الراي الثقافي-جريدة الراي الاردنية عدد الجمعة 24/10/1980 أرشيف م. سليم هاني الكرمي
كلمة وفاء
الطريق الى طولكرم
مغلقة
كيف تبكي وهل هناك دموع
ذهب الصحب والهوى والربيع
كل يوم احبة تنهاوی
وقبور غريبة وجموع
لا الثرى الذي يضم شظاياهم
تراب ولا الجموع جموع
لا يريدون غير ارض (فلسطين)
ولو انها الصفا والبقيع
هذا مقطع من قصيدة طويلة بعنوان (احبة يتساقطون) للشاعر عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) الذي قضى بعيدا عن وطنه، وهو مرفوع الجبين .. فقد عاش متحديا ، مقاتلا بالكلمات التي كانت تخرج من فمه زخات رصاص.. شامخا على الالام والجراح.. يحتضن وطنه السليب في قلبه، وفي عينيه ... مئات القصائد قالها في وطنه، وفي مأساة ابناء شعبه ... حنين وشوق ولهفة للعودة الى الوطن الذي صار شغله الشاغل.. كان اقصى امنياته أن يمتد به العمر ليكحل عينيه برؤية وطنه، وقد تحرر من الغزاة، وعاد الى اهله عربيا كريما ترفرف في سمائه رايات الحرية والنصر.. ولكن النهاية العاصفة امتداد للمأساة التي عاشها فمات ودفن بعيدا عن مسقط رأسه ...
************
مات عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) ابن فلسطين الذي خرج من رحمها، وشهدت طولكرم المدينة الصغيرة الحنونة مولده، ورعته صبيا وشابا .. مات الشاعر الذي وضع وطنه في صدره، وحمله وهو يطوف ارجاء الدنيا صارخا بحبه وحنينه اليه.. يحاول ان يوقظ اصحاب الضمائر على عمق مأساته، وعدالة قضيته.
************
كتب له أن يبقى مشردا كسائر ابناء وطنه، وهل اقسى من هذا ؟ كتب له ان يقاوم ويكافح من خلال قصائده التي كانت (شموعا مضيئة) تبدد ظلام الغربة، وتنير الطريق الى فلسطين السليبة.. كان مفكرة الزمن، مرتبطا بكل ذرة تراب في وطنه، متعلقا بكل ذكرى حلوة عاشها في ربوع فلسطين..
كان يسجل بشعره ما يمر بوطنه وشعبه من محن ونكبات ... ويسجل أيضا كل ظاهرة أمل كانت تشع على طريق العودة، تبدد ظلام الغربة، وتنير الطريق الى فلسطين المحتلة.
************
سهول طولكرم الشاسعة، وادي الزومر التراب البني المجبول ببذور الخير والأمل.. باقات الدحنون البري والنرجس .. حقول الزيتون التي امتدت فوق هضاب فلسطين شامخة راسخة في اعماق الارض ما زالت تنادي شاعرها وتنادي معه كل فرد شرد من وطنه للعودة اليها...
************
ان فلسطين التي سقطت فريسة في ايد غريبة، ستظل كما كانت عربية الى الابد ما دامت اصوات الشعراء ترتفع، وعيون الاطفال تتوجه بالأمل والعمل من اجل تحقيق نبوءة الشعراء بالعودة إلى كل مدينة وقرية ويقعة اغتصبت من ارض فلسطين
زياد عودة
شارك بتعليقك