امتداد سكان كفر ثلث إلى السهل الساحلي وتكوين خريش:
يذكر الرواة من كبار السن أن السهل الساحلي الفلسطيني شهد حالة تراجع سكاني من العرب أيام الحروب الصليبية ؛سببه تعرض المناطق الساحلية من فلسطين للخطر المباشر من الحملات والغزوات الصليبية. كما أن الجبال كانت توفر ملاذاً للاختباء عند الشعور بالخطر، هذا ناهيك عن وجود المستنقعات، والمسماة بـ " البصة "، ومنها بصة الفالق قرب قرية أم خالد العربية غرب طولكرم ( مكان مستعمرة نتانيا الحالية )، وبصة قتورية غرب جلجولية.
ويذكر بعض الرواة أن صلاح الدين الأيوبي، أدرك النقص الذي أصاب سكان فلسطين في هذه المنطقة؛ فشجع العراقيين، والسوريين، والمصريين ؛ ليسكنوا في البلاد.
كما أنه كافأ الجنود والضباط بأن أعطاهم إقطاعات من الأرض بدلا من الرواتب النقدية، وكان هذا الإقطاع سبباً في عودة روح الحياة إلى الأرض، وتعميرها والتوطن البشري فيها من جديد ، ومن هذه الإقطاعات، وقف أراضي جلجولية للشيخ حسام الدين البسطامي ( ).
ثم جاء الظاهر بيبرس فأقطع أراضي المنطار والقصير من أراضي كفر ثلث لأتابك الدين الفخري، وكذلك خربة برنيقيا جنوب جلجولية( ).
و حتى لا تبقى المستنقعات تشكل خطراً على سكان المنطقة، و نظرا للحمى التي أحدثتها البعوض، و فتكت الملاريا بأعداد كبيرة من الناس، قام صلاح الدين بفتح المبازل والقنوات وتسهيل مرورها إلى البحر المتوسط ( ).
ومما لاشك فيه أن تحرير عكا، وزوال الخطر الصليبي في عهد السلطان الأشرف خليل بن قلاوون، دفع العرب القاطنين في الجبال إلى النزول إلى السهل الساحلي للإقامة والتعزيب والاستقرار قبالة قراهم غربا، وليس مجرد استغلالها في العمل الزراعي الموسمي، أو الرعي فيها.
رغم أن الأخطار والغزوات داهمت فلسطين على مر العصور، إلا أن منطقة السهل الساحلي كانت أكثرها عرضة للتهجير، والرحيل، بسبب وجود أهمية الجبال الإستراتيجية في الحروب القديمة. وفي الوقت الذي يزول فيه الخطر الداهم، يعود الفلسطيني ليعمر الأرض مرةً أخرى، كما أن وجود المستنقعات، وانحباس المياه عن التصريف إلى البحر المتوسط. جعل الحياة مستحيلة مع البعوض والملاريا.
ظلت حركات الهجرة مستمرة تدفعها عوامل مختلفة في فلسطين ؛ فجاءت عشيرة أبي كشك البدوية من منطقة بئر السبع، لتستقر في المنطقة الواقعة بين جلجولية والمويلح ويافا، ثم سكنت عرب الجرامنة غرب قرية جلجولية.
وسكن العمريون الذين ينسبون أنفسهم إلى عمر ابن الخطاب في منطقة الحرم سيدنا علي. وتسابقت القرى الجبلية الفلسطينية القريبة من السهل الساحلي، لتطل بامتدادها إلى البحر المتوسط، وقد دفعتها خصوبة تربته، وأهميته في الزراعة، ومنها الذرة البيضاء لغرض الحصول على الطحين، وتوفير الحشائش والأعشاب، لإطعام الدواب، وللاتصال مع المدن الهامة يافا، واللد، والرمله وغيرها من الأسباب.
وهذه قائمة بالقرى وامتداداتها ـ على سبيل المثال لا الحصرـ، ومنها: امتدت أراضي دير الغصون غربا إلى خربة بير السكة، ووصلت أراضي قرية ذنابة إلى وادي إسكندر ودبة القرايا، وتمددت طيبة بني صعب، فكانت لها عزبة فرديسيا.
وأنشأت قرى عزون، وجيوس وكفر عبوش خرباً، وسميت بأسمائها، مثل: غابة عزون، وغابة جيوس، وغابة العبابشه. وغابة عزون تقع غرب كفر سابا، وهي موقع روماني قديم سمي برويسون أو تبصر.
واختار أهالي كفر ثلث الجهة الغربية من أراضيهم للتعزيب، وأطلوا على نهر العوجا، وبعد تعزيبهم في خريش والزاقور استقروا فيها. كانت خريش والزاقور خربتان، وفيهما من الآبار وجارة الباء القديمة، مما شجع على الإقامة فيهما( ).
وانتقل بعض سكان حجة، وباقة الحطب، وكفر ثلث إلى طيرة بني صعب، وسكن أهالي مسحة كفر قاسم، وسكنت حمائل قراوة بني حسان قرية كفر برا، وامتدت أراضي كفر الديك إلى جوار مجدل الصادق في وادي العرب في حين، وصلت أراضي دير بلوط إلى نهر العوجا، ومثلها كفر ثلث، وبديا، وهكذا دواليك.
لقد دلني البحث أن عملية الانتشار، والتمدد، والتعزيب ثم الاستقرار.ظلت في تواصل على مدارات التاريخ الفلسطيني وحلقاته المختلفة، ويلاحظ أن عملية التعزيب ثم الاستقرار شملت مواقع كانت معمورة في عهود مختلفة، سواء أكانت كنعانية، أو ورومانية، أو إسلامية مبكرة .
كانت سكنى وإقامة بلدة كفر ثلث متواصلة ومستمرة، وقد امتدت إلى الخرب المحيطة بها، وفيها أقامت حمائل القرية في فترات مختلفة، كانت أولى حمائل البلدة. حمولة سكنتها في عهد الروم مثل: الجماعة الغرابة، والبشايرة، ثم قدمت إليها حمائل: الرابي، وعودة، وشواهنة، والشملة، والرابي ، وضمن هذه التفاعل مع الأرض والإنسان تكونت خرب، ومنها: الزاقور، وخريش، ورأس عطية، ورأس طيرة، الضبعة، الأشقر، المدور، سلمان، واد الرشا.
شارك بتعليقك
الصيدلاني جمعه ابو زر___ عرب الجرامنه_المويلح_يافا
الاردن _جرش_صيدلية جمعه