(مصرع زيتونة)
قصيدة
من ديوان قبلة على جبين الوطن – للشاعر مصدق السرطاوي
أم ألأمين.....
الفأسُ في يَمينها
الصُّرَّةُ المعقودةُ الأطرافُ في يَسارها......
وحِزمَةُ الحَطبْ
أمُّ ألأمين ....... تَموج يُمنةً ويسرةً.....
تُغالب ألأنين ....
تَموج تَحت حِزمَةُ الحطب
في كل يومٍ درسُها معروف....
لا تَنثني عن دربها
في كل يوم ذاهبة .....في كل يوم آيبة .....
مهما قست أو ضَنَّت الظروف
كان الأمين يعلو عن التراب نصفُ قامةٍ
أو قَدْ يَقِلْ
يجوب أطراف الفضاء ....بنظرةٍ فيها أمَلْ
لم يعرف الحكامُ والسُّجانِ والقُضاة
يعدو يُسابق الرياح
قَدَماه حافيتان .... تجوب في الوديان والبطاح
كانت له مهمِّةُ الصَّباح
تَجْميعُ آلاف الحجارة ....
ووضعها في كومة بجانب المَغارة
ويبدأ الصغير يغازل الزيتون والرُّمّان
يسابق الرياح تارةً
يغزو صُرَّةُ الطعام ....... فيأكل القليل والقليل
شُعورُهُ في حُضن أمه الأمان
والصُّرَّةُ المعقودة ألأطراف بجانب الزيتونة
في الظل ...... لإتقاء شرِّ الحَرِّ والجَفاف
كلُّ الذي بها .....رغيفُ خبز واحد
زيتُ زيتون وزعتر
لكنَّ في الآفاق أحلام عظيمة
كبيرة.....! تنمو وتكبر
كان ألأمين الطفل واقفاً ..
يرمي الحجارة
وكلَّما أصاب الصخرة الصماء
صاحَها مدويِّة
إنّي أنا البطل ...... إنّي أنا البطل
أم ألأمين صلاتُها في أرضها
صيامُها في أرضها
زيتونُها لم يعرف الظَّمأ
كلّ الموالي لو أتَت
لا تثنها عن خدمة المذكور في القرآن
كانت تقول زيتونتي مخلوقة ..... زيتونتي إنسان
زيتونتي تستنشق الهواء
زيتونتي تحتاج مثلنا....للماء والغذاء.....!
زيتونتي لا تعرف الرياء
لا شرقيةً كانت .....
ولنْ تكون غربيةَ المَمات
يضيء زيْتُها بإذن ربها
يا رب ..... قدرني على وفاء حبها
الطفل يلهو بالحجارة
يكبرُ الأمين ..... ويكبرُ ألأمين
دارت ألأيام .... ونَحنُ في أوطاننا نيام
نحتسي طوال يومنا الشَّراب
ونأكل الطَّعَام كالأنعام
ولم نُفِقْ
إلاّ على عدوّنا .... يُكبّل ألأحلام
يُقتّلُ ألأمان .... يدمّرُ السلام
تموت في آفاقنا الطيور
وتُرسم الساعات والساعات كالقبور
يُسدَل الستار من أمامنا
ليختفي الحُبُور ..... يُقتل السرور في شفاهنا
ويُسجنُ العبير
فيصبح الوطن......أسطورة منسية
تمشي الى الردى .... بلا هوية......!
صار ألأمين وأمّهُ كالطّير في القفص
لا يملكون السير في فضائهم
أو المرور مرة في العمر
في حقولهم
صار الزمن كآبةٌ غطّت وعَمّت ما بهم
صار الوطن أنشودة ....ألآهات.................
أنشودة .... الآلام والمحن
كان ألأمين مهرولاً يوماً .... لذكرياتٍ سالفة
الى الكروم....الى البِطاح .... الى الظّلال الوارفة
وألأم قد كبرت.......شاخت......
وقفت تُسائلُ كل عابرة
عن الخَبر الأليم
هل كان ذلك مثلما قالوا.....؟
وهل صَدقوا......؟!
أم أنّ ما في ألأفق من سُحُبٍ تُكذّب
ما زعموأ.....؟
وصل ألأمين .... صاح ألأمين
صرخ ألأمين
يا رب لم نُبْطِن سوى حُبٍّ لكل العالمين
يا رب لم نزرع سوى خَير ....
يا رب لم نكفر ولم نهجر
يا رب ذنباً ما افترقنا في الحياة
جمع ألأمين حجارة
لجأ ألأمين لكومةٍ قد كان جمَّعها قديماً
يوم كانت أمُّه معه
تزرع كروم الخير في أيامها
وتعد ذرات التراب سخيّةً ببنانها
بدأ ألأمين يقاوم الطوفان
أعلن يدويها ....أنا العصيان....
إني أنا العصيان
لكن شيئاً ما يسير بلا اكتراث
يحطم ألأرض الجميلة والتراث
وبلحظة وقف ألأمين
معانقاً جرحاً كريح الياسمين
وبكل رِزْءِ الموقف المشئوم
صرخت له زيتونة
إنّي أنا المظلوم
فتمايلت .... وترنّحت .... سقطت
سجدت ......
ليُقبّل الثرى ذاك الجبين
ودماؤها تجري
تروى قبور الناظرين
في حُضنها كلّ الثرى
أبت الجذور وأقسمت
ان تودع الثأر المُقَدّس في الورى
لعل ألأمين .......
بعد الغياهب لو رأى نور الوطن
أن ينتشي وللحظة
يدع ألآهات ..... يتركها ....
يعاتبها الزمن.......
شارك بتعليقك