جدار الفصل العنصري يحول سكان قرى غرب رام الله
الى لاجئين في بيوتهم وأسرى في قراهم
رام الله - أنباء - محمد الرنتيسي:
بدأت سلطات الإحتلال منذ أكثر من عامين العمل في المرحلة الثالثة من جدار الفصل العنصري في منطقة غرب وشمال غرب رام الله.
وبحسب المواطنين في قرى رام الله الغربية فإن عدة آليات عسكرية ضخمة وجرافات عسكرية بدأت بأعمال التجريف وتسوية الأراضي في المنطقة، ما نتج عنه إقتلاع وإتلاف آلاف الأشجار من الزيتون، تعود لمواطنين في قرى بدرس وشقبا وقبيا ورنتيس ودير قديس وشبتين والمدية الحدودية والواقعة على مقربة مما يسمى الخط الأخضر.
شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية التي تعنى بقضية جدار الفصل وتداعياته، والتي أصدرت مؤخراً العديد من الخرائط والنشرات الخاصة بذلك، أوضحت أن جدار الفصل سيشكل ثلاث دوائر (معازل) ستفصل ثلاث مجموعات من قرى غرب الضفة عن بعضها، فيما أوضح منسقون في حملة مكافحة الجدار أن حكومة الاحتلال ستعمل في هذه المرحلة (الثالثة) على عزل مجموعات من القرى الغربية التابعة لمحافظة رام الله القريبة من بعضها البعض بجدار يفصلها عن باقي الأراضي الفلسطينية وعن أراضيها الزراعية القريبة من ما يسمى بالخط الأخضر الذي يفصل بين حدود الـ48 والأراضي الفلسطينية التي إحتلت في العام 67.
رنتيس والجدار
في قرية رنتيس الواقعة في أقصى الشمال الغربي لمحافظة رام الله بدأت سلطات الاحتلال بتجريف مساحات واسعة من أراضي القرية وخاصّة تلك المزروعة بأشجار الزيتون، وتسويتها تمهيداً للبدء بتنفيذ المرحلة الثالثة من خطة إقامة جدار الفصل في عمق الأراضي الفلسطينية والتي تشمل معظم قرى غرب المحافظة الأقرب الى حدود الـ48.
وأوضح أكثر من عضو في مجلس قروي رنتيس لمراسل (أنباء) أن أعمال التجريف شملت المنطقة الممتدة من أقصى الشمال الغربي في القرية لتصل الى مشارف قرية شقبا المجاورة جنوباً، فيما واصلت قوات الاحتلال عمليات التجريف شرقي القرية في منطقة الحاجز العسكري المتموضع بالقرب من القرية ويفصلها عن ما يعرف بالخط الأخضر، حيث سيلتف الجدار على حدود القرية وسيحيط بها إحاطة السوار بالمعصم، فيما يعتقد أن بوابة القرية ستكون من جهتها الجنوبية المؤدية الى قرية شقبا.
وتؤكد المعلومات الصادرة عن مجلس قروي رنتيس، أن نسبة المساحات التي ستشملها عمليات التجريف أو الضم من أراضي القرية لصالح الجدار تبلغ حوالي 8620 دونم، معظمها مزروع بأشجار الزيتون المثمر، ما يعني أن قرية رنتيس ستصبح مستقبلاً عبارة عن منازل دون أراضي.
أما المحامي شفيق شلش، من قرية شقبا غربي رام الله، فتحدث لمراسل (أنباء)، موضحاً أن قرى المنطقة الغربية لمحافظة رام الله التي يقطنها أكثر من 15000 نسمة ستصبح معزولة كلياً عن مدينة رام الله بفعل الجدار العنصري الذي سيقام بطول 42 كم، حيث ستعمل ما تسمى بالإدارة المدنية على إستصدار تصاريح خاصة لسكان هذه القرى لعبوره.
وأضاف شلش: "الجدار الفاصل يشكل أزمة كبيرة لسكان القرى الغربية وسيحولها الى سجن صغير، وستصبح سلطات الاحتلال تتحكم بنا من خلال بوابة ندخل ونخرج منها حسب مزاج الجنود المعتاد، وهو ما يهدف الى تهجير المواطنين من قراهم بطريقة (مهندسة) وخلق عملية نزوح لهم".
أما حسن أحمد رئيس مجلس قروي قبيا المجاورة فأفاد أن قريته خسرت حوالي 70 % من أراضيها الزراعية منذ العام 79 وحتى الآن، منها قسم لأغراض إستيطانية وآخر لإقامة معسكرات للتدريب العسكري غربي القرية، والقسم الأخير لصالح الجدار الفاصل المشرع في إقامته حالياً.
الجدار الفاصل.. المرحلة الثانية من حرب الـ48
بدوره أوضح النائب د. مصطفى البرغوثي سكرتير المبادرة الوطنية الفلسطينية التي أطلقت حملة محلية ودولية مناهضة للجدار العنصري، وأثناء مشاركته في إحدى المسيرات المناهضة للجدار في قرية بلعين غربي رام الله أن هذا الجدار سيشكل خطراً كبيراً على المنطقة، حيث سيقام على شكل سجن تدخل بين جدرانه الأربعة 42 قرية فلسطينية وما لا يقل عن 100 الف مواطن فلسطيني، مشيراً الى أن حشر تلك القرى بين أربعة جدران سيؤدي الى تدمير الزراعة من خلال إقتلاع آلاف أشجار الزيتون المثمرة، وتدمير إمكانية الزراعة ثانياُ، كما سيؤدي الى حشر الناس بين جدران إسمنتية في سجون ومعازل حقيقية، وسيمنعهم من حقهم في تلقي الخدمات الصحية والتعليمية، حيث سيصبح من الصعوبة بمكان نقل الحالات المرضية الطارئة الى مستشفيات المدينة، بينما سيحرم آلاف الطلبة من الوصول الى مختلف المدارس والجامعات خارج حدود قراهم.
وأكد البرغوثي أن هدف حكومة الإحتلال الأساسي هو تدمير إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وفرض هجرة جديدة على 680 الف مواطن وضم 58 % من الأراضي وإقتلاع عشرات الآلاف من أشجار الزيتون.
ووصف البرغوثي الجدار بأنه يمثل المرحلة الثانية من حرب الـ48 التي إلتهمت 70 % من أراضي قرى غرب رام الله، وأشار الى أن هذه المرحلة ستكمل إلتهام ما تبقى من أراض لتحويل سكانها الى لاجئين في بيوتهم وأسرى في قراهم.
ويؤكد عدد من أهالي قرية رنتيس شمال غربي رام الله أن حكومة الإحتلال كان بإمكانها بناء الجدار الفاصل في المنطقة الغربية على الحد القديم المعروف بالخط الأخضر دون المس بأراضي القرى الغربية، الا أنها تعمل حالياً على إقامته على بعد أمتار من منازل المواطنين داخل أراضي وحدود هذه القرى.
وأضاف المواطنون أن الهدف من هذه الخطوة التصعيدية والتي تتمثل في محاربة الناس في مصادر أرزاقهم الأساسية هو وضعهم تحت الأمر الواقع وتهجيرهم وسلب ممتلكاتهم وأراضيهم، وهو ما أكده أهالي قرى عابود وبدرس وقبيا وشقبا المجاورة والمحاذية تماماً للخط الأخضر والواقعة على بعد أمتار من المعسكرات الإحتلالية التي عادةً ما يخترق رصاصها منازل المواطنين هناك.
وأمام هذه المعطيات بدأ المواطنون في قرى رام الله الغربية معركتهم ضد الجدار الفاصل عبر الإعلان عن سلسلة من الفعاليات المناهضة لإقامة الجدار على أراضيهم، حيث أكد ناصيف الديك منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في المحافظة أن سلسلة فعاليات وطنية سيتم تنظيمها في هذه القرى لمقاومة هذا المخطط الخطير.
* نقلاً عن وكالة (أنباء) الإخبارية
بقلم: مراسل الوكالة في رام الله - محمد الرنتيسي
شارك بتعليقك