الشهادات مقتبسة من موقع www.group194.net
شهادة يونس محمود محمد البوجي
يبنة
يقول الحاج يونس: «كانت قرية يبنة مجمعاً للقرى التي تجاورها. وكنا نعيش كعائلة واحدة, طبقنا واحد وأفراحنا وأحزاننا واحدة. وكنا تعتمد في مصدر رزقها على زراعة الحمضيات. حيث كانت أرض يبنة خصبة كما كان بعض الشباب يعملون في وطائف معينة وكان أهل يبنة حوالي 14 ألف نسمة». ويوضح الحاج يونس أنه ما حدث في عام 1948 من الصعب نسيانه خاصة أنه كان أحد الجنود الذين حضروا مذبحة قرية دير ياسين, ويتحدث الحاج يونس عما حدث فيقول: «خرجنا لدير ياسين قبل وصول اليهود إليها وعندما طوقت القرية وقامت معركة شديدة بين اليهود وبين الجانب العربي, واستمرت المقاومة دون إمدادات إلى أن انتهت ذخيرة الجيش. وفي تلك الأثناء كان عبد القادر الحسيني يصعد أحد الأسطح فأطلقت يهودية الرصاص عليه فاستشهد الحسيني, وكانت مأساة للجميع», ويضيف الحاج يونس: «في اليوم الثاني لاستشهاد الحسيني قدم اليهود ليكملوا ذبح أهالي القرية فذبحوا الكثير وبقروا بطون الحوامل واغتصبوا الكثير من الفتيات على مرأى أهلهم». ويوضح الحاج يونس: «بعد مجزرة دير ياسين عدت ليبنة لصد الهجمات عنها, وكان محمد الشرقاوي ورشيد محمد البوجي قد جمعا نقوداً من أهل يبنة لشراء السلاح من مصر, وأخرج المقاومون أهل القرية من شيوخ ونساء وأطفال. وكنا حوالي (300) مسلح, وعندما كان اليهود تهاجم القرية كان المقاومون البواسل يصدونهم». ويوضح الحاج يونس أن المعارك بين مقاومي يبنة واليهود كانت تستمر من بعد العصر وحتى فجر اليوم الثاني, إن أن حدثت مؤامرة ودخل اليهود القرية من الجهة التي لم يتوقعها المقاومون, فخرجنا مع الجيش المصري إلى أسدود ثم هاجرنا على المجدل وحمامة.
شهادة ربيع عبد الغني عطية مصران
يبنة
يقول الحاج ربيع: «كانت قرية يبنة يعمل أهلها بزراعة الشعير والحنطة, ويتكاتفون مع القرى المجاورة في كافة المناسبات وكان الدين والأخلاق يحكم تصرفات الناس في كل شيء. ويذكر الحاج ربيع أنه في عام 1948 وبعدما تتالت الهجمات على القرى المحيطة بيبنة, حصن أهل يبنة القرية لما عرف عنهم من قوة وجمعوا سلاحهم الذي اشتروه بعدما باعوا أغلى ممتلكاتهم, سواء بارود أو غيره, وكلما حاول اليهود اقتحام القرية صدهم المقاومون بالقوة. ويضيف الحاج: عندما تأكد اليهود من صعوبة اجتياح القرية خططوا بخبث. وفعلاً اقتحموا القرية من الجهة الغربية بينما كان مقاوموا القرية متواجدون في الجهة الشرقية للقرية. ويذكر الحاج ربيع: من أبرز المقاومين محمد يوسف النجار, وأسعد الرنتيسي. ويصف الحاج ربيع المقاومة في تلك القرية بأنها باسلة علمت اليهود دروساً كبيرة رغم جهود الجيش الإنكليزي بإضعافهم. حيث أكد الحاج ربيع أن الإنجليز كانوا يعدموا في الكثير من الأحيان من يمتلك السلاح. ويتحدث الحاج ربيع عن مسيرة الرحلة في الهجرة فيقول: «بعد اجتياح اليهود خوانة «من الجهة الغربية للقرية» خرجنا الأهالي على قرية أسدود وقرية حمامة, ثم هجرنا على المجدل». ويذكر الحاج ربيع مأساتهم في الهجرة حيث استشهد عمه وابناه الاثنان وأصيبت ابنة عمه. ويوضح أن: «العلاج كان معدوماً وكنا نعتمد على المداواة بأنفسنا. وفي الطريق الطويل للهجرة جرحت بنت عمي (وهي زوجته الآن) في رجلها وفي طفلة حيث أخذ الدود يخرج من الجرح وأنا أحمل بها على كتفي».
