فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

طولكرم: كتاب أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية "آراء أحمد شاكر الكرمي_ كوكب الأمل"

مشاركة م. سليم هاني الكرمي في تاريخ 2 كانون ثاني، 2024

صورة لمدينة طولكرم: : خضوري - صور قديمة أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
كتاب أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية "آراء أحمد شاكر الكرمي_ كوكب الأمل" …أرشيف م. سليم هاني الكرمي

أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية:

أصدرت وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية عام 1964 كتابًا عن أحمد شاكر بعنوان “أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية”، قدم له فؤاد الشايب ؛ جمعه وأشرف على طبعه عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى).

وقد قسم أبو سلمى محتويات كتاب آثار أخيه أحمد شاكر إلى الأقسام السبعة الآتية: مقدمة صفحة آ، حياته صفحة۳، مفكرة المحرر صفحة ۹ ، آرائي صفحة ۲۹، والمعرض العام صفحة ۷۷ ، والنقد صفحة ۱۱۷، والشعر الغربي صفحة ١٦٥، والقصص صفحة ۱۸۷، وأقوال ورسائل صفحة ٢٧٥، شارع الكرمي صفحة ۲۸۹ .

وقد بلغت عدد صفحات الكتاب 300 صفحة، وصدر عن دار أطلس للنشر،
وهو كتاب شهير ومنتشر في المكتبات العامة بالوطن العربي.
______________________________________________________

مجلة الرابطة الادبية :

في عام 1921 أسهم الكرمي في تكوين أولى الجماعات الأدبية في سوريا وهي التي سميت باسم الرابطة الأدبية
_________________________________________________________

كوكب الأمل

الليل والنهار صحيفتان في كتاب الزمن، قصهما مقراض القدر من أديم واحد، وكاسان متشابهتان تملؤهما يد القدرة الأزلية، من ينبوع مسلسل فياض، ولكنهما وان جمعت بينهما أرومة واحدة، يختلفان في المظهر والشكل اختلافا يبعد بينهما شقة النسبة والشبه.

في كل دورة من دورات هذه الكرة الأرضية، تقرع أجراس الدهر معلنة جلوس نهار جديد على عرش الزمن، فتستيقظ الكائنات من سباتها وتنشد الخلائق أناشيد الغبطة والجذل، ترحيبا بفصل الحياة وتأهيلا بالنور المنبثق من صوب الشرق • الغامر بطوفانه الأرض، الغاسل عن وجه البسيطة أدران الليل، الطارد من حماها جيوش الظلام. ثم ينقضي أجل النهار وتنسخ أحكام ملكيه، فيستوي الليل على عرش الزمن ناشرا ظلماته في طول الأرض وعرضها خالعا على الكون ثوب الحداد، فتقابله الكائنات بالصمت العميق، وتدخل فيه المخلوقات مساكنها وأكنانها منتظرة نور الصباح.

فالليل والنهار أيها السادة نصفان يتألف من مجموعهما اليوم، ولكن أحدهما حياة ونور والآخر موت وظلام، وشتان ما هما، وقد كان الليل ليلا والنهار نهارا منذ الخليقة، كما هما الان، وسيبقيان كذلك إلى أن تندثر دقائق هذا الوجود، وتتبدد ذراته، تلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.

٤٠

غير أن هناك -أيها السادة -نهارا غير هذا النهار وليلا سوى هذا الليل، هناك فصلان تتألف منهما الحياة المعنوية للأفراد والأمم، وللفنون والآداب، يمتاز أحدهما بإشراقه ولمعانه والآخر بسواده وظلامه، وهما تعاقبان كما يتعاقب ليل الزمن ونهاره سواء بسواء.

يقف الفرد منا بعد أن يقطع مرحلة من مراحل الحياة، ثم يرمي بنظرة إلى سلسلة الماضي التي يجرها وراءه، فتلوح له فيها حلقات بيض ناصعة، متصلة بحلقات سود حالكة. فالحلقات اللامعة هي الأوقات السعيدة التي قضاها المرء في ماضيه، والحلقات القاتمة هي الأزمان النحسة، التي مرت به في سالف أيامه، وبقدر ما بين هذه وتلك، من التفاوت في العدد تقدر قيمة الحياة.

وفي حياة الامم يظهر هذان الفصلان -فصل النور وفصل الظلام -بجلاء ووضوح، ويبصرهما قارئ التاريخ يتبع أحدهما الآخر ويقفي عليه.

