كتائب "أحرار الجليل" ومجموعات "عماد مغنية" أبرز المؤشرات
هل انتقل "حزب الله" للعمل المباشر في فلسطين؟
رام الله – محمد الرنتيسي - الاتحاد:
حملت العمليات الفدائية الأخيرة في القدس المحتلة والتي باتت تعرف بـ"عمليات الجرافة"، إلى جانب عملية قتل الشرطيين الإسرائيليين في غور الأردن مؤخراً، وعملية إطلاق النار على الجندي الإسرائيلي في حيفا قبلها بأيام، بصمات غير خفية لحزب الله اللبناني.
المجموعة المنفذة لهذه الهجمات واحدة، "كتائب أحرار الجليل"، مجموعة الشهيد عماد مغنية، ومصدر الإعلان عنها دائماً تلفزيون المنار حصرياً، ورغم الصبغة الفلسطينية التي يحملها الاسم "كتائب أحرار الجليل"، إلا أنه لا وجود له مادياً على الأرض، وبياناته التي تقدم بهذا الاسم جاءت على الدوام من الخارج، وغالباً من الأراضي اللبنانية.
ومؤخراً كشف مصدر أمني غربي يلعب دوراً في التنسيق المعلوماتي بين أجهزة دولته والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، عن جوانب من مخطط حزب الله لتجنيد ناشطين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وضمهم إلى تنظيم "حزب الله ـ فلسطين".
وقال هذا المصدر إنه بناء على معلومات نقلت إليه فإن حزب الله اللبناني يعتمد حالياً الأسلوب الذي اعتمد لاستمالة القبائل العراقية عن طريق تقديم الأموال، لاجتذاب أعضاء في "فصائل المقاومة الفلسطينية" وضمهم إلى التنظيم الجديد الذي سيساهم في توسيع رقعة المواجهة مع إسرائيل.
وحسب هذا المصدر فإن حزب الله رصد مؤخراً مبالغ طائلة لشراء ولاء قياديين في الخلايا الفلسطينية العسكرية، حيث بدأ الحزب لعب دور فعلي في الأراضي الفلسطينية، بعد أن اقتصر دوره في المرحلة الأولى من انتفاضة الأقصى على توجيه الدعم المالي للمجموعات العسكرية الفلسطينية عبر قادتها وكوادرها في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وفي العام 2001، شهدت هذه العلاقة تحولاً، إذ أخذ الحزب يجري اتصالات مباشرة مع قادة المجموعات المسلحة الفلسطينية ويقدم لهم الدعم المالي المباشر، وفي هذا الصدد، قال أحد قادة "كتائب الأقصى" أن حزب الله قدم في الأعوام الثلاثة الأولى للانتفاضة دعماً مالياً وفيراً للكتائب بلغ ملايين الدولارات، مضيفاً: "هذه الأموال كانت تحوّل إلينا مباشرة عبر البنوك في المرحلة الأولى، لكن بعد تعرض البنوك للملاحقات الإسرائيلية جرى تغييرها إلى قنوات غير مباشرة".
"ومنذ العام 2004، أخذت هذه العلاقة تنحصر في المجموعات العسكرية الناشطة في المقاومة والعمل العسكري، وتتوقف عن من يوقف المقاومة" قال الناشط الفتحاوي.
وتولى مواطن فلسطيني من قرية الطيبة في فلسطين المحتلة عام 48، ويعيش حالياً في لبنان ويعمل لدى الحزب، في المرحلة الأولى كامل العلاقة مع هذه المجموعات، لكن في مراحل لاحقة شارك أشخاص آخرون "لبنانيون" من الحزب في إدارة العلاقة التي تشعبت وامتدت ووصلت إلى قنوات اتصال عبر العالم، وفق ما يقول نشطاء ورجال أمن فلسطينيون.
وقال ناشطون في "ألوية الناصر صلاح الدين" إن رجال حزب الله لا يقدمون شروطاً مباشرة على دعمهم لهم سوى "قتال الصهاينة"، وأوضح أحدهم: "يقولون لنا شيئاً واحداً.. طالما تقاتلونهم ستحظون منا بكل دعم".
