ما بقي لنا ، وما بقي لهم .
بقلم : أيمن عبد الحميد الوريدات
في ذكرى النّكبة تتداعى الأفكار ، ولكنّها أفكار تدعو إلى الأمل ، الأمل بالحاضر على ضيق أفقه ، وأمل بالمستقبل الّذي نراه نحن أبناء فلطسين أملاً مُزهرًا يانعا ، وهذا يجعلنا نقف لنرى ما بقي لهم وما بقي لنا.
سيّطر أبناء صهيون على الأرض ، ولم يسيّطروا على أهلها ،ولا أدلّ على ذلك من المقاومة الّتي تزداد جذوتها يومًا تلو يوم ،سيّطروا على المعابر والمنافذ ولم يسيّطروا على أشعة الشّمس الّتي تتجاوز المعابر عبر الأفق ، وعبر الأثير كلّه ، أقاموا المعتقلات حبسوا فيها الأجسام وما استطاعوا حبس الأرواح و النّفوس الأبيّة ، أراقوا الدّماء ، فما استطاعوا أن يمنعوها من سقيا الأرض لتنبت سنابل الفرح الأتي ، صادروا الأفراح لكنهم لم يقدروا على منع نتاج الأفراح ، فما بقي لهم إلاّ الرّحيل فهم (( عابرون في كلام عابر )).
قُتلنا وحوصرنا فما زادنا هذا إلاّ ثباتا وإصرارا وتشبثا بالأرض تماما كما يتشبّث الطفل بأمّه ،شردنا فما فارقنا أمل العودة صغارا كنّا أم كبارا ،جوّعنا فزادنا الجوع ارتباطًا بأرضنا المعطاء فمنها أكلنا وبها التصقنا ، كلّ هذا ما زادنا إلاّ قوةً وإصرارًا وأملاً ، لم يبقَ لهم شيء وبقيت لنا الأرض ، وبقي لنا وطن ، بقي لنا الإنسان ، بقي لنا الأمل ، بلادنا وفيها نحيا ونموت ، أمّا هم فقطعان من هنا وهناك ومثلما قدموا سيعودون .
بقيت لنا الحياة ، وبقي لهم الموت الّذي يتبعه الفناء ، فربّ العزة قال : ((ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) .
شارك بتعليقك