بسم الله الرحمن الرحيم
تحت شبابيك شهر أيلول
في أواخر شهر أيلول تتهيأ السماء لوفود الغيوم القادمة من الغرب البعيد تفرش زرقتها الغامقة والداكنة من المدى إلى المدى تكنس الصيف من سجادة الوقت بالشجر العاري إيذانا ببدء الخريف وانتظار الشتاء صافية بريئة مثل عين طفلة .
في أواخر أيلول كانت طيور أبو سعد المهاجرة تحلق فوق بلدتنا على شكل دوائر مفتوحة نطاردها بأعيننا المدورتين نتمناها ، نغبطها ، نتخيلها ، لكنها لم تكن تأبه بهؤلاء المخاليق المنتصبين في قيعان الدور ، ننسج القصص عنها وعن رحلتها ونتمنى ان نكون هي نسافر من بلد الى آخر دون أذن ولا تأشيرة سفر ، وكان يدهشني ثبات الريش في تيارات الريح او اتزان الأجنحة رغم سفرها وحذرها رغم جوعها ودقة بوصلة العيش التي تتحكم بها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وكانت تدهشني تلك الأصوات البعيدة التي كانت تطلقها كلما دارت دورتها الكاملة فوق المدينة وكأنها تحيينا او تودعنا فنرد التحية بصفير او نداء .
في أيلول تغلق في المساء الشبابيك ، يسقط الورق هشا ، ويتجمع أمنا بعيدا عن زفرة باردة ، في أيلول تتجرد أغصان الأشجار كأصابع صبية تخط على النافذة والحيطان حفيفها ، وتكتب التاريخ بالصوت الخفيف ، في أيلول تتهيأ البيوت لاستقبال الشتاء ، في أيلول تنظف الأسطح والمزا ريب وتهيئ الآبار لاستقبال مياه السماء ، في أيلول ، يلملم ، العشاق أدوات الصيف من مراسلاتهم ، وتداهم لقائاتهم زخات غير متوقعة ، يدنو الليل باكرا ومتعبا مثل أب عائد من سفر ، في أيلول ، تحكم الستائر ويطير تحت الشبابيك فتات رسائل ، وكلمة احبك تائهة مع الريح الأقوى تحت الشبابيك ، وفي مدامع النوافذ مجرى مطر عتيق ذرف ذات مساء ، على حبيبة أو على وطن ، او على صيف انقضى .
تحت الشبابيك ، يمر موكب أيلول الجميـــــــــــل0
شارك بتعليقك
تحية وبعد
قرات الكثير من مشاركاتك هذه الليلة وبالصدفة كنت اتصفح بعض العناوين وقد سعدت كثيرا لما كتبت وانما يدل الاسلوب على صاحبه مع تحياتي للخال عفيف وكل الاهل في الاردن
محمد راضي
ابو النور