فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

خربة قيس: عندم تحكي العيون!

مشاركة جميل عبود في تاريخ 7 تشرين ثاني، 2010

صورة لقرية خربة قيس - فلسطين: : منظر عام أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
عندما تحكي العيون !
العنوان الفرعيّ
مـا الـذي أبـكـى شـجـرة الـزيـتـون ؟
المحتوياتأقلّالمزيد
رابط دائم لهذه المقالة:
رابط
عــبــود، جــمــيــل. عندما تحكي العيون ! [الإنترنت]. النسخة 33. Knol. ٢٠١٠ أكتوبر ٢٩. متوفرة من خلال: http://knol.google.com/k/جــمــيــل-عــبــود/عندما-تحكي-العيون/2y7zrrja8ahtw/63.
مراجعبريد إلكترونيطباعةالمفضلةإضافة هذه الصفحة
--------------------------------------------------------------------------------




كانت تسمى زيتونة واليوم تسمى عرقوباً!


غادرتهم مُسافراً، وهم يجلسون، ويأكلون، ويشربون، ويدخنون، ويتسامرون، وينسجون سِلالهم، ويلعبون الورقوالمنقلة والسيجة والمدفونة تحتها.

يقطفون من ثمارها قبيل أن تنضج ويصنعون منه "زيتوناً أخضراً"، وعندما ينضج يصنعون منه "زيتوناً أسوداً" يُزينون به موائدهم.

إذا ضاقت عليهم الدنيا بخيراتها، أخذوا من ثمارها ما يشوونه ويعصرونه ويسمونه "زيت البدودية"، وعندما يأكلونه يتذوقون فيه رائحة الشواء اللذيذة.

وقد يهرسونه ثم يضعونه في الماء الساخن، فيطفوا الزيت على سطح الماء، فيجمعونه ويسمونه "زيت الطفاح" وعندما يأكلونه يشعرون بحرقة مُحببة على اللسان.

أما إذا احتاجوا إلى الدفء في الشتاء، فهم يقطعون من ساقها وأغصانها وأوراقها "حطباً" ويُشعلون النار فيما يقطعون، ثم يضيفون "جفتها" لتبقى النار دائمة الإشتعال فتنبعث الحرارة للجميع وتخلصهم من برد الشتاء.

أما إذا احتاجوا إلى أوعية ليحفظوا فيها ما يعجنون وما يأكلون وما يشربون "الباطية والكرمية والمغرفة"، فإنهم يقطعون من جذورها ويصنعون منها ما يحتاجون.

إذا بدأ الملل يتسرب إلى حياتهم، يصنعون من جذورها أيضاً "الغليون" ليُدخنون، و"الشِّبابة" ليدبكون ويَفرحون ويُفرحون، و"الهاون" ليدقون به قهوتهم التي يشربون، ويصنعون من ساقها "المنقلة" التي بها يتسلون.

أما إذا احتاجوا إلى ملاعبة أطفالهم فيصنعون لهم من أغصانها "السقير والمرتى والكورة" ليلعبون، ومن ثمارها يخترعون لعبة "المدفونة" التي بها يسلون ويتسلون، ومن "عجم ثمارها" لمسابحهم يصنعون.

أما إذا احتاجوا إلى "عصا أو عبية أو ذيال" لهش أغنامهم، أو لإخافة ما يستخدمون من دوابّ في حياتهم اليومية، أو ليتكئوا عليها، أو لحملها والتفاخر بها ـ فقد كان المرء في الماضي يُعرف من عصاه، لا من سيارته كما هو حاصل الآن ـ أو أقطف الثمار العالية التي لا تطولها الأيدي فمن أغصانها يقطعون ويصنعون.

ومن بين أغصانها تنطلق زقزقة العصافير وتغريد البلابل وهديل الحمائم ، ويأتمنها الطير فيضع عشه بين أغصانها العالية فتحفظه لا بل تحافظ عليه، ومن الطير من هو أشد حذراً من غيره، فيحفر بمنقاره الحاد ساقها، ويضع فيه عشه، دون أن تئن أو تشكو أو تتألم.

حتى النحل يضع ملكته وعسله وشمعه أمانة عندها، فبعُلوّها تحافظ عليه وتمنع الأعداء من الوصول إليه أو التمكن منه، وتلجأ لها بقية الحيوانات صيفاً وتحت ظلالها يقيلون، ويربطون في ساقها دوابهم فتحافظ لهم عليها من الهروب.

وأما أوراقها عندما تسقط على الأرض، فتكون سماداً عضوياً لأرضهم التي بها يزرعون، وعندما يجمعونها يستخدمونها زبلاً لـ"طوابينهم" التي بها يخبزون ويشوون ويطبخون، ومن "سكنها" يسمدون أرضهم، وفيها بالشتاء يجلسون.

