على طريق رقم ٦٥ وبالقرب من استراحة مجدو ، ثمة مسار قلما يفطن اليه أو يتذكره المتجولون والسائحون في الأرض ، انه مسار قرية اللجون المهجرة ، ويا له من مسار مفعم بالذكريات!
يبدأ المسار بتتبع مجرى ماء يتدفق من اعلى الجبل المحيط بالقرية .
الوقت ظهرا والشمس حامية ساطعة ، نسير في طريق ترابي تظلله اشجار الدلب السوري ، الكينيا، التين والتوت . نلاحظ نضوج ثمرة التوت بلونيها الأحمر القاني والأخضر ، نتوقف لبضع الوقت نقطف التوت مستمتعين بطعمه الحلو المذاق ؛ هي حقا شجرة مغرية ليس فقط بطعم ثمارها اللذيذة ولكن بأغصانها الوارفة وأوراقها المظللة ؛ وكأنها قبعة كبيرة طبيعية أقيمت للحماية من أشعة الشمس الحارة ، فلا عجب والحال كذلك ان تكون عنوانا ومكانا محببا للاجتماعات والمناسبات الخاصة والعامة ، مثلها مثل اشجار التين والجوز .
لم نستطع مقاومة إغراء الشجرة ، جلسنا تحتها للاستماع لإرشاد الدليل حول قرية اللجون .
يقول دليلنا المبين استاذ روبين :
يختلف الباحثون في اصل اسم كلمة اللجون ؛ فبعضهم ينسب الاسم الى الناحية الجغرافية للمكان الذي يتخذ شكل لجن ، مقعر في الوسط ، ومن حوله الجبال . تفسير ٱخر للاسم ينسبه الى الناحية التاريخية عندما عسكر الفيلق الروماني السادس في المنطقة . معنى فيلق في اللغة اللاتينية " لجيون" ، فسمي المكان لاحقا باللجون نسبة الى الفيلق الروماني .
في الفترة العباسية أقيمت في المكان قرية صغيرة دعيت باللجون ، بقيت القرية قائمة حتى عام ١٩٤٨، بعدها هجر قسم كبير من اهلها الى ام الفحم وجوارها.
نواصل الجولة في قرية اللجون المهجرة في طريق تظلله الاشجار الباسقة ، تلفحنا نسائم هواء منعش ، نقي ؛ فلا نشعر بحرارة الشمس اللاذعة في مثل هذا الوقت ، نسير صعودا وهبوطا حتى نصل مطحنة القمح ، بجوار مجرى ماء ، المطحنة أقيمت من الفترة العثمانية . من المطحنة نواصل سيرنا صعودا حتى نصل المقبرة ، نتوقف للحظات نقرأ سورة الفاتحة على أرواح من قضى نحبه وخلد بشاهد قبر كتب عليه اسمه وسنة وفاته ، حتى عام ١٩٤٨.
عند المقبرة تأخذنا الذكريات بعيدا لزمن كان يعج بالحياة والنشاط الإنساني ، في هذا المكان الساكن الهادىء كانت مدرسة للإناث ، في زمن لم يقم وزنا لتعليم الإناث! كان مسجدا وكانت عيادة طبية ، وكانت حياة طبيعية اعتمدت على خيرات الارض وبركات السماء!
نقلاً عن الأستاذة: أسنات ابراهيم.
شارك بتعليقك