كتاب أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية "آراء أحمد شاكر الكرمي_ الصحافة العربية" …أرشيف م. سليم هاني الكرمي
أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية:
أصدرت وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية عام 1964 كتابًا عن أحمد شاكر بعنوان “أحمد شاكر الكرمي: مختارات من آثاره الأدبية والنقدية والقصصية”، قدم له فؤاد الشايب؛ جمعه وأشرف على طبعه عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) .
وقد قسم أبو سلمى محتويات كتاب آثار أخيه أحمد شاكر إلى الأقسام السبعة الآتية: مقدمة صفحة آ، حياته صفحة۳، مفكرة المحرر صفحة ۹ ، آرائي صفحة ۲۹، والمعرض العام صفحة ۷۷ ، والنقد صفحة ۱۱۷، والشعر الغربي صفحة ١٦٥، والقصص صفحة ۱۸۷، وأقوال ورسائل صفحة ٢٧٥، شارع الكرمي صفحة ۲۸۹ .
وقد بلغت عدد صفحات الكتاب 300 صفحة، وصدر عن دار أطلس للنشر،
وهو كتاب شهير ومنتشر في المكتبات العامة بالوطن العربي.
______________________________________________________
مجلة الرابطة الادبية :
في عام 1921 أسهم الكرمي في تكوين أولى الجماعات الأدبية في سوريا وهي التي سميت باسم الرابطة الأدبية
_________________________________________________________
الصحافة العربية
وعدنا في خاتمة بحثنا " الصحافة والامة " أن نقول كلمة نبين فيها حالة الصحافة العربية اليوم، وأسباب نجاح بعض الصحف وفشل البعض الآخر وكفاءة رجالها ومبلغ معرفتهم بصناعتهم، وان تتناول في مقالنا الصحافة العربية في سورية ومصر والعراق والحجاز والمهاجر العربية، الا أننا لا نرى بدا من تقديم كلمة موجزة عن حالة البلاد العربية المختلفة ومقدار تقدمها العلمي لشدة حاجة بحثنا إلى ذلك.
نقصد بالبلاد العربية الاقطار التي يتكلم أهلها بلغة الضاد ، وهي تشمل اقاليم كثيرة لا يهمنا ذكر بعضها الآن لعدم تعلق موضوعنا بها ، ولكن الذي يهمنا هو سورية ومصر والعراق والحجاز ثم المهاجر العربية ، وهذه الاقطار كما أنها تختلف في مواقعها الجغرافية ، تختلف أيضا في عادات سكانها وأطوارهم وفي أفكارهم ومعارفهم ، فليس مستوى العقل العام واحدا فيها ، ولا انتشار العلوم والفنون على حد سواء في جميعها ، بل هناك فروق بينها ، تعظم أحبانا ، غير أن الشيء الذي تنفق فيه ، هو تأخرها جميعا في ميدان المعارف والعلوم ، بدليل أن أرقاها وأظهرها نهوضا لا ينقص عدد الأميين فيها عن تسعين في المائة من سكانها ، والبلاد التي هذا شأنها لا يتأتى لها أن تنهض نهضة أدبية ، ولا أن تصل الصحافة فيها الى الدرجة المرغوبة ، وذلك لأنها تكون محرومة من « الرأي العام « بمعناه الصحيح ، والرأي
٥١
العام هو محور نجاح الصحافة وقطب رحاها ، وهو وحده الذي يعلي شأنها ويشرف قدرها ، أو يحكم عليها بالموت والفناء ، كما هو مشاهد في البلاد المتمدنة التي يظهر فيها أثر الرأي العام واضحا جليا ، وحرمان الاقطار العربية من الرأي العام ، حمل المحترفين بمهنة الصحافة العربية على عدم الاعتماد على مساعدة الامة وحدها في احياء صحفهم وانتشارها ، وجعلهم يسلكون طرقا أخرى لترويجها كالانحياز إلى فريق من الاعيان والمثرين ، والاشتغال بمدحهم واطرائهم ، أو خدمة سياسة حكومة من الحكومات ، أو طائفة من الطوائف ، أو سلوك سبيل الحيلة واختراع أساليب غير مشروعة لاصطياد الأموال ، وهذا الأمر الأخير قد جراً كثيرا من المحتالين على احتراف الصحافة والاشتغال بها واتخاذها شبكة لصيد مال الأمة أو قسم من أبنائها ، ويقال بالإجمال ان أكثر رجال الصحافة العربية لا يعتمدون في نجاح صحفهم على مقدرتهم الشخصية فقط ، بل لا بد لهم أن يسلكوا احدى الطرق التي ذكرناها والا باؤوا بالخيبة والفشل .
هذا ما يقال عن صحافة كل قطر بمفرده، غير ان الصحافة في مصر أقوى أساسا وأمتن دعائم من صحافة البلاد الأخرى، نظرا لما لمصر من الميزة على غيرها من الاقطار العربية في مضمار التقدم الأدبي والفني، ويكاد المشتغلون بالصحافة فيها أن يكونوا أرقى من المشتغلين بها في الاقطار الأخرى، الا أنهم مع اقتدارهم وعلو كعبهم قلما يستغنون عن اتخاذ بعض الوسائل التي ذكرناها ليحيوا صحفهم ويستفيدوا منها.
أما في سورية فان الصحافة غير ثابتة الاركان، وليس لها من الموارد ما للصحف في مصر، وهي عدا ذلك أقل انتشارا من الصحف المصرية وأقل مادة وفي محرريها أدعياء ومتطفلون، أما العراق فصحافته وياللاسف لا تستحق الذكر، وفي الحجاز توجد جريدة واحدة وهي جريدة منتشرة انتشارا كبيرا في ذلك القطر.
- ٥٢
أما الصحف في المهاجر العربية فليست سواء في الانتشار، وفي مقدرة الكتاب، ويقال بالإجمال ان صحافة الولايات المتحدة أوسع انتشارا وأقدر كتابا، وان كان يوجد في صحف الولايات المتحدة وفي صحف البرازيل والارجنتين ما يعول في الحياة على الطعن بالناس والتعرض للشخصيات والخروج عن آداب الصحافة في المناقشة والجدال.
أما الصحفيون ، فانهم يختلفون أيضا في كفاءتهم واستعدادهم ويتفاوتون في معرفتهم بصناعتهم وبما يلزم لها من الأمور ، ومن المؤكد أن ليس عندنا سوى القليل من الذين يستحقون أن يسموا صحفيين بحق ، أما بقية الذين يشتغلون بالصحافة فانهم بعيدون عنها وعن القيام بما تتطلبه من الأعمال ، ولو كان الرأي العام عندنا مكونا وكان راقيا مستنيرا ، لا مكننا أن نعرف كفاءة الصحفيين من انتشار جرائدهم ، فان ذلك وحده هو الدليل على معرفة الصحفي بالأمة ووقوفه على ميولها وأهوائها ، ثم تقديمه لها ما يروق لديها ويحسن في نظرها ، ويمكن للقارئ، أن يعلم من هذا الامر شدة حاجة المشتغلين بالصحافة الى درس حالة الامة درسا تاما ، والوقوف على أخلاقها وعاداتها ، والالمام بحاجياتها ورغباتها ، ومعرفة ما تحب وما تكره ، فاذا تم لهم ذلك أمكنهم أن يلجوا باب الصحافة باطمئنان ، وقدروا أن يزاولوا تلك الصناعة وهم على ثقة من النجاح ، والا فانهم لا ينجحون ولا يفوزون ، مهما علا كعبهم في العلوم والفنون ، ومهما بلغوا من المعرفة و التهذيب ، والصحفي الحقيقي ، فيما عدا ذلك ، محتاج لمعرفة كل ما يوجد في محيطه الذي يعيش فيه ، ولهذا كان فن الصحافة اصعب من كل فن آخر، لان كل فن له حدود ينتهي اليها ونهاية يقف عندها . أما الصحافة فهي فن غير محدود ولا محصور لأنه يتطلب الماما بكل الشؤون ومعرفة بمختلف العلوم والفنون واطلاعا على كل شيء واحاطة بكل أمر وذلك لا يتيسر لكل طالب.
٥٣
ولسنا نطمع في أن يوجد بيننا أناس كهؤلاء في وقت قريب، مــا دامت الامة غارقة في سباتها، مسترسلة في رقادها، فأنها ما بقيت كذلك، لا ترى الا أناسا يليقون بانحطاطها ويناسبون تأخرها، فاذا ما جاء زمن يقظتها فنهضت ونبذت الكسل والخمول واهتدت بنور العلم والعرفان، رأت من أبنائها مئات يبرزون الى ميدان العمل، على حين غفلة، وهم رافلون في حلل من النبوغ، تليق بمجد أمتهم ومكانها تحت الشمس.
الكوكب ۲۵ نوفمبر ۱۹۱۹
٥٤
شارك بتعليقك