الناصرة: سوق الحدادين في الناصرة، خلال منتصف الستينات، كان واحدا من أكثر الأسواق حيوية وأصالة في المدينة القديمة. يقع في قلب الناصرة، حيث كان يعجّ بورش الحدادة التي تصدح بأصوات المطارق وهي تهوي على المعادن الحمراء المتوهجة، مشكلة أدوات زراعية، وأقفالا، وأبوابا معدنية، وحتى قطعا فنية تزيينية..more in the comments section below

في تلك الفترة، كان السوق نابضا بالحياة، حيث كان المارة من أهل المدينة والقرى المجاورة يأتون لشراء الأدوات الضرورية لحياتهم اليومية، من المناجل والمحاريث للفلاحين، إلى الأقفال والمفاتيح للبيوت والمتاجر. وكان الحدادون مهرة يتوارثون المهنة عن آبائهم، يعرفهم الناس بأسمائهم ويترددون إلى ورشهم طلبا للإصلاح أو التصنيع الجديد.
رائحة الفحم المحترق كانت تملأ الأجواء، ممزوجة بأصوات السندان والمطارق، بينما كان الحدادون يرفعون الحديد المحمَّى بملقط طويل، يطرقونه بإيقاع احترافي ليشكلوا منه ما يحتاجه زبائنهم. وعلى أطراف السوق، كانت هناك دكاكين صغيرة تبيع أدوات الحدادة، بالإضافة إلى مقاه شعبية يجتمع فيها الحرفيون والتجار للراحة وتبادل الأخبار.
مع تطور الزمن، بدأ السوق يتغير، وحلّت الماكينات الحديثة محل العديد من الصناعات اليدوية، إلا أن ذكريات ذلك الزمن الجميل ما زالت محفورة في ذاكرة من عايشوا تلك الأيام، حين كان سوق الحدادين ينبض بالحياة والصناعة التقليدية التي كانت جزءا أصيلا من هوية الناصر