مقالات ادبية بقلم الكاتب باسم شتيوي العينبوسي
( سيجارة )
كان مزاجي عكراً ونفسي قد غادرها الصفاء ، وهجرتها الطمأنينة بعيد طارئة صاحبها جدال طويل اجوف وتجربة اقناع هادفة لم يتسنَّ لها أن تحيه طويلاً إذ فوجئت بجدار صلب في نهاية دربها لتلقى على يديه حتفها وتصرخ صرخة دوت في الآفاق واخترق صداها مسمعي.
انتابني شعورٌ بالغثيان وتَخَيَّلتُ قنبلة موقوتة قد انفجرت داخلي لتتصاعد أبخرتها وغازاتها من خلال حواسي وعن طريق جوارحي التي ترجمت ذلك الإنفجار إلى بطش بالأشياء والأشخاص من حولي .
...والتفتُّ لأجد علبة السجائر تغري ناظريّ بألوانها التي طالما تأملتها ملياًّ ، وعقدت عليها الأمل لتخرجني من مأزقي وعاهدتها على أن تكون ونيستي في وحدتي ، ولكني كنت قد أعلنت الحرب عليها بسبب مخلفاتها التي تراكمت في شراييني وسمومها التي أَرسَلَتها في جسدي لتصبح عضواً مني لا يستغني عنه مصرحة بغايتها المشؤومة ألا وهي إفنائي قبل أن يحين أجلي .
فتحركت مكونات مداركي بأيعازِ من ضميري الذي اجتمع بوجداني ليخرجا بقرارِ تنطقه شفتاي بصوتِ متحشرج ...لا ...لا ...لا تقربها ، ما العمل !
أ أكبت نفسي وأُطفئ رغبتي التي تكاد تنطق أم أتنازل عن كبريائي وأطعن كرامتي التي بقٍيَت لي كدليل براءة أمام ضميري .
واستمرت الحيرة كأنها الماء يغلي في صدري ، كنت فيها أشبه بغراب استلَّ ريشة من ذنب طاووس ليغرسها بين ريشاته السود آملا أن يلقى صدراً رحباً وحيِّزاً بين الطواويس التي قمعته ليعود خائبا من حيث أتى ، كمسافر أضناه التعب وكاد يهلكه الظمأ وجد ينبوعاً من ماء عذب في وسط بيداء شاسعة *ودونه هوة يخشى بها الموت ،... كأُم رؤوم حُرمت عناق وحيدها الذي يرقد وراء القضبان أمامها ،... كنت أغدو مع خيالي وأنا ألفظ أنفاسي بصعوبة بالغة واضعاًيديَّ على وجنتي ، لا أملك من الأمر شيئاً ...، وطاوعت رغبتي وتناولت تلك العلبة اللعينة لأستل منها سجارة كأنها السيف استل من غمده لأُدعها بين أناملي الصفراء الشاحبة ، فعانقت مؤخرتها شفاهي التي شرعت بتقبيلها لينحدر عادمها القاتم في عروقي ويسير ودمي حتى وصل فؤادي .
عندها شعرت بنشوة عميقة وبدأ الغشاء ينزاح عن عينيّ شيئاً فشيئاً إلى أن رأيت الحياة على حقيقتها
لمشاهدة المزيد من اعمال الفنان والكاتب باسم شتيوي فل يتفضل بزيارة الموقع الخاص بة http://shtaiwi.piczo.com/?g=1&cr=2
شارك بتعليقك
مررت من هنا وكم خشيت المرور، وتداخلَت في الحاسيس
نظرت من نافذة الحدالفاصل بين ما كان وبين ما هو كائن
تسمرت بين الزمنين، لم أقوى على انتحال الأمس القاطن في أعماق الروح، ولم أملك التنكر لحقيقةانقلاب الحاضر على كل ما كان،وعندما أدركت أنني لا زلت أحمل الماضي المتشبث في حنايا الروح،أدركت أنني جندي من جنود العهد البائد،ولن أبقى طويلاً بين الزمنين.
تحياتي لك يا إبن العم العزيز
دام تألقكم