فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

ذنابة: القائد العام عبدالرحيم الحاج محمد أزعبدالعزيز امين عرار/ باحث ومشرف تربوي ومحاضر تاريخ

مشاركة AZEEZ ARAR في تاريخ 11 تشرين ثاني، 2007

صورة لقرية ذنابة - فلسطين: : ذنابة أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
القائد العام المجاهد عبد الرحيم الحاج محمد
جرى هذا اللقاء في قرية ذنابة مع ابنه كمال وبعض المعاصرين لعبدالرحيم الحاج محمد في عام 1986 ونشر في مجلة الجليل التي حررها ماهر دسوقي في رام الله لمرة واحدة عام 1994.
في حياته وسيرته النضالية
ولد الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد ،في قرية ذنابة ،المجاورة لمدينة طولكرم عام 1892 وهو من عائلة آل سيف ذات النضالات العريقة ، فأحد أجداده ناضل مع صلاح الدين، وآخر تصدى مع مجموعة منظمة من منطقته لقوات نابليون القادمة لاحتلال كل عكا ، حيث قبض عليه وتم إعدامه شنقا كما وينحدر مجاهدنا من أصول طبقية امتلكت المساحات الواسعة من الأرض وامتدت أراضيها من قرية نابة شرقا حتى البحر المتوسط غربا (1)
عمل عبد الرحيم في تجارة الحبوب في العشرينات من هذا القرن ، بعد أن خدم في الجيش التركي في بيروت وطرابلس الشام ، وكان ذلك في الحرب العالمية الأولى .
عرف عبد الرحيم كتاجر محبوب لدى جماهير الفلاحين، حيث صادقهم وتساهل معهم واستدانوا منه الكثير من المال ،ولم تقتصر العلاقة على الفلاحين ،بل أن صداقاته الواسعة امتدت لتطال العديد من المدن المحيطة .
أمسى عبد الرحيم يعاني عجزا ماليا ، حيث فقد رصيده المالي وأرهقته الضرائب الباهظة ووضعت السلطات البريطانية يدها على ماله ،فأعلن عجزه وإفلاسه المالي وباع متجره، وتحول نحو الزراعة ،فزرع أرضه في "دبة القراية " على بعد 3كم غربي طولكرم،وفي هذا المكان زرع البطيخ والترمس وحفر عيون الماء ، بالتعاون مع أقربائه وزرع الخضروات بصنوفها المختلفة.
بداية المشوار النضالي: بينما كان يقوم شيخ المجاهدين عز الدين القسام في جامع الاستقلال بمدينة حيفا على توعية الناس ونشر فكرة النضال المسلح للوقوف في وجه الخطر الصهيوني في فلسطين، كان البطل عبد الرحيم محمد يقوم بدعوى مماثلة في منطقة طولكرم،وقد لقيت دعوته نجاحا بين صفوف الفلاحين،وكذلك سكان المدن الذين أحبوه ، واخذ يجمع التبرعات لشراء الأسلحة ويقوم بتدريبات سرية لبعض أصدقائه في المناطق الشرقية من ذنابة مستغلا خبرته العسكرية السابقة أبان خدمته في الجيش التركي.
ولقد اعد عبد الرحيم هذه المجموعة للقيام بأعمال اغتيال ضد جنود العدو وضباطه، وضرب المستعمرات اليهودية القريبة من طولكرم وجنين ،كما نشط في اتلاف محاصيلهم الزراعية وبياراتهم وقد أطلق على منطقة نابلس وجنين وطولكرم "مثلث الرعب" وذلك لشدة الهلع والذعر اللذان أصابا الجنود البريطانيين واليهود في تلك المنطقة( 3)
ومع استشهاد القائد عز الدين القسام في العشرين من شهر تشرين ثاني عام 1935، بات عرب فلسطين مقتنعين بضرورة رفع راية الكفاح الشعبي المسلح، وكان أحد ابرز هؤلاء عبد الرحيم الحاج محمد وقد تعزز ذلك أبان الإضراب الكبير ،وما تلاه من خروج للثوار لأعالي الجبال.
