فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

رنتيس: سعيد العتبة .. عميد أسرى العالم يدخل عامه الـ(32) اسيراً

مشاركة محمد الرنتيسي في تاريخ 12 آب، 2008

صورة لقرية رنتيس - فلسطين: : رنتـــــيـــــــــس القـــــديـمـــــــــــــة #4 أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
قصة مترامية الأطراف عمرها (32) عاماً
سعيد العتبة أقدم أحرار الأرض الأسرى يدخل عاماً جديداً في الأسر

رام الله - الدستور - محمد الرنتيسي

سعيد العتبة "أبو الحكم" كما يحلو لرفاقه أن يسموه، واحد من آلاف الأسرى الذين ما زالوا يكتوون بنار القيد وعتمة السجون.
منهم من زادت السنوات التي عاشها في السجن عن تلك التي عاشها خارجه، لكن حكاية "أبو الحكم" تختلف عن أي أسير آخر، فهو السجين الأقدم في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وربما يكون الأسير السياسي الأقدم في التاريخ.
وهو من قال: "لم تتعبني هذه الرحلة الطويلة، مع أن التعب صفة انسانية، وقد أكون مكابراً لو أنكرت ذلك، لكن التعب مسألة نسبية، فاذا كنت قد تعبت في السجن فهذا لا يعني أني تعبت عن حمل قضيتي وقناعاتي التي قادتني إلى السجن، فلا زلت أملك الطاقة لأكمل.. نحن شعب لا نملك الكثير من الخيارات، المسألة هي نكون أو لا نكون، فاما أن تكمل بنفس الروح، واما أن تسقط وتنتهي كانسان وقضية".

الميلاد والنشأة
ولد سعيد وجيه العتبة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، بتاريخ 5/1/1951، لأسرة مناضلة مكونة من أحد عشر فرداً "ستة أولاد وخمس بنات"، والده وأعمامه منير وربحي العتبة تذوقوا ألم السجون ومرارة الاعتقال ودفعوا ضريبة الانتماء للوطن وللقضية في السجون الاسرائيلية.

منذ نعومة أظفاره، كان سعيد شديد الانتماء للوطن، يكره الظلم والظالمين، وكان يشارك في المظاهرات والمسيرات منذ العام 1969، وكان لمعلميه تأثير قوي في شحن الشباب على حب فلسطين، إلى أن انفجرت أحاسيسه الوطنية في أعقاب مجازر السموع وأحداث واد التفاح في نابلس.

وفي أعقاب نفي مجموعات من المعلمين الفلسطينيين الى الخارج، انخرط سعيد في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ينظم التظاهرات ويحشد الجماهير، ويصنع بيديه اكاليل الزهور ليضعها على أضرحة الشهداء الذين كان يشارك بفعالية في تشييعهم، وقد أثرت فيه قصة الشهيدة لينا النابلسي عام 1976، التي أعدمها جنود الاحتلال تحت ناظريه بدم بارد.

حزن في ليلة فرح
ليلة اعتقاله كانت العائلة تستعد لحفل زفاف شقيقته سهاد، وفي الساعة الرابعة من فجر يوم الجمعة 29/7/1977، وهو يوم العرس، اعتقلته سلطات الاحتلال، ووجهت له تهمة قيادة خلية عسكرية في الضفة والقطاع، وتحضير عبوات ناسفة وتوزيعها على بعض الخلايا العسكرية، اضافة الى تهمة الاتصال برجال المقاومة، وحكمت عليه اسرائيل بالسجن الفعلي ثلاث مؤبدات.
وتألفت خلية العتبة من خمسة أشخاص، بعضهم خرجوا من الأسر بعد انتهاء مدة محكومياتهم، بينما خرج الآخرون اثر عملية تبادل الأسرى في العام 1985 بين اسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة" بزعامة أحمد جبريل، ولم تكتف سلطات الاحتلال بهذا الحكم القاسي بحق سعيد، بل أغلقت كذلك بيت العائلة لمدة (17) عاماً.

وبعد صدور الحكم عليه في حزيران من العام 1978 نقل سعيد من سجن رام الله المركزي آنذاك الى سجن بئر السبع حتى العام 1980 حيث نقل الى سجن عسقلان، ليتنقل بعدها في عدة سجون اسرائيلية مركزية بينها جنيد ونفحة الصحراوي، إلى أن استقر به المقام مرة أخرى في سجن عسقلان منذ العام 1995 إلى يومنا هذا.

تقول شقيقته الكبرى "سعاد" في حديث هاتفي مع "الدستور"، في إحدى الزيارات وتحديداً بتاريخ 13/12/1989، لم يحتمل الوالد "أبو راضي" وضع ابنه داخل السجن، فأصيب أثناء الزيارة بنوبة قلبية نقل بعدها الى مستشفيات نابلس حيث أصابته نوبة ثانية وتوفي على الفور.

وتضيف سعاد: "في التاسع والعشرين من شهر تموز الحالي يدخل سعيد عامه الثاني والثلاثين لوجوده في الأسر، وهي أطول مدة اعتقال في العالم، وليس فقط في منطقة الشرق الأوسط فحسب، فنيلسون مانديلا أمضى ستة وعشرين عاماً، فيما أمضى قاتل الرئيس الأميركي ثمانية وعشرين عاماً خلف القضبان، وبذلك يكون "أبو الحكم" أحق الناس في أن يتذوق طعم الحرية بعد هذه المعاناة الطويلة في غياهب السجون، ومن حقه أيضاً أن يُحفر اسمه في موسوعة "غينيس" العالمية للأرقام القياسية، كأول شخص في العالم يمضي واحداً وثلاثين عاماً من عمره في الأسر".

ويعتبر سعيد العتبة من مؤسسي الحركة الفلسطينية الأسيرة وخاض مع رفاقه كافة إضرابات السجون حتى أصبح معلماً من معالمها النضالية، كما أنه أحد مؤسسي الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" في العام 1990 وهو عضو في لجنته المركزية.

تقول والدة سعيد، الحاجة "أم راضي" التي كان عمرها عند اعتقاله 45 عاماً، وأصبح عمرها الآن 76 عاماً، "إنني لا زلت أعيش على أمل الافراج عن سعيد منذ واحد وثلاثين عاماً وأتمنى من الله أن يمد في عمري حتى أراه مرة أخرى دون حواجز أو قضبان وقد تحرر من الأسر".

رسالة في عيد الأم
وتتذكر والدة سعيد رسالته الأخيرة لها لمناسبة عيد الأم في العام الماضي، والتي أدمت قلبها، حيث شعرت أنه يخاطبها خطاب مودع، وكأنه لا يأمل برؤيتها ثانية، وتقول: "شعرت أنه يودعني خاصة بعد أن توفي والديّ زميله في الأسر نائل البرغوثي دون أن يتمكن من وداعهما أو حضور جنازتيهما.. لم أتمالك نفسي عندما تليت الرسالة عليّ، كانت كلماتها تقطر حباً وشوقاً وحنيناً".

ولعل ما أدمى قلب "أم راضي" في تلك الرسالة التي عنونها سعيد بعبارة "أريد أن أصرخ في وجه العالم لأقول لهم أن عندي أماً استثنائية.. جبارة.. ومقاومة"، تلك العبارة التي قال فيها: "كل ما أستطيع أن أهديك يا أمي في هذا اليوم وفي كل يوم، هو تقبيل أياديك الطاهرة وجبينك الذي تملؤه التجاعيد بقبلة حانية، أهديك يا أمي فرحتي بيوم الحرية التي طال انتظارها لأضمك الى صدري، عذراً يا أمي فهذا قدري.. لقد أهلكت صحتك وتفكيرك، تتهافتين على رؤيتي رغم الحواجز والجدران دون كلل أو ملل، أتذكرك وأنت تقفين خلف شباك الزيارة تلوحين لي بيديك والدموع تترقرق في عينيك، وأنا أدقق النظر فيك خوفاً عليك وأرد عليك التحية علّي ألقاك في القريب العاجل".

القنطار: حريتكم على مرمى حجر
الأسير المحرر وعميد الأسرى العرب كما كان يلقب "سمير القنطار" والذي تنسم هواء الحرية منذ أيام خلت، اثر صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، بعث برسالة إلى زميل قيده سعيد العتبة لمناسبة دخوله العام الثاني والثلاثين في الأسر، قال فيها:
"اليوم يا عميد الأسرى وشيخهم العظيم، أدخل يومي الرابع عشر للحرية التي تزينت بتاريخ صبركم وصمودكم، فيما تدخل أنت عامك الثاني والثلاثين في الأسر، مصراً على التحدي وعدم الخنوع، هذا قدرنا أيها الأسير العتيق، استثنتنا اتفاقيات السلام المزعوم، وتجاهلتنا مباردات حسن النوايا وما كنا لنستكين أو نهون.
اليوم يا أقدم أسير على وجه الأرض يبدو العالم كله أمامك خجول، لا بل عاجز أن يبرر لك عدم قدرته على فك قيودك الاثني والثلاثين، يا مانديلا المعمورة ويا عميد كل الأسرى والمحررين.. ودعني أقول لك يا صديقي أنني أنتظر يوم حريتك أنت وجميع الأسرى والأسيرات من القادة الميدانيين والنواب والوزراء والأطفال والمرضى وكبار السن وأسرى الدوريات والقدس والـ48 وأسرى الجولان السوري المحتل بواسع الشوق وبفارغ الصبر، وإن نصركم قريب وحريتكم على مرمى حجر، واسمح لي أيها المناضل الصبور أن أذكرك ببيت الشعر الذي حرفناه واستبدلنا شطره:
"ولا تيأسنّ على غدر الزمان ... فما السجن باق ولا السجان".

سعيد العتبة لست وحدك
الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، قال لمراسل "الدستور" إن قلمه جف عن الكتابة عن أسير كسعيد العتبة، الذي دخل عامه الـ32 في الأسر، وبقي رافع الرأس، حامل الحلم الفلسطيني وبقي حراً حتى وهو داخل السجن وأكثر حرية من معظم القابعين خارج السجن.
وأضاف: "عندما نكتب عن الأسرى، وخاصة من هم في حالة سعيد، نشعر بأننا لم نقم بواجبنا بالحد الأدنى تجاههم، فهم يستحقون منا أن نبقي قضيتهم حية، فقد أعطوا أغلى ما عندهم، وقضوا زهرات شبابهم من أجل وطنهم وشعبهم وقضيتهم".

وأكد المصري أن ابقاء قضية الأسرى حية في قلوبنا وعقولنا يتمثل بتذكرهم دائماً وتذكر أسرهم، وطرح قضيتهم في كافة المحافل المحلية والعربية والدولية، وبأن نصر على اطلاق سراح أكبر عدد منهم في أي عملية تبادل للأسرى، وأن نربط ما بين استمرار المفاوضات وتقدمها وما بين تحريرهم ولو على دفعات.

وأضاف: "يجب أن لا نكرر الخطيئة التي ارتكبت في اتفاق أوسلو، حيث لم يتضمن هذا الاتفاق اطلاق سراح الأسرى، لذلك وجدنا أن مئات الأسرى ما زالوا وراء القضبان منذ ما قبل أوسلو رغم مرور (15) عاماً عليه، واذا كان هذا الأمر حصل مرة، فيجب أن يكون مستحيلاً وأن يصبح محرماً مرة أخرى".

وصمة عار
أما صالح رأفت، الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا"، فأوضح أن دخول سعيد العتبة عامه الثاني والثلاثين في الأسر، ليكون بذلك أقدم أسير في سجون الاحتلال، بل وأقدم أسير سياسي في العالم، لا يعزز التوصيف العنصري لدولة الاحتلال فحسب، بل يشكل وصمة عار في جبين الانسانية جمعاء.

واشار رأفت إلى أن "فدا" بدأ الاعداد لحملة اعلامية واسعة على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي، من أجل تشكيل رأي عام ضاغط على اسرائيل لحملها على اطلاق سراح سعيد وباقي رفاقه الأسرى.
وأضاف: "نحن اذ ننظر للبعد الانساني لهذه القضية في ضوء ما يلحقه الأسر من أذى شديد بالأسرى وعائلاتهم، فاننا نؤكد على البعد السياسي للموضوع، وضرورة قيام اسرائيل باطلاق سراح الأسرى القدامى وذوي الأحكام المؤبدة، والنساء والأطفال والمرضى والطاعنين في السن، اذا ارادت أن تبرهن على جديتها في السلام، على أن يكون ذلك مقدمة لإنهاء ملف الأسرى جميعاً ضمن جدول زمني محدود ومتفق عليه، بحيث نوقف نزيف هذا الجرح نهائيا وإلى الأبد".

وأكد رأفت أن حزب "فدا" سيشرع بتنظيم فعاليات واسعة واعتصامات متكررة أمام مقار الصليب الأحمر في كافة مدن الضفة وغزة وفي سوريا ولبنان بشكل متزامن بدءاً من يوم التاسع والعشرين من تموز، وهو يوم دخول العتبة عامه الثاني والثلاثين أسيراً، مضيفاً: "سنرفع شعاراً واحداً "سعيد العتبة لست وحدك.. وسنظل ندافع عن فلسطين".

* كتبه محمد الرنتيسي لصحيفة الدستور الأردنية
بتاريخ 29/7/2008، وهو يوم دخول العتبة العام الثاني والثلاثين في الأسر



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع