شأن الظاهرية في تقديم الشّهداء الأبطال، وفي تقديم الأبطال شأنها في ذلك شأن أخواتها من مدن وبلدات فلسطيننا الغالية ، فقد خرج من ترابها الطّاهر المعطّر بالعزّة والكرامة والإباء قوافل كثيرة من الشّهداء ، ولعلّ من أبرزهم القائد البطل عيسى البطّاط .
من هو البطل عيسى ؟ وما الّذي قدّمه لقضيته؟
ولد البطل في قريتنا الحبيبة الظّاهرية في عام 1907م ، ونشأ على أرضها الطّاهرة ، ومبكرًا وعى ما يحيط ببلاده فلسطين وبالأمّة العربيّة الإسلاميّة من أخطار ، وتناهت إلى أسماعه يسر الأبطال الّذين سلكوا درب الجهاد والثّورة وليس لهم هدف إلا حماية وطنهم من إيدي الكائدين والمخادعين ، حينها هبّ يدعو أبناء بلدته والبلدات المجاورة إلى الجهاد فشكّل مجموعة قتاليّة ، فكان من روّاد الّذين اختاروا هذا الدّرب ، فكان أبرز فادة ثورة 1936م .
نفّذ المجاهد البطّاط عددا من العمليات الجريئة النّاجحة ضدّ قوّات الانتداب ، وكبّدها خسائركبيرة ، ومن هذه العمليات عملية باب الواد وعملية عقبة اللبن وعملية حلحول ؛ وفيها ألقي القبض على صديقه أحمد العجوريّ وحكم عليه بالإعدام ونفّذ فيه الحكم ، وقام الشّهيد بقتل مدير دائرة الآثار الإنجليزيّ ( ستارس ) وعل إثر هذه العمليّة كثّفت قوات الانتداب من مطاردتها للبطل ورفاقه الثّوار في الجبال .
كانت البندقية ملازمة لبطلنا في تنقلاته بين الجبال والتلال والأودية الّتي صارت تعرفه وتعرف هيبته على الغرباء عنها ، وظلّت القوات تطارده وبعد محاولات فاشلة كثيرة ألقت القبض عليه وصدر في حقّه حكم بالحبس مدى الحياة ، ولكن النّفس الأبية ترفض القيد ؛ فسرعان ما استطاع الهرب من السجن ليعود إلى نضاله ، وظلّ مطاردا إلى أن تمكنوا من قتله غدرا في بيت صديق له في قرية بيت جبرين عام 1938م ، ليلاقي حينها ربّه راضيا مرضيا ، وبعد اغتياله أصدر المكتب العربيّالقوميّ في دمشق بيان النّعي التّالي :
(( ننعى إلى العرب المجاهد الكبير عيسى البطاط قائد ثوّار جبل الخليل ، إذ قتل غدرا بينما كان نازلا في بيت صديق له في إحدى ضواحي الخليل ، فعلم البوليس البريطاني بالأمر وداهم البيت في منتصف الليل بعد تطويقه وأطلق النّار على المجاهد المذكور ، فأصيب بعشر رصاصات في رأسه وجسمه ، ووجدت بندقيته ملأى بالرّصاص ، ونطاق سلاحه غير ناقص ، وهكذا يلحق اليوم هذا المجاهد بمن سبقه من الأبطال الشهداء أمثال فرحان السّعديّ ، ومحد عطية ، وعبد الله الأصبح ، هذا والشهيد البطّاط من قرية الظاهرية كان محكوما بالمؤبّد ففرّ من السجن ليستأنف نضاله ثم ليستشهد))
هذا هو بطلنا وشيخ مجاهدي الخليل وابن فلسطين البارّ- رحمه الله وتقبّل شهداءنا الأبرار.
كتب لكم هذه المقالة : ايمن عبد الحميد يعقوب الوريدات .
بتصرف من كتاب ( الظاهرية جوشن بنت فلسطين ) للمؤلّف أنور عبد الحميد الوريدات .
شارك بتعليقك
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
صدق الله العظيم
و أود أن أضيف بأن أبن المجاهد عيسى البطاط و هو أيوب البطاط قد سار على نهج أبيه وكان بطلا ذائع الصيت في معارك فتح ضد الصهاينة و عملائهم في لبنان
و لقد توفته المنية في دمشق بعيدا عن ثرى الوطن حاله حال الكثير من أبناء فلسطين