من الإضرابات إلى الثورة :
بعد أن نجحت الجماهير الفلسطينية في تحقيق الاضراب الشامل ، أخذت تتحول نحو شكل آخر من النضال يتمثل في الككفاح المسلح وركوب الجبال ،وفي هذه الفترة قام بطلنا عبد الرحيم الحاج محمد بأكثر من هجوم على القوافل والسيارات اليهودية والقوات البريطانية بعد أن توفرت لديهم كميات من البنادق الألمانية والفرنسية والتركية ، والذخائر المختلفة التي كانوا يشترونها من سورية ولبنان مقابل أسعار خيالية .
كانت قرية ذنابة مسرحا لأول عملية قادها البطل عبد الرحيم، فقد انطلقت أول طلقة من جبل السيد في ذنابة مع أوائل صيف عام 1936، ويطل هذا الجبل على الطريق بين طولكرم ونابلس حيث تعبره القوافل البريطانية واليهودية، كل ليلة كما نشط الثوار بغاراتهم المتكررة على سجن نور شمس حيث وضعت قوات الاحتلال الإنجليزي المناضلون والمواطنون العرب رهن الاعتقال وقد ساعد عبد الرحيم الحاج محمد في القيادة والتنفيذ كل من الأبطال كامل الحطاب ،والبطل سليمان أبو خليفة ، والبطل إبراهيم العموري ، عبد اللطيف أبوجاموس وغيرهم .
وتلا تكرار الهجوم على سجن نور شمس بأيام قلائل ، معركة بطولية نادرة دعيت بمعركة (دير شرف ) ، واستمرت لأكثر من 7 ساعات ، وقتل فيها أكثر من خمسين جندي ، وضابط من الأعداء ، وتم إسقاط طائرة وتدمير ثلاث آليات إنجليزية ، وقد شكل هذا كله بداية طيبة لسمعة الثورة .

معركة بلعا الأولى
لقد تلا هذه المعركة البطولية التحضير لمعركة ثانية قام بها عبد الرحيم الحاج محمد ورفاقه يوم 10/8/1936م ، بعد أن رابطوا في جبال بلعا قرب موقعة " المنطار " على طريق طولكرم عنبتا ، دير شرف نابلس ، واحتلوا جميع الاستحكامات والخنادق الواقعة بين قرية بلعا ومدينة نابلس ، وما أن مرت القوات البريطانية من تلك المنطقة حتى انهال عليها رصاص الثوار المرابطين ،فتعطلت السيارات وتوقفت عن السير ، فنزل الإنجليز واختبئوا بين الصخور على مقربة من الطريق ، لكن رصاص الثوار كان أسرع من أن يمكنهم من الاحتماء طويلا أو الفرار، فقتل الكثير منهم واتصلوا بمراكزهم، وجاءتهم النجدات المكونة من 25 سيارة عسكرية منها 5 مدرعات بالإضافة إلى غطاء جوي مكون من خمس طائرات على أن هذا الأمر لم يرهب الثوار الذي ناضلوا بعزم وإيمان حتى غروب الشمس، وانسحب الإنجليز مخلفين خلفهم ستون قتيلا ، كما لغم الثوار الطريق خلف القوات الإنجليزية فانفجر أحد الألغام تحت سيارة إنجليزية مما أدى مقتل ضابط وأربعة جنود ، وتمكن الثوار من الانسحاب وكانت خسائرهم استشهاد أربعة ، منهم :الشهيد عبد اللطيف أبو جاموس ابن عم الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد من(ذنابة) ،والشهيد أمين حسين علارية من اكتابه، والشهيد الثالث من كفر اللبد ، وقد تم ربط جثث الشهداء الأربعة بمؤخرة إحدى الدبابات التي جرتهم من منطقة بلعا لغاية طولكرم ،وكان هذا شأن بريطانيا بعد كل معركة!
لقد عبرت الجماهير الشعبية عن حماستها للثورة ودور أبطال هذه المعركة ، وأنشدت أبياتاً غنائيةً التي أصبحت جزءا من تراثنا الشعبي ومنها البيت التالي.
بين بلعا والمنطار صار أيشي عمره ما صار
وبين بلعا والليلة والبارود يدوي دية.
تنكيل الاحتلال البريطاني بالشعب والثوار :
على أثر العمليات العسكرية التي قام بها الثوار في مثلث الرعب في زمن الانتداب البريطاني ،قامت القوات البريطانية بحملات عسكرية كبيرة لتفتيش المنطقة بحثا عن ثوار ترافقها مدرعات وطائرات ، وسيارات عسكرية في قرية بلعا ، كفر عبوش كفر بيت أمرين.
