مواطنة عربيّة مع سبق الإصرار
قصّة بقلم : أيمن عبد الحميد الوريدات .
الأردن ؟ الزّرقاء
هذا المشهد ترسمه يوميًّا واحدة تعيش بيننا أو فينا اسمها حمدة أونانسي أو غالية أو فاطمة أو ... سمّها أيًّا شئت ، المهمّ أنّها منّا وفينا ، فهي مواطنة عربيّة مع سبق الإصرار .
مبكّرة تصحو مع صياح ( الّلي ما يسمّى ) تتجبّد وتتثاءب بملء فمها فيعلو تثاؤبها صياح الدّيك ، فتبدأ بتجهيز الإفطار للمحروس وأبنائهما ، وما أن يتناولوا الإفطار ويتسهّل كلّ منهم إلى مطرحه تعود لتكمل بقية أحلامها حتّى العاشرة ، ثم تصحو لتقصّ على جاراتها أو صديقاتها عبر الهاتف ما شاهدته من أحلام وتحاول إخفاء الأحلام الّتي تقترب من واقعها ، وقد تغتاب هذه وتلك شعرها وفستانها وطبخها ونفخها ، ثمّ تشرع في التقارب مع ضيوفها الدّائمين ثقال الظّلّ ؛ الجلي والشّطف والغسيل والتعزيل فتجهز عليها بسرعة أحيانًا ( شلفقة على الماشي ) وغالبًا بإخلاص ، وتبدأالإعداد لوجبة الغداء فتفرم الملوخية ، أو تنقّي العدس ، وتقمّع البامية ، وتنظّف العشر دجاجات وتجهّز البسبوسة والجلي والكيك و؟ ؛ هذا إن لم تكن تتبع نظام الأخ ( ريجيم ) فيكون ذلك من حظّ المحروس والأولاد ، أمّا إن كانت ريجيميّة الهوى فالسلطة والتونة والحشائش تزيّن السّفرة ، وأحيانًا يرعى المحروس وأولاده وحدهم دون إعدادها للوجبة المذكورة ، وتكون أثناء ذلك كلّه قد قلّبت كلّ الفضائيّات وأجرت لها مسحًا شاملاً تمامًا كمسح الأرضيات والطاولات ، فشاهدت كل برامج (الريجيم ) وتعرفت على كمشة من إخواننا ( الشّيفات الجدد ) وتابعت برامج اللياقة ابتداءً من ( مالك إلاّ هيفاء ) إلى ( خليكِ شيك ) وتعرفت أنواعًا جديدة من الإكسسوارات وأحمرالشفاة الفاقع والقاتم والمونّس ، وشاهدت بعض الوّعاظ المشهورين ، ثم تذكّرت موعد بثّ المسلسلات المدبلجة ( نور وسنوات الضياع و... وحلّقت في عالمها الخياليّ وتمنّت لو جاءها فارس أحلامها ، وأصرّ على حبّها والتّمسّك بهابنفس الطريقة ، بين هذا وذاك يفوتها أحيانًا تعليق الطبيخ على النّار فتسهو وتحلم وتطير بعيدًا بعيدًا ، فيدخل المحروس ويوقظها من أحلامها بقوله : نسيت الطعام والطّبيخ من المسلسلات والكلام الفارغ ( وجع يخلع بوزك ) ، فينخلع قلبها الرقيق ، وتبدأ مشوارها مع بعلها المواطن العربي مع سبق الإصرار فتشاهد معه ما يطيب له لأن صلاحية بثّها انتهت ، فتبكي على ما يحدث في غزّة والعراق والصومال وأفغانستان ، وعلى محاكمة الفّنان المشهور ،وعلى معانقة فلانة لفلان بحرارة وعلى قصص الوعظ وعلى ما يحدث في المسلسلات والأفلام المهم أنّه تبكي ( عالطالعة والنازلة ) وتقول مسكين هذا البطل ومسكينة خالة أمّه ، والله يرحم جدّته ويسامح والده ووالدته و ... وتتوالى أحداث يومها على نفس الوتيرة ، ثم تنام وتصحو ...
شارك بتعليقك