الحصيدة وما أدراك ما الحصيدة ؟! تعبٌ شديد ممزوج بفرح كبير ، تناقض لا مثيل له ،؛ تعب لأنه عمل شاقّ مُضنٍّ ، وفرح لأنّ الخير المأمول أصبح في متناول اليد، والأمنيات الّتي كانت معقودة على الحصيدة اقتربت من التّحقّق ، فرح لا نظير له ، يلتقي النّاس بالنّاس ، الكلّ بالكلّ ، لا مجال للجزء فالحصيدة لمّ للشّمل ، عرق يتقاطر من الكلّ بلا استثناء ، عرق ينمو فيما بعد بيادر فرح ، وتتحوّل قطراته إلى أهازيج يردّدها أبناء القرية في البيدر ، الم تسمعهم يومًا يردّدون أهازيج تحثّ على النّشاط والعمل ؟ إن لم تكن قد سمعتهم ، فأنا وأنت وكثير من أبناء قريتنا سِيّان ، ولكن لأن تراثنا وموروثنا لا يُنسى ، سمعناها من أفواه آبائنا وأمهاتنا ، وهم يحدثوننا عن ذكريات الحصيدة ، اسمع معي :
لوخذ واجهتي وأطلع وأخلّي واجهتي التّعتع
لوخذ واجهتي واروح واخلّي واجهتي المطروح
ثلاث بناتك يا خالي والــزّغــيرة تهـواني
طلعت هزّ بثوب القزّ غزال فــزّ مـن قـبالي
الشّــعير القنّــاري خلاني أصـبـــّح سـاري
والشّعير السّــرقديّ قــوّمني مــن مــرقدي
ما أجمل أن يتعب الحصّاد ! ثمّ يجلس ليتناول ( صبوح الحصّاد ) ويشعر حينها بلذّة الطّعام على بساطته آنذاك ، فهو طعام ناله بعد تعب ، يا لذته! بروحي تلك الأيام ما أجملها! تدمع عينايَ عندما أسمع والدي _ أطال الله بقاءه،ومتّع ناظريه بتراب قريته- (( سقى الله أيام الحصيدة والبلاد)).
وبعد الحصيدة وموسمها تُحدّد مواعيد الخطب والأعراس ، لأنّ الغلّة أصبحت متوفّرة ، بل إنّهم كانوا يحدّدون موعد العرس فيقولون: بعدالحصيدة .
شارك بتعليقك
اه يا ابو طول خالص قسم القذلة موارس
اه لو اني بطولك لاخذك واظل مالص
اه يا ابو ميلوية مر ما سلم علي
مر فدانه عطاش والمناهل منتلية
هاتي المنجل والحورة ياغندورة
تنحصد زرع القايص في بلادنا