كما قامت بهدم بيت الثائرعبد الرحيم الحاج محمد، ومئات المنازل للثوار منهم فارس العزوني ،وعارف عبد الرزاق ، حيث نسفت منزل عبد الرحيم بتاريخ 27/9/1936 لكن الأهالي قاموا ببناء منزل من جديد، إلاأن السلطات البريطانية قامت بنسفه مرة أخري سنة 1938 كما كانت قريته عرضه للتفتيش والزيارات العسكرية المفاجئة .
مجيئ فوزي إلى فلسطين وعلاقة عبدالرحيم به :
تقاطرت إلى منطقة جبال نابلس ، الذي يسمى باسم "جبل النار " حملة كبيرة من الثوار المتطوعين في جهاد مقدس إلى فلسطين، وكانوا سوريين وعراقيين ولبنانيين وأردنيين،يقودهم الثائر فوزي القاوقجي وفي يوم 25 آب كان اجتماعهم جميعا في منطقة جبل جوريش . التقى فوزي القاوقجي بعدد من لثوار كان من بينهم : عبد الرحيم الحاج محمد ،وفخري عبد الهادي وتوفيق علاري.
وتشاور الجميع حول أسلوب المعارك والتخطيط لها ،وتوجهوا إلى بلعا ، وكانت هناك معارك شهيرة في كل من بلعا وبيت أمرين، وفي كفر صور.
كان من ثمار التعاون المشترك بين المناضلين الفلسطينيين،وفرقة المتطوعين التي يقودها فوزي القاوقجي أن جرى تشكيل لجنة لجمع التبرعات والإعانات وبصورة رسمية ، وعلى أعلى المستويات،وتضم عارف عبدالرازق وابراهيم نصار وفخري عبدالهادي ، وكان عبد الرحيم محمد أحد أعضاء هذه اللجنة ،وقام فوزي بتقسيم ميدان الثورة الرئيس إلى ثلاث مناطق:ـ
المنطقة الأولي :ـ تمتد شمال طريق طولكرم ـ دير شرف ، وغربي دير شرف ـ جنين وجنوبي وادي عارة.
وعين فخري عبد الهادي قائدا لهذه المنطقة.
والمنطقة الثانية :ـ جنوبي طريق دير شرف ،طولكرم، وغربي طريق دير شرف ونابلس حتى السهول الغربية ،وجعل عليها قائدا عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال يساعده عارف عبد الرازق(الطيبة).
المنطقة الثالثة وتمتد شرقي طريق جنين ـ نابلس ، وكانت بقيادة الشهيد سليمان السعدي الصانوري.
وفي 13/10/ 1936 غادر فوزي فلسطين بعد الإعلان عن وقف الإضراب من القيادة الفلسطينية السياسية ، وبإيعاز ووساطة من ملوك ورؤساء الدول العربية وتوجه عبد الرحيم يوم23/10/1936 إلى دمشق خشية الوقوع في أيدي القوات البريطانية التي أعلنت عن تقديم مكافأة كبيرة لمن يقبض عليه، ولم يكن عبد الرحيم على ثقة بصدق نوايا بريطانيا ولذا أقام صلات مع الحركة الوطنية السورية واللبنانية ،وشرع في التحضير لجمع السلاح والمعونات المالية حيث عاد إلى فلسطين في تشرين أول 1937 بعد أن قضى عاما كاملا خارجها.
ووصل إلى قرية النزلة الشرقية التي جعلها مركز قيادته، ونجح القائد في إفشال عدة محاولات لاغتياله من قبل عملاء وجواسيس السلطة البريطانية وكان من أبرزها الكمين الذي اعد له وهو يقوم بجولة اعتيادية بين جنين وطولكرم، حين فوجئ بحركة غريبة فأمر رفاقه أن يتوزعوا ودارت معركة عنيفة بينهم وبين القوة البريطانية المهاجمة ، وجرح الثائر في ذراعه ونجا من الأسر بعد أن جاءت فزعات من الثوار التي نجحت في فك الطوق عنه وقام بتطبيبه الدكتور فؤاد دعدس ،وكان ذلك أواخر عام 1937 .
