فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

دير جرير: للأطفال الذين يموتون وأولئك الذين ينتظرون

مشاركة Hamed Abu Makhou في تاريخ 4 آذار، 2008

صورة لقرية دير جرير - فلسطين: : الطبيعة الخلابة في قرية دير جرير شمال شرق مدينة رام الله تصوير : واجد النوباني أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
للأطفال الذين يموتون بيننا

من هي هذه الطفلة الصغيرة؟
هل يعرفها أحدكم يا أصدقائي؟ إنها ليست دمية.وليست مشهدا مدبلجا في فيلم سينمائي. إنها طفلة صغيرة ربما كانت تلهو مع أفراد أسرتها لحظات قليلة قبل موتها، أرجح ذلك.












هل اسمها هدى أيضا؟ ربما. فلا يهم الاسم كثيرا في مثل هذا العمر خصوصا للموتى، ولكنها تشبه طفلة حية أعرفها بهذا الاسم رأيتها تصرخ مذهولة على شاطئ غزة وهي تدرك ببطء شديد أنها أصبحت وحيدة؟

كانت هدى التي أعرفها (أو على الأقل أعرف اسمها وقصة صورتها) تصرخ مشدوهة وهي لم تدرك بأنها فُجعت بأهلها...... وفجعتنا بصراخها ودموعها.....



هل عرفتم الطفلتان من الصور؟؟ لا؟
قدرت ذلك، فعلى الأقل مثل هذه الصور التي نراها هذه الأيام كثيرة وتكاد تكون متشابهة...حتى أن الوجوه فيها غير واضحة..
هل عرفتموها من شاشات التلفاز؟؟ لا أظن ذلك أيضا ، فنحن حساسون جدا، ومتحضرون جدا، ولا نغامر بصحة أطفالنا النفسية...وذلك بأن نجعلهم يشاهدون مثل هذه الصور على التلفزيون، في غرفهم الدافئة وعلى مقاعدهم الوثيرة.
على كل حال، بالنسبة للكثيرين منا أصبحت هذه الصور مبتذلة لأننا نراها بشكل متكرر وان اختلفت الأسماء والأسباب والأماكن...
أصبحت كثيرة، لدرجة أن بعضها لأطفال رضع.. كيف ماتوا ولماذا؟؟ ربما لا يستطيع أحد أن يبرر ذلك.
من الذي قتلهم؟ وبأي وسيلة؟!! أيضا الأمر أصبح ملتبسا على الكثيرين منا..




فهذا الطفل الرضيع انضم إلى القائمة حديثا..
هو طفل ذكر اسمه محمد كما أرجح.. وحيد والديه؟ ربما .. جاء والديه متأخرا بعد خمس سنوات من الانتظار والتعب والأمل والرجاء.. ربما!!
ولكنه الآن ميت أيضا برفقة أطفال آخرين ماتوا معه؟...
وربما مات معه شيئا ما من قلب أمه التي بكته بحرقة قبل وداعه الأخير، أو من قلب أبيه وهو يحمله سائرا به إلى مرقده الأخير...

كيف مات هذا الصغير؟؟؟
ولماذا؟
وأين؟
ومن الذي قتله؟
أسئلة لا يمكن أن نجيب عليها دفعة واحدة ونخرج بإجابات منطقية، فهي أسئلة صعبة ومربكة. هل صحيح أن الموت واحد؟؟
هل صحيح أنه مختلف بالنسبة للصغار؟
ربما سنختلف بهذا الشأن ونحن لا يجب أن نختلف.
فلكل منا تفسيراته وتجلياته بشأنه.
ولكل منا وجهة نظره!!

ولن نعدم من أحدهم منطقا عقلانيا لتخفيف وطأة الحدث، فالموت نهايتنا جميعا ربما يعلق احدهم...
ثم أليس الفقر في انتظارك أيها الصغير إذ تكبر؟ والبؤس يتربص بك في زوايا الأحياء المتلاصقة حيث تسكن؟؟
أليست الحياة صعبة عليك أيها الصغير في ظل الحصار والصراع؟؟
أليست الحياة عبئا في أيام الاحتراب.. والاغتراب.. والانقلاب؟؟
ألن تكن حملا على والديك وأنت تكبر، وتكبر معك المطالب والحاجيات؟؟

ثم لماذا تخاف من المبيت وحيدا في مقبرة الحي؟؟ ستتعود على ذلك سريعا كما تعودت النوم بين والديك في هذا الشتاء القارص..
وستلهو بالحصى والتراب في ذلك المكان فأنا أرجح بان أمك لم تكن تسمح لك بذلك مطلقا؟
ستلهو بحبات المطر المتسللة إليك من خلال كومة التراب التي تعلوك؟.
وستفرح كثيرا وأنت تمسحها عن جبينك الغض، حتى انك لربما ستحاول الكتابة أيضا، بمدادك الأحمر القاني فلونه سيكون مناسبا جدا على كفنك الأبيض حتى لو كان متسخا قليلا.
هل ستكون ولدا طيبا ومرضيّا؟؟
ألن تزعج أحدا مجددا؟؟ بصراخك المدوي عندما تجوع؟؟ ورائحتك غير اللطيفة عندما تبلل ثيابك؟ هل ستسمح لامك بأن تنام الآن في الليل كما تشاء؟؟ من دون أن تزعجها كما كنت تفعل؟؟
ألن تزعج أحدا مجددا؟ فلربما كنت شقيا ومتطلبا أكثر مما ينبغي.
لا تفكر كثيرا يا صغيري بما قلته لك؟ فانا أخشى بأن هذا الخيار غير متاح لك؟
ولكن أرقد بسلام في غرفتك الجديدةّّّّّ!!!
صغيرة هي؟ ومظلمة؟ وباردة؟
لا عليك يا صغيري فالكثيرون خلفك لا يملكون غرفا ولا أكواخا؟وإذ يملكوها فهي مخيفة وموحشة أكثر من غرفتك هذه...
هل أنت متضايق من هذه العقدة الصغيرة التي لم يفطن أبوك لحلها على كفنك؟ وهل أنت عاتب على أبيك بسببها؟ لا عليك يا محمد فلربما كان في بال أبيك ما يكدر صفوه حينها، لأننا لمحنا دموعا في عينيه لحظتها لم نعرف لها سببا؟
ثم إنها عقدة واحدة.. قيد واحد مرتخ، ألا يفرحك بأنك تخلصت من قيودك كلها دفعة واحدة ولم يبق إلا هذه العقدة الصغيرة؟؟!!
ولا تعتب على أمك يا محمد.
فهي الآن قلقة جدا وخائفة جدا؟
فمن الآن ستخاف أن تنجب بعدك يا محمد؟
ستخاف أن تنجب بعدك في هذه البلاد وبين هؤلاء الناس؟
ستخاف أن تُفجَع بهم كما فُجِعت بك،
ألم تكن لها أملا؟ وفقدتك؟
الم تكن لها ولدا؟ وحيدا؟ وفقدتك؟؟
ألم تكن لها؟؟
ألم تكن لها يا محمد؟؟ وفقدتك؟؟
آه أيها الصغار؟
حتى في موتكم متعبون،
حتى بعد موتكم متعبون..


حامد أبو مخو
وزارة التربية والتعليم العالي/ رام الله
الرابط:
http://www.maannews.net/ar/index.php?opr=ShowDetails&ID=103347



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

انا اسفة كثير كثير
اخ حامد
مقالة معبرة وعاطفية جدا وبها صرخة الم واضحة وجلية تنم عن حس مرهف واحساس بالواقع الى الامام دوما
كلمات معبرة تجسد حالة الطفل الفلسطيني في أرضه ووطنه المسبي، ولكن رغم الموت المنتشر في كل ذرة تراب لن نركع.

ويسلم لسانم يا حامد
(حتى في في موتكم متعبون حتى بعد موتكم متعبون )

ربما لكننا باقون هنا باقون تحت جذور اللوز او منثورين على اوراق الزيتون سيبقى دمنا يصرخ في وجه العالم باقون هنا باقون

والله يحميك
 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع