بـسم الله الرحمن الرحيم
أعزائي ابناء فـلسطين الحبيبة في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد سمحت لنفسي بأن استعير مقتطفات من (كتاب فـلسطين) لأبن ألوطن
السيد. محمود عبد الحفيظ الزيتاوي جزاه الله كل خير وثواب على مجهوده وغيرتة
وحبه لهذا الوطن.
وهو كتاب غني بالمعلومات القيمة التي توثق الكثير من عادات وتقاليد اهل قرى فلسطين وبالأخص قرية زيتا جماعين. وشكراَ
أبن زيتا. رائع شفيع عبدالرحيم عبدالجبار المـشني
[email protected]
--------------------------------------------------------------------------
الـجزء الـحادي وعشرون.
الخرافات:-
1. أبو سلال والبسة (القطة) : كان أحد حراس الخيام بالقرية عندما جاءت النقطة الرابعة (أحدى المنظمات الخيرية) لسقف البركة والتي كانت مكشوفة في أوائل الخمسينات حيث نصبت الخيام وكان مكلفا بحراسة المواد التي تستعمل في سقف البركة من اسمنت وحديد وغير ذلك لم ينم تلك الليلة وهو الأولى في الحراسة إذ رأى قطة سوداء تموء قرب الخيمة فخاف منها ومن لونها وتصور انها نوع من الجن ثم تسلقت ظهر الخيمة وبدات بتمزيقها فصرخ بصوت عالي واستنجد فلم يسمعه أحد وفي الصباح ترك كل شيء وولى هاربا ولم يعود .
2. بس أو قط المغارة : تشاجر زوجان فتركت الزوجة البيت مساءا وتوجهت إلى كروم التين والعرايش في شمال القرية حيث كان أخوها يعزب أو يصيف بها فلحقها بس (قط) المغارة وبدأ يموء ويصرخ فخافت المرأة خوفا شديدا أو بدأت تستغيث بأهل القرية فسمعها زوجها الذي كان قد لحق بها وشد من عزمها وهدأ من روعها وأرجعها إلى البيت معتذرا لها نادما على اغضابها .
3. البس (القط البري) : عاد رجل وزوجته من الحقل مساءا وهم يسوقون بقراتهم أمامهم ومروا بالقرب من أحد الكروم فسمعوا صوت زفة أو كلام ودبكة وصراخ وأغاني فخافوا وصرخوا لانهم لم يتعودوا أن يروا هذا الحفل ليلا في هذا البر لأن وجوهم ليسوا من أبناء القرية فنادوا أهلهم الذين استغربوا صراخهم وظنوا انهم مسهم الجن فهب الأهل لنجدتهم وكانوا مذعورين خائفين وأخذوا يقصون ما شاهدوه من ذلك الحفل في ذلك البر البعيد والناس يستغربون من ذلك .
4. كان أحدهم مارا بالطريق إلى كرمه وكان عطشانا في وقت الظهيرة فأحب ان يمر على أحد البيادر القريبة في تلك المنطقة وقبل أن يصل البئر بمئات الأمتار تهيأ له أن هناك رجل وزوجته ومعهم دابة عليها مشتيل وجلنات ماء ودلوا ففرح فرحا شديدا وهو الذي لا يملك دلوا فيضطر للنزول للبئر ليشرب منه فما أن اقترب قليلا من البئر حتى رأى الدابة والرجل وزوجته يسيران ويتشعبطان (يتسلقان) شجرة الخروب بالقرب منهم فهرب الرجل وخاف وبدا يصرخ على جيران الكروم القريبة فهبوا إليه ملبين فوجدوه خائفا مرتعدا وأخذ يقص ما رأه عليهم وهم يتضاحكون ويقولون اضغاث أحلام .
5. غوليه المغارة : كانت المغارة تمتليء بالماء شتاءا ولها درجات للنزول فكانت بنات القرية يملأن جرارهن بالماء فهبت أحداهن لتملأ جرارها فوجدت المغارة مليئة بالماء إلى اخر درجة وعليها بعض الشعر فازاحت الشعر عن الماء بيدها وملأت جرتها وحملتها عائدة للبيت ولحقتها الغولة وكانها أبنتها المدللة وتقول يمة يمة فلم ترد عليها لأنها تعلم أن أبنتها بالبيت فلما وصلت بيتها خرجت الأبنة الحقيقية فحضنتها الأم والتفتت إلى الخلف فلم ترى أحدا وأخذت تقص على الأهل ما رأت وهي خائفة مذعورة .
6.كان الرجل نائما في عريشته بالكرم (كرم التين) أيام الصيف حيث ظهرت له على هيئة نورية تريد أن تنام بقربه ولكنه طردها فبدأت ترشقه بالحجارة وهو يبسمل ويقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذه اضغاث احلام .
7.كان أحد أبناء القرية ماشيا في الطريق خارج القرية فرأى حنشا يطل برأسه ويعود لجحره ثانية وقد أمسك الرجل حجر وهم بالقائه عليه فيبست يده فاستغفر الله العظيم وتعوذ من الشيطان الرجيم وأقسم بأنه إذا ما شفي فلن يؤذي حنشا بعد ذلك طول عمره وقد شفي الرجل فعلا فيما بعد وظل طول حياته ملتزما بعهده وقسمه .
8.كان أحد السكان عائدا إلى منزله مساءا وإذا بعنزة تركض مرة من أمامه وأخرى من خلفه وهي تثغي بغثاء صارخ وحاول أن يلحقها ليمسك بها فهربت وقهقهت فجفل الرجل وذهل وهم بالامساك بها فهربت وأخيرا غابت عن عينيه ولم يراها .