الفصائل التابعة لعبدالرحيم الحاج محمد :
وصل عدد الفصائل تحت امرته الى ثلاثة عشر فصيلا وانخفض العدد في عام 1937 الى ثمانية فصائل ثم عاد وارتقع عددها الى اثني عشر فصيلا تراوح عدد الثوار فيها من 200 ـ 400 ثائر منظم ، ويتبعه محمد الصالح الحمد وعبدالله الطه من سيلة الظهر ، وابراهيم العموري أبو جاسر من ارتاح ، ومحمود اسماعيل البريمي أبو فتحي من كفراللبد ، وجميل خضر من الرامة ، وعبدالحميد مرداوي من بيت امرين ( مردة ) ، وسليمان ابو خليفة أبو فارس من وادي الحوارث ،، جميل خنفر ـ الرامة ويسكن في سيلة الظهر ،ومصطفى الأسطة من نابلس ، وعبدالله الحادر من دير الغصون ، وعبدالله الأ سعد من عتيل ، والعبد الصادق من عتيل ( انظر : نمر سرحان : عبدالرحيم ، ص 53و عزرا ،دنين ،ص 31)
ومن هذه الفصائل: فصيل عبدالله الحادر،وعبدالحميد المرداوي، وفصيل عطية ،وسليمان خليفة،وسعيد سليم من بيت ايبا،والملقب سعيد بيت ايبا،وخالد الحامد من عتيل،وعبداللطيف كعوش من طولكرم ويطلق عليه رئيس الحرس القيادي، ومصطفى الأسطة من نابلس،ومحمود سعيد بريمي أبو فتحي من كفراللبد،وعبدالله الطه من سيلة الظهر،وعبدالقادر الصادق،ويقدر عزرا دنين العدد ب163 ثائرا ،وأرى أن هذا غير صحيح .
خطوات عبدالرحيم على طريق تنظيم الثورة :
كان عبد الرحيم الحاج محمد يعمل بجهود حثيثة لتوحيد صفوف الثوار وتنظيم شؤونهم ، وتجنيب الثورة ما أمكن أي منزلقات وأخطار ، وقع فيها ثوار عديدون وتشير الدراسة التي قام بها الباحث إلى أن بعض المحسوبون على عارف عبد الرزاق قد أساءوا للثورة كثيرا ببعض الأخطاء التي ارتكبت لجمع إعانات على حساب الثورة ، واغتيال أشخاص وطنيين بتهمة العمالة ، ونجاح المشبوهين في التسلل إلى أوساطهم إلى جانب الاختلاف حول الصلاحيات والمسؤوليات ، والاستقلال في مناطقهم كل ذلك دفع عبد الرحيم الحاج محمد إلى اللقاء مع زميله في السلاح القائد عارف عبد الرزاق بعد أن توسط بين الاثنين القائد محمد الصالح ( أبو خالد) وتم لقاء في مؤتمر دير غسانة من قرى رام الله من اجل التباحث في شؤون الثورة و وضع حد للمشكلات التي بدأت تأخذ أبعادا خطيرة في أوساط الثوار ، ولعبت المعارضة دوراً سلبياً فيها، وأشارت الكتب والصحف اليهودية والبريطانية إلى شرخ عميق بين صفوف الثوار.
ونظم مؤتمر للمصالحة دعي باسم مؤتمر دير غسانة حضره عبد القادر الحسيني قائد منطقة القدس ، وعبد الحليم الجيلاني قائد منطقة الخليل.
