أما وقد امتدت أيدي العمران والبناء إلى الذكريات، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه، أو المرور عليه وكأن شيئا لم يحدث!!
لا أدعي حبا لسعاد لا أعرف منها أكثر من اسمها، وربما بعض تمتمات هادئة في ليالي صيف مقمرة، لكنني أدعي، كما أمة العربية كلها، وصلا بها، فمن منا لم يتيّم قلبه مرة بسعاد ما، في مكان ما، وفي زمان ما!!
والأمر نفسه أسحبه على "سروات" المدرسة، فبالقدر الذي سرني فيه بناء غرف صفية جديدة، بل وأكثر منه، أصابتني رعشة ألم شديدة، عندما علمت، أن فيء السرو قد تقطع، فلئن كان البناء من ضرورات العيش التي لا غنى عنها، فإن السروات هي من ضرورات روح كل طفل وفتى كتب أول حرف في حياته وهو يمر تحت هذا السروات.
كم من بكارات الطفولة تم فضها في تلك السروات، كم من الأسرار باح بها بعضنا لبعضنا تحتها!! كم ليلة قضاها كلنا يتسامر تحتها..
كما قلت، لا أدعي حبا لسعاد، لكنني أدعي وصلا بها، فلئن كانت دراستي في مدرسة القرية لعام واحد فقط، إلا أن للسروات عبقا تتنسمه روحي كلما تذكرت هذه السنة، فما القول لمن حبا فمشى فهرول في فيء هذه السروات!! ألم تستحق منا "لا" كبيرة نرميها في وجه كل محاولة للمس بذاكرتنا!!!
أليس جزء من صراعنا مع الصهاينة منصبا على التاريخ والذاكرة، أندمر ذاكرتنا بأيدينا، وبداعي العمار والبنيان!!
أما كان بالإمكان أن تبنى الغرف الجديدة فوق البناء القائم أصلا؟؟
أسئلة كثيرة تبثها الروح عاجزة، فمن لي بليلة أمضيها مع رفقاء الشباب تحت سروات في مكان ما!!
أسئلة برسم الحزن والأسى أبثها بلطف العاجز عن الفعل.
وسأكون ممتنا لو أن أحدا تكفل بوضع صورتين لمشهد واحد، للسروات، قبل قتلها وبعد قتلها.. حتى نرى إلى أي حد وصلت فجاجتنا!!
خالد سليم عزام- [email protected]
شارك بتعليقك