في 17 ـ 7 ـ م1923،اتخذت حكومة مظهر رسلان المشكّلة في 28 ـ 1 ـ م1923 قراراً بتشكيل أول مجمع علمي في تاريخ الدولة الأردنية بناء على رغبة شخصية من الأمير المؤسًّس عبدالله بن الحسين ، واختارت الحكومة الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي الذي كان يشغل منصب قاضي القضاة في الحكومة ليكون رئيسا للمجمع.
وجاء في قرار تشكيل المجمع أن الحكومة قررت تشكيل المجمع العلمي الأردني بهدف إحياء الآثار القومية ورفع منارة المعارف العربية ، وكان الشيخ سعيد الكرمي قد شغل منصب نائب رئيس المجمع العلمي السوري في دمشق قبل ذلك ، وضمَّ المجمع أعضاء من كافة البلدان العربية ليكون ذلك عاملا قويا من عوامل إحكام صلة التعارف العلمي والقومي بين الناطقين بالضاد كما ورد في قرار تأسيس المجمع ، وضمَّ المجمع الفيلسوف التركي رضا توفيق "وزير في إحدى الحكومات الأردنية" والعلامة الشيخ مصطفى الغلاييني والأستاذ رشيد بقدونس والأستاذ محمد الشريقي "وزير في إحدى الحكومات الأردنية" ، وانتخب الأعضاء العاملون في المجمع عدداً من الشخصيات العربية أعضاء شرف في المجمع هم الدكتور أحمد زكي باشا والشيخ أحمد عبَّاس والأستاذ محمد كرد علي والأب أنستاس الكرملي والأديب اسعاف النشاشيبي ، وترادف قرار تأسيس المجمع مع قرار آخر باصدار مجلة للمجمع تحمل اسم "مجلة المجمع العربي في الشرق".
وكان الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي قد شغل منصب قاضي القضاة في حكومة الرئيس علي رضا الركابي المشكّلة في 10 ـ 3 ـ م1922 ، وكان عند تشكيل الحكومة في دمشق فاستدعاه الرئيس الركابي ليكون وزيرا في حكومته جريا على سياسة إمارة شرقي الأردن الناشئة في الاستعانة بذوي الخبرة ليشاركوا في حكوماتها ، وشغل نفس المنصب في حكومة الرئيس مظهر رسلان المشكّلة في 28 ـ 1 ـ م1923 ، ثم في حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيادي المشكّلة في 5 ـ 9 ـ م1923 ، ثمَّ في حكومة الرئيس علي رضا الركابي المشكّلة في 3 ـ 5 ـ م1924 ، وكان الشيخ سعيد الكرمي من رجالات الحركة الوطنية العربية الذين تصدوا لحزب الاتحاد والترقّي الذين كان معظم قادته من يهود الدونمة والماسونيين والذي سيطر على مقاليد السلطة في الدولة العثمانية في أواخر عقودها ، وكان هذا الحزب على ارتباط وثيق بالصهيونية العالمية وبالمحافل الماسونية ، ولذلك لم يكن غريبا أن يتعرض الشيخ سعيد الكرمي لبطش السفاح جمال باشا قائد الجيوش التركية في بلاد الشام الذي كان من زعماء حزب الاتحاد والترقي الماسوني ، وكان نصيب الشيخ سعيد الكرمي من سياسة جمال السفاح القمعية تجاه رجالات الحركة الوطنية العربية حكما بالإعدام ، ولكن جمال باشا السفاح استجاب لنصائح مشاوريه بتخفيف الحكم إلى المؤبد بعد أن أقنعوه بأن إعدام الشيخ سعيد ، وهو من أبرز علماء المسلمين وهو في سن متقدمة ، سيزيد من نقمة العرب والمسلمين ضد حكم حزب الاتحاد والترقي ، ولما خرجت الجيوش التركية من بلاد الشام خرج الشيخ الكرمي من سجنه ليساهم في تأسيس الحكومة العربية الفيصلية بزعامة الملك فيصل بن الحسين في دمشق.