شهادة بهية علي أحمد طشطاش
يبنة
تقول الشاهدة: «تقع قرية يبنة من الشرق لقرية زرنوقة, ومن الجنوب قبيبة, ومن الشمال أسدود, ومن الغرب روبين. وكادت قرية يبنة أن تعين مدينة نظراً لكثرة سكانها الذين تجاوزوا العشرين ألف نسمة. وكانت قريتنا عبارة عن أرض خصبة لزراعة جميع أنواع الخضار والفواكه وكنت أنزل مع الفتيات في أم الحصيدة كي نحصد الزرع مع أبي». وتضيف: «مع كثرة عدد سكان يبنة إلا أنهم ذهبوا أدراج الرياح بسبب الهجوم اليهودي عليهم, حيث هربوا جميعاً من الخوف». ويروي لنا ولدها فريد محمد شاكر طشطاش (42) وهو مستمع لأحداث النكبة من أبيه حيث قال: «إن اليهود حاصروا كل البلدات بمساعدة البريطان وفق خطة مدروسة لتهجير الفلسطينيين عن أراضيهم, ولم يتركوا لجميع القرى والمدن إلا منفذاً واحداً لم يحاصروه على البحر من أرض تسمى «أبو هرير» حتى هرب الناس, وتكاثروا جميعاً في المجدل, إلا أنهم بعد ذلك هربوا إلى منطقة تسمى الفواخير, حيث كان المقاومون من الرجال يوصلون أولادهم ونساءهم إلى مكان آمن, ثم يرجعون بالبارودة والسلاح حتى يقاومون الاحتلال في يبنة». وعن نفسها تقول الحاجة بهية: «إنها عادت إلى يبنة مرة واحدة بعد الهجرة, لكنها لم تجد ولا شجراً ولا حجراً كما هو, بل وجدت النار والهشيم, ثم بكت الحاجة بهية على البلاد وعادت إلى غزة حيث مخيم جباليا والخيام التي أعطتهم إياها وكالة الغوث لتعيش هي وأهلها في المخيم. وتقول: إنها تنتظر في يوم من الأيام العودة إلى يبنة. ولم تذكر الحاجة بهية اسم أي شهيد منهم لأنهم هاجروا قبل دخول القوات (الهاجاناه) إلى بلدتهم.
شهادة رجب عثمان عبد الله المغربي
بينة
يصف الحاج رجب موقع القرية بأنه موقع استراتيجي, وأنها تعتبر بمثابة مدينة وليست قرية, وقال: «كانت القرية عبارة عن مركز تمويل للقرى المجاورة لها. حيث يحدها من الشمال الغربي روبين, ومن الشمال قرية القبابة, ومن الشمال الشرقي زرنوقا, ومن الشرق المغار والجنوب الغربي أبو سويرح ومن الجنوب بيت شيت». ويقدر الحاج رجب عدد سكان قريته بـ 8آلاف نسمة, مبيناً أنها كانت تشتهر بالزراعة وخاصة زراعة الحمضيات والخضار, وكان يوجد بها العديد من آبار المياه. وتحدث الحاج رجب عن معيشة الأهل حيث قال: كانت تتسم بالبساطة وراحة البال وكل فرد فيها كانت له أرض, مضيفاً: «كان لأبي أرض يقوم بزراعتها ويجمع منها قوته ليصرف علينا فكان حالنا أفضل من الآن بكثير». أما بالنسبة للهجرة حيث كان القوات الإسرائيلية تتبع أسلوب الكر والفر. حيث كانت تأتي على شكل مجموعة من العصابات تضع ألغاماً في القرية وتهرب. وكان فيه مقاومة في القرية حث تعتبر يبنة مركز القيادة المدافعة عن باقي القرى. ومن المقاومين جمعة العيلة