وعندما ينضج ثمرها يعصرونه ويستخرجون منه زيتاً فيه شفاء للناس، ويضعونه بقناديلهم لإزالة الظلام من حولهم أو من حول قبور أولياء الله الصالحين التي يضيئونها في بعض المناسبات الخاصة أوالعامة.

أما إذا احتاجوا المال فيبيعون خشبها وثمارها وزيتها وزيتونها وجفتها وأرضها ويجمعون منه ثرواتهم. فهل عرفتم من تكون هذه الشجرة العظيمة؟ إنها شجرة الزيتون المباركة.

عدتُ بعد غياب دام ثلاثين عاماً، فوجدتها تبكي حالها، سألتها ما الذي يُبكيك يا شجرتنا المباركة؟ فأجابتني ودمعُ العين يسبقها، لقد انعدم الوفاء بين الناس في غيبتك، فقد غيّروا اسمي وأصبحوا يُسمونني"العرقوب" أي شجرة بدون أوراق، أغصاني قليلة، ساقي نحيفة، جذوري مات معظمها، وأصبحت قليلة لا تستطيع حملي، لا طير ولا نحل يحوم حولي، ولم يعد أحد يجلس تحتي ، وتركوني وحيدة، ولم يعد أحد يريد ثماري، وعندما أصبحت بحاجة إلى من يسندني ويرعاني تحوّلوا عني إلى شجرة أخرى كانت أمامي صغيرة، واليوم أصبحت كبيرة.

فقلت لها: لا تحزني، إني أريدك أن تفهمي أن مصيرك هذا هو: مصير كل حيّ في هذه الحياة. ما دام يُعطي فالجميع حوله، والكل يطلب ودّه ورضاه. فالإنسان ياعزيزتي، عندما يكون قويّاً، فإن الناس يضعون عنده أماناتهم، وأسرارهم، وحكاياتهم، ويتمنون التحدث معه، وإضحاكه، ولا يكتفون بابتسامه منه، بل يريدونها قهقهة، ويُحاولون الاستفادة من كل أشيائه، ابتداء من اسمه، ومروراً بممتلكاته، وانتهاءً بوفاته.

فعليك عزيزتي أن تتعلمي من الإنسان ولا تحزني، فالإنسان عندما يصبح "عرقوباً"، ويفقد السيطرة على جسمه، ولم يجد من يساعده، ويشعر بضعفه، ولا يجد من يُسنده، ويُريد أن يتكلم، ولا يجد من يسمعه، وينتظر ردّ الجميل ممّن حوله، ولا يجد من يُقدّره، عندها يكتشف أنه قد أصبح عبئاً على من حوله، فيصمت لسانه، وتتكلم عيونه، ويبدأ بمراقبة من حوله، مُستعرضاً ماضيهم، واحداً تلو الآخر، لكنه لا يستطيع تذكيرهم بماضيهم عندما كانوا ينتظرون منه ولو ابتسامة، وسرعان ما يكتشف أن الأبعد عنه اليوم، كان بالأمس هو الأقرب إليه، لكنه كان قد أخطأ في تصنيف من حوله، ولا يستطيع الرجوع ثانية، لكنه يستطيع أن يغمض عينيه عن الشخص الذي خذله.

نظرتُ إليها بعد أن سمعت كلامي، وإذا بها قد عادت إلى الحياة ثانية، كما عرفتها خضراء يانعة، وتدلت أغصانها، واشتد ساقها، وانغرست في الأرض جذورها وقالت: لا أريد منكم أن تعطوني مثل ما أخذتم مني، فأنا خلقت للعطاء، لكن أريد منكم الوفاء فقط، فأولادكم ليسوا مثلكم، فهم قد نسوا أن العرقوب يعطيهم الفرصة لكي يمارسوا إنسانيتهم، ويكتشفوا من خلاله صدقهم، ويطبقوا ما يتبجحوا به ليلاً نهاراً، بأنهم أتقياء صالحون. لا شيء أشد إيلاماً في النفس من أن يكون العرقوب في مواجهة الموت، وكل من حوله غير عابئين به.


جميل عبود

تشرين أول / أكتوبر 2009


[email protected]

[email protected]عمليات الإرسال للمجموعة: عندما تحكي العيون !« الرجوع إلى عرض المجموعةليست هناك عمليات إرسال لهذه المجموعة.
التعديلات المعلقة للمقالات في هذه المجموعة: عندما تحكي العيون !« الرجوع إلى عرض المجموعة
التعليقات
كتابة تعليق جديد ▼



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

قصه رائعه جداّ
 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع