عمر دياب شحادة ... أبو سعيد ... تولد عام 1918 ... كبيراً في السن .... كما هو كبيراً بالجاه .... متعصباً لفلسطينيته ... عاشقاً لوطنه ....لم تغب عنه ذكريات بلدته وقريته القباعة ...طوال سنوات اللجوء .... حطت رحاله بعد النكبة في منطقة البقاع اللبناني ...عاش بين كافة الطوائف اللبنانية ... من مسيحيين وإسلام وشيعة ودروز ....
من يعرفه يُحبه لما له وقع قريب جداً على القلب .... مضياف ... كريم ... قلبه ميت ....لا يعرف الخوف ... كان له العديد من المواقف الوطنية إبان الإجتياح الاسرائيلي عام 1982 .
يقطن في بلدة تعلبايا القريبة من شتورا ...منذ الخمسينات ...له علاقات قوية جداً من كافة المناطق اللبنانية ومن كافة الطوائف كما قلت في البداية ..... وله في كل منطقة لبنانية بيت
ناره لا تنطفئ ... عمل سائقاً طوال سنوات عمره ....كافح الفقر ... وكافح الجهل ...عَلَمَ جميع أبناؤه وأوصلهم لدرجات علمية متقدمة ، رغم الفقر والبؤس الذي لم يعشه أبو سعيد بمفرده ...بقدر ما عاشه الكثير من أبناء شعبنا .
كنتُ في فترة اجتياح لبنان عام 1982 محاصراً في منطقة صيدا ... وكنت ممن يؤدون واجبهم الوطني أنذاك.... استطعت أن أخرج من ذلك الحصار بهوية من مختار قرب صيدا وبالضبط في قرية اسمها القياعة وليس القباعة وخرجت الى البقاع في اتجاه تعلبايا مروراً بقرى لبنانية كثيرة والصهاينة وحواجزهم على كافة الطرقات .
وصلت الى تعلبايا لدار العم ابو سعيد وجدته واقفاً على الباب وبيده هوية ....سلمت عليه وعلى الموجودين .... وقلت له لمن هذه الهوية .... أجابني بأنها لك وعليها صورتي وكان بصدد ارسالها لي في الجنوب للخروج عليها كوني لا أحمل ما يثبت شخصيتي ... أي أن الهوية مزورة .... لا أنسى هذا الموقف للعم ابو سعيد .
في تلك الفترة كان منزل ابو سعيد يعج بالمهجرين من أقربائنا الذين يقطنون منطقة الجنوب وبيروت ....لم أراه إلا مبتسماً ... في وجه الجميع ..... كان لا يشتري البطاطا إلا بالكيس ...
والمعلبات الا بالكراتين حتى يستطيع إطعام من هم في ضيافته .... على الرغم من أن إمكانياته المادية ليست أحسن حالاً ممن هم في ضيافته ، عشت فترة شهرين تقريباً في كنف العم أبو سعيد لم أشعر للحظة ما أنني لست صاحب بيت وليس ضيف .
مازال هذا الرجل الكبير حياً حتى اليوم ...فقد بصره ... ولكن لم يفقد بصيرته ..مازال صامداً في تعلبايا ... يحلم أنه سيرجع يوماً ......!!!!
أطال الله في عمره .... وأبقاه ليعيش هذا الحلم حقيقة ً وإن كان هذا من المستحيلات في هذا الزمن الصعب .
شارك بتعليقك