فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

طولكرم: الاستاذ عبد الغنى الكرمى يكتب للصريح من لندن " كانون اول 1951 " : عيد الميلاد - ماذا يشغل الصحف البريطانية _انجليزي يتحدث عن الحرب ... أرشيف م. سليم هاني الكرمي

مشاركة م. سليم هاني الكرمي في تاريخ 15 كانون ثاني، 2023

صورة لمدينة طولكرم: : طولكرم ــ الميغا لاند (( دولاب الميغا )) أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
الاستاذ عبد الغنى الكرمى يكتب للصريح من لندن " كانون اول 1951 " : عيد الميلاد - ماذا يشغل الصحف البريطانية _انجليزي يتحدث عن الحرب ... أرشيف م. سليم هاني الكرمي

الصريح مجلة اسبوعية سياسية انتقادية مصورة
صاحبها ورئيس تحريرها: هاشم السبع
القدس السنة الثالثة السبت30 ربيع اول 1371 29 كانون اول 1951
العدد 127 الصفحة الاولى


الاستاذ عبد الغنى الكرمى يكتب للصريح من لندن

عيد الميلاد - ماذا يشغل الصحف البريطانية _انجليزي يتحدث عن الحرب


نحن على ابواب عيد الميلاد المجيد، واهتمام الانكليز بهدايا هذا العيد اعظم بكثير من اهتمامهم بالسياسة . والصحف هنا معنية بالطعام واجور القطارات وغير ذلك اكثر من عنايتها بما يجري في انحاء العالم من حوادث لها خطرها وخطورتها . وانا هنا في العاصمة البريطانية منذ ثلاثة اسابيع ، وقد يدهش اصدقائي في الوطن اذا قلت لهم إن احدا من معارفي القدماء لم يطرح علي اي سؤال له مساس، من قريب أو بعيد ، بالامور السياسية ، فالحديث عن المسائل الداخلية يطغى على كل شيء ، ويبدو لي ان الانكليز يؤثرون، في الوقت الحاضر، على الاقل ، ان ينصرفوا إلى معالجة قضاياهم المحليه ، بدل الاهتمام بالسياسة الدولية.


وقد شغلت الصحف البريطانية عدة ايام، بحادث نمر به نحن في وطننا مر الكرام. وهذا الحادث هو ان احد اللصوص هرب من السجن بان نقب الحائط وفر ، فاطلقت عليه الصحف لقب « ذو النظام المطاطية« مع ان مثل هذا الحادث كثير الشيوع في البلاد العربية ، فقطعة من الصابون، وقليل من الماء ، وفجوة صغيرة في الجدار ، كافية التسرب سجين في بلادنا ، وما اكثر ما سمعت عن مثل هذا.
وشغلت الصحف البريطانية ، خلال اليومين الماضيين، بمأساة ، خلاصتها ان لفيفا من طلاب المدرسة البحرية الابتدائية تتراوح اعمارهم بین ۱۱ و ١٣ عاما ، كانوا سائرين في احد الشوارع فمر بهم احد الباصات وداسهم فتوفي ۲۳ شخصا واصيب آخرون بجراح خطرة . ولم ينج من الموت الا الذين كانوا في الطليعه


ولا تجد في الصحف البريطانية الا القليل الجدا من اخبار الشرق الأوسط ، باستثناء ما يقع في منطقة قنال السويس من اصطدامات وضحايا. ويكفيك للتدليل على هذا ان تلك الصحف لم تنظر نبأ الانقلاب الاخير في سوريا واستقالة رئيس الجمهورية الا في اربعة اسطر وفي مكان مهجور !

والانكليزي يحب النظام بطبعه ، ويكره ان يرى شيئاً شاذاً . ولذلك تراه يترحم على ايام الحرب الماضية ، ايام التقنين وتحديد الأسعار ، لان اثمان الحاجيات التي ايسج بيعها بعد عام ١٩٤٩ ارتفعت ثلاثين في المئة وقد اعتاد هذا الشعب على الاقتصاد ما امكنه . وحمل أعباء الناقة وضروراتها دون تذمر لانه اعتقد بانه يؤدي خدمة وطنية جليلة اذا قبل بالامر الواقع.

والانكليزي ، من ناحية ثانية ، يرى ان الحرب العالمية الثالثة لا بد منها ، لكنه ويحاول ان يؤخر نشوبها الى ان يسترد قوته وان يعيد الى بلاده مكانتها الاقتصادية والمالية بعد ان ضحت بكل شيء في الحرب الماضية، التي خرجت منها منتصرة لكنها مهيضة الجناح مثقلة بالديون ، مهلهلة الاطراف. ..