والادب العربي قد تقلب في الظلمة والنور، فأشرقت ديباجته وابيضت صحيفته، ثم أظلمت جنباته واسودت صفحاته مرات عديدة. وهو اليوم مثل رجل غربت عليه الشمس ، وهو سائر في طريق وعرة ، موحشة ، مملوءة بالحفر والاخاديد ، فبقي مثابرا على سيره ، يكبو تارة وينهض أخرى ، وقادته خاتمة المطاف الى حفرة عميقة قائمة في ظاهر الطريق ، فهوى فيها ، وقد بلغ التعب منه غايته وسالت أطرافه بالدماء ، واستقر المسافر المكدود في تلك الحفرة ، ولم يحاول النهوض من كبوته ، انه لم يمت ولم يفقد الحياة ، ولكنه كان تعبا منهوك القوى ، فبقي ساكنا هادئا ينتظر الساعة التي يستعيد فيها قوته ، ليخرج من حفرته ويواصل سيره وكأني به يفتح عينيه فجأة ويتطلع الى الافق ، فيرى الجو مدرعا بالغيوم ويبصر وجه السماء مبرقعا بالسحائب ، فتروعه تلك الظلمات المتراكم بعضها

٤١-

فوق بعض، إلا أنه لا يلبث أن يلمح من خلال تلك الطبقات السود، نورا مثيلا يفري أحشاء الظلام، ينبعث من نجم ثابت براق، فتبسط أساريره ويخامر فؤاده الجدل، لأن ذلك النجم الذي رآه هو " كوكب الأمل" أو نجمة الصبح، التي تسير في طليعة جيش النهار.

هذا هو مثل الأدب العربي في الزمن الحاضر، أشرفت عليه نجمة الصبح، بعد أن طال ليله وضل السبيل، فانتعشت آماله، وأخذ يشمر أذياله ويجمع حواشيه ويتهيأ للخروج من الحفرة التي سقط فيها، ليتابع سيره ويجدد جهاده، وما كانت تلك النجمة، التي لاحت في ظلمات ليله، الا هذه الروح الفتية الطاهرة، التي دبت بهذا الشباب الناهض، وحدت به الى ايجاد الحركة الجديدة التي نراها في عالم الأدب.

كان الادب العربي بالأمس -وهو يتمرغ في ليله الدامس -أدبا صبيانيا، قصره أهله على أغراض تافهة وجعلوه شبكة يصطادون بها أرزاقهم، وسلسلة من المدائح الكاذبة يطوقون بها أعناق كلاب الدنيا، لينالهم شيء من فضلاتهم، أما اليوم فقد أخذ يدنو من الحياة الانسانية العامة ويمتزج معها، وعاد الى سلوك السبيل الذي خلقه الله للسير فيه.
نحن لا نزعم أن الحركة الحاضرة في عالم الادب وافية تامة، ولكننا نقول * انها يشير الحياة ودليل النهوض، فهي كنجمة الصبح ان لم يكن في نورها هدى للمستهدين، فأنها مقدمة لأنوار الصباح *

يقول بعض الناس: انكم تبالغون في تقدير قيمة الادب وفوائده، وما الادب الا أبيات من الشعر أو شذرات من النثر لا تسمن ولا تغني من جوع، وليس للأدب في الحياة قيمة يستحق لأجلها تلك المنزلة التي تريدون أن ترفعوه اليها، فهو دون كثير من الحرف والمهن من حيث الفائدة لأهله ولبني الانسان.

وليس هذا القول صوابا، فان الادب الحق مظهر رقي الامم وتهذيبها،

٤٢-

ومجلى حكمتها وفلسفتها، انه مرآة ينعكس على سطحها، كل ما في المجتمع من خير وشر ومن فلسفة وجهل ومن حكمة وحمق، وبقدر ما تخدم مرآة الحسناء صاحبتها في تحسين خلقتها وارشادها إلى عيوبها، يخدم الادب في تهذيب أخلاق الامم، واقصائها عن الرذائل وارشادها الى مواطن نقصها ومواضع الضعف فيها.

لقد شاعت بين الامم الحية في هذا العصر، عبادة «العجل الذهبي» واظهر المتمدينون حرصا غريبا على جمع المال، وجدا في طلبه وتحصيله بكل واسطة ووسيلة، وقد اعتنق كثير من أبناء قومنا، ذلك الدين الجديد الا أنهم شوهوه -كما هي العادة -وغيروا أوضاعه.

تقدس تلك الامم المال ولكنها لا تهمل شأن العقل، وتعنى بالمادة ولكنها لا تبخس النفس حقها.

ما هو الانسان -أيها السادة -إذا تجرد من شعوره وعقله، أيكون بينه حينذاك وبين البهائم والدواب فرق يذكر؟
يشترك الانسان والحيوان في كثير من الأمور، فللإنسان -مثلا -عينان يبصر بهما، وله اذنان يسمع بهما، وللحيوان أيضا عينان واذنان، ولكن الفرق بين بصر الانسان والحيوان وسمعهما هو أن الأول يفهم ما يراه ويدرك ما يسمعه، والثاني يرى ويسمع من غير أن يفهم شيئا. وفهم الانسان الأمور التي يقع عليها حسه وشعوره بها، يزيدان وينقصان بمقدار جودة آلة الفهم وقوة مصدر الشعور، فالعقل والشعور أهم ما تتميز به عن البهائم والدواب، وإذا كان يهمنا أن نحتفظ بتلك الميزة فليس لنا الا العناية بعقولنا والاهتمام بنفوسنا.

وليست الفائدة التي يجنيها المرء من جراء تثقيف عقله وتهذيب نفسه، قاصرة على رفع مستواه الفكري والروحي فحسب بل تتعدى الـي تسهيل سبل نجاحه في حياته المادية أيضا.

- ٤٣ -

هي وخير واسطة تجلو بها صدأ عقولنا، وتشفي بها علل نفوسنا هي الأدب، ولا تريد بهذا القول، أن تدعي أن حاجتنا إليه مثل حاجتنا إلى الهواء أو الماء، ولكنا نريد أن تقول: ان حاجتنا اليه مثل حاجتنا إلى النور، وان من الممكن أن تعيش من غير أدب ولكننا نعيش عيشة العميان.

قلنا ان الأدب العربي اليوم، في أواخر ليله وانه على أبواب (صبح جديد) ومعنى ذلك أنه لا يزال ضعيفا، تهدده الاخطار، ولا يكفي لنهضته العامة وجود توابع من الأدباء، يقودون حركته ويتصرفون بشؤونه، بل لا بد له من مؤازرة الامة ومساعدتها وعناية الطبقة المتعلمة ومونتها.

أراد الله أن يكون في هذه الأمة أناس، لا هم لهم الا استصغار كل أمر عظيم، والحط من شأن كل شيء جديد. خصوصا إذا صدر من أبناء وطنهم واخواتهم ولا يستطيع أحد أن يحصي ما قتل هذا الخلق من نفوس ومواهب وأراء وأفكار، قديما وحديثا، وليس أهل هذا الخلق الا قوما أفسد الحسد سرائرهم، وأعمى قلوبهم وحال العجز بينهم وبين التقدم فوقفوا حيث هم لا يتقدمون ويحاولون أن يصدوا كل من يود التقدم ويتوق اليه.

نحن على ثقة من أن هذه الروح الخبيثة ستختنق وتموت، منى أدرك السواد الأعظم من أبناء قومنا علاقة الفرد بالمجموع وعرفوا أنهم أعضاء في جسم واحد وان الزيادة في قوة الفرد منهم، زيادة في قوة المجموع بأسره.

لقد أوشك ليل الادب العربي أن ينجلي، وأخذ ذلك المسافر العائر يلم شعته، ويستعد للسير في طريقه الى الامام، مستهديا بذلك النور البراق، من نجمة الصبح، أو " كوكب الامل ". وكأني به يخاطب ذلك الكوكب المنير قائلا: أيها النجم الثاقب، المشرف من سمائك على هذا القلب الكسير، المطل من عليائك على هذه الروح القلقة الخفاقة بك

٤٤-

يستهدي الضالون ويأمن التائهون، من نورك الابدي، يستمد القلب ذخر الرجاء، ومن سنائك السرمدي، ينفذ الى النفوس شعاع الأمل. أنر لي طريق هذه الحياة الموحشة، واكشف عني تلك الظلمات المتكاتفة، ودع هذا العقل السجين يسرح في عالم النور وينشد أناشيد الحياة.

وغدا متى جلس ابن النور على عرش الزمن، وقرعت أجراس الدهر، مؤذنة بانقضاء أجل الليل وشروق شمس نهار جديد، يشيد أبنائي المخلصون هيكلا لك، يمجدون فيه اسمك ويسبحون بحمدك.

ألقيت في حفلة الرابطة الأدبية التي أقيمت على مسرح زهرة دمشق مساء الجمعة ١ كانون أول سنة ١٩٢١ .

- ٤٥-



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع