المدينة التي شهدت 21 حضارة
أريحا أقدم مدن العالم تستعد للاحتفال بعيد ميلادها الـ10000
رام الله - الدستور - محمد الرنتيسي
أريحا أقدم مدن العالم.. هي مدينة القمر ومدينة النخيل، أهميتها تكمن في موقعها الاستراتيجي، فهي البوابة الشرقية التي تربط المدن الفلسطينية مع الأردن والوطن العربي من خلال جسر الملك حسين، كما أنها جسر العبور إلى القدس الشريف وباقي المحافظات الفلسطينية، وهي بفضل طقسها الجميل تعتبر مشتاً جميلاً للسكان القاطنين في المناطق الباردة، كما تعتبر أريحا سلة خضار فلسطين بفضل ظروفها المناخية الدافئة وتربتها الخصبة ومياهها الوفيرة وثمارها المميزة.
وشكلت أريحا خلال السنوات القليلة الماضية أهمية بالغة لدى الفلسطينيين عقب معاهدة أوسلو للسلام، أذ كانت نقطة بداية الحكم الذاتي الفلسطيني في مناطق الضفة الغربية الى جانب قطاع غزة.
حضارات وشعوب.. شواهد ومقاطع.. طبقات أثرية لاحدى وعشرين حضارة، ولمن لا يعرف المزيد، أريحا أول تجمع بشري انساني يستعد للاحتفال بمرور عشرة آلاف عام على انشائه، مع استقبال العام 2010.
تراث ثقافي وحضاري
وزيرة السياحة الفلسطينية خلود دعيبس، قالت ان هناك أبحاثاً أثرية مثبتة بالحفريات تشهد أن مدينة أريحا هي أقدم المستوطنات البشرية من فترة زمنية تمتد لحوالي 10 آلاف عام، مشيرة الى أنه يجري التنسيق حالياً لاستغلال هذا الحدث لأقصى حد ممكن للنهوض بمدينة أريحا والعمل على اعداد خطة شاملة لتطويرها من الناحية السياسية والثقافية، الى جانب بنيتها التحتية.
وأضافت دعيبس: "نريد ايصال رسالة للعالم بأننا جزء من التراث الانساني العالمي، فنحن نواجه صعوبة في تغيير الصورة النمطية التي سادت في العالم حول فلسطين، وهذا المشروع سيمكننا من تسويق فلسطين واعادتها للخارطة السياحية العالمية، ولا بد من التركيز على مركز القوة لدينا وهو غنى تراثنا الثقافي والحضاري، لكون أرض فلسطين هي مهد الديانات السماوية وتراكم لحقبات تاريخية".
وحول التصور للاحتفال بهذه المناسبة قالت الوزيرة: "الاحتفال لن يقتصر على فعالية واحدة أو اثنتين، والتحضير لهذا الحدث بحاجة الى تأن للخروج بتصور كامل، ومن ثم عرضه على مجلس الوزراء للمصادقة عليه، يجب التروي بالبحث عن آليات لتنفيذ هذه الفكرة الخلاقة".
أما من الناحية السياسية فبيّنت دعيبس أنه من المهم أن نتحدث عن تراكم حضارات قد تكون الأقدم في العالم، مشيرة الى أن هناك تدمير متعمد من قبل اسرائيل للتراث الفلسطيني ومحو هويتنا الوطنية، "غير أننا بالإصرار سنحقق أهدافنا".
وأشارت دعيبس الى أن هناك عدة لجان ومجموعات تتشارك حالياً لوضع الآلية الأفضل للبدء بتنفيذ هذه الفكرة وطرحها على مجلس الوزراء، موضحة أنه من الأفضل أن يكون الجهد مشترك بين المؤسسات الرسمية والمحلية العاملة، منوهة الى ضرورة ادماج المجتمع المحلي والمؤسسات كافة في عملية التفكير للمشروع.
81 موقعاً أثرياً ومئات الشواهد
من جانبه قال مدير آثار أريحا وائل حمامرة، أنه بناء على الحفريات التي قامت بها عالمة الآثار البريطانية كاترين كينيون في العام 1952، واستمرت حتى العام 1958، حيث تضمنت دراسة التسلسل الطبقي بالموقع، اضافة الى تحليل عينات الكربون التي وجدت في أقدم الطبقات، ثبت أن مدينة أريحا عمرها يزيد عن 10 آلاف عام، وهذه النتائج بالاعتماد على العمران الذي وجد في مدينة أريحا، والتي اعتبرت كأقدم مدينة في العالم بناء على وجود السور والبرج الدفاعي داخلها.
ويؤكد حمامرة أنه يوجد في أريحا وحسب ما هو مسجل وموثق، 81 موقعاً أثرياً، اضافة الى مئات الشواهد الأثرية، وهي عبارة عن أجزاء من مواقع وليست مواقع رئيسية، مشيراً الى أن أقدم حضارة في أريحا الحضارة النطوفية، نسبة الى واد النطوف الذي يقع الى الغرب من مدينة رام الله.
ويضيف حمامرة: "تعاقبت على أريحا عشرات الحضارات، حيث وجدت في موقع تل السلطان 21 طبقة أثرية، كل طبقة تعود الى حضارة معينة، وبالتالي فانه من الممكن تسويق (أريحا 10 آلاف) عن طريق ابرازها كأقدم مدينة في العالم وجلب مزيد من الاستثمار اليها، وتشجيع اعادة البنية التحتية في المدينة، بحيث تكون مؤهلة لاستقبال الزوار".
"أريحا 10 آلاف" نقلة نوعية للحالة الفلسطينية
بدوره قال رئيس بلدية أريحا المحامي حسن صالح، أن البلدية هي التي بادرت للمشروع، ونأمل أن يلاقي متابعة عن كثب من المستوى السياسي، كما لاقت الفكرة قبولاً عالمياً كبيراً من خلال ردود أفعال الوفود الأجنبية التي تزور البلدية باستمرار، مشيراً الى أن هذا المشروع متكامل ولن يقتصر على فعاليات محدودة، بل سيتعدى ذلك لاقامة المشاريع الحيوية والاستثمارية في المدينة.
ووجه صالح الدعوة الى رجال الأعمال الفلسطينيين والعرب الى الاستثمار في مدينة أريحا تمهيداً لاقامة الاحتفالات والتي ستشهد اقبالاً عالمياً كبيراً، مبيناً أن هذا الحدث سينقل الحالة الفلسطينية نقلة نوعية باعتباره حدثاً وطنياً له أبعاد كبيرة.
واختتم صالح حديثه بالقول: "لأريحا أهمية كبرى نظراً لموقعها التاريخي وكونها بوابة فلسطين الشرقية، وتكمن أهميتها في احلال السلام باعتبارها منطقة حدودية، لكن المدينة لا زالت بحاجة الى المزيد من التنمية لا سيما المشاريع الحيوية مثل الصرف الصحي، والبنية التحتية، حيث يحتاج الاحتفال بهذه المناسبة الى كثير من المشاريع الحيوية حتى تصبح المدينة بقدر أهمية الحدث".
* نقلاً عن صحيفة الدستور الأردنية
بقلم: مراسل الصحيفة في رام الله - محمد الرنتيسي
شارك بتعليقك