وعائلة النجار وأبو سالم والرنتيسي والهمص بالإضافة إلى عائلة حسنين وخليفة. واستكمل الحاج رجب يقول: «بقت المقاومة مستمرة في القرية حتى طردونا منها حيث هناك من هرب من بلدتهم أتى إلى يبنة ومنعناهم من الخروج حتى أصبحت قريتنا عبارة عن ثكنة عسكرية. وكانت هناك نجدات تخرج من قريتنا إلى بعض القرى مثل نجدة قرية المغار وقرية القبابة وقرية بيت شيت». وذكر الحاج رجب بعض الشهداء منهم: الشهيد صالح الهمص, وحامد خليفة, وآخر من عائلة البياري. وتحدث المغربي عن المجزرة التي حدثت في قرية بيت شيت؛ حيث تم محاصرتها من قبل المستعمرات, ورغم ذلك كانت فيها مقاومة شديدة, ولكنها ضعفت بسبب عدم وجود الأسلحة, وقال: «طلبنا من القائد العام, وكان يطلق عليه الماووي, وذخيرة من الأسلحة ومدافع الهاون لنحافظ على القرية, ولكنه رفض وقال لنا جملة لن أنساها إلى اليوم: «خايفين على بلدتكم دي أتروح في الليل انجيبها في النهار», وكان هذا من ضمن الفشل والهزيمة مما أدى إلى الاستيلاء على القرية». وأضاف الحاج رجب: «إننا لم نختر غزة ولكن فرضت علينا, لأنها كانت عبارة عن منفى فهي قاحلة ولا تصلح للزراعة. فما حدث أننا خرجنا من يبنة متجهين إلى أسدود, وساعة وصولنا بدأت المعركة فيها وقاومنا فجرح من جرح وقتل من قتل, فمن الذين استشهدوا محمد المصري, وعلي جغة. ومن ثم ذهبنا إلى المجدل وسكنا في إحدى المقاومات الأرضية للقوات المصرية اسمها حارة الغضين. وكانت المهاجمة الإسرائيلية فيها من خلال الطائرات حيث كان هناك ثلاث طائرات من نوع أتريس يطلقون منها قنابل البراميل, مما أدى إلى انسحابنا متوجهين إلى غزة. وكان أول مكوث لنا في بيت لاهيا وكانت في البداية سيئة للغاية إلى أن جاءت إغاثة الوكالة سنة 1949, وأمدتنا بالمساعدات والمواد التموينية التي تساعدنا على العيش. وتم توزيع أيضاً الخيام والبيوت الطينية. وتم بعد ذلك تنقلنا في عدة مناطق إلى أن استقرينا في غزة, وتم تأقلمنا بالواقع الذي نعيشه إلى يومنا هذا».
شهادة حسني حسن عرفة (أبو حسن)
يبنة
لديه ذكرى حزينة من الهجرة, وفي مقتل أخيه في غارة يهودية أثناء هروبهم من قريتهم. ويذكر الشاهد هذه الحادثة في سياق حديثه التالي: «كان عمري في ذلك الوقت (18) سنة تقريباً. والدي اضطر للسكن في الرملة للعمل في الزراعة كنت أيضاً أساعده في عمله حيث أقوم بتشغيل ماتور المياه لأننا كنا نشتغل عند اليهود. ويبنة قرية كان يحدها من الشمال قرية بشيت, وحواليها زرنوقة والقبيبة والبحر في الغرب.
وأتذكر أن المناوشات بدأت مع اليهود في عام (1947) أيامها كنت أشتغل عند اليهود أقوم بتعبئة الحمضيات, ولم يكن عربي غيري عندهم, ورغم ذلك كانت لديهم حراسة مشددة من جماعة الهاجاناه.
وفي مرة سمعنا ضرب نار حول قرية «عاقر» وسألني اليهود الذين كنت أعمل لديهم وهم يستعدون للهرب هل ستهرب؟ قلت: سوف أهرب قبلكم. وهرب اليهود وتركوا ذخيرتهم خلفهم ومنها قنبلتين ميلز. رجعت وجمعتها في سلة ووضعت فوقها برتقال وإذا بسيارة نقل لتحميل صناديق البرتقال, وطلبت من صاحبها اليهودي توصيلي حتى طريق يبنة حيث كنا نعمل في مستوطنة (رحوبوت) وهي مستوطنة قديمة لليهود.
وفي وسط الطريق تعطلت السيارة بالقرب من مركز الشرطة حيث كان الإنكليز لا زالوا موجودين, وأنا خفت يفتشون السلة ويلاقون الذخيرة وجاء مختار مستوطنة «رحوبوت» وسألني: من وين إنت؟ قلت له: من (زرنوقة) لأن كانت علاقتهم كويسة مع زرنوقة, وتركني أواصل طريقي حتى وصلت إلى بيتي وأعطيت الذخيرة والقنبلتين لواحد من المناضلين عندنا في البلد».
ويصف أبو حسن الوضع قبل الهجرة بفترة وجيزة قائلاً: «بدأت المناوشات بيننا وبين اليهود وبطلنا نذهب (لرحوبوت) للعمل وكان البريطانيون يحضرون بدباباتهم ويقولون لنا لا تخافوا إحنا عندكم. وبعدها بفترة قالوا في اشتباكات بين اليهود والعرب: إن عبد القادر الحسيني استشهد في القسطل. وبعدين بدأت الهجرة.
في البداية ما هجم اليهود على البلد لكن هجموا على قرية بشيت وراح أهل البلد يفزعون لأهل بشيت. وأيامها استشهد منها (7 ـ8) شهداء وأذكر منهم واحداً اسمه «سالم القططي» من المناضلين وكمان «مصباح زيغان» و «فارس الهمص» و «حامد خليفة» واستمرت المعركة أيامها من يوم ليومين وبعدين صار اليهود يضيقون على الناس وكانوا زمان يخافون على حريمهم فانسحبت الناس.
واحنا طالعين مشينا في البيارات حتى أسدود وقضينا فيها (9) أيام, وبعدين هجموا اليهود علينا في أسدود وصار ضرب كثير, وسقط شهداء من أهل أسدود. وأيامها دخل الجيش المصري وتمركزوا في أسدود, ولم يكن بعد ضرب طائرات. وبعدين انتقلنا للمجدل وهناك صار قصف كثير بالطائرات علينا في المجدل وناس ياما راحت وتلاقي الجثث في الشوارع».
صمت الحاج أبو حسن لحظة وضعف صوته قائلاً: «أيامها استشهد أخي (علي حسن عرفة) حيث أصيب في القصف, وأبي حمله حتى غزة وهناك توفي ـ الله يرحمه ـ في المستشفى العمداني, وكان عمره أيامها 11 سنة فقط».
وأيش بدي أقول: «أيامها راح ناس كثيرون ومن بينهم عبد الرحمن الفرع زوج خالتي... ويتابع وبعد 6 شهور في المجدل, ولما صار ضرب الطائرات رحل الناس ومن بقي ظل تحت حكم اليهود وإحنا طلعنا... كانت عائلتنا 4 بنات و 4 أولاد وأبي وأمي وفي غزة سكنا في البداية بالشغف في المبيض حتى سلمنا الصليب خيم. واستمر القصف علينا في غزة وبيت حانون ومن كان يرجع للبلد يطخونه».
يعاود أبو حسن وصف موت أخيه قائلاً: «كنت أنا وقت ضرب المجدل في البيارات وشظية أصابت أخي في بطنه ووصلت الشظية لكبده, وأيامها ما تركوا مكاناً إلا قصفوه حتى البيوت».
