قصة يحيى بن يعمر جد التعامرة التابعى الشجاع
يحيى بن يعمر من أفاضل التابعين , ومن المتضلّعين في علوم الشريعة واللغة وقد شارك أبا الأسود الدؤلي في وضع بذور النحو العربي , وكان المخترع الأول لنقط الحروف , وقد سعى الحجاج إلى الاصطدام بيحيى بن يعمر سعياً , وخرج منـــه مخذولاً , والسبب في هذا فكرة دعا إليها الحجاج , زيادة في توطيد ملك بني مروان أن يعلن أن الحسين هو ابن علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب , وليس من ذريّة محمد بن عبدالله , لأن انتسابه لفاطمة لايغير من الأمر شيئاً , فالأب هو المعتبر في النسب دون الأم . وقد خطب الحجاج في ذلك وأطال , وأمر بأن ينقل إليه خبر من يقول بغير هذا . وجاء النبأ أن يحيى بن يعمر سئل في المسجد الجامع عن هذه القضيّة , فأجاب : أن الحسين والحسن من ذرية رسول الله , وأن الحجاج يحكم ولايفتي , فإذا افتى ففي غير علم واعتقاد! وظن الحجاج أن الفرصة مواتية للتنكيل بيحيى , معتمداً على أنه ليس في القرآن مايثبت قول ابن يعمر . وحشد الحجاج أعوانه , ووجهاء الكوفة,وشيعة ابن يعمر في مجلسه . ثم استدعى إليه ابن يعمر ليريهم جميعاً أنه عاجز عن إثبات ما قاله لهم من القرآن , وبهذا ينفذ إليه , وينال منه . وحضر يحيى بن يعمر , فرأى مجلساً غاضباً بمن فيه , فألقى السلام في وقار, وهمّ بالجلوس , ولكن الحجاج صاح به : لاتقعد , يايحيى ! وأوضح لنا رأيك في صلةالحسين برسول الله ! ورد يحيى في وقار وأنفه : الحسن والحسين من ذريــــــــة رسول الله وإن غضب الحجاج! فاستبد الغيظ بالحجاج , وقال : ألديك دليل من كتاب الله ؟
- معي الدليل من القرآن
- ماشاء الله ! في القرآن أن الحسن والحسين من ذريّة رسول الله؟
فقال يحيى : قال تعالى " وتلك حجتنا آتيناها ابرهيم على قومه , نرفع درجات من نشاء , إن ربك حكيم عليم , ووهبنا له اسحق ويعقوب كلاً هدينا , ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريّته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون , وكذلك نجزي المحسنين , وزكريا , ويحيى , وعيسى , والياس , كل من الصالحين " . ثم التفت يحيى إلى الناس وقال : أيكون عيسى بن مريم من ذريّة ابراهيم بنص القرآن ولا يكون الحسين من ذريّة رسول الله , وبينهما من القرابة الدانية أكثر ممابين عيسى وإبراهيم .؟!
فبهت الحجاج , ورأى أن من الحكمة أن يتراجع , فابتسم في تصنّع وقال: - اجلس يايحيى , فقد فاتني هذا الاستنباط . وأراد أحد الجالسين أن يصرف الحديث إلى موضوع آخر , بعد أن تأزم الموقف , فسأل الحجاج عن واسط , المدينة التي بناها , فارتاح لهذا الانتقال , وأخذ يطنب في وصف سخائه في الانفاق على تشييدها وأراد أن يتودد إلى يحيى , فمال إليه , وسأله برفق :
- لم تذكر لنا رأيك في مدينة واسط يا يحيى ؟ فسكت الرجل ولم يرد , وتوجهت العيون إليه , فزادت من حرج الحجاج , فأعاد السؤال في غيظ فقال يحيى :
- أيها الأمير , ماذا أقول في واسط , وقيد شيدتها من غير مالك , وسيسكنها غير
أهلك ؟! فصاح الحجاج في انفعال !
- ما حملك على قول هذا ؟
فقال يحيى في اعتداد :
- ما أخذ الله تعالى على العلماء في علمهم ألا يكتموا الناس حديثا!
ورأى الحجاج أنه قد تورط , ولكنه إنقاذاً لهيبته في نفوس الناس صاح بيحيى - لاتساكنني ببلد أنا فيه , فاذهب منفيا إلى خرسان . وذهب يحيى إلى خرسان , فوجد الناس في خرسان يتحدثون عن موقفه في إعجاب وإكبار , ودنا منه خرساني , وسأله متعجباً - ألم تخش سيف الحجاج حين قلت ما قلت؟ فرد قائلاً : لقد ملأتني خشية الله , فلم تدعْ مكاناً لخشية إنسان.
بحث المهندس حسن الريان -مساعدة
شارك بتعليقك