" قولك إذا صار سلام منرجع ، مضافة إي والله مضافة لا حول ولا قوة إلا بالله ".
كم بين الأيام وكم بين الساعات من عذاب ، كم تختزل الدموع من الصور ومن الغصات ومن الذكريات ، كيف يمر الساسة بأيديهم القاسية على جراحنا ، كيف يحاول الساسة تكليس المفاصل في أجسادنا ، وتحنيط الماضي بعبارات تافهة ، واختزال ذاكرتنا إلى أرقام بلا معنى ، هل كان سيغني ابن صفد حمام الأرض كله الأبيض والأحمر والأسود عن مضافة أبو حسن البيتون خمسة بستة .
وهل ستعوضه كل قاعات المؤتمرات وطاولات المفاوضات والأوراق الموقعة وغير الموقعة العلنية منها والسرية ، عن الصلاة خلف الحج حمادى في نفس المسجد الذي كان يصلي فيه كل الفروض وكل النوافل ، نفس المسجد ذو البسط المرقعة والمحراب الصغير النظيف ، الذي كانوا يرعونه أكثر من بيوتهم .
هل ستعوضه كل الصالات المغلقة والمفتوحة ، وحدائق الكون المفروشة بالعشب الطبيعي والصناعي والورود الملونة عن شجرة التوت التي كبرت بين يديه وسقاها وشذبها في صحن داره .
يتبجح الساسة ، فيتقطع لحم أبو حسن ، وتكاد حنجرته تنفجر ، تنهمر الدموع يرى القباعة أبعد ، والمضافة مغلقة الأبواب والنوافذ في وجه الريح والضيوف وعابري السبيل ، والتوتة تخضر وتخضر وتكاد تنفجر دماً على طرقات القباعة .
يتصافح الساسة ، تجف الدموع في عيني أبي حسن ، ويقف وحيداً بانتظار الموت.
يوقع الساسة على الأوراق يصبح الطريق مستحيلاً إلى فلسطين ، إلا عبر الشهادة التي كانت أقصر الطرق إلى الجنة أو إلى الأماكن التي نحب .
أمنية أخيرة قالها أبو حسن " ارجو من الله عزوجل أن ينشرني من أرض القباعة وهو العزيز القدير " .
شارك بتعليقك