وبعد أن تغلبت قوة المستعمرين الفرنسيين الغاشمة ونجحت في هدم الحكومة العربية الفيصلية في دمشق ، عاد الشيخ الكرمي إلى فلسطين ، ليشغل منصب القضاء والإفتاء قبل أن تنتدبه حكومة فلسطين التي شكلها المندوب السامي البريطاني ليصبح عضوا في أكثر من حكومة في إمارة شرقي الأردن ، وعندما تصاعدت حدة المواجهة العربية للمخططات الصهيونية المدعومة من الإنجليز لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين كان الشيخ سعيد الكرمي من السابقين في العمل الوطني والسياسي ، فكان عضوا مؤسسا في حزب الدفاع الوطني في فلسطين الذي أعلن عن تشكيله رسميا بزعامة راغب النشاشيبي في 2 ـ 12 ـ م1934 في اجتماع حاشد في سينما أبولو في يافا عروس الشاطئ الفلسطيني الأسيرة.
وينتسب الشيخ الكرمي إلى عائلة آل الكرمي التي تقول رواية أوردها المؤرًّخ مصطفى مراد الدبـَّاغ في كتابه الموسوعي "بلادنا فلسطين" إنهم يعودون بجذورهم إلى عرب اليمن الذين قدموا مع الصحابي الجليل عمرو بن العاص لفتح مصر ، وأقطعهم بعد أن استقر الأمر للمسلمين في مصر بلدة "شنباره الطنينات" في المنطقة الشرقية من مصر ، وما زال في البلدة عائلة كبيرة اسمها "آل بيت الدحار" ومن هذه العائلة ارتحل إلى فلسطين جدُّ والد الشيخ سعيد الكرمي ، واستقر في مدينة طولكرم التي أخذت منها العائلة لقبها الذي تعرف به "آل الكرمي".
والشيخ سعيد الكرمي هو والد الأستاذ "أحمد شاكر" سعيد الكرمي الذي كان ناقدا أدبيا ذائع الصيت ، والعلامة حسن سعيد الكرمي وهو الإعلامي الشهير صاحب برنامج "قول على قول" الذي كان يقدمه من إذاعة لندن على مدى سنوات طويلة ، والشاعر المعروف عبدالكريم سعيد الكرمي "أبو سلمى" الذي اشتهر بشعره الوطني المنافح عن القضية الفلسطينية ، والشيخ محمود سعيد الكرمي خريج الأزهر الشريف ، ومن أحفاد الشيخ سعيد الكرمي الإعلامي الأستاذ زهير محمود الكرمي الذي كان من أبرز مقدمي البرامج العلمية في الإذاعات والتلفزة العربية.
نقلة م.سليم هاني الكرمي
عن صحيفة الدستور الاردنيه
التاريخ : 28-01-2010
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CLocalAndGover%5C2010%5C01%5CLocalAndGover_issue840_day28_id208206.htm
وجاء في قرار تشكيل المجمع أن الحكومة قررت تشكيل المجمع العلمي الأردني بهدف إحياء الآثار القومية ورفع منارة المعارف العربية ، وكان الشيخ سعيد الكرمي قد شغل منصب نائب رئيس المجمع العلمي السوري في دمشق قبل ذلك ، وضمَّ المجمع أعضاء من كافة البلدان العربية ليكون ذلك عاملا قويا من عوامل إحكام صلة التعارف العلمي والقومي بين الناطقين بالضاد كما ورد في قرار تأسيس المجمع ، وضمَّ المجمع الفيلسوف التركي رضا توفيق "وزير في إحدى الحكومات الأردنية" والعلامة الشيخ مصطفى الغلاييني والأستاذ رشيد بقدونس والأستاذ محمد الشريقي "وزير في إحدى الحكومات الأردنية" ، وانتخب الأعضاء العاملون في المجمع عدداً من الشخصيات العربية أعضاء شرف في المجمع هم الدكتور أحمد زكي باشا والشيخ أحمد عبَّاس والأستاذ محمد كرد علي والأب أنستاس الكرملي والأديب اسعاف النشاشيبي ، وترادف قرار تأسيس المجمع مع قرار آخر باصدار مجلة للمجمع تحمل اسم "مجلة المجمع العربي في الشرق".
