باب الشمس (فلم-مناسب لسن 16 وما فوق)
|
|
82 دقيقة و 4 ثانية
بيروت: سوسن الأبطح
إنهم يأكلون البرتقال بشراهة وكأنهم منه لا يشبعون، يقشرّونه بالأصابع، يبتلعونه بنهم وعصيره يقطر من أفواههم. إنه برتقال فلسطين الذي أتت بشتلة منه أم حسن إلى لبنان بعد أن فقدت بيّارتها وأرضها وبيتها، ولم تبق لها من تلك الأيام إلا نكهة البرتقال. هذا المشهد الرمزي الذي يفتتح به المخرج المصري يسري نصر الله الجزء الأول «الرحيل» كما الثاني «العودة» من فيلمه الطويل «باب الشمس»، المأخوذ عن رواية الياس خوري التي تحمل الاسم نفسه، لا يقل رمزية عن اختيار مقبرة مجزرة صبرا وشاتيلا مؤخراً، لعرض هذا الفيلم/ المحاكمة، في عرائها الليلي أمام اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ليكونوا من أوائل الشاهدين على ولادته. فالرواية، في البدء، جمعت من ألسن هؤلاء النازحين، والمشاهد في جزء منها صورت بين بيوتهم.
يسري نصر الله لم يجاهد كي يقدّم يهود إسرائيل بوجه إجرامي فظ، بل على العكس جعل وجه المغتصب للأرض يتوارى قدر الممكن، بل قل ان المغتصب عند يسري يساوي شبحاً ضبابي القسمات، سلّط كاميرته على الفلسطينية الصغيرة نهيلة، وهي تتزوج من المقاوم الشاب يونس وتلتحق بعائلته وتحمل بولدها الأول، ثم رأينا العائلة مع أهل القرية تقطف الزيتون بفرح الأطفال، وفي بقعة محاذية مستوطنة غريبة تنبت، ثم تلتهم النيران القرية الفلسطينية، ويجبر أهلها تحت وطأة العنف على الهروب. ولكن أي هروب؟ فالفيلم يجعل من الخروج نفسه حكاية داخل حكاية، وألماً يشحن ألما. لا شيء يغني عن رؤية هذه الرائعة المشهدية التي صوّرها المخرج لشعب يضرب بالنار ويدفع به إلى الحدود دفعا، فيفرّ ثم يكرّ وكأنما لا يصدّق الأهالي البسطاء، أن العودة باتت مستحيلة، بينما عناصر جيش الإنقاذ يمسحون قواعد مدافعهم بانتظار الأوامر التي لا تأتي. ليس فيلم «باب الشمس» من الصنف الذي تسهل مشاهدته، لا سيما الجزء الأول منه حيث لا مكان إلا لذرف الدموع أمام شاشة تعيد إلى الذاكرة حكاية المسنين الذين سقطوا تعباً أو ضرباً بالنار والأطفال الذين تاهوا والنساء اللواتي اغتصبن. كل البشاعات حصلت ولا شيء يبدو مستحيلاً أو غير ممكن الحدوث حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين. تسجّل ليسري نصر الله جرأته النقدية، وتحرره من عقدة الذنب أمام المأساة الفلسطينية، وقد يقول البعض ان سكب الملامة على العرب ومواراة الإجرام الإسرائي
|
ملاحظة
مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في
الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق
في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.
شارك بتعليقك