتنوير تحمل مشاعل المعرفه والتعليم لكثير من البلدات والقرى المجاوره والبعيده أيضا .والجدير بالذكر أن هذه الكوكبهخرجت جميعها من صلب رجل واحد وهو الشيخ الجليل يعقوب عبدالله والد كل من الشيخ عبدالله والشيخ مصلح والشيخ عبدربه وكان الشيخ عبدالله واخيه الشيخ مصلح أول من أمتهن التعليم في بدرس والقرى المجاوره غكان لهم الفضل في نشر العلم والمعرفه بين أبناءبدرس والقرى المجاوره الاخرى , ثم لحق بهم كوكبة جديده من الابناء وهم الاستاذ الفاضل يعقوب عبدالله والاستاذ الفاضل مصطفى عبدالله والاستاذ الفاضل محمود عبدربهحيث كان لهم الفضل في تنشئةجيل جديد أضيف الى الجيل الذي تربى على يد الرواد الاوائل . فما من رجل ناهز عمره التسعين عاماودون في قرية بدرس وقبيه وشقبه ونعلين ورنتيس ودير غسانه وأم الفحم وقلقيليه والحديثه وبيت نبالا ألا ونهل العلم على يد أحد هؤلاء . وما التقيت بأحد ( جاوز عمره الستين ) من تلك البلدان ألا وذكر لي أنه كان أحد طلاب هذه الكوكبه الفاضله التى خرجت من بدرس . وكانوا يلقبون بالخطباء ( تيمنا بخطيب الجامع ) .فهذه الكوكبه التي حملت مشاعل التنوير في زمن ساد فيه الظلام الدامس معظم قرى فلسطين مثله مثل باقي الدول العربيه التي كانت تحت حكم الدوله العثمانيه تستحق أن يكتب عنها وعن تأثيرها في الحياة العلميه والاجتماعيه والنضاليه فيما بعد الكثير الكثير , ولكني أكتفي بهذا القدر من التنويه والتعريف بها لأنتقل الى أمر آخر في روعة المكان وعظمة الزمان . لقد كتب الله لي رؤية بدرس بعد غياب عنها دام ثمانيه وثلاثون عاما (38 ) . غادرتها في عام 1962 وعدت اليها ومعي أبن العم والصديق وليد يعقوب والذي له غائبا عنها نفس مدة غيابي , وكنا بصحبة الاخ الدكتور البروفسور صلاح مصلح يعقوب الشريك والموأسس للجامعه العربيه الامريكيه بجينين . وحتى لانغرق في التفاصيل وصلت أنا وأبن ألعم وليد ألى مشارف بدرس من الجهه الشرقيه ( العقبه ثم ألنوادر ) وبنفس كمية الفرح التي غمرت قلوبنا لدرجة أني شعرت بأني غير قادر على الوقوف على قدماي وبدأت أغيب الوعي قليلا !!! وبعد أن تمالكت نفسي بدأت الذاكره تعمل والذكريات بدأت تتزاحم وبدأت ألاحظ الزائد والناقص , والغائب والحاضر , والمفرح والمبكي , والجديد والقديم , وأول مالاحظته غياب ( ألسدره ) الشجره التي شهدت الحروب الصليبيه وكانت شاهدا على بطولة جيوش صلاح الدين يوم حرر الاقصى . وأقام أهل ألقرية في مكانها المسجد الجديد , ويا ليتهم لم يفعلوا , لقد ضاقت الارض عليهم ولم يجدوا مكانا للمسجد سوى مطرح ألسدره !!!!!! لقد ألغوا تاريخ بدرس وألغو كل شىء جميل حدث تحت ظلالها , هذه السدره حضرت أول حجر وضع في أول بيت أقيم في بدرس . وكل أجيالها مروا من تحتها وتفيأوا بظلالها وحصل تحتها أجمل ما يروى من ملح ونوادر التى لا نزال نضحك عليها ونسعد بها ومنها مثلا نوادر الحج ياسين ( أبو زايد ) ومنها حكاية ( هس فكس ) وهس هو وزير دعاية هتلر أيام الحرب العالميه الثانيه. لقد خلعوها وخلعوا ماضي بدرس كله , وللأسف الشديد أن الجيل الجديد الذي يسكن بدرس الان له كثير من الهفوات والاخطاء المميته , لا يعرف أن المستقبل يبنى على أساس الماضي ,,,,,!!!!! ورأيت الجامع ألقديم وأمامه ألساحه فقبلت كل حجارته وأطلينا برؤوسنا من بوابة أبو داوود لعلنا نرى ( ألدرداسه ) معصرة ألزيت ألقديمه ألذي جاوز عمرها أل 200 عام فلم نجدها , لقد جاء اليهود وأشتروها ( خرده, سكراب ) وشاأت الظروف أن ذهبنا لزيارة أحد أبناء ألقريه ألذين يعملون في مشروع سياحي غرب القريه وداخل منطقة أحراج جميله جدا , فقال لنل أن دراسة أبو داوود ( ألعصاره الاثريه ) قد تم تركيبها هنا وذهبنا لزيارتها , فرأيت شخصا يشرح لسياح أن جدودهم اليهود كانوا من قديم الزمان يستعملون هذه الادوات لعصر ثمار الزيتون , !!!!!! لم يذكروا بدرس ولم يذكروا صاحبها ا أو الذي أشتروها منه . كما يفعلون دائما و يسرقون الشىء ويدعون أنهم أصحابه , ولقد شاهدتهم في غرناطه بأسبانيا يتحدثون عن الاثار العربيه والاسلاميه على أنها آثارهم و!!!!! وهنا يتكرر الخطأ مرة أخري كيف تمكن اليهود من شراء هذا الاثر العظيم وكيف أستطاعوا الضحك على أهل بدرس وكيف لم يمنعوا قرار بيعها و!!!!! هذه أهم حدثين جردت بدرس من قيمتها ألعظيمه ألتي كانت تتربع بهما في ذاكرة الزمن والتاريخ , ألى هنا ولي عودة مع بدرس في ذاكرة الزمن ,,
شارك بتعليقك