وكان الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي قد شغل منصب قاضي القضاة في حكومة الرئيس علي رضا الركابي المشكّلة في 10 ـ 3 ـ م1922 ، وكان عند تشكيل الحكومة في دمشق فاستدعاه الرئيس الركابي ليكون وزيرا في حكومته جريا على سياسة إمارة شرقي الأردن الناشئة في الاستعانة بذوي الخبرة ليشاركوا في حكوماتها ، وشغل نفس المنصب في حكومة الرئيس مظهر رسلان المشكّلة في 28 ـ 1 ـ م1923 ، ثم في حكومة الرئيس حسن خالد أبو الهدى الصيادي المشكّلة في 5 ـ 9 ـ م1923 ، ثمَّ في حكومة الرئيس علي رضا الركابي المشكّلة في 3 ـ 5 ـ م1924 ، وكان الشيخ سعيد الكرمي من رجالات الحركة الوطنية العربية الذين تصدوا لحزب الاتحاد والترقّي الذين كان معظم قادته من يهود الدونمة والماسونيين والذي سيطر على مقاليد السلطة في الدولة العثمانية في أواخر عقودها ، وكان هذا الحزب على ارتباط وثيق بالصهيونية العالمية وبالمحافل الماسونية ، ولذلك لم يكن غريبا أن يتعرض الشيخ سعيد الكرمي لبطش السفاح جمال باشا قائد الجيوش التركية في بلاد الشام الذي كان من زعماء حزب الاتحاد والترقي الماسوني ، وكان نصيب الشيخ سعيد الكرمي من سياسة جمال السفاح القمعية تجاه رجالات الحركة الوطنية العربية حكما بالإعدام ، ولكن جمال باشا السفاح استجاب لنصائح مشاوريه بتخفيف الحكم إلى المؤبد بعد أن أقنعوه بأن إعدام الشيخ سعيد ، وهو من أبرز علماء المسلمين وهو في سن متقدمة ، سيزيد من نقمة العرب والمسلمين ضد حكم حزب الاتحاد والترقي ، ولما خرجت الجيوش التركية من بلاد الشام خرج الشيخ الكرمي من سجنه ليساهم في تأسيس الحكومة العربية الفيصلية بزعامة الملك فيصل بن الحسين في دمشق.
وبعد أن تغلبت قوة المستعمرين الفرنسيين الغاشمة ونجحت في هدم الحكومة العربية الفيصلية في دمشق ، عاد الشيخ الكرمي إلى فلسطين ، ليشغل منصب القضاء والإفتاء قبل أن تنتدبه حكومة فلسطين التي شكلها المندوب السامي البريطاني ليصبح عضوا في أكثر من حكومة في إمارة شرقي الأردن ، وعندما تصاعدت حدة المواجهة العربية للمخططات الصهيونية المدعومة من الإنجليز لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين كان الشيخ سعيد الكرمي من السابقين في العمل الوطني والسياسي ، فكان عضوا مؤسسا في حزب الدفاع الوطني في فلسطين الذي أعلن عن تشكيله رسميا بزعامة راغب النشاشيبي في 2 ـ 12 ـ م1934 في اجتماع حاشد في سينما أبولو في يافا عروس الشاطئ الفلسطيني الأسيرة.
وينتسب الشيخ الكرمي إلى عائلة آل الكرمي التي تقول رواية أوردها المؤرًّخ مصطفى مراد الدبـَّاغ في كتابه الموسوعي "بلادنا فلسطين" إنهم يعودون بجذورهم إلى عرب اليمن الذين قدموا مع الصحابي الجليل عمرو بن العاص لفتح مصر ، وأقطعهم بعد أن استقر الأمر للمسلمين في مصر بلدة "شنباره الطنينات" في المنطقة الشرقية من مصر ، وما زال في البلدة عائلة كبيرة اسمها "آل بيت الدحار" ومن هذه العائلة ارتحل إلى فلسطين جدُّ والد الشيخ سعيد الكرمي ، واستقر في مدينة طولكرم التي أخذت منها العائلة لقبها الذي تعرف به "آل الكرمي".
والشيخ سعيد الكرمي هو والد الأستاذ "أحمد شاكر" سعيد الكرمي الذي كان ناقدا أدبيا ذائع الصيت ، والعلامة حسن سعيد الكرمي وهو الإعلامي الشهير صاحب برنامج "قول على قول" الذي كان يقدمه من إذاعة لندن على مدى سنوات طويلة ، والشاعر المعروف عبدالكريم سعيد الكرمي "أبو سلمى" الذي اشتهر بشعره الوطني المنافح عن القضية الفلسطينية ، والشيخ محمود سعيد الكرمي خريج الأزهر الشريف ، ومن أحفاد الشيخ سعيد الكرمي الإعلامي الأستاذ زهير محمود الكرمي الذي كان من أبرز مقدمي البرامج العلمية في الإذاعات والتلفزة العربية.
نقلة م.سليم هاني الكرمي
عن صحيفة الدستور الاردنيه
التاريخ : 28-01-2010
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CLocalAndGover%5C2010%5C01%5CLocalAndGover_issue840_day28_id208206.htm
إذا كنت مؤلف هذه مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:
ملاحظة
مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.
شارك بتعليقك