وتجري الاتصالات بين ضباط حزب الله ونشطاء المجموعات العسكرية في فلسطين عبر الهاتف والبريد الالكتروني، وأظهرت الاتصالات الفلسطينية – الإسرائيلية الرسمية وجود رقابة إسرائيلية على الرسائل المكتوبة والهاتفية بين "حزب الله" ونشطاء هذه المجموعات.
وفي هذا السياق، كشف مسؤول أمني إسرائيلي أن إسرائيل راقبت جميع الاتصالات الهاتفية مع لبنان دون استثناء، ما مكنها من ضبط وتسجيل جميع الاتصالات بين حزب الله ونشطاء الكتائب العسكرية الفلسطينية، موضحاً: "لقد غير الحزب قنوات الاتصال وأخذ نشطاؤه يجرون اتصالات من قبرص وتركيا وأوروبا، لكن إسرائيل تمكنت من ضبطها عبر مراقبتها لأجهزة الهاتف النقال للمطلوبين".
وقاد التنصت الإسرائيلي على هذه القنوات، إلى القنوات المالية القادمة من الخارج، ولدى استئناف الاتصال الأمني بين إسرائيل وأجهزة الأمن الفلسطينية أخيراً، كشفت إسرائيل لضباط أمن فلسطينيين نماذج من رسائل متبادلة بين قادة "الأجنحة العسكرية الفلسطينية" و"حزب الله" تضمنت معلومات عن تحويلات مالية دورية، وأخرى عن هجمات عسكرية.
وترجح مصادر فلسطينية أن يكون "حزب الله" نجح في تشكيل خلايا خاصة به في الأراضي الفلسطينية، ومنها الخلية التي وقعت على العملية الأخيرة في غور الأردن.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي هاني المصري لـ "الاتحاد": "حزب الله يعرف أن اتصالاته مع نشطاء المقاومة الفلسطينية مكشوفة تماماً لدى الإسرائيليين، ومن غير المستبعد أن يكون الحزب قد نجح في إجراء اتصالات وترتيبات من الخارج مع أشخاص هنا غير مطلوبين وبعيدين عن أعين الرقابة الإسرائيلية، وربما كان منفذو عملية غور الأردن الأخيرة من هؤلاء".
ويظهر التقرير السنوي لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" للعام الماضي، عن ما يطلق عليه "النشاط الإرهابي"، تكثيف منظمات المقاومة الفلسطينية لعملها، وتضاعف نشاط حزب الله اللبناني في توجيه خلايا فلسطينية، وفي جمع معلومات عن إسرائيل.
ويبيّن التقرير إن الشاباك اعتقل خلال العام الماضي 35 نشيطا من الضفة الغربية، زعم أنهم تلقوا أموالا وتعليمات من حزب الله لتنفيذ عمليات، وحسب التقرير فان حزب الله وجه 30 خلية في قطاع غزة، وأهّل خبراء متفجرات، وعقد لقاءات مع نشطاء فلسطينيون في سوريا ولبنان ودول أخرى لتدريبهم على أساليب جديدة في تنفيذ الهجمات ضد الأهداف الإسرائيلية.
وكان "حزب الله" أعلن عقب اغتيال قائده العسكري عماد مغنية عن "حرب مفتوحة" مع إسرائيل، ومن المرجح أن تكون الأراضي الفلسطينية التي استثمر فيها "الحزب" الكثير، واحدة من الساحات المفتوحة أمام هذه الحرب، وربما تكون الساحة الأسهل نظراً لوجود استعداد عال لدى الكثيرين هنا للتعاون مع "الحزب" في الحرب ضد عدو مشترك لا يرحم، سيّما وأن نشطاء المقاومة في فلسطين ينظرون بإعجاب إلى أسلوب "حزب الله" في مواجهة إسرائيل، وخاصة خلال حرب "صيف 2006" الأخيرة في جنوب لبنان.
نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الاماراتية
بقلم: محمد الرنتيسي - مراسل الصحيفة في رام الله.
شارك بتعليقك