9.ذهبت امرأة قرب الغروب لتملأ جرتها من البركة وقبل أن تصل للبركة رأت قريبتها من بعيد فأخذت تنادي عليها لتنتظرها ويعدن سوية بعد مليء الجرار فلم تلحقها قريبتها بعد انتظار طويل فأكملت مشوارها ورجعت للقرية وفي اليوم التالي تقابلت مع قريبتها ولامتها لعدم انتظارها بالأمس فأنكرت القريبة خروجها من بيتها في اليوم السابق فعرفت المرأة أنها أضغاث احلام واعتذرت لها .
وهناك الكثير من الخرافات والخيالات والتهيؤات يقصها الأهالي من حين لأخر .
الخصب في التراث الفلسطيني:-
الحكايات والمواسم الربيعية والعادات والتقاليد الشعبية:
ارتبطت دورة الحياة السنوية باحتفالات حلول الربيع والخضرة الذي يعني عودة الحياة للأرض وكان القدماء يقومون بأعمال جنسية في الحقول مع بداية الاحتفالات لزيادة الخصب عن طريق التجاوب السحري واستمرار هذه الاحتفالات حتى أواسط الخريف وهذا غير مفصل عن تراثنا الشعبي في بعض الحكايات تجف الينابيع وتموت الأشجار وتصمت العصافير عن التغريد طوال فترة غيابها عن أرضها وأهلها لكن عندما تمس قدماها أرض وطنها حتى تخضر الأرض وتعطي الينابيع مياهها فيرقص الناس ويغنون لعودة الفرح والحياة وتطرح حكاية أخرى مساله البطولة فالبطل (الشاطر حسن) هو إنسان خارق غير عادي وهبه الشعب هذه الصفات والقوة والحيلة والنجاح ليكون صورة عن مجتمعه وعن طريقة يتم نقد المجتمع (مجتمعه) والبطل شخص عادي سلمه الشعب بخوارق وقوى ما وراء الطلبيعة لينتصر فيها على اعدائه ليحافظ على استمرار الحياة والخصب وكلك حكايات العبد الأسود والطير الخضاري .
أما ورد الأعشاب والأشجار في الخصب فهو واضح من دور النبتة التي لها قدرة على رد الانسان من شيخوخته إلى شبابه كما في نبته الحياة الواردة في العديد من حكاياتنا الشعبية تحت اسم عشبة الحياة وارتبطت الكنوز بقوى الخصب في الطبيعة واضافة الى القوى التي تتمتع الأشجار والنباتات والتي تزيد من قوة الاخصاب كإصدار أصوات موسيقية في الأشجار حيث تتلاعب بها الريح تشبة زقزقة العصافير كما في حكاية (زقزق رقص) والشجرة قوة خير تساعد البطل وترشده وتحميه بواسطة العصى السحرية ومنها حكاية (وعاء الباطية) الذي يقدم الطعام وهذا يدل على أن الخصب كامن في كل مكان من الشجرة وفي أي جزء منها مثل عود الميس الصغير الذي يوضع في شعر أو ملابس الطفل الصغير له فاعلية الذيب يرد عن الصغير الأذى والشجرة تحمل كنوزا كما في الحياة الشعبية التي طلعت فيها اليد خمس شجرات تحمل أغصانها جواهر أما النباتات فلها علاقة واضحة بشفاء العديد من الأمراض واعطاء الخضرة والجمال أما المأكولات فلها علاقة بالخصب لكونها أما من منبع نباتي أو حيواني وكلاهما دال على الاخصاب مثل البيض والحليب والكعك اضافة إلى النذر الواجب تقديمها والأضاحي الحيوانية وفي مجال العادات والتقاليد فلها علاقة بالكرم حيث ربطت الاغنية الشعبية بين قدوم الضيف واخضرار الأرض لأن المناطق التي لا يطأها الضيوف هي مناطق القحل والصحراء فقالوا
يا مرحبا يا ضيــوف ضفتونا اخضرت الدنيا يوم شرفتونا
واخضرت الدنيا واخضر عشبها واخضر فيها كل فرع يابس
ومن العادات الشعبية الهامة في هذا المجال الاحتفاظ بكمية من الحبوب في زجاجة أو وعاء محكم الاغلاق وبعيد عن متناول الايدي وتفسير ذلك هو الخوف المفاجيء من ظهور أعور الدجال الذي يقضي على الخصب لكنه نصر مزعوم ومهزوم بسبب وجود بذرة الحياة التي لن يطالها .
ومن العادات أيضا الخروج صباح النيروز لعلاقة ذلك بتجدد قوى الطبيعة والخصب إذ يقال بأن من يخرج للطبيعة قبل شروق الشمس يتمتع بأكبر قدر من خصبها إذ تهبه الساعات الأولى من الصباح ذلك .
أما الطير فواضح أنه رمز الخصب والتجدد كما في حكاية الطير الخضيري المبعوث من العظام وهذا يتفق مع المعتقد الشعبي الذي يقول بأن الطفل إذا مات يتحول إلى طائر من طيور الجنة فإذا علمنا أن هذه العظام هي عظام طفل صغير فلا عجب وهو يرمز بلونه إلى الخلود والبقاء والجنة والخضرة الدائمة لأن الموت في العديد من الحكايات الشعبية لا يعني النهاية بل بداية تكون جديد إذ تنبعث روح الخصب المتمثلة في العظام والدماء لتظهر بانبعاث جديد
ومالعظام تتحول إلى ذهب في بعض الحكايات وهذا يدل على الخصب كما في حكاية بقرة اليتامي أو الطير الخضري
نـهاية الـجزء الحادي وعشرون.
شارك بتعليقك
من مرارة الغربة يحييكم مجد مجد
وأتمنى لقاء قريب