وكان من نتائج المؤتمر عقد مصالحة بين الفريقين ، حيث تكللت جهود المؤتمرين بالنجاح، واتفق على تشكيل مجلس قيادة ثورة مكون من عارف عبد الرزاق ،و عبد الرحيم الحاج محمد ، وحسن سلامة ، ويوسق أبو درة ، ومحمد الصالح " أبو خالد " ، واتفق على أن تكون قيادة مجلس الثورة بالتناوب الدوري ، واتفقا على خطوط الأعمال الحربية الرئيسة ، وتناول الثوار طعام العشاء في القرية حيث أرادوا قضاء ليلتهم، وفي منتصف تلك الليلة شاهد الحراس من رجال الثورة قوات إنجليزية كبيرة تحاول محاصرة القرية مدعمة بالطائرات الحربية ، وحدث اشتباك بين العدو البريطاني والثوار ، وفي يوم الخميس الموافق 20 رجب سنة 1357 الموافق 15 /9/ 1938 وبالقرب من قرية بيت ريما ودير غسانة ، تقدم جيش العدو المستعمر إلى تلك الجهات لتطويقها فأرسل الطائرات لاستكشاف مع العلم أن العدو يعلم بمكان جيوشنا الجرارة ، ولكنى لما علم بتنظيم فرقنا المجاهدة تنظيما عسكريا تراجع عن مجابهتنا واكتفى بإرسال نجدة جوية مشكلة من اثنتي عشرة طائرة فما كان من جنودنا البواسل إلا أن أطلقوا نيران بنادقهم ورشاشاتهم على طائرات العدو فحمي وطيس المعركة وتمكن المجاهدون خلالها من إسقاط طائرتين وقتل من فيهما وأصيب بقية الطائرات بإصابات مختلفة مما اضطرها أخيرا للانهزام ، وكانت خسارتهم الفادحة أما خسارتنا فشهيد واصابة اثنين بجراح بسيطة وقتل أربعة رؤوس من الخيل ، هذا ولا صحة لما أذاعته الحكومة البريطانية من اصابة عدد كبير من المجاهدين ، ومما هو جدير الذكر أن جنودنا البواسل اظهروا في هذه المعركة بطولة منقطعة النظير بينما كانت تسمع الأهازيج والأناشيد الوطنية أثناء المعركة من بعيد وتعلن القيادة اسفها الشديد من الأعمال البربرية التي ارتكبها الإنجليز مع الأهالي من قتل الأبرياء الآمنين لما عجزوا عن ملاقاتنا .
هذا والوطن فوق الجميع(8)
المجاهد الصغير
عبد الرحيم الحاج محمد

بسم الله الرحمن الرحيم
ديوان الثورة العربية الكبرى
في سورية الجنوبية(فلسطين)
24 رجب 1357ه
قال تعالى:ـ" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )
يأسف ديوان الثورة العربية الكبرى اشد الأسف أن ينعي إلى الأمة العربية المجاهد الكبير السيد محمد الصالح والمشهور بابي خالد ابن الثورة البكر فقد كان رحمة الله رحمة واسعة ركنا حصينا من أركانها وسيفا نسله الله على أعداء الأمة عظيما .
فقد خرج المرحوم للجهاد في سبيل الله فجاهد حق جهاده،وبقي كذلك يكافح الاستعمار ويقارع الظلم إلي أن حانت منيته في 21 رجب سنة 1357ه في المعركة التي دارت رحاها ف ي الجهة الجنوبية بين جنود الحق وأعوان الباطل فقاوم مقاومة الأبطال بين التكبير والتهليل حتى قضى نحبه بعد أن أدى ما يجب علي نحو أمته وبلاده أيضا ولذلك فان ديوان الثورة العربية الكبرى يعلن للشعب العربي الفلسطيني الإضراب العام وذلك يوم الجمعة فقط الموافق 28 رجب 1357 ه حدادا عليه وتقديرا لخدماته وحسن بلائه ونسأل الله أن يلهمنا بالصبر وان يعوض الله أخيرا(9)
المجاهد الصغير
عبد الرحيم الحاج محمد




علاقة القائد عبد الرحيم بالجماهير
يصف كبار السن والرواة الذين قابلناهم في أماكن مختلفة أن عبد الرحيم كان موصوفا بحكمته واعتداله ، وسعة صدره وعدم تسرعه في الحكم ، وابتعد عن التدخل في المسائل الشخصية التافهة ، وحصر جهوده في الإخلاص للوطن وعدم الطمع في منصب أو جاه سياسي ، ويشير العارفون وكبار السن في حينه أن عبد الرحيم كان اكثر إخلاصا من غيره من الثوار ، وكان حريصا على الابتعاد عن قضايا الاغتيال السياسي أو اللصوصية التي شًوه بها بعض الثوار وجه الثورة حتى وصفها الأعداء والمعارضون بالتمرد و الشغب واللصوصية والسلب والنهب .