وجاءت حكومة المحافظين لتتولى السلطة ، لكنها لا تملك اكثرية تساعدها على اتخاذ اجراءات ذات أثر فعال في حياة الامة . اضف الى ذلك ان الانكليزي لا يؤمن بالانقلابات ولا يرضى بالرجات العنيفة ، وقد اعتاد ان يرى حكومته تبني مدماكا . فاذا خلفتها حكومة من حزب آخر، زادت مدماكا جديدا فوق المدماك القديم لا كما يقع عندنا في الشرق بحيث تهدم كل حكومة ما بنته سابقتها، ولا تستطيع اية حكومة أن تغفل رغبات الرأي العام أو ان تندفع في خطة تبهظ كاهل الشعب ، ولهذا رأينا للمستر ايدن كثير التحفظ في مفاوضاته مع دول حلف الاطلسي وسمعناه يرفض الاشتراك في كثير من الخطط الرامية إلى تأليف جيش اوروبي ، أي انه يأبى ان يزج امته في مشكلات لا طاقة لها بها في الوقت الحاضر ، لانها لاتزال في حاجة الى زمن طويل للتندمل جراحات الحرب الماضية ولتنمحي آثارها المادية ، وهذا لا يعني ان الانكليز لا يشعرون بخطر الحرب القادمة، بل أنهم يتخوفون منها ، ويحسبون انها قد تاتيهم على حين غرة ، الا ان قدرة بلادهم المالية لا تتحمل أعباءها كما انهم لا يريدون ان يكونوا عالة على الولايات المتحدة ، فقرورهم القومي ، وعنادهم ، يفوقان كل درجة يمكن ان يتصورها العقل.


ان حكومة المحافظين لا تستطيع ان تفعل المعجزات ، ولا ينتظر منها ان تنقذ البلاد من عجرها المالي في بضعة أسابيع، كما انها لن تلقي بها في ازمة او ورطة دولية ليس وسعها النجاة منها ، ولذلك نراها تلجأ إلى السياسة التقليدية المعروفة عن الانكليز: «حارب عدوك بالزمن» او " لنكن على حذر و لكن لا يجوز ان نقوم بعمل لاطاقة لنا به ». والانكليز في حاجة الى دولارات، والي مواد خام ، والى توطيد مركزهم الدولي و من المحال ان يقذفوا بانفسهم في هوة أو مغامرة قبل ان تتحقق أهدافهم هذه .


وقد تحدثت قبل ايام ، الى صديق انكليزي عن موقف بريطانيا من هذه المفاجئات الدولية التي تتوالى يوما بعد يوم، وسألته عن رأيه في الحرب القادمة. فكان جوابه صريحا لا التواء فيه . قال: اننا شعب فقير. بذلنا كل ثروتنا في الحرب الماضية، ونحن الآن تتفق على التسلح اكثر مما في وسعنا ، ومع ذلك اذا احتاج الأمر إلى تضحيات، فنحن قوم احترفوا التضحيات، لكن فرنسا وإيطاليا مثلا تتلقيان من العون الاميركي اكثر مما تلقى، اذ انقطع عنا هذا العون من مدة ، ونحن نعرف أن العالم لا يمكنه ان يعيش في ظل عقيدتين متنافرتين، ولهذا لابد من حل ، أو لا بد من عملية جراحية، تريح هذا العالم من احدى هاتين العقيدتين.
قلت: انك تحدثني باللهجة التي سادت الدنيا عام ۱۹۳۸ ، فهل تعني ان الحرب لا بد منها ؟ هز رأسه وابتسم ، ثم قال : لماذا انت متشائم ياصديقي . اننا كلنا ميتون ، سواء انشبت الحرب أم لم تنشب . ونحن نفضل عادة ان موت اعزة لا أذلاء !...


وتكلمت مع آخرين، الا انهم فضلوا ان يتحدثوا عن الطقس والغلاء وأزمة المساكن. و نظرت الى المارة في الشوارع ، انهم يسرعون خطاهم ولا يتسكعون، وترى الواحد منهم يدخل الى المطعم فيلتهم قطعة من السندويش ويذهب عجلا الى عمله. ثم نظرت الى هذه "الباصات" المزدحمة بالركاب،انها تسير كانها الساعة بثوانيها ودقائتها فعجبت لهذا الشعب، ومن هذا الشعب ورحت اسائل نفسی : متى يبدأ صفحة جديدة من حياته ؟ ومتى يلتهب شعوره!


انك تستطيع ان تعرف ما تحت الصقيع ولكنك عاجز عن أن تعرف ما يختلج في قلب الانكليزي وعقله من مشاعر وآراء.



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع