كتبت رنا خموس- خاص بـ"إخباريات":
على ربوة من سهول مرج ابن عامر تقع قرية رمانة، التي استنشقت عبير الجليل بمداها ورنت بحر مدينة حيفا بسفوحها، فالناظر من قرية رمانة يضم بعينه وطنه الفسيح على امتداده المحتل، ولكن اليوم وكباقي قرانا ومدننا المحاصرة كانت رمانة أحداهما، فانضم اسمها وأصبحت خبرا ينشر على صفحات الجرائد ليتجرع أهلها مرارة المحتل وممارساته.
قرية رمانة الواقعة شمال غرب مدينة جنين تتخوف من مصادرة بدأتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعشرات الدونمات واليوم تقتنص الفرص في السيطرة والامتداد حتى تجثم بعتادها العسكري ومياهها العادمة على ثرى القرية.
مصادرة مستمرة
يقول محمد عمور رئيس مجلس قروي قرية رمانة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي أقدمت على مصادرة أراضي القرية وضمها للمعسكر التدريبي المقام على أراضيها وأراضي قرية سالم التي يقع عليها هي أيضا معسكر وحاجز سالم، حيث تبلغ مساحة الموقع التدريبي المقام على رمانة 450 دونم، واليوم تعمل قوات الاحتلال على مصادرة المئات من أراضي القرية وضمها للمعسكر التدريبي، فكل يوم تتوسع بمعسكرها عن اليوم الذي قبله.
ويشير عمور إن الاحتلال قام بالسيطرة على 80% من أراضي القرية التي تبلغ مساحتها 21700 دونم عام 1948، وصادرت في السنوات الماضية 250 دونم من اجل بناء جدار الفصل العنصري عليها، واليوم تعمل على مصادرة أراضي القرية وضمها لمعسكراتهم العسكرية.
ويتخوف رئيس مجلس قروي رمانة من هذا التوسع، وخنق القرية بوجود هذا المعسكر، ويبدي أهالي القرية تذمرهم من ممارسات الاحتلال ضد أبنائهم على شوارعها الرئيسية، إذ تتعمد قوات الاحتلال على وضع الحواجز الطيارة على شوارع القرية، بالإضافة إلى تخوف أهلها من هذا التوسع وضم أراضي جديدة إلى الموقع.
ويشير عمور إن الاحتلال قام بتسليم إخطارات لهدم 6 منازل تحت حجة قربها من الجدار العنصري المقام على أراضيها، فهناك 35 فردا مهددون بالتشرد جراء العنجهية الإسرائيلية وقراراتها التي لا تأبه بالإنسان ولا بالقرارات الدولية والشرعية، فإسرائيل تستهدف الشجر والحجر قبل الإنسان.
تهديد للحياة
أما عائلة بشناق في قرية رمانة كانت مصيبتهم كبيرة في مصادرة مصدر رزقهم الوحيد، يذكر الحاج عبد العزيز بشناق (68 عاما) أرضه متحسرا عليها قابضا عصاه بيديه، " اليهود اخذوا نص ارضي، وقاموا بمصادرة ارضي تلا المعسكر وسيجوها وجرفوها".
كان صوته يعتصر ألما على أشجار زيتونه التي شهدت عروق كفيه مواسم القطف الخيرة متابعا حديثه " في كل عام أقوم بفلاحتها وحرثها، بيدي هاتين قطفت وحصدت، والآن بعد كل هالشقا والتعب اخذوا ارضي، 100 زيتونة ب20 دونم تم جرفها واقتلاعها، كل سنة كانت تنتج 56 تنكة زيت ، ومونة الشتا كانت من هالأرض، أنا وين بدي أروح أنا وولادي، ومن وين بدي أعيش، ارضي هي رزقي وحياتي".
كان الحاج عبد العزيز يشكو ألمه وهمه لله، يتساءل محدثا إيانا عن أرضه وكيف رعى أشجاره، وتبلغ مساحة أرضه 40 دونما وتم مصادرة نصفها.
ويقول المواطن شادي احمد "نحن نتعرض لمضايقات يومية، جراء ممارسات الاحتلال، فكل يوم نجد حواجز طيارة جديدة في أماكن مختلفة، إضافة إلى الاعتداءات على الشباب الذي يتم إيقافهم وأهانتهم وضربهم واحتجازهم".
وعبر المزارع عزام الأحمد عن خسارته لأرضه ومزروعاته وخيبة أمله بفقدانه إياها، فالاحتلال بدأ بملاحقة رزقه عن طريق المياه العادمة الذي قام بتسريبها من قبل المعسكر إليها، مما أدى إلى قتل مزروعاته وقتل أرضه، وبعد عدة محاولات منه لإنقاذ ما تبقى من الأرض، فوجئ في صباح احد الأيام بأوامر عسكرية إسرائيلية كانت قد علقت على أشجاره يقضي بمصادرة 6 دونمات من أرضه لأغراض "أمنية" حسب التعبير الإسرائيلي.
ويروي عزام ما حدث "بعد كل اللي قاموا فيه بأرضي، صدمت بوجود آليات عسكرية وجرافات، وكانوا قد جرفوها وعاثوا فيها خرابا، ومنعت من الاقتراب منها بحجة أنها منطقة عسكرية مغلقة".
حجج واهية
وعلى الصعيد نفسه، يواجه أهالي قرية رمانة خطر التلوث والتسمم بمياه الشرب، حيث يعمد الاحتلال إلى تلويث ينابيع القرية ومصدر شربهم، ويقومون بمد مياههم الملوثة من حاجز سالم والمعسكر هناك إلى ينابيع مياه القرية وأراضيها، مما أدى إلى تلوث مياهها، والى حرق أشجارها بالمياه العادمة وتلوث تربتها.
ويوضح رئيس المجلس القروي إن معاناتنا تأخذ عدة أشكال، فالاحتلال لم يكفيه مصادر أراضينا بل لاحقنا بمياهنا ومصدر رزقنا، نحن نعتمد على الزراعة خاصة بعد إغلاق أراضي ال48 أمامنا ولم يعد هناك يعملون بالداخل، ولكن الاحتلال حتى بهذا لا يكف عن مضايقتنا، فمنذ البداية وهم يحاولون تشريدنا إذ يقومون كل شهر تقريبا بحرق الأراضي القريبة من المعسكر، وتم حرق عشرات الأشجار اللوزية والأشجار الحرجية، هذا بالإضافة إلى تلوث مياه شربنا بمياههم العادمة، مما حرمنا من مياه ينابيعنا التي نعتمد عليها في الشرب وري مزروعاتنا.
وناشد رئيس مجلسها جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى الالتفات إلى قرية رمانة، وكف يد الاحتلال عن العبث بها، وتحرير أهلها من ممارسات قواتها، فما يحدث على ارض قرية رمانة ينافي جميع الأخلاق والتشريعات والقوانين الدولية وهو انتهاك صارخ وواضح على مرأى من العالم.
ويتساءل عمور ونبرة الغضب التي تعلو صوته قائلا " أي حجة أمنية واهية تلك التي يتحدثون عنها وأرضنا تسلب أمام أعيننا، لقد حرمونا من رؤية سهول جنين بالجدار، وسمموا أطفالنا بالمياه، فهم يهددونا بحياتنا وبقوت يومنا، فماذا بعد؟.
شارك بتعليقك