وكان يرى أن الاغتيالات السياسية شيء يبعث الفساد في البلاد ، ويسيء إلى أهداف الثورة المقدسة ، ووجدنا عبد الرحيم يشن حربه الشعواء على الذين جمعوا المال، وبأختام مزورة ، وباسم الثورة ، وفي هذا تضليل وأيما تضليل ودس وافتراء على الثورة والثوار .10)
ومع أن عبد الرحيم بقي مديونا بالأموال طيلة سنوات الثورة ، وحتى مماته بسبب خسارته في تجارته ، إلا انه رفض رفضا قاطعا أن يتقاضى مليما واحدا لإعالة أولاده على حساب الثورة بل كانت تعال أسرته من قبل اخوته ، وظل أبو كمال أرملا إلى ساعة استشهاده.
أثر استشهاده في نفوس أبناء فلسطين:
ضعفت الثورة منذ أواخر عام 1938، وأخذت تتآكل من داخلها في عام 1939 ، حيث ازداد العملاء والجواسيس المؤيدين للإنجليز ، وضاعف البريطانيون اضطهادهم للثوار وحل الارهاق والتعب بالجماهير الشعبية ، ونجح الانجليز في استخدام أساليب قمعية حديثة ، وخطط عسكرية جهنمية مبتكرة ، سواء باستخدام سلاح الطيران لقصف تجمعات ومواقع الثوار ، أو بفرض مختلف أشكال الحصار ، وحظر التجوال لعدة أيام ، أو استخدام أساليب التجسس بالاغتيال لقادة الفصائل ، ودس المشبوهين والعملاء في صفوف الثورة للقيام بالاغتيال والقتل والنهب والسرقة باسمها ، وتنامي الاحتراب السياسي و الحمائلي بين الحزبين الرئيسين
حزب آل النشاشيبي وحزب آل الحسيني وانعكس سلبا على عناصر وقيادات الحركة الوطنية الفلسطينية ،وتشكيل عصابات السلام وهي فصائل الثورة الممضادة للثورة وممارساتها ، هذا ناهيك عن التقاء الظرف الدولي والتحالف بين بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الثانية .
توجه عدالرحيم في أواخر عام 1938 أو أوائل عام 1939 إلى دمشق للتتباحث مع القيادة السياسية الفلسطينية فيها حول شؤون الثورة ، وقرر عبدالرحيم الرجوع من سوريا إلى فلسطين في آذار 1939 ونام ليلته في صانور عند صديقه كامل الحسين .
وصلت وشايات للبريطانيين عن قدوم عبدالرحيم إلى فلسطين ، ويظهر أن عملاء الانجليز ، وبعض الحاقدين من العائلات الفلسطينية كانوا له بالمرصاد . راقب هؤلاء قدومه إلى صانور التي لم تكن غير بعيدة عن قرية الكفير ، وقد اتهموه بقتل اثنين من أبناء عائلة ارشيد أو إعطاء أوامر بالقتل . سارع العملاء بالوشاية عنه ، أما القوات البريطانية فرأت أن في حصاره والقضاء عليه كصيد ثمين ، وقامت بفرض طوق ثلاثة أطواق عسكرية على صانور وبلغ عدد الجنود ثلاثة آلاف جندي . صلى عبدالرحيم صلاة الصبح وبلغه خبر الحصار و حاول الفكاك منه ،حيث ركب فرسه محاولاً اختراق الحصار في سهل القرية إلا أن البريطانيين عاجلوه باطلاق النار عليه ، فخر شهيدا في صانور ومعه رفيقه في السلاح سليمان خليفة. بينما نجح رفيقه سعيد سليم باختراق الحصار بعد أن قذف بعبائته على محاصيل القمح فأصلوها نارا وقد ظنوا أنه أصيب ، وقد بعث موته الحزن العميق في جميع أنحاء فلسطين ، وبموته ضعفت الثورة ، وأصابها الوهن ، وعجز خليفته الثائر أحمد أبو بكر أن يسد الفراغ الذي نشأ في الثورة .
المرجع:مخطوطة بعنوان : ريف جبل نابلس ودروره في ثورة 1936 ـ 1939



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

للاسف ان هناك الكثير من المنتفعين من الاحتلال فاذا راو مصالحهم قد تتعرض للاذى فانهم لا يهتموا لا لمصلحة وطن ولا للمجاهدين وانهم يفضلوا المصلحه الخاصه على العامه وما اكثرهم في ايامنا هذه فليشهد الزمن من هو الشهيد ومن هو العميل وان تغيرت اساليبه تحيى فلسطين ويحيى الثوار الشرفاء والموت للعملاء والمنتفعين
 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع