يوم ماتت قرية يانون
نقلاً عن «الشرق الأوسط»
ما أن انتهى الناس من أداء صلاة الجمعة حتى اختفت قرية يانون الفلسطينية الواقعة بالضفة الغربية المحتلة من الوجود. فقد اضطر آخر سكانها لجمع ما استطاعوا من حاجياتهم ومغادرتها في عربتين متهالكتين، بعدما طفح كيلهم من تحرش السكان المسلحين للمستعمرة اليهودية المجاورة لقريتهم.
هذه القرية العتيقة التي استوعبت ذات يوم 25 عائلة باتت اليوم خالية من سكانها، يمزقها صمت الموت. وهي للمرة الأولى منذ عام 1967 يضطر فيها الفلسطينيون لمغادرة قرية بكاملها. ولم يلق هذا الحدث اهتماما يذكر من قبل الإعلام العالمي. حتى وسائل الإعلام العربية لم تأبه به كثيرا.
ما حدث لهذه القرية يعد آخر أمثلة النزيف البطيء الذي ينخر عظام مكانة الفلسطينية السكانية القوية في الضفة الغربية. وواحدة من أخطر المعلومات التي حافظ البعض على سريتها بإحكام خلال العامين أو الثلاثة الماضية، هي إن ما يقرب من 400 الف فلسطيني اضطروا لمغادرة مساكنهم هربا من الاهانة والمعاناة والعنف، وإن أكثر من نصفهم ذهبوا إلى الأردن المجاور.
جميع هؤلاء تقريبا يطرحون انهم غادروا بشكل مؤقت. لكن بالنسبة لاولئك الذين يدركون تاريخ الفلسطينيين يبدو ظرف الزمان نذير شؤم، فالمألوف في فلسطين أن تصبح الخسائر المؤقتة دائمة.
إذا ما سألنا عما إذا كان هذا النزيف السكاني الفلسطيني بداية لما يدعى سياسة «الترحيل» التي ظل الصهاينة المتشددون يحلمون بها منذ عام 1967، فالإجابة ستكون: لا، إذ إن التقديرات الرسمية الاسرائيلية تشير إلى ان ما يقرب من ضعف العدد المذكور آنفا من اليهود غادروا اسرائيل. وهذا الوضع ينسجم مع حقيقة ان معظم أولئك الذين غادروا حافظوا على جنسيتهم الاسرائيلية بينما واصل العديد منهم زياراتهم للدولة اليهودية من وقت لآخر.
لكن، وكما هو حال سكان قرية يانون، توصل معظم اولئك الإسرائيليين إلى قناعة بأن الحياة الطبيعية في أماكن سكنهم والتخطيط لمستقبل طبيعي ضمن الاطار الاسرائيلي ـ الفلسطيني المستحيل، باتت أمرا غير ممكن في ظل الأوضاع الحالية.
أولئك الذين يغادرون مناطقهم من ابناء الشعبين هم إلى حد كبير ممن يمكن اعتبارهم معتدلين: عائلات تنتمي للطبقة المتوسطة ولفئات المزارعين الصغار والمهنيين وكبار السن.
في الجانب الاسرائيلي يتركز النمو السكاني الوحيد في أوساط سكان المستعمرات غير القانونية كأولئك الذين أرغموا سكان القرية الفلسطينية على الانتحار. أما النمو السكاني الفلسطيني فعائد إلى حد كبير الى مخيمات اللاجئين وأحياء غزة الشعبية والى الضواحي المدمرة .
وبناء عليه فإن الساحة تبدو مهيأة لواحد من أبشع نماذج التدمير التي مرت بتاريخ المنطقة. وكان الأجدر أن يدق ما حدث في يانون نواقيس الخطر، على اعتبار ان العالم سيأسف على ذلك في يوم ما
نقلاً عن «الشرق الأوسط»
ما أن انتهى الناس من أداء صلاة الجمعة حتى اختفت قرية يانون الفلسطينية الواقعة بالضفة الغربية المحتلة من الوجود. فقد اضطر آخر سكانها لجمع ما استطاعوا من حاجياتهم ومغادرتها في عربتين متهالكتين، بعدما طفح كيلهم من تحرش السكان المسلحين للمستعمرة اليهودية المجاورة لقريتهم.
هذه القرية العتيقة التي استوعبت ذات يوم 25 عائلة باتت اليوم خالية من سكانها، يمزقها صمت الموت. وهي للمرة الأولى منذ عام 1967 يضطر فيها الفلسطينيون لمغادرة قرية بكاملها. ولم يلق هذا الحدث اهتماما يذكر من قبل الإعلام العالمي. حتى وسائل الإعلام العربية لم تأبه به كثيرا.
ما حدث لهذه القرية يعد آخر أمثلة النزيف البطيء الذي ينخر عظام مكانة الفلسطينية السكانية القوية في الضفة الغربية. وواحدة من أخطر المعلومات التي حافظ البعض على سريتها بإحكام خلال العامين أو الثلاثة الماضية، هي إن ما يقرب من 400 الف فلسطيني اضطروا لمغادرة مساكنهم هربا من الاهانة والمعاناة والعنف، وإن أكثر من نصفهم ذهبوا إلى الأردن المجاور.
جميع هؤلاء تقريبا يطرحون انهم غادروا بشكل مؤقت. لكن بالنسبة لاولئك الذين يدركون تاريخ الفلسطينيين يبدو ظرف الزمان نذير شؤم، فالمألوف في فلسطين أن تصبح الخسائر المؤقتة دائمة.
إذا ما سألنا عما إذا كان هذا النزيف السكاني الفلسطيني بداية لما يدعى سياسة «الترحيل» التي ظل الصهاينة المتشددون يحلمون بها منذ عام 1967، فالإجابة ستكون: لا، إذ إن التقديرات الرسمية الاسرائيلية تشير إلى ان ما يقرب من ضعف العدد المذكور آنفا من اليهود غادروا اسرائيل. وهذا الوضع ينسجم مع حقيقة ان معظم أولئك الذين غادروا حافظوا على جنسيتهم الاسرائيلية بينما واصل العديد منهم زياراتهم للدولة اليهودية من وقت لآخر.
لكن، وكما هو حال سكان قرية يانون، توصل معظم اولئك الإسرائيليين إلى قناعة بأن الحياة الطبيعية في أماكن سكنهم والتخطيط لمستقبل طبيعي ضمن الاطار الاسرائيلي ـ الفلسطيني المستحيل، باتت أمرا غير ممكن في ظل الأوضاع الحالية.
أولئك الذين يغادرون مناطقهم من ابناء الشعبين هم إلى حد كبير ممن يمكن اعتبارهم معتدلين: عائلات تنتمي للطبقة المتوسطة ولفئات المزارعين الصغار والمهنيين وكبار السن.
في الجانب الاسرائيلي يتركز النمو السكاني الوحيد في أوساط سكان المستعمرات غير القانونية كأولئك الذين أرغموا سكان القرية الفلسطينية على الانتحار. أما النمو السكاني الفلسطيني فعائد إلى حد كبير الى مخيمات اللاجئين وأحياء غزة الشعبية والى الضواحي المدمرة .
وبناء عليه فإن الساحة تبدو مهيأة لواحد من أبشع نماذج التدمير التي مرت بتاريخ المنطقة. وكان الأجدر أن يدق ما حدث في يانون نواقيس الخطر، على اعتبار ان العالم سيأسف على ذلك في يوم ما
إذا كنت مؤلف هذه مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:
ملاحظة
مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.
شارك بتعليقك