أسس تحليل الخط
إن عصر العولمة جاء بالكثير من التحديات والمستجدات التي تستلزم بالضرورة الوقوف على خلفية نشأة موضوع تحليل الكتابة, والتي كانت تطورا طبيعيا للنقلة النوعية الإنسانية التي رافقت انتشار الكتابة, فرغم ايجابياتها, جاء موضوع تحليل الكتابة ليساعدنا على مواجهة مخاطر الكتابة التي كشفت خصوصياتنا الدفينة, دون إذننا أو التفاتنا لهذا التطور.
فالحرف هو أصغر جزء تعتمد عليه العملية الكتابية, والكلمة عنوان تقل حروفه وتكثر معانيه، فهي أمانة ومسؤولية يجب معرفة تحملها, بحيث يرسم الفرد تشخيص حياً لسماته الدفينة, والتي يستطيع صاحبها بالصدق والتفاعل الحي مع معطياتها, وإلا فقد تتحول إلى رقيب لينال من حواس الإنسان وغرائزه.
وبناءً على ذلك قررت طرح كتابي لأسس تحليل الخط "فالمكتوب ما منه مهروب", فهو يُمثل حقيقة نعرفها ونرتاح لتجاهلها, رغم يقيننا من حتميتها القدرية أمام الله, وتجليها أمام العبد.
فالإنسان هو النقلة النوعية من الغريزة الفطرية إلى العقل التمييزي حتى غطى عوراته وأزاح الغشاوة عن بصيرته وبصره. يقول الله تعالى في كتابه العزيز "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ........". إن هذا الإعجاز القرآني يحوي في طياته عدة معاني لمفهوم اللباس بمعنى العلم والباطن العميق لنفسيتنا, والذي يتمثل بالضمير الحر للإنسان, الذي منحنا القدرة على مواكبة المستجدات الحياتية عامة والتعليمية خاصة. فرغم النقلة النوعية الحميدة بانتشار الكتابة, إلا أنها عرضت خصوصياتنا الشخصية الدفينة, دون أن نعرف ولا نعترف بمدى شفافيتها, بما في ذلك عوراتنا التي لا نرغب كشفها على الملأ, وما قد تبعها ويتبعها من تخلف شعبنا عن مواكبه حضارة الشعوب.
يقول الله تعالى "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ".
لقد سبقتنا شعوبا كثيرة, ونحن ما زلنا في غفلة تتبعها غفلة .. وحسره يتبعها ندم, نظن عيشنا دائمٌ ونعيمٌ, لا ندري كم هو ناقصٌ وسقيم, ومدى استسلامنا لجهل الجاهلين, حتى أتقن الآخرين سلوك الإسلام أكثر من العرب المسلمين, في فرائض التعلم ومساعدة الآخرين. فكيف نترك باطننا يبين, في خطوطنا على الورق شاهدين, ونحن في خبر كان تائهين.
الوقت يداهمنا والعمر يسرقنا, ونحن نملك الرغبة والقدرة في التعلم والعطاء, فلما لا نشحذ الخمائر المتعطلة, ونحميها من التحجر والجمود, وأتمنى من الله أن يدفعنا في سبيل نشر العلم وحب التعلم, من امة تستحق الريادة والسبق الحضاري, في رؤية مستقبلية متفائلة لمواجهة المتغيرات المتفاقمة, والاتجاهات التربوية العالمية المعنية بتطور أنماط التفكير, والأخذ بالأسباب, لنمتلك الوسائل الفعالة لتغيير هيكل المجتمع وهوية أفراده وسماته الثقافية, فالعلم صيد وتدوينه قيد.
فهيا بنا نقوى عزائمنا, لنزيل الغشاوة العائقة في سبيل التعرف على موضوع تحليل الخط, وتأكدوا انه ليس بذاك السحر أو التنجيم, إنما يحتاج قليلا من استقطاب القوى في التعلم والاجتهاد لتشفي الحقائق, واكتشاف طاقاتنا الكامنة واستغلالها, وذلك للتساوي والتحاور في انتهاز الفرص السانحة إلى حين, ونستنير بقوله تعالى " واعدو لهم ما استطعتم من قوة" ليس بالمعنى الظاهر لمجابهة الأعداء المرئيين, بل لكي نجيد التعامل مع مستجدات العصر, والتفاعل مع الأحداث التي لم نعهدها من قبل.
إن علم تحليل الخط, لم يشيع استعماله في اللغة العربية, رغم انه قد أصبح محور اهتمام شرائح واسعة من العالم المتحضر, باعتباره من أقوى التعبيرات الموثقة للتعبيرات اللفظية, فرغم حداثة هذا العلم, إلا انه بات من الأمور الضرورية في حياتنا اليومية, وذلك لسهولة استنباط ميول الأفراد وطباعهم ووضعيتهم, سواء كان ذلك لتعديل شخصيتهم أو تحسين تدريجهم عند التقدم بطلب وظيفة رسميه, أو الالتحاق بالتعليم الجامعي, وتوجيهم إلى العلوم أو المهنة المناسبة لهم, أو لغرس القييم التربوية لدى أبنائنا
يسرني أن أقدم لكم نبذة يسيرة للتعرف على علم تحليل الخط والاستفادة منه في طريقكم لمواجهة احد مستلزمات العصر, وآمل من الله العلي القدير أن يوفقني بتنفيذ الحديث الشريف خيركم من تعلم العلم وعلمه, فكل إنسان يستطيع تعلم كيفية الرجوع إلى معجم أساسيات هذا العلم كما حاولت وضعها بقالبين: لوائح مختصرة تعطي الفرد رؤية مبسطة لأساسيات تحليل الخط, ومن ثم التعمق في المواضيع التي يرتئيها, ليكتسب بعض المهارات الأساسية, أو لتعديل أسلوبه الكتابي, وحتى محاولة تعديل باطنه ومظهره, فالحديث الشريف يقول: عليكم بحسن الخط فإنه من مفاتيح الرزق.
شارك بتعليقك