ويضيف: «....اليهود كان سلاحهم (استنات) و(برنات), ولما كنت أشتغل معهم كانت دائماً هناك حراسة, رغم أني العربي الوحيد بين 40 ـ50 يهودياً... باستغرب كيف أصبحوا هو الأسياد... كان أيامها المعلم اليهودي بيقولي: بكره بنأخذ البلاد ومنها يبنة, كنت أقول له «فشرت»... ما كنا بنصدق إنه يصير هيك».
شهادة سعاد محمد أحمد البوجة
يبنة
تقول الحاجة سعاد عن قريتها: «كانت قرية جميلة وحلوة وأن الأهالي كانوا متضامنين مع بعضهم كأنهم يد واحدة. فكانوا يشتغلون في زراعة الأرض وفلاحتها وحرثها وتلقيط الخضرة. وتحيط بيبنة: (أسدود وحمامة وعاقر وزرنوقا). وقد كان الناس أيام الهجرة يعيشون في نعيم رغم أن ظروفهم المادية تعبانة, ولكن تبقى أحسن من هالأيام». وتقدر الحاجة عدد سكان قريتها بحوالي 14 ألف نسمة. وتضيف الحاجة سعاد عن الهجرة: «وعندما دخلوا اليهود يبنة كانت والدتي تخبز الخبز. وبدأت الطائرات حينها بقصف المنازل والناس في الليل. وظلت تضرب الطيرات من كل مكان, والمقاومون يقاومون اليهود بما عندهم من أسلحة خفيفة, حيث كانوا يبيعون كل ما عندهم من الذهب والأراضي لشراء الأسحلة من أجل الدفاع عن البلاد وحمايتها من الأعداء, الذين نهبوا خيراتها. وبعدها رحلوا الناس في الصباح من شدة الضرب عليهم تاركين ديارهم وحاجاتهم ولم يحملوا معهم شيئاً. ومشينا على الأقدام في الخلاء وعلى الرمل أنا وأمي وأبي وإخوتي حتى ليّلت الطريق ووصلنا إلى المجدل وقعدنا فيها ثلاثة شهور. وكانوا اليهود يضربون علينا بالرصاص, وبعدها هاجرنا على رفح وعشنا بالخيام التي وفرتها لنا الوكالة «الكوكرز» وكانوا يعطوننا الحليب والطحين, وبقينا هكذا حتى بنوا لنا البيوت وسكنا فيها». وتقول الحاجة سعاد عن المجازر التي كانوا يسمعون عنها: «قد سمعنا عن مذبحة دير ياسين, وما كان اليهود يفعلونه في النساء. فقد كانوا يذبحون بطونهن ويغتصبونهن ويذبحون الأطفال ويلقون بهم في الشوارع وعلى الأرض ملطخين بالدماء. مناظر لا تستطيع العين رؤيتها, حيث تعد مذبحة دير ياسين من أبشع المجازر التي ارتكبت حينها, وكذلك مجزرة اللد والرملة والقسطرة». وتذكر الحاجة سعاد من الذين استشهدوا في القرية, بشير الجمل, ومحمد العيس, وغفرة البوجة, وعدد كبير من الناس راح في القرية. وتقول بأن الناس رحلوا من بلادهم دون أن يأخذوا معهم حاجة, حتى أن صبية اسمها رابعة كانت خاطبة وضعت ذهبها كله في البير ورحلت دون أن تأخذه معها وتركته هناك».
شهادة عالمية عبد الوهاب عطية مصران
يبنة
تقول الحاجة عالمية متحدثة عن قريتها: «كانت العيشة في قرية يبنة كانت طرية وهنية.. وكنا مرتاحين رغم أن ظروفنا المادية لم تكن ميسرة, ولكن الحمد لله كنا مبسوطين في حياتنا, فسكان القرية يعملون في زراعة وفلاحة الأرض بالخضروات والفواكه, وكانت علاقاتهم طيبة يسودها المحبة والتآلف بين بعضهم البعض». وتضيف الحاجة عالمية أن الهجوم على بينة بدأ في الليل من قبل الطيارات, التي كانت تصرب على الناس من كل مكان. وعندها لم يستطع الناس البقاء في القرية فبدءوا في الهجرة إلى مناطق آمنة تقيهم من الرصاص والمدافع والطيران. فقد ضربت الطيارات إخوتها واستشهدوا وهما عامر مصران ومصباح مصران, وتصاوبت هي أثناء رحيلها من يبنة إلى أسدود وقتل أبوها عبد الوهاب مصران أيضاً. وتشير الحاجة عالمية إلى أن الجيش المصري أتى لحماية الوطن, ولكن سرعان ما انسحب من القرية لأنه لم يستطع مقاومة اليهود. كما أن اليهود كانوا ينادون بالميكروفات ويقولون للسكان: «اطلعوا من البلاد», كما استشهد محمد العيس وعبد الغني ومحمد يوسف النجار وقطع اليهود يد زوجة أبيها تحفة حسان. وتضيف أنهم كانوا يسكنون في حارة مقابل اليهود. وكانوا يشاهدون اليهود وهم يطلقون الرصاص على كل من يجدونه في طريقهم من هنا وهناك. كما كنا نسمع عن مجازر دير ياسين وبشاعتها وكذلك مجزرة اللد والرملة وما يفعله اليهود في الناس حينها. وتقول الحاجة عالمية بأن المناضلين كانوا يقاومون اليهود بما عندهم من أسلحة. فكانوا يضعون لهم الألغام وينصبون لهم كمائن, حيث كان الناس حينها يبيعون ما عندهم من الأراضي والذهب لشراء الأسلحة لمقاومة اليهود الذين احتلوا بلادهم. وتوضح قائلة: «رحلنا إلى أسدود ولم نأخذ معنا شيئاً وبعدها إلى غزة ومكثنا في رفح في الخيام حصلنا عليها من الهيئة «الكوكرز» وكانوا يعطوننا الحليب والطحين وبعض ما نحتاجه وكانت ظروفنا صعبة».
شهادة سالم عبد الحميد يوسف أبو سالم
يبنة
يقول الحاج قاسم عن قريته بأنها كانت قرية جميلة وحلوة. عدد سكانها حوالي (16.5) ألف نسمة, سكانها يعملون في الزراعة. فقد كانوا يزرعون الأراضي بالخضر والفاكهة وكان كل واحد من أهلها يعمل في أرضه ويأكل من خيراتها ويعطي جاره إذا كان محتاجاً. وكانت تجاورها من القرى أسدود, حمامة, عاقر, زرنوقا والمغار وقطرة وبشيت. ويضيف الحاج سالم: «العيشة في يبنة كانت حلوة مليحة جداً. كنا كلنا ملتفين حوالي بعضنا. كان الواحد لما يغيب ويقعد فترة ما نشوفه نسأل عنه ونزوره. وكنا نشارك بعضنا في الأحزان وكنا مبسوطين ومرتاحين البال الحمد لله, زي اليوم ولا حد بيسأل عن الثاني كل واحد ومصلحته فقط». ويتحدث الحاج سالم عن أيام الهجرة بأنها كانت أياماً صعبة, خاصة عندما دخلوا اليهود. وبدءوا يضربون على الناس والدور والمنازل من كل مكان. فكانوا يقتلون ويذبحون ويشوهون الجثث. وكانوا يدمرون المنازل فقد كانوا يرمون عليهم القيازين وكانت قوية. وكان حينها الجيش المصري في أسدود. ويضيف الشاهد: بعث لنا حينها (الجيش المصري) بأن نرحل عن بلادنا قبل أن تقتلنا اليهود. وكانوا الناس يخافون على أنفسهم وأعراضهم, فلذا هاجروا وتركوا بلادهم ومالهم. ونحن هاجرنا إلى المجدل, وقعدنا في المجدل سنة, وبعدها هاجرنا إلى غزة». ويقول الحاج سالم: «حينما شردنا على المجدل كانوا اليهود يضربون بالطيران علينا. وكانوا يرمون براميل قوية جداً تفتت الإنسان وتقطعه دون رحمة ولا شفقة. وبعدها رحنا على غزة وكنا نتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن مأوى أفضل وأخيراً استقرينا في جباليا».
شارك بتعليقك