ساريس: البحث عن ساريس: ينبش في الذاكرة الفلسطينية

دبي ـ غسان خروب

الحاج يتأمل اماضي بين الانقاض - 2013

قرية "ساريس" واحدة من بين مئات القرى الفلسطينية التي طالها التدمير الإسرائيلي إبان نكبة 1948، لتكون واحدة من القرى التي اختفت معالمها عن الأرض، ليعمر الإسرائيليون فوقها مستوطناتهم، وبرغم ذلك ظلت "ساريس" عالقة في ذاكرة أهلها الذين قدموا شهاداتهم على ما حدث في فيلم وثائقي عنوانه "البحث عن ساريس" للمخرجة الفلسطينية جنان كولتر والذي عرض أخيراً في دورة مهرجان دبي السينمائي العاشرة، ليشكل الفيلم وثيقة مهمة تفتش في الذاكرة الفلسطينية. دبي ـ غسان خروب

الفيلم الذي يمتد لـ 72 دقيقة، يحمل بين طياته حقيقه دامغة حول ما جرى في نكبة 1948، وهي الحقيقة الآتية من مأساة لا يزال أهلها شاهدين عليها، ولا يمكن أن تغيب عن الذاكرة، لا سيما وأن فصولها لا تزال حية، ليأتي الفيلم في هذا السياق، ويعمل على استخراج قرية "ساريس" من تحت الأنقاض، مستعيداً مشهدها عبر شهادات أهلها وهم يعودون إلى زيارتها وقد اختفت آثارها إلا من بعض الحجارة.

صورة أرشيفية

لا يمكن مشاهدة فيلم جنان كولتر من دون التطلع إلى أن يكون حاملاً لصورة أرشيفية لقرية ساريس، ولكن على ما يبدو فإن الأمر مستحيل، إلا أن قوة الشهادة وكيفية تقديمها في سياق الفيلم والبناء الفني الذي اندرجت تحته، جعلها دامغة ومؤلمة جداً، ولن تكتفي جنان بأن تضيء على من بقي ممن هجروا من القرية والذين يعيشون حالياً في مخيم قلنديا لللاجئين، أي على بعد 22.5 كم من قريتهم، بل سنكون في مواجهة جيل جديد يمثله الأحفاد المتمسكون بحقهم بالعودة إلى قريتهم وإعادة إعمارها بحماسة تتفوق على الأجداد.

وبالعودة إلى الصور الأرشيفية فإننا سنقع على مجموعة من الصور واللقطات المدهشة التي تعرض للمرة الأولى للحياة الفلسطينية ما قبل النكبة وخلالها، لكن ليس لقرية ساريس، لينتقل الفيلم بنا بعد استعراضه لتفاصيل حياة سكان ساريس وكيفية تهجيرهم، إلى الحاضر الفلسطيني، حيث نكون حيال التهجير الذي لا يزال مسلسله متواصلاً حتى الآن، وسنعيش مأساة عائلة فلسطينية هجرت في 2009 ولا تزال تعيش على قارعة الطريق، أمام بيتها الذي سكنه المستوطنون الاسرائيليون، وبالطبع فهذه المشاهد تذكرنا بفيلم "أرض الحكاية" للمخرج رشيد مشهراوي والذي عرضه المهرجان العام الماضي، حيث تغلغل ذلك الفيلم في أروقة القدس وبيوتها، مستعرضاً مجموعة من المآسي التي يعيشها سكان المدينة.

وثيقة هامة

فيلم جنان، يمكن اعتباره وثيقة هامة جداً مصاغة بكل ما على الفيلم الوثائقي أن يحمله ليضيء على المغُيب والمتواري من التاريخ والعبور إلى ذاكرة تتصل بالحاضر، عبر تفاؤل لا يغيب عن شخوص الفيلم، وهم يؤكدون أنهم لا محالة سيعودون إلى قريتهم.

الوثائقي الأول

"البحث عن ساريس"، يعد الفيلم الوثائقي الطويل الأول للمخرجة جنان كولتر التي سبق لفيلمها القصير "إلى من يهمة الأمر" الفوز بجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان غرين ويتش السينمائي في لندن عام 2004، ونال فيلمها الوثائقي هذا دعماً من برنامج "انجاز" لدعم الأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج التابع لـمهرجان دبي السينمائي الدولي، كما حصل على دعم يقدر بـ 21330 دولارا من خلال "أفلامنا".